ليلة الباذنجان!
مساء الأربعاء الماضي، لم يكن في نيتي النزول من البيت، فلا بنزين في السيارة ولا قبل لي بالبقاء طول الليل والنهار في الطوابير، فضلا عن إرهاق يوم الثلاثاء كله بحثا عن البنزين حتي انتهي اليوم بفقدي ما كان قد تبقى من بنزين في سيارتي..
كالعادة منذ أعوام، أترك البيت يوما وأرتاح يوما، لكني في نحو الساعة السادسة مساء عرفت أن خطاب الدكتور مرسي سوف يتأخر إلى التاسعة، وأن هناك أعدادا من الشباب بدأت التوافد على ميدان التحرير.
ثم حدث لي خاطر غريب أن الدكتور مرسي يمكن أن يكون قد استخار الله فوجد أن الرد هو أن يستقيل ويترك البلاد بعد أن أوصلها للهاوية، وقتل من شبابها من قتل، وسجن من سجن وسحل من سحل وقسم الشعب إلى طوائف مؤمنة وكافرة، وأظهر لنا عددا كبيرا مما أسموه مظاهرات نبذ العنف كلها أظهرت عداءها للشعب وقرارها بقتال الشعب!
ضحكت من الخاطر العجيب لكن شوقا قديما إلى ميدان التحرير هو الذي جعلني أترك البيت آخذا طريقي إليه، لن أتحدث عن أصوات المعارضة في الميدان ولا اللافتات الساخرة ولا الشعارات التي ذكرتني بأيام يناير 2011، بعد ساعة من الوقوف في الميدان جلست في المقهي الشعبي الموجود في نهاية شارع طلعت حرب وأول الميدان والذي نصبت مقاعده منذ أيام الثورة الأولى وتعود دائما مع كل حدث، في هذه المرة تطور المقهى المؤقت وصارت هناك قائمة مطبوعة بأسعار المشروبات.
ضحكت، كانت معي زوجتي وبعض الأصدقاء الذين قابلتهم هناك، الوافدون إلى الميدان يمرون أمامنا، لم يلفت انتباهي الشباب فهذا أمرطبيعي، لفت نظري العدد الكبير جدا من الأسر القادمة، آباء وأمهات وحولهم أولادهم وبناتهم الصغار، تكرر الأمر كثيرا تلك الليلة إلى درجة مذهلة، تمدد في روحي إحساس فائق بالجمال والبهجة.
أسر مصرية كاملة تتوافد إلى الميدان بلا خوف كأنه فسحة حقيقية، حدث ذلك كثيرا من قبل لكنه هذه المرة له معني آخر وهو الرد على أكاذيب من يقولون إن مرسي رئيس منتخب ولا يقولون إنه أخل بالاتفاق الضمني بينه وبين الشعب على الحكم الصالح وعلي تبني أهداف الثورة التي بذل الشعب من أجلها الغالي، كما أنه هذه المرة رد عظيم على المتشدقين بالدين وهم تجار له، كما أن توافد الأسر يعني الاطمئنان إلى النتيجة وهي رحيل هذا الرئيس الذي لا يرى شعبا إنما يرى طائفة من إخوانه يعتبرها هي الشعب ولا شيء غيرها، أو كما لخصته إحدي اللافتات، بنزين مافيش. سولار مافيش. أمان مافيش. قصاص للشهدا ما فيش. رفع المرتبات مافيش. رخص الأسعار مافيش. كهربا مافيش والنهضة طلعت في الحبشة!
فجأة ارتفع الصياح في الميدان، ارحل، وارتفعت الأحذية في الفضاء، لقد بدأ الخطاب، قمنا إلى الميدان حيث شاشتي تليفزيون لكننا لم نستطع أن نسمع شيئا من الضجيج والزحام، تركنا الميدان إلى مقهي ريش القريب، استمعنا إلى الخطاب الذي لن أعلق عليه فهو كلام مرسل لا قيمة له ولا يستحق التعليق، لفت نظري طول الخطاب وتكرار الحديث الممل في الموضوع الواحد وحكايات لا تشويق فيها ولفت نظري حجم من يصفقون على الفاضية.
للأسف لم توجد المليانة! وكانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة، ولم ينته الخطاب الذي بدأ في التاسعة والربع، كنت جائعا، ابتعدت عن التليفزيون وطلبت شئيا آكله مقررا أن لا أكمل السماع للخطاب، اقترحت زوجتي أن نأكل شيئا خفيفا لكني اكتشفت أن شهيتي للأكل ضاعت، الخفيف والثقيل فقلت للجرسون طبق باذنجان مخلل وسكت، فنظر لي وسألني عن أي شيء آخر فقلت ومسقعة فتبسم، وقال كله بدنجان يا أستاذ إبراهيم قلت له وكمان بدنجان مقلي!
ثم حدث لي خاطر غريب أن الدكتور مرسي يمكن أن يكون قد استخار الله فوجد أن الرد هو أن يستقيل ويترك البلاد بعد أن أوصلها للهاوية، وقتل من شبابها من قتل، وسجن من سجن وسحل من سحل وقسم الشعب إلى طوائف مؤمنة وكافرة، وأظهر لنا عددا كبيرا مما أسموه مظاهرات نبذ العنف كلها أظهرت عداءها للشعب وقرارها بقتال الشعب!
ضحكت من الخاطر العجيب لكن شوقا قديما إلى ميدان التحرير هو الذي جعلني أترك البيت آخذا طريقي إليه، لن أتحدث عن أصوات المعارضة في الميدان ولا اللافتات الساخرة ولا الشعارات التي ذكرتني بأيام يناير 2011، بعد ساعة من الوقوف في الميدان جلست في المقهي الشعبي الموجود في نهاية شارع طلعت حرب وأول الميدان والذي نصبت مقاعده منذ أيام الثورة الأولى وتعود دائما مع كل حدث، في هذه المرة تطور المقهى المؤقت وصارت هناك قائمة مطبوعة بأسعار المشروبات.
ضحكت، كانت معي زوجتي وبعض الأصدقاء الذين قابلتهم هناك، الوافدون إلى الميدان يمرون أمامنا، لم يلفت انتباهي الشباب فهذا أمرطبيعي، لفت نظري العدد الكبير جدا من الأسر القادمة، آباء وأمهات وحولهم أولادهم وبناتهم الصغار، تكرر الأمر كثيرا تلك الليلة إلى درجة مذهلة، تمدد في روحي إحساس فائق بالجمال والبهجة.
أسر مصرية كاملة تتوافد إلى الميدان بلا خوف كأنه فسحة حقيقية، حدث ذلك كثيرا من قبل لكنه هذه المرة له معني آخر وهو الرد على أكاذيب من يقولون إن مرسي رئيس منتخب ولا يقولون إنه أخل بالاتفاق الضمني بينه وبين الشعب على الحكم الصالح وعلي تبني أهداف الثورة التي بذل الشعب من أجلها الغالي، كما أنه هذه المرة رد عظيم على المتشدقين بالدين وهم تجار له، كما أن توافد الأسر يعني الاطمئنان إلى النتيجة وهي رحيل هذا الرئيس الذي لا يرى شعبا إنما يرى طائفة من إخوانه يعتبرها هي الشعب ولا شيء غيرها، أو كما لخصته إحدي اللافتات، بنزين مافيش. سولار مافيش. أمان مافيش. قصاص للشهدا ما فيش. رفع المرتبات مافيش. رخص الأسعار مافيش. كهربا مافيش والنهضة طلعت في الحبشة!
فجأة ارتفع الصياح في الميدان، ارحل، وارتفعت الأحذية في الفضاء، لقد بدأ الخطاب، قمنا إلى الميدان حيث شاشتي تليفزيون لكننا لم نستطع أن نسمع شيئا من الضجيج والزحام، تركنا الميدان إلى مقهي ريش القريب، استمعنا إلى الخطاب الذي لن أعلق عليه فهو كلام مرسل لا قيمة له ولا يستحق التعليق، لفت نظري طول الخطاب وتكرار الحديث الممل في الموضوع الواحد وحكايات لا تشويق فيها ولفت نظري حجم من يصفقون على الفاضية.
للأسف لم توجد المليانة! وكانت الساعة قد تجاوزت الحادية عشرة، ولم ينته الخطاب الذي بدأ في التاسعة والربع، كنت جائعا، ابتعدت عن التليفزيون وطلبت شئيا آكله مقررا أن لا أكمل السماع للخطاب، اقترحت زوجتي أن نأكل شيئا خفيفا لكني اكتشفت أن شهيتي للأكل ضاعت، الخفيف والثقيل فقلت للجرسون طبق باذنجان مخلل وسكت، فنظر لي وسألني عن أي شيء آخر فقلت ومسقعة فتبسم، وقال كله بدنجان يا أستاذ إبراهيم قلت له وكمان بدنجان مقلي!
ibrahimabdelmeguid@hotmail.com