رئيس التحرير
عصام كامل

مستقبل أردوغان بين العزلة والعزل.. النظام التركى ينتظر أياما عصيبة (2-5)

سيناريوهات مستقبل
سيناريوهات مستقبل نظام أردوغان
بدأت الأركان العميقة لنظام الرئيس التركى رجب طيب أردوغان، تصاب بالتصدع وظهرت على السطح خلافات سياسية وانشقاقات داخل حزب العدالة والتنمية الحاكم، ومع سلوك النظام دوليا شرع الغرب فى فرض عقوبات قاسية عمقت شرخ الخلافات خاصة بعدما استمرار إنهيار الإقتصاد فترة زمنية طويلة، وأضافت لها مزيدا من الضغوطات.


وفى الحلقة الأولى من سلسلة حلقات فتحتها "فيتو" حول مستقبل أردوغان بين العزلة والعزلة، وضع الخبير الكردي محمد أرسلان على، 5 سيناريوهات ترجح انهيار النظام خصوصا بعد العقوبات الأمريكية والأوروبية، وفى الحلقة الثانية من هذه السلسلة يتناول المحلل السياسي التركى، تورغوت أوغلو، العوامل الداخلية المؤشرة على انتظار أنقرة شهورا عصيبة، ويشرح فى السطور التالية مدى معاناة الدولة اقتصاديا وسياسيا، كما أكد على أن انتفاضة الشعب هناك بات مسالة وقت.


فى البداية يقول تورغوت أوغلو، ان اقتصاد بلاده مر بأزمة كبيرة خلال العام الجاري 2020، بشكل يساهم فى التأثير على مستقبل أردوغان ونظام حكمه، ما دفعه للبحث عن مساعدات دولية، تمثلت فى قروض، تمويل، وطلبات مقايضة، فما هى الردود ومدى الاستجابات لهذه الطلبات.

وتابع "الاتفاقيات المبرمة في هذا المجال، وايضا تداعيات وآثار هذه التطورات في المجتمع والسياسة.. وهى جوانب يجيب شرحها باستفاضة لفهم النتائج المترتبة عليها".

البحث عن مخرج

وقال  أوغلو "لنبدأ بالعنصر الأول: قدمت أنقرة طلباتها إلى المؤسسات المالية الدولية، ولا زالت تبحث عن مَخرج من أزمتها الاقتصادية بهذه الطريقة، وزاد من بلبلتها التقرير الذي نشره البنك الدولي حول آفاق الاقتصادي العالمي، والذي ينص على أن الركود المتوقع في الاقتصاد العالمي سيتحقق قبل الموعد الذي كان متوقَّعاً، وبالفعل سبب هذا التقرير بلبلة في كثير من الدول التي تعاني اقتصاداتها من ضعف هيكلي، بما فيها تركيا التي دخلت في مرحلة لا تحسد عليها".

يضاف إلى ذلك، التأثير السلبي لحرب تجارية محتملة بين الولايات المتحدة والصين، وتداعياتها على معدل نمو الاقتصاد العالمي.

ومما زاد من قلق حزب العدالة والتنمية الحاكم، التموجُ الحاصل في الاقتصاد التركي بسبب انخفاض قيمة الليرة التركية مع تفشي فيروس كورونا.

ولا ننسى أن الضغط الذي مارسته الحكومة على سوق العمل في السنوات الخمس الماضية أرهب رأس المال الأجنبي. و- بطبيعة الحال- أسفر هذا الوضع عن تصنيف تركيا في فئة البلدان التي تعاني من انعدام الأمن في الجانب المالي.

وأضاف أوغلو "على الرغم من تكتم أنقرة، إلا أننا علمنا أخيراً أنها قامت بجولة في الدول المتقدمة والمؤسسات المالية الدولية، من أجل الحصول على الائتمان والدعم المالي اللذين يساعدانها على إنعاش اقتصادها، منها على سبيل المثال تقدمها بطلب إلى صندوق النقد الدولي للحصول على قرض مقداره مئة مليون دولار".



ولننتقل إلى النقطة الثانية التي تدور حول ردود هذه المؤسسات ومدى استجابتها للمطالب التركية؟

لنبدأ بصندوق النقد الدولي أولاً.


من المعلوم أن الصندوق الذي أعلن أن الاقتصاد العالمي عاش عام 2020 حالة انكماش بنسبة 3.7 في المئة بسبب أزمة فيروس كورونا، أكد أن الاقتصاد التركي سينكمش بنسبة 5.1 في المئة.

وصرحت رئيسة صندوق النقد الدولي كريستينا جورجيفا، أن الصندوق يستطيع أن يدفع قرضاً بقيمة تريليون دولار للدول التي تعاني اقتصاداتها من أزمة قوية بسبب الفيروس.

وقد أجْرت تركيا بدورها مفاوضات سرية للاستفادة من هذا الائتمان، ولكن لما تسربت أخبار هذه المفاوضات إلى الصحافة، وتبين أن المبلغ الذي تطلبه الحكومة من الصندوق هو مئة مليون دولار فقط، أثار ذلك حالة صدمة وذهول حتى لدى الموالين للحكومة مما دفعهم إلى التساؤل: هل نحن في حالة صعبة إلى هذه الدرجة؟

وبالفعل لما شعر الرئيس رجب طيب أردوغان بأن ذلك سيؤثر في سمعته بشكل سلبي استدعى فريقه قبل أن يقدموا طلباً رسمياً.

فولت الحكومة وجهها شطر باب آخر، آملةً في الحصول على تقرير إيجابي من وكالة التصنيف الائتماني الدولية فيتش (Fitch) حتى يسهل عليها الحصول على الائتمان والتمويل.

لكن فيتش، ناهيك عن التقرير الإيجابي، قامت بخفض مستوى الائتمان لتسعة بنوك مملوكة للأجانب ناشطة في تركيا من "مستقرة" إلى "سلبية"، فخابت آمال أنقرة مرة ثانية.



أيضا لم يكن أردوغان يتوقع استقالة صهره وزير الخزانة والمالية السابق، بيرات البيرق بهذه الطريقة ما جعله مصدوماً ومندهشاً، فهذه هي المرة الأولى التي تطفو فيها الخلافات في أسرته وحزبه على السطح بهذا الحجم.

كما كان لافتاً تعيينه لطفي ألفان وزيراً للمالية والخزانة مكان بيرات الذي كان على خلاف معه.

وبينما تقف السيدة الأولى أمينة وابنتها إسراء إلى جانب بيرات ألبيرق في الوقت الحالي، لا يزال أعضاء حزب العدالة والتنمية يعانون من تبعات الصدمة.

ومن الجدير بالذكر أن وزير الداخلية سليمان صويلو، هو أحد أكثر أعضاء الحزب الذين سعدوا  بهذه الاستقالة، فالخلاف بينه وبين بيرات، عميق ويرجعه البعض إلى أن صويلو كان أول من لفت نظر أردوغان إلى أن صهره متورط في علاقة حب ممنوعة مع امرأة أخرى غير زوجته.

زرع الرجال

وبالفعل، يتسابق فريقان مواليان للرجلين على زرع رجالهما في المواقع المهمة في كل من الحزب والدولة.

ويعرف سليمان صويلو أيضاً بأنه ممثل الدولة العميقة في الحزب، ومن  أراد المزيد من المعلومات حول الخلاف بينهما فله أن يراجع مقالي المنشور بتاريخ 8 يونيو الماضي، بعنوان "الأزمة الثانية في حزب العدالة والتنمية".

جانب إيجابي

إلا أن لهذه الاستقالة جانب إيجابي لتركيا، حيث إن الدعوى القضائية الجارية في أمريكا بشأن بنك "هَالْكْ" تطال أسماء بارزة من ضمنها بيرات البيرق وفريقه.

وبالتالي أصبحت هذه التغييرات في صفوف الحكومة والمناصب العليا في الدولة بمثابة رسالة إلى إدارة الرئيس الأمريكى المنتخب جو بايدن القادمة، مفادها "إننا نستطيع التعامل معكم في المرحلة المقبلة".

تشكيل عصابى

لكن قضية بنك "هالك" لن تجد حلاً لدى الأمريكيين بمجرد اتخاذ خطوات رمزية، بل أن القضية، حسب مصادر تابعوا كل جلسات المحاكمة في الولايات المتحدة، تطال جرائم كبيرة على رأسها تسويق النفط الذي كانت "داعش" تبيعه في الأسواق، وغسيل الأموال الإيرانية، والتآمر مع مستشار الأمن القومي الأمريكى السابق مايكل فلين، مقابل رشاوي باهظة من أجل نقل بعض معارضي أردوغان من الولايات المتحدة إلى تركيا بطرق غير قانونية.

وبالتالي فلن يستطيع ألبيرق أن يتفلت بمجرد الاستقالة من منصب الوزارة، من عواقب هذه الجرائم التي تعتبرها القوانين الجنائية الأمريكية بمثابة "تشكيل عصابى".



من جانب آخر، ألحقت هذه الاستقالة ضرراً كبيراً بسمعة حزب العدالة والتنمية الذي دخل الأجواء الانتخابية، وهو يفقد الأصوات باستمرار. كما أضرت بأردوغان الذي ظهر وكأن لا يستطيع السيطرة على أفراد أسرته.

نعم، لم يكن بيرات ألبيرق شخصية سياسية قوية، لكنه كان في الوقت نفسه صهر الرئيس أردوغان ويعتبر وريثهن ومن شبه المؤكد إجراء بعض التغييرات في الحكومة، لكنني واثق من أن ذلك سيكون مجرد تغيير شكلي.

كان بيرات هو الشخص الذي يسير شؤون أردوغان غير الرسمية ويعرف الكثير من أسراره الخطيرة، لذلك لن يغامر بشطبه بالكامل، بل أنا متأكد من أنه سيحاول إيجاد صيغة سلمية لهذا الوضع.

شعارات كاذبة

ونتيجة كل ذلك، نستطيع القول إن الشعب التركي ربما سيتأخر ويتباطأ في الصحوة من غفوته ولكنه سيستفيق حتماً بسبب الظروف الاقتصادية القاسية التي لا تفرّق بين المتدين والعلماني والقومي، علماً أن القاعدة الشعبية لأردوغان نفسه ما عادت تُصدّق مثل هذه الشعارات المجردة، التي لا تسمن ولا تغنى من جوع.

ولا ينبغي أن ننسى أن من بين الذين أسهموا في فوز مرشح المعارضة (أكرم إمام أوغلو) ببلدية إسطنبول هم شريحة مهمة من المواطنين الذين كانوا يؤيدون حزب العدالة والتنمية ولكنهم سئموا من قيادات الحزب وشعاراتها الفارغة.



ننتقل إلى الانتخابات الأمريكية وتأثير فوز جوزيف بايدن، على النظام الذي بات يعانى من الهشاشة السياسية والاقتصادية، على الرغم من أن مواقف أنقرة كانت تتعارض في قضايا عدة مع الولايات المتحدة، لكن علاقة الرئيس التركي الشخصية مع الجمهوري دونالد ترمب كانت عند مستوى مقبول، وسنرى في الأيام المقبلة ما إذا كانت العلاقات بين البلدين سترتقي إلى مستوى "الشراكة الاستراتيجية"، كما  كانت في السابق.
ونتوقع أن يكون شكل التعامل مختلفاً، كون أسلوب بايدن دبلوماسياً مؤسساتياً مباشراً، بدلاً من الأسلوب المتذبذب الذي كان يستخدمه ترامب من خلال التغريدات المهددة، أو الرسائل الساخرة أو العلاقة الشخصية مع أردوغان.

زيارات بايدن

وسبق أن زار بايدن أنقرة أربع مرات، وله مواقف معلنة تجاه تصرفات أردوغان وسياساته، ولكن مع ذلك لن يكون من السهل التنبؤ بما إذا كان سيقوم بتطبيق عقوبات صارمة على أنقرة بسبب تصرفاتها "المارقة" التي تغاضى عنها ترمب. ولن يتضح لنا ذلك جلياً إلا بعد التعرف إلى تركيبة فريق العمل الذي سيحيط به في العهد الجديد.

ولاحظت على زملائي الصحافيين في تركيا تهربا متعمداً عن التعليق على مستقبل العلاقات التركية - الامريكية، مما يصعّب التعرف إلى وجهات النظر الدائرة في الكواليس التركية.

قانون خصوم أمريكا
ولكن على أية حال، فإنه سيكون من المفيد أن نلقي نظرة واسعة على الملفات التي كانت تشكّل تحدياً أمام العلاقات الثنائية والتي من المتوقع أن يتم تناولها في عهد بايدن.

1 - فلنبدأ من القضية الشائكة وهي ما اشتهرت بقضية "بنك خلق"، إذ كانت المحكمة الفيدرالية لمنطقة نيويورك الجنوبية رفعت دعوى قضائية ضد "بنك الشعب" التركي لمساعدته في خرق عقوبات أمريكية على إيران. وفي إطار ذلك، اعتقل المدير العام للبنك (هاكانآتيلا) أثناء زيارته إلى الولايات المتحدة وأمضى نحو عامين في السجون الأمريكية.

وقد وجّهت المحكمة الاتهام إلى هذا البنك الذي اتهم بـأنه على صلة مباشرة بأردوغان، واتهم بالتآمر للاحتيال على الولايات المتحدة، من خلال انتهاك قانون مكافحة خصوم أميركا وتحويل الأموال إلى إيران، والتآمر للاحتيال على النظام المصرفي والمالي في الولايات المتحدة والتآمر لغسل الأموال الخ....

نعم، أجلت هذه القضية بسبب جهود ترمب الشخصية، ولكن لم يكن من الممكن إلغاؤها. فهذه القضية التي يواجه فيها أردوغان وعائلته اتهامات ستسبب إزعاجاً خطيراً لأنقرة خلال عهد بايدن.

ولم يعد من الممكن التستر على هذه القضية التي كشف عنها عبر القضاء أثناء المباشرة الفعلية لجريمة نقل الأموال إلى إيران.

2- وثمة قضية أخرى تؤرق أردوغان أكثر من غيرها، وهي تصريح جو بايدن الذي أدلى به في ديسمبر من العام الماضي والذي قال فيه: "سنستبدل أردوغان بانتخابات، وليس بانقلاب".

وأضاف: "حان الوقت لدعم المعارضة من أجل الإطاحة بأردوغان عن طريق الانتخابات". وأعتقد أن مسار هذه القضية ستكون منوطة بالعلاقة التي ستتطور بين أردوغان وبايدن في الفترة المقبل.



3- وأيضاً هناك موضوع شراء أنقرة لصواريخ "S-400" الذي لا يزال قيد المناقشة ولم يتم بته.

كما هو معلوم، فإن القانون الذي سنّته الولايات المتحدة في سياق مكافحة خصومها مثل كوريا الشمالية وإيران وروسيا كان ينصّ أيضاً على فرض عقوبات اقتصادية على تركيا بسبب برنامجها لشراء "S-400" ومشاريع التعاون في مجال الطاقة مع روسيا. ولكن ترمب جمّد هذه العقوبات ولم ينقذها.

وفي عهد بايدن، ستكون مناقشة تطبيق هذه العقوبات على جدول الأعمال. في هذا الصدد، ستكون الخطوات أو التنازلات التركية ذات تأثير في قرار واشنطن. وستكون لها أيضاً انعكاسات على عودة تركيا إلى مشروع الطائرات المقاتلة من طراز "F-35" وبدء الولايات المتحدة ببيع نظام "باتريوت" للدفاع الجوي لأنقرة.

4- ومن المعروف أيضاً أن إحدى أولويات بايدن في السياسة الخارجية هي إعادة تفعيل دور حلف شمال الأطلسي، الذي كان ترمب يقلل من شأنه. وهذا سيؤثر بطبيعة الحال في تركيا التي اشترت صواريخ "S-400" ولكن لم تتمكّن من استخدامها بعد، إذ سيتعيّن عليها اتخاذ موقف واضح حيال هذه المسألة، ولن يكون من السهل على أردوغان أن يتحمّل تبعات مواجهة الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، إذا توصل إلى حلّ يرضي الإدارة الجديدة للولايات المتحدة.

ومن الجائز التأكيد على أن هناك عملية صعبة تنتظر حزب العدالة والتنمية الحاكم، الواقع بين المطرقة الأمريكية والسندان الروسي.

5- ومن إحدى القضايا التي من شأنها أن تزعج تركيا مسألة الأكراد في سوريا الذين كانوا يتلّقون من الولايات المتحدة دعماً كبيراً في الأسلحة والإمدادات والمعدات في عهد ترمب.

وإذا نظرنا إلى خطاب بايدن ووعوده، نلاحظ أن ذلك لن يتغير، بل إنه سيزيد من هذا الدعم.

6- ومن بين أكثر الأزمات التي نوقشت في الآونة الأخيرة التوتر بين تركيا واليونان بشأن التنقيب عن الغاز الطبيعي في شرق البحر الأبيض المتوسط.

وقد كانت الولايات المتحدة تتبع في الماضي سياسة التوازن بين أثينا وأنقرة، لكنها بدأت تغير هذه السياسة في الأشهر الأخيرة من خلال تطوير علاقاتها مع اليونان في مجالي الدفاع والأمن.

وكان بايدن ينتقد سياسة تركيا تجاه قبرص عندما كان سيناتوراً في مجلس الشيوخ.

أعتقد أن بايدن سيواصل وجهة نظره في الاتجاه المعاكس لأنقرة بشأن قبرص وشرق البحر الأبيض المتوسط.

7- كان الرئيس المنتخب بايدن قد دعا في السابق إلى أن تعتبر الولايات المتحدة أحداث عام 1915 على أنها "إبادة جماعية للأرمن"، ولا أعتقد أنه سيغيّر نظرته تلك.

أما ترمب، فقد اعتبرها من جانبه "كارثة كبيرة" بدلاً من "إبادة جماعية" ومرَّر القضية من دون أن يثير حفيظة أردوغان.

أيام عصيبة آتية

8- أما في ما يتعلق بالقضية السورية والشأن الليبي، فقد اتبعت  الولايات المتحدة في عهد دونالد ترامب، استراتيجية هزيلة بل كادت تترك الساحة لروسيا.

بايدن من جانبه، سيحاول الاضطلاع بدور أكثر فعالية في كل من البلدين. وربما سيعيد إلى الطاولة النقاش بشأن الاتفاقات التي أبرمتها أنقرة مع ليبيا.

والوضع في سوريا معقد، فقد بدأت تركيا، التي تقوم بدوريات مشتركة مع روسيا، تدرك للتو أنها وقعت في مستنقع.

أيام عصيبة
نعم، إن بايدن لن يتغاضى عن علاقته مع أنقرة، بموقعها الجيوسياسي وأهميتها الاستراتيجية ومعايير عدة، مثل عضوية حلف شمال الأطلسي. ولكن الأزمات التي تتوالى داخل حزب العدالة والتنمية وعلى رأسها "أزمة الصهر"، وكسب المعارضة مزيداً من القوة والأزمة الاقتصادية التي تجتاح البلاد، وأخيراً وصول بايدن إلى الحكم... هذه كلها تجعلنا نستشرف الأيام العصيبة التي ربما تقصّر من العمر السياسي للحزب.
يبدو أن أردوغان لا يخشى خسارة منصبه فقط، بل يطاله هاجس الوقوع في السجن أيضاً، وهذا الهاجس هو الذي يدفعه إلى تلك تصرفات تبدو متخبطة. على هذا الأساس يبدو أن أردوغان وفريقه على مشارف أيام عصيبة لا تحمد عقباها.

يشار إلى أن آخر استطلاع أجراه مركز "أوراسيا" التركي أشارإلى أن أردوغان لم يعدالمرشح المتوقع لحزب العدالة والتنمية، كشف استطلاع رأي جديدأجرته إحدى شركات الأبحاث التركية، عن صعود نجم وزيرالدفاع خلوصي أكار، مقابل تراجع أردوغان، في الترشح لخوض الانتخابات الرئاسية المقبلة عن تحالف "الجمهور" المكون من حزبي العدالة والتنمية، الحاكم، والحركة القومية المعارض.


العقوبات الغربية

وحول العقوبات التى فرضت مؤخرا على النظام يقول أوغلو، إن العقوبات الأوروبية، ومن خلفه االأمريكية، سوف تجبرأردوغان على التوجه إلى طاولة المفاوضات مع الأوروبيين، لكن من غيرمتوقع أن يقوم أردوغان بتحركات على الأرض ترضي الأوروبيين، وتحد من تهديداته لجيرانه في شرق المتوسط.

ويرى المحلل السياسي التركي، تورغوت أوغلو، أن أحزاب المعارضة ستكون جادة في تحقيق هذه الوعود، ولكن عليها أولا الفوز في الانتخابات القادمة.


وتحدث أوغلو، عن هناك فرصة كبيرة متاحة لإزاحة أردوغان وحزبه من السلطة بعدما حكموا البلاد على مدار 18 عاما، ولكن هذه الفرصة يحكمها شرط واحد، وهو أن توحد أحزاب المعارضة، مبينا أنه على حزب الشعب الجمهوري أن يتفق في البداية على مرشح رئاسي واحد للدفع به، خصوصا وأنه يملك مرشحين أقوياء ولهم قبول شعبي هما: أكرم إمام أوغلو رئيس بلدية إسطنبول، ومنصور يافاش رئيس بلدية أنقرة، كما أن هناك حظوظ أيضا لعبدالله غل الرئيس السابق، ولا بد مع الاتفاق على مرشح واحد ودعمه.

مستقبل أردوغان بين العزلة و العزل.. "فيتو" تفتح الملف الشائك (1- 5)

أيضا على زعيم المعارضة الاتفاق مع رئيس حزب المستقبل أحمد داوود أوغلو، وكذلك رئيس حزب الديمقراطية والتقدم علي باباجان، وباقي أحزاب المعارضة للاصطفاف خلف المرشح الذي سيتم الاتفاق عليه، خاصة أن أردوغان يراهن دائما على خلافات المعارضة وغياب التوافق والاتفاق.
الجريدة الرسمية