رئيس التحرير
عصام كامل

قريبًا صدور كتاب "الرسول الأعظم في منطق بعض المنصفين الغربيين" للرد على الرسوم المسيئة

الدكتور محمد الجندي
الدكتور محمد الجندي وكيل كلية الدعوة للدراسات العليا
يصدر قريبًا كتاب "الرسول الأعظم في منطق بعض المنصفين الغربيين"، للدكتور محمد عبد الدايم الجندي، وكيل كلية الدعوة للدراسات العليا والبحوث، وذلك للرد على الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم.

 
وقال الدكتور محمد عبد الدايم: إن الاستنارة الإنصافية في الوعي تمثل حالة كيفية ونوعية تنبي عن عدم التعصب لأن الإنصاف يسوق الوعي إلى معرفة الآخر معرفة غير جائرة وعادلة، أما الذين تقف ثقافتهم عند موروثهم الفكري والثقافي ولا تتعداه فهم في أحسن الأحوال كمن ينظر بعين واحدة لا يبصر إلا ذاته، أو كالأعمى الذي لا يدرك من الوجود غير جسده الذي يتحسسه بيده.




 وتابع: "قد ألقى أمثال هؤلاء تصريحات موتورة كلها تقذف الإسلام ونبيه بحممها، وهي تعبر عن صغر أسنانهم، وعدم معرفتهم بحقيقة الإسلام وحقيقة النبوة الناصعة التي شهدت لها مئات بل آلاف الشهادات المنصفة شرقا وغربا، بل إنها تعبر في حقيقة الأمر عن مدى التعصب الأعمى الذي يصاب به بعض أعداء الإسلام الذين لا يزيدون الإسلام إلا سطوعًا، ولا يزيدهم إلا شقاءً".

مشيرًا إلى أن أن ثقافة هؤلاء نتاج مصانع عقولهم العدائية التي لا هم لها إلا تصدير المطاعن والشكوك وإثارة غبار الشبهات، ومن هنا كان ضبط الوعي ضرورة للقبول والرفض على حد سواء.

وأضاف: "قضية البحث في نبي الإسلام صلى الله عليه وسلم من قبل الغربيين جعلت الوعي بين حالين حال التوجه الملزم للمطاعن نتيجة تشنجات نفسية عدائية بسبب تراكم العقد المركبة من صعود الإسلام ونبيه صلى الله عليه وسلم حينًا، وحال الضبط الملزم للإنصاف والاهتداء لتصديقه أحيانا أخرى، وذلك محكوم بمدى المغالبة الدنيوية في عالم الأفكار".

واستشهد "الجندي" في كتابه بآراء المستشرق "ول ديورانت" المنصفة عن نبي الإسلام والتي تعتبر حجة قوية تثبت صدقه، وعلة مجحفة تزيل الشبهة من عقول المشتبهين إن أرادت ضمائرهم ذلك، بل وتؤهلهم إن سمحت عدالتهم أن ينتدبوا أنفسهم للرباط الفكري على ثغور الإسلام  في ميادين الحاقدين التي وضع فيها رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هدفًا لأقلام الكثيرين من الغربيين رواد الإلحاد والكفر يرمونه جهلًا وكنودًا بقواذع الهجاء وقواذف الذم.

وتباع: "دارت دورة الزمان وعاد رسول الله محمد صلى الله عليه وسلم هدفًا للهجاء والذم، ولكن في صورة العولمة والحداثة وبرسوم كاريكاتورية ساخرة ومستهزئة، هذه المرة على يد سفيه دانماركي جاحد أو جاهل أو مخرج أو كاتب أمريكي.. لا فرق فكل من معين الكفر مرتشف، وغيرهم في هذا الصف المرابط في ثغور الضلال من عسكر الشيطان ممن تنبو عن مسطراتهم الأحداق النظيفة، وتبذأهم أفكار النقاء والطهر العفيفة".

وأوضح وكيل كلية الدعوة أن عبارات "ول ديورانت" تناغمت مع إنصافه حين كتب عن غرس النبي صلى الله عليه وسلم الذي نشأ فيه، والتكوين المليء بالعناية ، وقد راع الغرب لمعة مقاله حتى اقتُنص بحبائل إنصافه حين أسس لمنابته على أسس؛ الأساس الأول: أسرته، فيقول عنها: "لقد كان محمد صلى الله عليه وسلم من أسرة كريمة ممتازة"، والأساس الثاني: اسمه، حيث حلله تحليلًا لغويًّا يرجع إليه بالمحامد قائلًا: ولفظ "محمد" مشتق من الحمد وهو مبالغة فيه، كأنه حمد مرة بعد مرة، ويمكن أن تنطبق عليه بعض فقرات في التوراة تبشر به.

واستطرد: "يبدو في كلمات "ول ديورانت" إنصاف جلي وبراعة استهلال، وثناء متضمن في سياق التحليل اللغوي لمسماه، وقد أحسن في هذا الثناء فمحمد اسم علم، وهو منقول من صفة من قولهم "رجل محمد" وهو الكثير الخصال المحمودة، والمحمد في لغة العرب هو الذي يحمد حمدًا بعد حمد مرة بعد مرة، وقد اختار الله هذا الاسم الطيب لنبيه محمد صلى الله عليه وسلم، فهو الحامد لربه، المحمد من عباده؛ حمد ربه على ما أفاء عليه من الفضل، وحمده الناس بما جاءهم به من الحق، فهو حامد لله "محمد"، محمود من الله ومن الناس".

وأشار "الجندي"، إلى أنه رغم تكاثر هؤلاء تطيب الخواطر، وتستريح الأنفس حين يأتي الدفاع عن محمد صلى الله عليه وسلم على لسان منصفين غربيين ليسوا على ملة الإسلام لكنهم مرابطون على ثغور الإنصاف والفهم والنظرة الثاقبة والرأي المحايد الذي يقول الحق للتاريخ، أمثال "ول ديورانت" والفيلسوف الأسكتلندي الأشهر "توماس كارليل" ليسجلا ميثاق شرف لا ينساه التاريخ ولا يمكن أن يتجاهله.

وأردف: "احتلت شخصية النبي صلى الله عليه وسلم عبر تاريخ الفكر الغربي مكانة عالية من البحث والدراسة والتّحليل حتى أبهر عقول المنصفين تحرير النبي  للإنسان الجاهلي الذي تشرب من معين الجاهلية، فارتقى به إلى مستوى رفيع من العِلم والحضارة في غضون سنوات معدودة ، وأصبح ذلك أمرا يستحق الوقوف عنده للتّحليل والتمحيص من كبار المفكّرين الغربيين".

وأكد أن كتابه "الرسول الأعظم في منطق بعض المنصفين الغربيين" يعرض بصيصًا من كلام المنصفين عن سيد المرسلين  صلى الله عليه وسلم.

لافتًا إلى أن "ول ديورانت" و"كارليل" من جملة مفكرين وفلاسفة غربيين رأوا النبي صلى الله عليه وسلم بعين الحقيقة بعيدًا عن المؤثرات العقدية المضللة، والفلسفات الوضعية المتحللة.

وأوضح أن "كارليل" خصص في كتابه "الأبطال" فصلًا لنبي الإسلام صلى الله عليه وسلم بعنوان "البطل في صورة رسول الإسلام محمد"، عد فيه النبي صلى الله عليه وسلم واحدًا من العظماء السبعة الذين أنجبهم التاريخ، وربط بطولته بالنبوة ولم يجرده عن إرهاصات الوحي.

مشيرًا إلى أن "كارليل" استهل محاضرته حول عن النبي صلى الله عليه وسلم بكلامه عن الوثنية التي بعث فيها محمد صلى الله عليه وسلم، وعن صدق الرسالة والوحي، وأوجز لذلك في المرحلتين التاليتين: المرحلة الأولى: مرحلة التحول من الوثنية إلى نور الإيمان يقول: "ننتقل الآن من العصور الخشنة الوثنية الشمالية إلى دين آخر في أمة أخرى.. دين الإسلام في أمة العرب، وما هي إلا نقلة بعيدة وبون شاسع بل أي رفعة وارتقاء نراه في أحوال هذا العالم العامة وأفكاره ، في هذا الطور الجديد لم ير الناس في بطلهم إلها بل رسولا بوحي من الله".

والمرحلة الثانية: دفاعه عن صدق الوحي والرسالة : مع تناغم الوحي والنبوة في منطق  كارليل" على أنهما حقيقتان قائمتان ؛ نجد أن تعبيراته تدور حول فلك إثبات هذه الحقيقة الكبرى، وهي صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم في نبوته ورسالته، يقول: "الحقيقة الكبرى هي  أنه رجل صادق ونبي مرسل".

وأشار وكيل كلية الدعوة أن "كارليل" أجاد في شهادته بعظمة الإسلام وعظمة صاحب الرسالة في قوله: "فمن فضائل الإسلام: تضحية النفس في سبيل الله، وهذا أشرف ما نزل من السماء على بني الأرض، نعم هو نور الله قد سطع في روح ذلك الرجل، فأنار ظلماتها، هو ضياء باهر، كشف تلك الظلمات التي كانت تؤذن بالخسران والهلاك، فشعور محمد صلى الله عليه وسلم إذ اشتعلت روحه بلهيب هذه الحقيقة الساطعة، هو أهم ما يجب على الناس علمه لم يك إلا أمرًا بديهيًا، وكون الله قد أنعم عليه بكشفها، ونجَّاه من الهلاك والظلمة ، وكونه مضطرًا إلى إظهارها للعالم أجمع ، هذا كله هو معنى كلمة "محمد رسول الله "وهذا هو الصدق الجلي والحق المبين.

واختتم "الجندي" الحديث عن كتابه قائلًا: "من خلال معايشتي لموضوع الكتاب وتطلع ذاكرتي إلى علياء المعاني والمباني؛ أحاول في هذه الدراسة تكوين زبدة عنه  يفتخر بها كل مسلم أحب رسول الله، وحينها لن يكون السر في العبارات والكلمات ، ولكن فيمن قيلت فيه ، لأنها تتضمن رسالة تنطلق من مكنون الفطرة وتوقد مجامر القلوب بمحبته". 
الجريدة الرسمية