رئيس التحرير
عصام كامل

قصة "محمد وبسنت" على طاولة خبراء الإعلام والتربية.. عبور غير موفق لمرحلة الطفل العمرية.. تكوين الأطفال العقلي والنفسي والوجداني لا يسمح بذلك

الطفل محمد
الطفل محمد

احتلت قصة الطالب "محمد" حديث منصات السوشيال ميديا المختلفة خلال الأيام الماضية، بعد انتشار مقاطع فيديو تحمل عنوان "قصة محمد وبسنت"، بطلها طفل صغير ذو عينين واسعتين يرتدي نظارة طبية، ويبلغ من العمر 6 سنوات. 



محمد هو الابن الأصغر للمطرب الشعبي "حسام الشرقاوي"، أراد والده أن يستثمر موهبته في الحديث والإلقاء وخفة ظله في إنتاج مجموعة من مقاطع الفيديو ونشرها على السوشيال ميديا بعد أن أخبره ابنه بأنه معجب بزميلته في المدرسة، فتحولت هذه المشاعر الطفولية إلى ما يشبه الحلقات المسلسلة التي يحرص مئات المصريين على متابعتها من باب "الترويح عن النفس".

تضمنت الفيديوهات قصة محمد مع بسنت وشجاره مع زميله ياسين بسبب غيرته عليها، كما تضمنت الفيديوهات محتوى يعترف فيه محمد بأنه يحب بسنت ويريد الزواج منها ! وظهر ذلك في حديث محمد ورسالته لبسنت حينما قال: "أنا بحبك يا بسنت وعلى طول بتيجي في دماغي غصب عني.. بسنت دي حبيبة قلبي، ببقى حاسس كل الكلام اللي قالتهولي وكلامها مبيروحش من دماغي".

وثق الأب وهو المطرب الشعبي "حسام الشرقاوي" تلك القصة في فيديوهات وسبب مشاجرة نجله محمد مع زميله بسبب بسنت، في الفيديو سأله عن سبب المشاجرة ليبدأ "محمد" فى سرد القصة قائلاً: "جبلى بس حاجة اشربها علشان مخنوق"، ليكمل قائلا: "أنا كنت جايب لبسنت حاجات، وياسين كان جايبلها حاجات، وبسنت مرضيتش تاخد حاجة من ياسين غير حاجة واحدة بس"، متابعاً: "بعدين ياسين راح مدينى بالبوكس فى سنانى، وأنا بقى اتكسفت واتحرجت علشان بسنت شافت سنانى وهى بتتكسر".

التحليل الإعلامي
وتعقيبا علي ذلك يقول صفوت العالم أستاذ الإعلام بجامعة القاهرة: إن تلك الممارسات تشكل أداة إنذار لما يحيط بأبنائنا من مؤثرات تتماثل في الأفلام والمسلسلات تخلق لديهم ثوابت وجدانية وعقلانية وفكرية دون أن يكون تكونهم العقلي والنفسي والوجداني يسمح بذلك، كما أنه من الواضح أن تأثيرات السوشيال ميديا تجعل التطور الطبيعي للنمو العقلي والوجداني لدي الاجيال مختلف ومتفاوت.

وتابع قائلا: الطفل الذي لم ينضج بعد، يشاهد أغاني عاطفية أو مشاهد جنسية ويتفاعل معها رغم أنه مازال في مرحلة الطفولة وليس المراهقة، مشيرا إلي أن تشجيع ولي الأمر علي ذلك يؤكد أنه لم يكن هناك نمو طبيعي للأجيال، ولم ينتبه الأهل لأهمية مرحلة الإدراك عند الطفل في هذه الفترة العمرية والتي تجعله أكثر خبرة في مشاهد المسلسلات والأفلام من الأب والأهل.

وأكد أن الإعلام المصري والأعمال الدرامية أصبحت مليئة بالعوار الأخلاقي، وهو السبب الرئيسي الذي يجعلها لم تعد تجد سوقا في الدول العربية، بعدما كان المواطنين العرب ينتظرون المسلسلات المصرية مثل رأفت الهجان، الآن يبتعدون عن شراء مسلسلاتنا لأنها تحمل قيما مدمرة، موضحا أنه يجب الانتباه لتلك الوسائل الإعلامية لأن بها اعتبارات لا تتفق مع تطورات الطفل الوجدانية والفكرية والعقلية، مؤكدا أنه يجب العمل علي تعظيم الأدوار التوعوية الغائبة للأسرة والمدرسة والجامعة والمسجد والكنيسة، القائم على الحوار والفهم والترشيد في مشاهدة أو تلك المضامن المعيبة

التفسير التربوي
وعلي الجانب التربوي، يقول الدكتور سامي أيوب استاذ علم النفس الترباوي وعميد كلية التربية بالمنوفية: إن هناك تطور انساني طبيعي يمر به أي بني أدم، يتماثل في مرحلة التمركز حول الذات في مرحلة الطفولة المبكرة، بأن الطفل في السن ما قبل 5 سنوات لم يكن اهتمامه في الدنيا سوى بقضاء احتياجاته، يستخدم أدوات كل العالم لإشباع رغباته، وهو تفكيره الأساسي.

وعندما يبلغ سن الـ 6 /7 سنين يتخلص من التمركز حول الذات من خلال فهم الوسط الاجتماعي المحيط به، لا يمكن لطفل ان يحب في هذه السن، لأنه في تلك الفترة يكون تركيزه في محاولة إدراك الأمور المحيطة به فقط، فمن المستحيل أن يدرك الطفل الحب في تلك المرحلة.

وتابع: أما مرحلة الحب فتكون في سن المراهقة، حيث يفرز الجسم هرمانات عالية جدا تجعل الشخص يبحث عن الطرف الآخر لصرف تلك الهرمونات، وفي تلك المرحلة يبحث المراهق عن نموذج تصوري في ذهنه لشريك حياته، وهو ما يعلل أن قصص الحب في مرحلة المراهقة معظمها لم يكتمل، مطالبا الأباء بالتعايش مع كل مرحلة لأبنائهم دون تشجيعهم علي محاولة عبور مرحلة عن الأخرى.


 

الجريدة الرسمية