رئيس التحرير
عصام كامل

"كمبيالات البطاطس والأرز" تهدد الفلاحين بالسجن.. انهيار أسعار "المحاصيل الاستراتيجية" السبب.. وغياب دراسة احتياجات السوق الأبرز

أرشيفية
أرشيفية
لم يترك عام 2020 قطاعًا إلا وألقى عليه بظلال الخسائر الفادحة، لا سيما وأنه شهد منذ بداية أشهره الأولى تفشي وانتشار جائحة فيروس كورونا المستجد (كوفيد – 19)، التي لعبت دورًا كبيرًا في زيادة معدلات الخسائر التي تكبدها غالبية اقتصاديات العالم.


خسائر كورونا

القطاع الزراعي لم يكن بعيدًا عن «مربع الأزمة»، وهو ما أوضحته الأزمة الطاحنة التي عانى منها غالبية الفلاحين المصريين، على خلفية الانهيار الكبير لأسعار السلع الزراعية، وتفكير قطاع كبير في عدم زراعة محاصيل معينة ومهمة خلال العام المقبل، إلى حين استقرار الأسعار في السوق واندفاعها نحو الزيادة، هو ما لا يمكن تأكيد حدوثه في الفترة المقبلة.

في ظل غياب الإحصاءات والإجراءات الأساسية التي تساعد سوق السلع الزراعية المحلي على التعافي، وجذب المزارعين مرة أخرى لمحاصيل كالبطاطس والأرز ، التي تعتبر من أهم المحاصيل الإستراتيجية بشكل عام.

البطاطس

المحاسب أحمد الشربيني، رئيس الجمعية العامة لمنتجي البطاطس، كشف أن «محصول البطاطس تعرض لهزة كبيرة تسبب في فقدان الفلاحين للقمة عيشهم خلال العام الجاري، بسبب سوء التخطيط الذي رافق زراعة المحصول، بداية من عدد طلبات الاستيراد التي تمت الموافقة عليها من وزارة الزراعة للمستوردين، والكميات التي نجحوا في جلبها.

وكانت تزيد عن احتياجات السوق المحلي وتصدير قرابة 20 ألف طن، وهو ما تسبب في عملية إغراق للسوق بالتقاوي ومحصول البطاطس وانخفاض قيمته التسويقية إلى دون نقطة التوازن التي تحفظ للفلاح على الأقل رأس ماله المدفوع في الزراعة».

وأوضح «الشربيني» أن «العروة الحالية من البطاطس تشهد انخفاضا في السعر غير مسبوق، حيث وصل سعر كيلو البطاطس من مزارع الظهير الصحراوي والجبال من المنيا والدقهلية إلى 70 قرشا، وهو سعر لأول مرة تصل إليه البطاطس منذ سنوات، إلى جانب أن جميع ثلاجات تخزين البطاطس في الجمهورية ممتلئة بالمحصول وبسعر جنيهين للكيلو، وفي الأصل فإن كيلو البطاطس يتكلف مستلزمات إنتاج تصل بتكلفة الإنتاج إلى 3 جنيهات ونصف الجنيه للكيلو الواحد، أي أن مزارعي البطاطس تكبدوا خسائر مروعة غير طبيعية».

رئيس الجمعية العامة لمنتجي البطاطس، أشار أيضا إلى أن القطاع الزراعي يقوم في أغلب مكوناته على فكرة البيع بالأجل، حيث يشتري المزارع مستلزماته من تجار المبيدات والأسمدة والتقاوي بمقدم مادى فقط، ويؤجل بقية الحساب إلى حين الحصاد وبيع المحصول، ويوقع على كمبيالات بالمبالغ المتبقية لصالح التجار.

تهديد بالسجن

وبعد الخسائر الكبيرة مؤخرا، بدأ تجار كثر بتقديم الكمبيالات إلى النيابة العامة، وتم حبس بعض الفلاحين فعلا بسبب تعثرهم في السداد، مطالبًا وزارة الزراعة بالتحضير لموسم زراعة البطاطس قبل بدايته بدراسة الاحتياجات بشكل دقيق لإنقاذ السوق.

الأرز

من جانبه أكد الدكتور سعد شبل، خبير زراعة الأرز، أن المحصول الذي كان يتصارع الفلاحون على زراعته لمكاسبه الكبير كبدهم هذا العام خسائر كبيرة، ففدان الأرز لم يحقق ربح سوى ألفي جنيه فقط، وهو مبلغ زهيد جدا مقارنة بمكاسب الأرز، وتكلفة زراعته المرتفعة.

وأشار إلى أن الوضع بالنسبة للمزارعين كان سيئا، خاصة وأن طن الأرز انخفض إلى 3 آلاف جنيه وهو سعر غير مسبوق خلال السنوات الأخيرة، وكشف«شبل» أيضا أن التجار نجحوا في جمع محصول الأرز من المزارعين في قلب أزمة انخفاض الأسعار، قبل أن يبيعوا الأرز للحكومة بسعر أعلى يحقق لهم أرباحا كبيرة جدا، بعد طلب وزارة التموين لشحنات أرز مصري تصدر إلى بعض الدول الأفريقية.

وهو ما يجعل الربح والدعم يذهب إلى التجار لا المنتجين، الذين يتكبدون عناء الزراعة وتكاليفها والجهد الكبير الذي تحتاجه تلك المهنة التي يعمل بها قرابة 40 مليون مصري، يحتاجون إلى استمرار تلك المهنة التي أصبحت طاردة لأبنائها.

احتياجات السوق

في حين أكد الدكتور محمد جبر، رئيس مركز بحوث البساتين الأسبق، أن الهزات العنيفة التي يتعرض لها سوق السلع الزراعية سببه الأول هو غياب الإحصاء المتكامل لاحتياجات السوق الزراعي المصري، مع الأخذ في الاعتبار أن وضع بيانات محدثة ودقيقة قبل بداية كل موسم عن كل محصول يجعل صانع القرار مبصرا لقراراته وآثارها على السوق والمزارعين بشكل عام.

وأضاف: من غير المقبول أن نكون في القرن الواحد والعشرين، وما زلنا نرجع انخفاض وارتفاع بعض السلع الزراعية كالطماطم إلى فترة فاصل العروات، وهذا الأمر سهل حله من خلال وضع خريطة متكاملة لاحتياجات الدولة، وتحفيز المزارعين على زراعة محاصيل معينة في أوقات محددة، نستشرف من خلال البيانات الدقيقة أننا سنشهد أزمة فيها، حتى تزول المشكلة بشكل كامل، خاصة وإننا حققنا طفرة كبيرة في الصادرات الزراعية المصرية، وهو ما يجب أن ينعكس أيضا على السوق المحلي.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية