في ذكره ميلاده .. رحلة مصطفى محمود من الشك إلى الإيمان
كان طفلا مشاكسا أقرباؤه يحاولون استرضاءه، حتى أنه رسب ثلاث سنوات فى الصف الأول الابتدائى من شدة الدلع، ومنذ كان طالبا فى المرحلة الثانوية كانت هوايته عشق الفن وعزف العود والناى، وبالرغم من دراسته للطب إلا أنه اعتزله وتفرغ للتأمل والأدب والفكر والفلسفة.
هو الدكتور العلامة والفيلسوف الصوفى الزاهد مصطفى محمود الذي ولد فى مثل هذا اليوم 27 ديسمبر عام 1921 ،
شكل مصطفى محمود فرقة موسيقية فى بداية حياته مع مجموعة من أصدقائه برئاسة عبد العزيز الكمنجاتى، وكانت تقوم بإحياء الأفراح الشعبية، وضرب محمود على الطبلة واحيانا قام بالغناء، وعن هذه المرحلة يقول الدكتور محمود: (أنا أهوى الفن ولم أنوى احترافه ).
كانت أول تجربة له خلف راقصة من شارع محمد على اسمها فتحية سوست وتقابل هناك مع الموسيقار محمد عبد الوهاب لأول مرة ، إلا أن شقيقه الاكبر شاهده وهو يعزف خلف الراقصة فمنعه من العزف والغناء واختار له دخول كلية الطب.
بعد تخرجه مارس المهنة ثم اتجه الى التأمل ودراسة الكون وعبر عن ذلك بكتابة المقالات في الصحف المصرية، ونشر أولى قصصه "القطة الصغيرة" في مجلة الرسالة حيث توسط له فى نشرها الاديب محمد حسين هيكل سنة 1947م.
نشر مقالاتهِ في مجلة روز اليوسف عندما كان طالبا، ثم عمل محررا في جريدة النداء، وفي سنة 1948 نشر كامل الشناوي أولى أعماله في مجلة آخر ساعة، وانضم إلى مجلة التحرير في سنة 1952عندما أنشأتها حكومة الثورة برئاسة تحرير صديقه الدكتور ثروت عكاشة.
استقال من مهنة الطب عام 1960، وظل يكتب عموده في روز اليوسف "اعترافات عشاق" يحلل فيه رسائل القراء ويرد عليهم، وجمع هذه الرسائل فيما بعد في كتاب بنفس الاسم سنة 1969،
11 عاما على رحيل مصطفى محمود .. عازف الناى الذى أصبح فيلسوفا
كتب في مجلة صباح الخير عمود "اعترفوا لي"، ومرت كتابات مصطفى محمود عموما بمرحلتين، الفترة الأولى بين 1950 و1970، وغلب عليها الطابع الأدبي والفلسفي.
أما المرحلة الثانية فكانت بعد عام 1970 حيث اتجه إلى الكتابة في الفكر الإسلامي، والإسلام السياسي والماركسية التي انتقدها بشدة وكذلك الشيوعية والاشتراكية.
كما انتقد التوراة والبهائية وأصدر كتب: حوار مع صديقي الملحد ورحلتي من الشك إلى الإيمان، ولغز الحياة، ولغز الموت .
حصل على جائزة الدولة التشجيعية سنة 1970 في الأدب عن رواية رجل تحت الصفر، وعلى جائزة الدولة التشجيعية سنة 1975 في أدب الرحلات عن كتاب مغامرة في الصحراء، كما حصل على جائزة الدولة التقديرية في الأدب سنة 1995.
تعرضت بعض كتبه لانتقادات، ولاسيما في بداية مسيرته بعد إصداره كتابه "الله والإنسان" عام 1956 ولاقى هجوما واسعا وصودر الكتاب وقدم بعدها محمود للمحاكمة.
اكتفت لجنة المحاكمة بمصادرة الكتاب، ثم رفع الحظر عنه في عهد محمد أنور السادات، وتراجع مصطفى محمود عن بعض الأفكار التي طرحها في الكتاب واستبدله بكتاب حوار مع صديقي الملحد.
لكن عادت الانتقادات مرة آخرى بعد صدور كتابه "القرآن" وهدأت لفترة طويلة قبل أن تعود مرة آخرى بعد صدور كتاب "الشفاعة" عام 2000م، حيث صدر 14 كتابا للرد على هذا الكتاب من رجال الدين والفكر واساتذة الشريعة.
ورغم نجاحات مصطفى محمود وشهرته، إلا أنه احتجب عن الانظار بعد أن اصيب باكتئاب شديد أعتقبه رحلة مع المرض أفقدته الذاكرة الى ان رحل عام 2009 .