رئيس التحرير
عصام كامل

"مستقبل التطرف في افريقيا: إرهاب الملاذات الآمنة".. أحدث إصدارات مركز المسبار للدراسات

تنظيم داعش الإرهابي
تنظيم داعش الإرهابي
أصدر مركز المسبار للدراسات والبحوث، كتاب بعنوان: "مستقبل التطرف في افريقيا: إرهاب الملاذات الآمنة"، ويتناول فيه التنظيمات الإرهابية في دول إفريقية عدة.


ويستكمل مركز المسبار خلال الكتاب الجديد سلسلة دراساته عن الإرهاب في القارة الإفريقية، والتي صدر منها خلال السنوات الماضية: "المسلمون في جنوب افريقيا: التاريخ- الجماعات- السياسة" (2011)، و"الحركات الإرهابية في افريقيا: الأبعاد والاستراتيجيات" (2018)، و"الإسلام في غرب ووسط افريقيا" (2019).




يسلّط  كتاب: "مستقبل التطرف في أفريقيا: إرهاب الملاذات الآمنة"،الذي قام بتسيقه الباحث محمد مختار قنديل، الضوء على تنظيمات إرهابية إفريقية قويت بعد سقوط دولة تنظيم داعش الإرهابي، كما يدرس توسع نشاط تنظيمات إرهابية بارزة مثل بوكو حرام بنيجيريا، والشباب المجاهدين بموزمبيق، وغيرهما من جماعاتٍ نشأت من جذور محليّة، ثم تمددت إقليمياً وعالمياً، وتنازعها الولاء بين داعش والقاعدة، خصوصاً بعد تحول افريقيا بفعل الفراغ الأمني فيها إلى ملاذٍ آمن للمتشددين الهاربين من المعارك في سوريا والعراق.

شكّل تحول الولاء بين تنظيمي داعش، والقاعدة؛ ظاهرة جديدة، إذ صارت داعش علامة تجارية يلجأ إليها التنظيم المحلي الأضعف، لمنافسة التنظيم الأقوى المنتمي –غالباً- إلى القاعدة، في كل دولة إفريقية يحدث فيها هذا الصراع، فمرّت العلاقة بين التنظيمات المحلية بمرحلة معقدة تتأثر بوضعها الخارجي، من حيث العلاقة مع داعش، أو القاعدة.

بدأ الكتاب بدراسة عوامل صعود التطرف العنيف والإسلاموية في افريقيا عموماً، ثم تطرق إلى تفسيرات ترتبط بنظرية توافر الحواضن الآمنة في دول إفريقية عدة، فرّ إليها عناصر تنظيم داعش، إثر سقوط دولته المفترضة في الموصل العراقية والرقة السورية ولاحقاً درنة الليبية، وشرح الأسباب الدافعة نحو اهتمام التنظيم الإرهابي بالقارة ونشاط الفروع والولايات التابعة له داخلها، وبحثت الدراسات سيرة هذا الصراع، والتحالف بين وكلاء التنظيم والقاعدة، وتأثير ذلك في بروز قياداتٍ بعينها تنافس الزعامات الإرهابية القديمة، وما تمثله من تحولات ذات مدلول قبائلي وازن.

ساد تصورٌ مفاده أن تراجع قوّة داعش سيؤدي إلى فتور الإرهاب، بيد أنّ التقييم للتهديد الإرهابي في القارة الإفريقية، يؤشر إلى صعودٍ جديد للتنظيمات الإرهابية، بعد ملاحظة نشوء تيارات محليّة مدرّبة، توظف أجندة تنظيمي القاعدة وداعش -على حد سواء- لتحطيم الدولة ومؤسساتها.

تتداخل عوامل إثنية واجتماعية ودينية وسياسية تعقِّد فهم الظاهرة الإرهابية، وتعدد الولاءات فيها، وصلتها بمسألة الدولة في أفريقيا؛ مما يجعل دراسة السياقات المحلية وجذورها الممتدة إلى ما قبل عصر الدولة الحديثة مهماً، مع استصحاب سيرة التنظيمات في فضائها الداخلي، واعتبار العوامل الخارجية المشكلة لها، وظروف التدافع أو التجاذب الداعشي/ القاعدي.

وتواجه افريقيا تهديدات أمنية كبيرة بأثر من صعود التطرف الإسلاموي، أسهم –إلى حد كبير- في زعزعة استقرارها.

سعت الدراسات إلى تحليل هذا العنف الحركي الذي يستفيد من هشاشة الدولة وضعف مؤسساتها الأمنية، إلى جانب حرصه على المشاركة في الصراع الإقليمي على موارد القارة.

لم تغفل الدراسات جذور التطرف الأيديولوجي الإسلاموي، المتمثلة في الأدبيات الإخوانية التي غزت وسط وجنوب افريقيا منذ ستينيات القرن الماضي، فناقشت هذه المؤشرات ودلالتها، وسعت إلى فهم الكيفية التي تتعامل بها الدول ذات النفوذ التاريخي الاستعماري معها.

غطى الكتاب سبل واستراتيجيات التعاون الإقليمي والدولي مع الدول الإفريقية في مكافحة الإرهاب، بدايةً من جهود الاتحاد الأفريقي، ودول مجلس التعاون الخليجي، والولايات المتحدة، والاتحاد الأوروبي وروسيا وصولاً إلى الصين.

تقوم الدراسات على فرضية أساسية تشير إلى استعادة الإرهاب لقوته في عدد من الدول الإفريقية، وهي فرضية تأتي على نقيض ما ذهبت إليه التحليلات السياسية، التي توهّمت أنّ تفكك تنظيم داعش المرحلي يحتم ضعفه وأفوله؛ بل وانحسار الإرهاب.

غير أن الوقائع والأحداث في هذا الكتاب تقود إلى الضد، إذ شكلت مناطق في افريقيا ملاذات آمنة لعناصر التنظيم، دخلت في تحالفات مع تنظيمات متطرفة محلية، ربما تشكل مستقبلاً أيديولوجيا أشد تطرفاً، وتوفر انفتاحاً معرفياً شعبوياً متأهباً لتقبل خطابات المظلومية والأدلجة، التي تزعم حلاً لمعضلة التهميش وعلاجاً لواقع فشل الحكومات الإفريقية؛ بسبب التقاطعات بين الإثنيات والدين والسياسة والاقتصاد، وكذلك الصراع المحموم على الموارد الطبيعية.
الجريدة الرسمية