صلاح جاهين.. صانع البهجة يتغلب على أحزانه
"مع أن الناس من أصل وطين.. وكلهم نازلين مغمضين، بعد الدقايق والشهور والسنين.. تلاقى ناس اشرار وناس طيبين".. هذه إحدى رباعيات الشاعر الفنان صلاح جاهين.
رغم احزانه كان الساخر الأعظم، ورغم شجنه كان ملك ملوك الضحك سواء فى الرسم أو فى الشعر، ومازالت ابتساماته كامنة فى نفوسنا تظهر مع نسمات الربيع المبهجة، ومن خلال رباعياته الخالدة التى شكلت وجداننا..
ولد فى مثل هذا اليوم 25 ديسمبر 1930 الشاعر الصحفى الرسام صلاح جاهين، ابن وحيد مع ثلاث شقيقات، ظهرت بوادر الإبداع والسخرية وهو طالب، أرغمه والده على الالتحاق بكلية الحقوق، وانتقل منها الى الفنون الجميلة التى عشقها.
قدم رسوماته فى مجلة "بنت النيل" ومجلة "الكتكوت" للاطفال، وانتقل عام1955 إلى جريدة الجمهورية ثم جريدة القاهرة.. انتقل بعدها إلى "روز اليوسف" ليبدأ مشواره مع الكاريكاتير.
بدأ مشواره الشعرى عام 1955 بقصيدة "الشاى واللبن"، ثم واصل رحلته الشعرية التى أثمرت ستة دواوين منها: كلمة سلام، موال عشاق القنال،عن القمر والطين، وفى عام 1962 أصدر الرباعيات وتضم 100 رباعية يتحدث فيها عن الميلاد والحياة والحزن والموت والصبر والخوف، وغيرها من الأمور الحياتية.
كما أصدر عام 1966 ديوان "أنغام سبتمبرية"، وتبلغ 28 قصيدة.
أما مشواره السينمائى فهو عبارة عن اربعة أفلام؛ تمثيل، وكتابة سيناريو لثلاثة افلام، كما قدم للمسرح مجموعة من الأوبريتات أشهرها: الليلة الكبيرة، إلى جانب العديد من الاغنيات الوطنية والعاطفية، وكان اولها اغنية (أنا هنا يابن الحلال)، التى غنتها صباح كما قدم الفوازير.
كله بأوامر المحافظ.. حكايات صلاح جاهين مع مزاج المصريين
وفي مجلة صباح الخير 1967 كتب الشاعر الفنان صلاح جاهين مقالا عن بدايته الفنية قال فيه: "أول ما بدأت وأنا صبى كان عندى أنشطة كثيرة ومختلفة رسم وتمثيل وشعر ومسرح وسينما، وكنت لا أتعب نفسى في أن أركز في أحدها لأنى حسيت إنه أكيد فيه حاجة منهم سوف تتغلب علي فى النهاية".
"وجدت بعد ذلك أن موهبة التمثيل كانت أهم حاجة بالنسبة لي، لكني كنت خايف أفشل فيه خصوصًا أن أهلي كانوا معارضين، وبطّلت التمثيل لكن لقيت جوايا حاجات كثيرة عاوزة تطلع فاتجهت إلى الرسم وبدأت أرسم رسومات فيها حشود وناس وتعبيرات وحاجات تشبه المسرح.
إلى جانب الرسم كنت أحب الصحافة وكنت عايش وسط الصحفيين ومنهم أحمد بهاء الدين ومصطفى محمود، رخا، بهجت، طوغان، وكنت أعمل في توضيب الصفحات ورسمها، ولأنى كنت دارس فنون بدأت أزين الصفحات التي أوضبها ببعض الرسوم، ولأنى كسول كنت أرسم الصفحات والرسومات في آخر لحظة بسرعة فطلعت كاريكاتير.
وجاءنى ناقد ذات يوم وقال لى إن الرسام عبد السميع ترك روز اليوسف وأنه ليس عندهم رسام كاريكاتير وطلب حضورى إلى روز اليوسف وقال أنت تقدر ترسم كاريكاتير وعندك حس فكاهى، لكنى لم أستمع إلى نصيحته وبقيت أوضب جرنالى إلى أن جاءنى أحمد بهاء الدين، وكان مدير تحرير روز اليوسف، وقال لى تعالى ارسم كاريكاتير.. وكان أول كاريكاتير رسمته عن الراديو في الأتوبيس وسط الزحام والصوت العالي والزحمة.
تأثرت في الرسم الكاريكاتوري بالفنان رخا ولو أنى طبعا لم أصل إلى مستواه، وهذا لأنى ماشتغلتش فنان تشكيلى، لذلك أعتبر رخا الأب الروحى لفن الكاريكاتير.
وأحب الكاريكاتير المجنون، وكان فيه أبواب كثيرة ممكن طرقها لكن مكنتش أقدر أعمل الجنون ده في جريدة أو مجلة، ففكرت أعمل كتب أو أكتب أغاني ولقيت نفسى في الأغانى أحيانا وأنا أعتبرهم كلهم أبنائي، لكن الحقيقة إني ربنا أنعم علىّ بنعمة النسيان لأني لو تذكرت كل الحاجات التي أحبها لكان مخي طق وكل الناس كدة، فجزء كبير مما كتبته نسيته".