رئيس التحرير
عصام كامل

حصاد 2020.. كيف دفعت البورصة ثمن مواجهة فيروس كورونا؟

البورصة
البورصة
واجهت أسواق المال العالمية بحالة من الذعر جائحة كورونا كما واجهت البورصة المصرية الأزمة كما واجهت أزمات أخرى كثيرة منذ تراجع السيولة وغياب المنتجات الجديد، لعلاجها لمستويات متدنية اقترب فيها المؤشر الرئيسى من 8000 نقطة.


"كورونا" قاتل خفي انتشر ليؤثر على اقتصاديات دول العالم ،بلا استثناء، و لم يدع الاقتصاد إلا وترك آثاره الوخيمة عليه يستوي في ذلك الاقتصاد المحلي والعالمي مشكلاً صدمة قوية للنمو الاقتصادي وانكماش الناتج المحلي الإجمالي بكافة دول العالم لكنه كان ذو آثار مضاعفة على دول المنطقة العربية التي واجهت تداعياته على سوق النفط الذي انهار بمعدلات قياسية وشهد ظاهرة لم تحدث من قبل في تاريخ النفط وهو عرض المنتجات النفطية بأسعار وصلت الى ما دون  الصفر بأكثر من 37 دولارا في ظروف محددة إلى جانب التراجع الحاد في الطلب.

ولم تكن آثار الفيروس على الأداء الاقتصادي للدول هو المؤثر الوحيد من جراء الفيروس على أداء الشركات بل جاءت الإجراءات الصحية الاحترازية وتقييد أنشطة التحركات والغلق الجزئي في بعض الدول والكلي في البعض الآخر ليعمق من جراح شركات بعض القطاعات ويهدد نسبة ليست قليلة منها بعد القيام بالدراسات الحتمية لآثار الفيروس والاستفادة من دروس هذه الفترة العصيبة بسلوك واحد من الخيارات القليلة المتاحة أولها هو السيطرة على مستويات الإنفاق لديها والذي اضطرت بعضها في سبيل ذلك للجوء لبند الأجور والمرتبات بتخفيض المرتبات أو بالتخلى عن العمالة الغير ضرورية لمواجهة التزاماتها المالية مع التغير في نشاط الشركات أو اللجوء إلى الخيار الأصعب وهو الإغلاق الجزئي أو الكلي لأنشطتها خاصة في المؤسسات الاقتصادية الأقل كفاءة مادية والأقل قدرة على مواجهة التحديات الحالية.

وبعد طول عناء استجابت الحكومة المصرية لبعض المطالب الملحة التي طال المطالبة بتطبيقها على مدار شهور ماضية قبل الجائحة في محاولة لتقديم الدعم لسوق المال في محنته لمواجهة تداعيات آثار فيروس كورونا على الاقتصاد.

وجاءت القرارات في مجملها جيدة ولكن يعيبها التأخر الشديد والمماطلة الطويلة من جانب الحكومة في الاستجابة لها بشكل جزئي ولعل من العوامل القوية التي دفعت الحكومة لهذه الاستجابة وإن تأخرت هى تلك الموجة المتواصلة من الاجراءات التحفيزية التي تم اتخاذها على  مستوى العالم بشكل استثنائى لدعم اقتصادتها وأسواقها المالية والتي أصبحت في تلك الحالة تشكل تهديداً لسوق المال المصري بهجرة جماعية للاستثمارات من سوق يحجم القائمون عليه عن اتخاذ أى إجراء لإنقاذه من الضربت المتتالية.

وفيما يتعلق بالقرارات التى اتخذتها الحكومة لدعم البورصة، في الأيام الأولى للجائحة  تتمثل في خفض ضريبة الدمغة على غير المقيمين لتصبح 1,25 في الألف بدلا من 1,5 في الألف، وخفض ضريبة الدمغة على المقيمين لتصبح 0,5 في الألف بدلاً من 1,5 في الألف، لحين تطبيق ضريبة الأرباح الرأسمالية عليهم بداية عام 2022، كما تقرر خفض سعر ضريبة توزيعات الأرباح للشركات المقيدة بالبورصة بنسبة 50% لتصبح 5%.كما تقرر الإعفاء الكامل للعمليات الفورية على الأسهم من ضريبة الدمغة لتنشيط حجم التعامل وزيادة عمق السوق المصري.

وتقرر أيضاً إعفاء غير المقيمين من ضريبة الأرباح الرأسمالية نهائياً وتأجيل هذه الضريبة على المقيمين حتى 1/1/2022 .

الاجراءات وإن لم تكن كافية في ذلك الوقت لإنقاذ السوق من عثرته إلا أنها كانت كفيلة بتخفيف الضغوط عليه في هذه المرحلة  ثم كانت  عاملاً ايجابياً لتحركات السوق في مراحل لاحقة بعد انحسار الأزمة المؤثرة عليه  ويكفى ازالة الضبابية عن ملف الضرائب المؤجل منذ شهور.

لم تكن الاجراءات التي اتخذتها الحكومة استجابة لمطالب سوقالمال هى كل ما يأمله سوق المال للتعافى من أزمته التي لم تكن فقط من تأثير فيروس كورونا الذى لم يكن إلا عاملاً إضافياً لتعميق جراح البورصة المصرية الآخذة في الهبوط على مدار سنة  ونصف حيث طالما طالبت أصوات سوق المال بمحفزات تشجع الشركات على القيد بالبورصة من أجل مزيد من تعميق سوق المال الذي يعانى من قلة وعدم تنوع المعروض بالإضافة إلى الترويج للبورصة المصرية لجذب الاستثمارات للبورصة لتعزيز السيولة وزيادة أحجام التداول بعيد عن المستوى الهزيل الذي تم أخيراً وبعد طول عناء استخدامه في الإعلانات المستخدمة للترويج للبورصة.
  
أما عن احتياجات البورصة المصرية لكى تستعيد عنفوانها والزخم الذى كانت تتميز به بل إنها بحاجة ماسة لتحسين صورتها لدى المستخدم النهائى الذى يعتبر بالنسبة للبورصة مستثمراً محتملاً وازالة الصورة الذهنية النمطية عن البورصة باعتبارها حقلاً خصباً للمتلاعبين في التأثير على أسعار الأسهم عن طريق التشديد على عمليات الرقابة و الكشف عن المتلاعبين والضرب بيد من حديد على الممارسات غير القانونية وحماية محافظ سغار المستثمرين.

 أنه تغيرت خريطه القطاعات في البورصات فأصبحت قطاعات مثل قطاع الادويه والاتصالات والدفع الاليكتروني تحقق نتائج أعمال قويه وأصبحت جاذبه لاستثمار ومنهج وأسلوب في التعامل خاصه الدفع الاليكتروني التي ارتفعت نتائج أعمالها خلال تسعه اشهر من 2020 بنسبه 90 ٪ محققه 122 مليون جنيه مقارنه بنفس الفتره 67 مليون جنيه وليس علي مستوي نتائج الأعمال فقط بل ارتفع سعر السهم السوقي محققا اعلي قيم تداولات يذكر أن سعر طرح السهم في شهر أغسطس 2019 ( 6.46 ) وارتفع الي 35 جنيها.

من جانبه حدد محمد عبدالهادى خبير أسواق المال لالقطاعات التى حققت خسائر كبيره بسبب كورونا كقطاعات أسعار النفط و السياحه وشركات المقاولات فمثلا حققت شركه سيدي كرير خسائر تقدر بحوالي 33 مليون جنيه خلال الثالث مقارنه عن نفس الفتره سنه 2019 بي أرباح 59 مليون  جنيه وكذلك نتيجه للظروف الاقتصاديه وتوقف حركه البيع نتيجه لوباء كورونا ورغبه الأفراد في الاحتفاظ بالسيوله فقد أثر علي شركات المقاولات بالسلب ومنها شركه مصر الجديده لاسكان نتيجه لتوقف البيع تماما فقد حققت  خسائر في الربع الأول يقدر بحوالي 41 مليون مقارنه بربح 29 مليون جنيه خلال نفس الفترة.

وقال عبدالله بركات خبير أسواق المال أن جائحة كورونا هي من أقوي الأزمات التي أثرت سلباً على أسواق المال وعلى الإقتصاد العالمي بشكل عام ،لافتا إلى البورصة المصرية مثلها مثل باقي أسواق المال فقد تأثرت سلباً وتكبد المستثمرين خسائر منذ مارس 2020.


واضاف أن  جميع القطاعات  وقع عليها الضرر وهذا أمر طبيعي خلال أزمة كورونا مع تفاوت حجم ونسبة الضرر، وهناك قطاعات تماسكت لطبيعة الأزمة منها قطاع الصحة والأدوية والقطاعات الخدمية وقطاع تكنولوجيا المعلومات والإتصالات وقطاع المواد الغذائية.

وتابع، أن  القطاعات الأكثر تضرراً خلال 2020  تتمثل بشكل أكبر في قطاع السياحة والنقل والطيران بحكم الإجراءات الإحترازية التي اتخذتها جميع الدول والقطاع العقاري أثر الركود نتيجة أزمة كورونا ونتيجة قرار وقف البناء لمدة ٦ أشهر وأيضاً قطاع التجارة الخارجية ممثلاً في شركات الإستيراد والتصدير.

وأضاف أنه بالنسبة للشركات ا لناجية من الضغوط المالية والتجارية الناجمة عن  أزمة كورونا فقد وجدت نفسها في مأزق حسم خططها التوسعية والاستثمارية التي تمت صياغتها في عالم ما قبل كورونا. هذه الخطط أصبحت بحاجة ماسة للمراجعة في ضوء متغيرات المرحلة الراهنة ومرحلة ما بعد كورونا وفى ضوء ما أعادت ترتيبه هذه الأزمة من أولويات.

وبالنسبة لقطاعات أخرى شهدت ازدهاراً من أثار كورونا بل وارتفاع في الطلب يفوق قدراتها الانتاجية وبالتالي قفزت هذه القطاعات لمواقع الصدارة وعلى رأسها قطاعات الصحة والقطاعات الغذائية كقطاع الزراعة والتصنيع الغذائي وبالتالي فإن هذه القطاعات كانت قبلة للاستثمارات في الفترة الأخيرة وهى استثمارات مضمونة النجاح بدرجة كبيرة وشهدت الأنشطة الاقتصادية في هذه القطاعات توسعاً كبيراً لمواجهة الطلب المتزايد على منتجاتها بل أنه من المتوقع أن تشهد بعض نشطة هذه القطاعات عروضاً للاستحواذ في الفترة القليلة المقبلة استغلالاً لطفرتها في المدى القصير.

وهناك قطاعات اخرى شكلت بشكل نظرى فرصاً استثنائية أخفقت في استغلاله محلياً حتى الآن إلا أنها لفتت الأنظار للفرص الكامنة به كقطاع تكنولوجيا المعلومات والاتصالات مع البدائل التي كان يجدر بهذا القطاع استغلالها والاستفادة منها لتقليل الأثار السلبية على باقى القطاعات مع اتاحة البدائل الالكترونية وقد استفادت الأنشطة الاقتصادية المنتمية لهذا القطاع عالمياً من الأزمة ومن أمثلتها أمازون رائد التجارة الالكترونية و"زوم" الذى أتاح بدائل الالتقاء عن بعد للعمل أو للاجتماعات أو غيرها وشهدا ارتفاعات كبيرة في قيمهما السوقية إلا أن النظير المجلى أخفق تماماً في تقديم نفسه وذلك على مستوى القطاع ككل ولكن ذلك لم يمنع من توجه العديد من الاستثمارات للتوسع في القطاع أملاً في فرص أخرى على المدى المتوسط وتمشيا مع التحول الرقمي الذي أصبح حتمياً.


وعلى جانب آخر فإن هناك العديد من القطاعات التي كانت أكبر ضحاياً الأزمة والتي تعرضت خططها التوسعية والاستثمارية للإلغاء بشكل كامل بل أنها حتى تصارع لمجرد البقاء ولو بالحد الأدنى من المعيشة وفى مقدمة هذه القطاعات قطاعات السياحة والنقل والطيران التي أصبحت أولوياتها الآن هى توجيه السيولة المتاحة بها من خطط التوسع والاستثمار إلى الإنفاق على خطط البقاء وتوجهت المؤسسات التي تفتقر منها للسيولة إلى محاولة البحث عن المساندة الحكومية لتعينها على المرور عبر العاصفة.
الجريدة الرسمية