السنوات العجاف.. ماذا يعني دخول قرار رفع العقوبات عن السودان حيز التنفيذ؟
بعد ثلاثة عقود دخل قرار أمريكا برفع
العقوبات عن السودان، حيز التنفيذ يوم أمس الإثنين، لينهى سنوات عجاف مرت بها
الدولة وحرمتها من مساعدات خارجية وفرص استثمارية حرمت الشعب من الرفاه إبان حكم
الرئيس المعزول عمر البشير.
رفع العقوبات عن السودان ليس مجرد قرار ممهور بمداد قلم رجل البيت الأبيض، بل يحمل تداعيات ربما تعود على أجيال حالية وقادمة بالنفع، فما قصة العقوبات وفوائد القرار الأمريكي؟ معلومات لفهم الأبعاد تستعرضها "فيتو" فى السطور التالية.
بداية الأزمة
صنفت الولايات المتحدة السودان على أنه دولة راعية للإرهاب عام 1993 قائلة إن نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير يدعم جماعات متشددة من بينها تنظيم القاعدة وحركة "حماس" وحزب الله اللبنانى.
وفي تسعينيات القرن العشرين، أصبح النظام السوداني منبوذًا لاستضافته أسامة بن لادن وكارلوس الثعلب ليصبح نقطة ارتكاز للحركات الإسلامية تحت مظلة فكر حسن الترابي، وبدأ موقف السودان يتغير مع تهميش الترابي وتعاون البشير مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وفي السنوات القليلة الماضية، رأى كثير من السودانيين أن وضع اسم بلادهم على القائمة الأمريكية إلى جانب سوريا وإيران وكوريا الشمالية أصبح غير مستحق وعفا عليه الزمن.
مدى التأثير
كان التصنيف يعني أنه لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية تقديم مساعدات اقتصادية للسودان، وأدى فعليا إلى منع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من التمويل أو تخفيف الديون عن كاهل الخرطوم، كما أعاق التصنيف المعاملات بالدور للشركات السودانية، وزاد من تعقيد استيراد العديد من البضائع اللازمة للبنية الأساسية والرعاية الصحية والنقل.
وحتى مع رفع العقوبات التجارية الأمريكية عام 2017 ظلت الاستثمارات الأجنبية هزيلة، وعزفت البنوك الأجنبية عن التعامل مع السودان مع سعيها لضمان الامتثال للعقوبات.
كان من ضمن المتطلبات التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وزيادة الحريات الدينية وتعزيز القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية ودفع تعويضات عن هجمات تقول الولايات المتحدة إن الخرطوم لها صلة بها.
وأشارت واشنطن العام الماضي إلى أنها تستعد لرفع اسم السودان من القائمة.
وفي فبراير الماضي، تم التوصل لاتفاق على تعويض ضحايا الهجوم على المدمرة الأمريكية "يو. إس. إس. كول" عام 2000.. لكن دفع تعويضات عن هجمات القاعدة على سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998 أصبح نقطة شائكة.
ووافق السودان على دفع 335 مليون دولار على سبيل التسوية كتعويض عن تفجير السفارتين وحوّل المبلغ إلى حساب ضمان.
التطبيع مع إسرائيل
تقول مصادر تحدثت لوكالة "رويترز": إن الولايات المتحدة حاولت استخدام رفع السودان من قائمة الإرهاب من أجل الضغط عليه ليحذو حذو الإمارات والبحرين وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأُعلنت الخطوتان في تعاقب سريع. لكن مسؤولي الحكومة السودانية، الأقل إقداما من الجيش على إقامة علاقات مع إسرائيل، أصروا على أن يجري التعامل مع كل قضية على حدة.
الخطوة الباقية
أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونجرس يوم 23 أكتوبر بنيته رفع السودان من قائمة الإرهاب، وهو ما يعني سريانه بعد فترة مراجعة بالكونجرس مدتها 45 يوما.
لكن مبلغ 335 مليون دولار المتعلق بتفجير السفارتين لن يصرف إلا عندما تمنح الولايات المتحدة السودان حصانة سيادية، أي حمايته من رفع دعاوى قضائية ضده في المحاكم الأمريكية.
وعرقل عضوان في مجلس الشيوخ، هما روبرت مينينديز من نيوجيرزي وتشاك شومر من نيويورك، تشريعا لإعادة الحصانة السيادية قائلين إنهما قلقان بشأن تقييد الدعاوى التي يمكن أن ترفعها أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر على السودان في المستقبل.
ويقول خبراء: إن مسؤولية السودان عن هجمات 11 سبتمبر مشكوك فيها.
ومع تعليق مسألة الحصانة السيادية، لم تجر زيارات رسمية أو مراسم توقيع للاتفاق مع إسرائيل.
الوضع الجديد
يقول مسؤولون سودانيون: إن إزالة الاسم من قائمة الإرهاب خطوة كبيرة يمكن أن تساعد في تحقيق استقرار الاقتصاد وإنعاشه.
وأضافوا أنها ستسمح للسودان بالعودة للانضمام لشبكات التمويل العالمية وتزيد من تحويلات العاملين بالخارج ومن تدفقات التجارة والاستثمارات.
وقال مسؤول بوزارة المالية السودانية: إن الولايات المتحدة يمكنها تسوية متأخرات ديون السودان ودعم خطط للإعفاء من الدين ومساعدة السودان على الحصول على أكثر من مليار دولار سنويا من مقرضين دوليين.
لكن المسؤولين حذروا كذلك من أن الاقتصاد لن يتغير بين عشية وضحاها.
ويقول مصرفيون ومحللون: إن خطوات استئناف العلاقات مع البنوك الأجنبية ستكون بطيئة على الأرجح.. فبدون الحصانة السيادية قد يرى المستثمرون أن أموالهم معرضة للخطر.
ويرى متابعون أن موازنة السودان لعام 2021 ستخصص حصة كبيرة للولايات المتحدة من أجل تخفيف أعباء الديون التي من المحتمل أن تزيد تكلفتها على 300 مليون دولار، إضافة إلى المشاركة مع الكونجرس بشأن تشريع السلام القانوني للسودان الذي من شأنه أن يحسم موضوع التعويضات عن ضحايا تفجيرات السفارة في كينيا وتنزانيا، التي قد تصل إلى 335 مليون دولار لتعويض أكثر من 700 متضرر.
رفع العقوبات عن السودان ليس مجرد قرار ممهور بمداد قلم رجل البيت الأبيض، بل يحمل تداعيات ربما تعود على أجيال حالية وقادمة بالنفع، فما قصة العقوبات وفوائد القرار الأمريكي؟ معلومات لفهم الأبعاد تستعرضها "فيتو" فى السطور التالية.
بداية الأزمة
صنفت الولايات المتحدة السودان على أنه دولة راعية للإرهاب عام 1993 قائلة إن نظام الرئيس السوداني السابق عمر البشير يدعم جماعات متشددة من بينها تنظيم القاعدة وحركة "حماس" وحزب الله اللبنانى.
وفي تسعينيات القرن العشرين، أصبح النظام السوداني منبوذًا لاستضافته أسامة بن لادن وكارلوس الثعلب ليصبح نقطة ارتكاز للحركات الإسلامية تحت مظلة فكر حسن الترابي، وبدأ موقف السودان يتغير مع تهميش الترابي وتعاون البشير مع الولايات المتحدة لمكافحة الإرهاب بعد هجمات الحادي عشر من سبتمبر.
وفي السنوات القليلة الماضية، رأى كثير من السودانيين أن وضع اسم بلادهم على القائمة الأمريكية إلى جانب سوريا وإيران وكوريا الشمالية أصبح غير مستحق وعفا عليه الزمن.
مدى التأثير
كان التصنيف يعني أنه لا يمكن للولايات المتحدة الأمريكية تقديم مساعدات اقتصادية للسودان، وأدى فعليا إلى منع صندوق النقد الدولي والبنك الدولي من التمويل أو تخفيف الديون عن كاهل الخرطوم، كما أعاق التصنيف المعاملات بالدور للشركات السودانية، وزاد من تعقيد استيراد العديد من البضائع اللازمة للبنية الأساسية والرعاية الصحية والنقل.
وحتى مع رفع العقوبات التجارية الأمريكية عام 2017 ظلت الاستثمارات الأجنبية هزيلة، وعزفت البنوك الأجنبية عن التعامل مع السودان مع سعيها لضمان الامتثال للعقوبات.
كان من ضمن المتطلبات التعاون في مجال مكافحة الإرهاب وزيادة الحريات الدينية وتعزيز القدرة على إدخال المساعدات الإنسانية ودفع تعويضات عن هجمات تقول الولايات المتحدة إن الخرطوم لها صلة بها.
وأشارت واشنطن العام الماضي إلى أنها تستعد لرفع اسم السودان من القائمة.
وفي فبراير الماضي، تم التوصل لاتفاق على تعويض ضحايا الهجوم على المدمرة الأمريكية "يو. إس. إس. كول" عام 2000.. لكن دفع تعويضات عن هجمات القاعدة على سفارتي واشنطن في كينيا وتنزانيا عام 1998 أصبح نقطة شائكة.
ووافق السودان على دفع 335 مليون دولار على سبيل التسوية كتعويض عن تفجير السفارتين وحوّل المبلغ إلى حساب ضمان.
التطبيع مع إسرائيل
تقول مصادر تحدثت لوكالة "رويترز": إن الولايات المتحدة حاولت استخدام رفع السودان من قائمة الإرهاب من أجل الضغط عليه ليحذو حذو الإمارات والبحرين وتطبيع العلاقات مع إسرائيل.
وأُعلنت الخطوتان في تعاقب سريع. لكن مسؤولي الحكومة السودانية، الأقل إقداما من الجيش على إقامة علاقات مع إسرائيل، أصروا على أن يجري التعامل مع كل قضية على حدة.
الخطوة الباقية
أبلغ الرئيس الأمريكي دونالد ترامب الكونجرس يوم 23 أكتوبر بنيته رفع السودان من قائمة الإرهاب، وهو ما يعني سريانه بعد فترة مراجعة بالكونجرس مدتها 45 يوما.
لكن مبلغ 335 مليون دولار المتعلق بتفجير السفارتين لن يصرف إلا عندما تمنح الولايات المتحدة السودان حصانة سيادية، أي حمايته من رفع دعاوى قضائية ضده في المحاكم الأمريكية.
وعرقل عضوان في مجلس الشيوخ، هما روبرت مينينديز من نيوجيرزي وتشاك شومر من نيويورك، تشريعا لإعادة الحصانة السيادية قائلين إنهما قلقان بشأن تقييد الدعاوى التي يمكن أن ترفعها أسر ضحايا هجمات 11 سبتمبر على السودان في المستقبل.
ويقول خبراء: إن مسؤولية السودان عن هجمات 11 سبتمبر مشكوك فيها.
ومع تعليق مسألة الحصانة السيادية، لم تجر زيارات رسمية أو مراسم توقيع للاتفاق مع إسرائيل.
الوضع الجديد
يقول مسؤولون سودانيون: إن إزالة الاسم من قائمة الإرهاب خطوة كبيرة يمكن أن تساعد في تحقيق استقرار الاقتصاد وإنعاشه.
وأضافوا أنها ستسمح للسودان بالعودة للانضمام لشبكات التمويل العالمية وتزيد من تحويلات العاملين بالخارج ومن تدفقات التجارة والاستثمارات.
وقال مسؤول بوزارة المالية السودانية: إن الولايات المتحدة يمكنها تسوية متأخرات ديون السودان ودعم خطط للإعفاء من الدين ومساعدة السودان على الحصول على أكثر من مليار دولار سنويا من مقرضين دوليين.
لكن المسؤولين حذروا كذلك من أن الاقتصاد لن يتغير بين عشية وضحاها.
ويقول مصرفيون ومحللون: إن خطوات استئناف العلاقات مع البنوك الأجنبية ستكون بطيئة على الأرجح.. فبدون الحصانة السيادية قد يرى المستثمرون أن أموالهم معرضة للخطر.
ويرى متابعون أن موازنة السودان لعام 2021 ستخصص حصة كبيرة للولايات المتحدة من أجل تخفيف أعباء الديون التي من المحتمل أن تزيد تكلفتها على 300 مليون دولار، إضافة إلى المشاركة مع الكونجرس بشأن تشريع السلام القانوني للسودان الذي من شأنه أن يحسم موضوع التعويضات عن ضحايا تفجيرات السفارة في كينيا وتنزانيا، التي قد تصل إلى 335 مليون دولار لتعويض أكثر من 700 متضرر.