رئيس التحرير
عصام كامل

خريطة الفقر في مصر.. 6 محافظات تحتل الصدارة.. معظمها في الصعيد.. والتقارير الدولية تكذب "التعبئة والإحصاء"

أرشيفية
أرشيفية
لا شك أن التحدى الأكبر لأية حكومة مصرية، سواء كانت تحت إدارة الدكتور مصطفى مدبولى أو غيره، هو مقاومة الفقر والقضاء على أسبابه ليس من خلال تقديم معونات ومساعدات مالية محدودة، ولكن من خلال فتح طاقات الأمل، وتوفير فرص العمل التي توفر الحياة الكريمة والآمنة.


وحش الغلاء

الفقراء يفتقدون إلى الحياة الكريمة ولا يشعرون بالأمان، في ظل وتيرة متصاعدة ومتوحشة للغلاء، لذا اندهش المصريون، حتى من لم يدهسهم خط الفقر بعد، من التقرير الصادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء والذي أعلن أرقامًا إيجابية بخصوص نسب ومؤشرات الفقر، ورأت الحكومة أنها حققت من خلالها إنجازا ملموسًا.

بعيدا عن التشكيك فيما أعلنه هذا التقرير، والتقليل من جدواه، وتكذيب ما أعلنه من مؤشرات إيجابية، وبغض النظر عما يعتقده البعض ويروجه من أن الحكومة سعت إلى تجميل وجهها وترسيخ أقدامها في ظل ما يتردد عن تغيير وزارى محتمل.. يبقى السؤال: هل بالفعل تراجعت نسب الفقر في مصر، وهل القضاء على الفقر يكون من خلال تقديم معونات اجتماعية، أم من خلال التوسع في إنشاء المشروعات الكبرى، وإعادة فتح المصانع المغلقة، وتوفير فرص العمل المناسبة.

هل تطبق الحكومة خططًا حقيقية للتنمية الاقتصادية، وما مدى نجاحها، وكيف يمكن الربط بين هذا التقرير التفاؤلى وبين التقارير الدولية التي تؤكد اتساع رقعة الفقر في مصر؟ فضلا عن تساؤلات أخرى ضاغطة وملحة؛ ليس بغرض الانضمام لطوابير المشككين والمغرضين ومن يهيلون التراب على أي إنجاز، ولكن بهدف تصويب المسار ووضع الأمور في نصابها الصحيح، دون إفراط ولا تفريط.

فلا أحد يتمنى استمرار شبح الفقر الذي تمناه الإمام على بن أبى طالب رجلًا حتى يطبح برأسه، ويريح البشرية من شره وقبحه.

تقرير التعبئة والإحصاء

ربما تكون المرة الأولى التى يهتم فيها المصريون بتقرير صادر عن الجهاز المركزى للتعبئة والإحصاء، ربما لأنه لامس واقعهم وحياتهم وتحدث عن الفقر الذى يعكر صفو حياة قطاعات كثيرة من المصريين، فهل صدق التقرير، أم خالف الواقع، وما صحة الأرقام والمؤشرات التى أعلنها وسط احتفال حكومة الدكتور مصطفى مدبولى .

قريبة من الواقع

الخبير الاقتصادى الدكتور عادل عامر يرد على من يشكك فى المؤشرات الأخيرة قائلا: الإحصائية قريبة جدا من الواقع وليس بها ما يدعو للتشكيك خاصة أنه منذ عام 2014 وحتى عام 2020 قامت الدولة بالكثير من المشروعات الاقتصادية والقومية الكبري، وخلقت فرص عمل لنسبة كبيرة من الشباب، سواء كانت عمالة مباشرة أو غير مباشرة في هذه المشروعات التي لا تقل عن 9 ملايين فرصة عمل.

وبالتالي كان ذلك أحد الأسباب التي تم الاعتماد عليها في تقليل نسب الفقر والبطالة في مصر، لأن هذه المشروعات الكبري العمالة فيها كثيرة جدا، وحاليا تلك المشروعات تعمل على تطوير وتنمية الاقتصاد القومي المصري، سواء المشروعات الاقتصادية التي تديرها الدولة بمختلف قطاعاتها الاقتصادية الكبري ، أو التي تديرها القوات المسلحة من خلال جهاز الخدمة المدنية.

الأكثر فقرا

وعن خريطة الفقر فى مصر..أوضح عامر: المحافظات الأكثر فقرا هي 6 محافظات على مستوى 27 محافظة هي المنيا ثم أسيوط ثم سوهاج ثم الوادي الجديد ثم قنا ثم أسوان، بسبب غياب خطط التنمية الاقتصادية والتنمية المستدامة في السنوات السابقة في هذه المحافظات وقلة فرص العمل.

كما أن البيئة الاقتصادية في هذه المحافظات كانت تعتمد على أمرين فقط هما التجارة الصغيرة والزراعة، وعدم وجود مشروعات تنموية اقتصادية توفر فرص للعمل في هذه المحافظات أدى إلى زيادة الفقر، ولكن الدولة في الفترة الأخيرة عندما أنشئت الهيئة العامة لتنمية الصعيد انتبهت لهذا الأمر، وفتحت الطريق لتأسيس خريطة استثمارية تعتبر من ضمن قانون الاستثمار الجديد، ووضعت بها شروط سماح وشروط تيسير وحوافز استثمار هي الأعلى من ضمن الخرائط الاقتصادية على مستوى الجمهورية.

فتعتبر منطقة الصعيد هي رقم واحد في حوافز الاستثمار التي منحتها الدولة للمستثمرين لتنمية هذه المنطقة، فضلا عن سعي الدولة لرفع متوسط الدخل وتقليل معدل الفقر، فمعاناة تلك المحافظات من الفقر أثر رجعي لتراكمات إهمال تطويرها الأعوام الماضية.

الصعيد 

ولكي تستكمل الدولة خطتها لتنمية الصعيد نطالب بفتح قنوات نقل سهلة بين محافظات الجمهورية والصعيد بطرق مواصلات ميسرة، تسهل على المُنتج نقل منتجاته بسهولة ويسر وتوزيعها داخل هذه المحافظات من خلال شبكة مواصلات تربط هذه المحافظات بالعاصمة، وتكون هذه الشبكة قليلة التكلفة حتى لا تؤثر على السعر النهائي للسلع، لأن تكلفة النقل أحد أهم الأسباب التي كانت ترفع تكلفة المنتج.

وبالتالي يقل حجم القوة الشرائية في محافظات الصعيد فيهرب المستثمر إلى المحافظات الأخري التي تزداد فيها القوى الشرائية.

الديون

وعن تأثير الديون العامة على معدلات الفقر..قال عامر: الديون تؤثر بالفعل؛ لأن الدولة عندما تقوم باستقطاع جزء كبير من مواردها لصالح هذه الديون فإن ذلك يؤثر بالطبع على الخطط الاستثمارية والتنموية لهذه المحافظات، لذلك يجب على الدولة حتى لا تفقد ثقة الدائنين أن تلتزم بسداد هذه الدين مع فوائدها بما يسمى اقتصاديا أعباء الدين.

وعن علاقة الزيادة السكانية بمعدلات الفقر.. أوضح عامر: الزيادة السكانية من الممكن أن تكون أحد أسباب التنمية الاقتصادية، وأن تزيد من القوى الاقتصادية والعسكرية للدولة إذا تم تحسين استخدامها، بمعنى أن الكثافة السكانية يجب أن يتم توزيعها على محافظات الجمهورية، حيث يجب إنشاء أماكن في المحافظات المختلفة لاستيعاب هذه الزيادة وإدماجها في الاستثمار المحلي.

فالأزمة الأساسية أن الزيادة السكانية في مساحة لا تزيد على ربع المساحة الكلية لمصر، والباقي أراض غير عامرة وغير مستصلحة، وفي هذه الحالة تعتبر الزيادة السكانية عبئا على الموازنة العامة للدولة.

جهود المواجهة

وعن الجهود المطلوب تفعيلها لمحاصرة معدلات الفقر وتجفيف منابعه..قال عامر: المشروعات الاقتصادية القومية الكبري التي قامت بها الدولة عندما تدخل في الاقتصاد الكلي للدولة سوف تحقق الأمن الاقتصادي وتقلل حجم زيادة الفاتورة الاستيرادية بما يحقق زيادة في فرص العمل وتقليل معدلات الفقر.

كما يجب تدريب الشباب على كيفية إدارة المشروعات، لأن فكرة الصندوق الاجتماعي للتنمية الذي تم تدشينه في عام 1991 كانت فكرة جيدة ولكنها فشلت لأنه لا يصح أن أقوم بمنح القروض للشباب فقط دون تدريبهم على كيفية إدارة هذه القروض واستغلالها بشكل جيد في المشروعات حتى تقف هذه المشروعات على قدميها وتكون مثمرة وليست عبئا على الفرد، فيعجز الشاب عن سدادها أو ينتهي المشروع بالإفلاس لعدم قدرة الشاب على إدارة مثل هذه المشروعات.

كما حدث في دول شرق آسيا بتدريب الشباب، والتأكد من جديتهم قبل منحهم هذه القروض.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية