رئيس التحرير
عصام كامل

الربيع العبرى .. كل الطرق تؤدى إلى تل أبيب.. "ترامب" سعى لإنقاذ نتنياهو..وبايدن يستعين بخدمات وزير خارجية يهودى

بايدن ونتنياهو
بايدن ونتنياهو
يرى كثير من المراقبين والمتابعين والمحللين السياسيين أن الكيان الصهيونى يعيش أفضل أيامه؛ على خلفية تطبيع بعض الدول العربية معه، والحديث عن دول أخرى في الطريق، مؤكدين أن الإدارة الأمريكية تحت إدارة الرئيس المنتهية ولايته دونالد ترامب قدمت خدمات جليلة وتاريخية لإسرائيل ورئيس حكومتها بنيامين نتنياهو الطامح في الفوز بالانتخابات المقبلة، كما توقعت أن الرئيس الجديد جو بايدن الذي استعان في إداراته الجديدة بوزير خارجية يهودى سوف يكمل ما بدأ سلفه من تأمين أحلام وطموحات تل أبيب.


التطبيع

زلزال التطبيع الذي اجتاح المنطقة العربية مؤخرًا فتح بابًا واسعًا للتساؤلات والاستفسارات المشروعة، حول مستقبل هذا التطبيع، وهل سوف تتسع رقعته ليشمل دولًا أخرى في الطريق، ومن هو المستفيد من هذا التقارب: الكيان الصهيونى فقط الذي لا يشغله سوى نفسه، أم الدول العربية المطبعة دون سابق إنذار؟ هل ما يحدث سوف يلقى بظلاله القاتمة على القضية الفلسطينية ويحولها إلى "كم مهمل" ويعيدها إلى نقطة الصفر أو ما قبلها؟ وهل هذا التقارب سوف يقزم الدور الإيرانى كما تتوقع بعض الأطراف التي تعتبر طهران عدوها الأول؟ وهل سوف تتأثر مصالح القاهرة سلبًا أو إيجابًا على جميع المستويات والأصعدة، أمنيًا وسياسيًا واقتصاديًا؟

هذه الأسئلة وغيرها نحاول الإجابة عنها من خلال نخبة من الدبلوماسيين وأساتذة العلوم السياسية، بل ومن الداخل الإسرائيلى نفسه، في هذا الملف..

الربيع العبري

يبدو أن عام 2020 هو عام الربيع العبري، ففي ظل معاناة كافة دول العالم من الأزمات والصراعات المختلفة وتداعيات فيروس كورونا المستجد كوفيد-19، استطاعت تل أبيب أن تحول عام 2020 إلى واحد من أفضل الأعوام التي مرت على الكيان الصهيوني منذ تغلغله داخل الأراضي الفلسطينية وإنشاء دولته المزعومة.

الأمانة تقتضي التأكيد على أن فترة الرئيس الأمريكي المنتهية ولايته دونالد ترامب بأكملها منذ 20 يناير 2017 وحتى يومنا هذا، تمثل "ربيعا عبريًا" للكيان الصهيوني، ففي شهر يناير من العام الجاري، أعلن ترامب رسميا عن خطته التي طال انتظارها للسلام في الشرق الأوسط والذي أطلق عليها "صفقة القرن".

وبحسب الصحف الأمريكية، فقد عكفت إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب منذ 2017 على إعداد خطة للسلام في الشرق الأوسط لإنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، وكان من المقرر أن يتم تقديمها رسميًا مطلع 2018، إلا أنه تم تأجيل ذلك عدة مرات، كذلك أشرفت إدارة ترامب على توقيع اتفاقات السلام بين إسرائيل والإمارات والبحرين.

ففي سبتمبر الماضي، وقع البلدان الثلاثة على اتفاقيتين للسلام في البيت الأبيض بحضور دونالد ترامب ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزيري الخارجية الإماراتي عبد الله بن زايد والبحريني عبد اللطيف الزياني. من جانبه، علق السفير رخا أحمد حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق وعضو المجلس المصري للشئون الخارجية، على اتفاقات السلام التي أبرمتها إسرائيل في الآونة الأخيرة، قائلًا: إنها "محاولة لإنقاذ نتنياهو خلال الانتخابات المقبلة، إذ يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي التأكيد على تحقيقه مكاسب على صعيد تدشين علاقات سلام مع عدد من الدول العربية"، مضيفا: "من الممكن أن تستفيد تل أبيب على الصعيد الاقتصادي، فيما يظل الأمن الإسرائيلي مهددا".

الأمن الاسرائيلي

وأوضح السفير رخا، أن الأمن لا يمكن أن يتحقق على "اغتصاب حقوق الآخرين"، لافتا إلى أن الإسرائيليين أكثر من يعلم هذا ويظهر ذلك من خلال تحصيناتهم العسكرية المستمرة، مضيفًا أن سعي بعض الدول العربية لتوقيع اتفاقات سلام مع تل أبيب، يأتي كمحاولة لإرضاء ومجاملة الإدارة الأمريكية في ظل رئاسة ترامب.

كما أعرب "رخا" عن دهشته من اعتقاد عدد من الدول الخليجية بأن إيران هي العدو، لافتا إلى أن طهران شريك في أمن الخليج نظرا لسيطرتها على الضفة الشرقية بالكامل، بالإضافة إلى وجود تبادل تجاري بينها وبين الخليج.

وتابع رخا حسن: "في عام 2019 وصل التبادل التجاري بين الإمارات وإيران إلى 15 مليار دولار"، مبينا أن مقاطعة إيران تعتبر دون جدوي، وأن الأفضل هو إجراء حوار بين دول الخليج وإيران بدلًا من التحدي والخلاف، مؤكدا أن إسرائيل هي المستفيد الأكبر من اتفاقيات السلام التي تم توقيعها في الآونة الأخيرة، قائلًا: "إسرائيل لديها صناعات قادرة على تصديرها للدول العربية، سواء صناعات تكنولوجية أو استهلاكية.

كذلك ستنبهر الدول العربية في البداية بالسياحة إلى إسرائيل، مثل زيارة القدس أو محاولة استكشاف الكيان الصهيوني". واستطرد الدبلوماسى الكبير: "لم تستفد الدول الخليجية التي وقعت اتفاقات سلام مع إسرائيل شيئا، مقارنةً بالخسارة التي تكبدتها في إجمالي الرأي العام العربي"، مطالبا تلك الدول بالاهتمام بمراكز الدراسات السياسية المتخصصة التي من شأنها أن تساعدها في تحديد سياستها الخارجية.

موقف مصر

وبشأن تأثر مصر باتفاقات السلام التي تم إبرامها مؤخرا، أشار رخا إلى أنه لم يعد في العالم العربي من يستطيع تحريك الدول، لافتا إلى أن القيام بأي مبادرة يتطلب التنسيق المسبق بينهم، مؤكدا أن "العالم العربي في حالة من الفرقة خلال الفترة الحالية".

وعن دور الإدارة الأمريكية الجديدة الممثلة في جو بايدن في إنهاء الصراع العربي الإسرائيلي، أكد رخا حسن أن سياسة بايدن ستظهر بعد توليه السلطة، لافتا إلى أن وزير خارجية بايدن يهودي، كذلك نائبته كاملا هاريس متزوجة من يهودي، مشددا على أن "العنصر اليهودي يتواجد على قمة الإدارة الأمريكية القادمة".

كما أكد رخا أن إيران ستقدم على مرحلة "انفراجة كبيرة جدا" مع الولايات المتحدة تزامنا مع تولي بايدن لرئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، مضيفا: "قد تكون العملية تدريجية وقد تكون سريعة" وأن عمان قد يكون لها دورًا بارزا في المصالحة.

وقال مساعد وزير الخارجية الأسبق إن طهران قد تعلن أنها ستلتزم فورا بكافة بنود الاتفاق النووي، إذا رفعت الولايات المتحدة العقوبات الاقتصادية وأعلنت عودتها إلى الاتفاق. وبشأن توقيع دول عربية أو إسلامية أخرى على اتفاقيات سلام مع إسرائيل خلال الفترة المقبلة.

أشار رخا إلى أنه يعتقد أن ذلك غير مطروح في الوقت الحالي باستثناء "السودان"، وأوضح مساعد وزير الخارجية الأسبق، أن الإسرائيليين خلال الفترة الحالية وحتى شهري مارس أو أبريل المقبلين، سيكون تركيزها على الانتخابات، وعلي مواقف الإدارة الأمريكية الجديدة.

نقلًا عن العدد الورقي...،
الجريدة الرسمية