عام من الفشل
في مثل هذا اليوم من العام الماضي، أقسم د.مرسي أول رئيس مدني منتخب عقب الثورة أنه سوف يحترم الدستور والقانون، وسوف يحافظ على الوطن وسلامة أراضيه ويرعى مصالح الشعب، ولكنه من أول أسبوع رئاسة أصدر قرارا بعودة مجلس الشعب المنحل، ومن هنا ظهرت نوايا الرئيس الجديد أنه لن يكون رئيسا لكل المصريين ولن يحترم الدستور والقانون وتوالت بعد ذلك القرارات التي تهدف فقط إلى تمكين جماعته حتى برنامجه الانتخابي لم يحقق منه شيئا المشاكل والأزمات تحاصر المواطن في حياته اليومية.
المواطنون كانوا يحلمون بحياة أفضل بعد الثورة، ولكنهم الآن يتمنون العودة إلى ما كانوا عليه قبلها وكأنهم انتقلوا من السيئ إلى الأسوأ وأصبح منتهى آمالهم العودة إلى السيئ مرة أخرى وتدهورت أحلامهم إلى حد الحصول على السولار والبنزين دون معاناة، ليس هذا فقط ولكن سياسية الإخوان الفاشلة أدت إلى انقسام المجتمع وبث الكراهية بين أبنائه وزرع الفتنة بينهم، هذا مسيحي وذاك مسلم وهذا سني وذاك شيعي وهذا سلفي وذاك ليبرالي، وهذه جريمة كبرى سوف نعاني منها كثيرا لأن الأمر وصل إلى حد القتل وإراقة الدماء بين المصريين بل إن الفرقة والتمزق أصبحت داخل الأسرة الواحدة.
أما عن الوضع الاقتصادي، فإن مصر في عهد مرسي أصبحت دولة متسولة واقترضت 11مليار دولار في أقل من عام، واعتمدت على الاقتراض والضرائب والرسوم ولم تستفد من مقوماتها الاقتصادية والتي كانت دائما جماعة الإخوان وهي في المعارضة تتهم النظام السابق بأنه يفتقد الرؤية والإرادة للاستفادة من هذه القدرات الاقتصادية المتنوعة، خلال عام من حكم الرئيس شهدت معظم مؤسسات الدولة صراعا وانقساما لم تشهده من قبل، وأزمة النيل وسد النهضة الإثيوبي رأينا الطريقة التي تعامل بها الرئيس معها والتي جعلتنا أضحوكة العالم، كذلك أزمة حلايب وشلاتين وما أثير بشأنهما بعد زيارته للسودان.
أما عن ملف سيناء وما يحدث فيها، وكذلك حدود مصر كلنا يشعر بقلق وعدم اطمئنان للأوضاع هناك، أما عن السياسة الخارجية فإنه يمكن القول بأن مصر التي كانت مريضة في عهد مبارك ماتت في عهد مرسي وخلال عام من حكمه لم يزرها رئيس دولة مهمة، بل إن الرئيس نفسه في زياراته الخارجية الكثيرة كانت مراسم استقباله ولقاءاته إهانة لمصر والمصريين، حتى علاقة مصر بالأشقاء العرب في أسوأ عهدها باستثناء قطر، وبالعالم كله كذلك باستثناء تركيا.
إذن ملخص عام من الحكم، هو الفشل داخليا وخارجيا والحقيقة أننا لم نكن نتوقع الكثير من أول رئيس يأتي بعد الثورة وتركة كبيرة وثقيلة وفساد، ولكن على الأقل كان يكفيه خلال عامه الأول أن يضع مصر على أول الطريق وأن يحقق لها المصالحة الوطنية ويجمع الشعب حوله ويضع لها دستورا محترما ويشرك الجميع معه في تحمل المسئولية، وهذه كانت تعهداته أثناء حملته الانتخابية ولكنه لم ينفذ منها شيئا بل فعل عكسها تماما، وكان هذا هو الحصاد المر لأول عام رئاسة والكلمة اليوم للشعب الذي يثق الآن أن وراءه جيش يحميه ولن يسمح أبدا بترويعه أو تخويفه أو انهيار الدولة كما قال قائده العام في بيانه الرائع الأخير.
egypt1967@yahoo.com