رئيس التحرير
عصام كامل

جرائم الـ«مهتز نفسيًا».. عقوبات مع إيقاف التنفيذ.. دراسة رسمية تكشف أن 8 ملايين مصرى مصابون بـ«اضطرابات نفسية»

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية
«المتهم مريض نفسي.. أو الجاني يعاني من خلل عقلى».. عبارات تذيلت صفحات العديد من سجلات القضايا، وكل فترة تتناقل الألسنة حكاية الشخص الذي استل سكينًا حادًا ووجه طعنات عشوائية للمارة، بدعوى أنه «مهتز نفسيًا»، أو الشخص الذي ارتكب مجزرة في القليوبية، ودائما كان سبب «الخلل العقلي» حاضرًا، سواء في حكايات الأهالي أو محاضر الشرطة والنيابة.


جريمة طوخ

منذ أيام قليلة مضت، شهدت مدينة طوخ بمحافظة القليوبية، واحدة من وقائع «المهتز النفسي»، حيث أقدم (أ. ج) على طعن 6 أشخاص بقرية السيفا، ما أسفر عن مصرع ضياء سلامة، طبيب، ومحمد عبد العليم بركات، موظف بالمعاش، وإصابة 4 آخرين يرقدون بين الحياة والموت.

في تلك الواقعة تحديدًا شكك شهود العيان وأسر الضحايا فيما تردد عن أن المتهم مريض نفسي، مؤكدين أنهم يشككون في هذه الأنباء. وفي حي الشرابية بالقاهرة، أقدم «مهتز نفسيا» على قتل شقيقين داخل مخبز، الغريب في هذه الواقعة أن المتهم سبق وأن تم حبسه في جريمة قتل شقيقه وقضى عقوبة جنائية وأفرج عنه قبل ارتكاب الواقعة المذكورة.

الرجل الأخضر

ولا تغيب بالتأكيد عن الذاكرة واقعة «الرجل الأخضر» الذي تسلل إلى مدينة الإنتاج الإعلامي، بعدما غافل أفراد الأمن الإداري، ودهن جسده باللون الأخضر وخلع ملابسه العلوية، وتعاملت معه الأجهزة الأمنية الملكفة بتأمين المدينة وسقط قتيلا.

وأكدت وقتها التقارير بأنه «مهتز نفسيًا». ووسط ضوء النهار والزحام الذي طال شارع المرعشلي بمنطقة الزمالك في القاهرة بالعام الماضي، ظل أمين الشرطة على أحمد الشرقاوي يمارس عمله في تسيير حركة المرور، وحراسة أحد البنوك بالشارع المذكور، قبل أن تطوله يد «متهز نفسيا» من حيث لا يرى، بطعنة من الخلف، ليسقط غارقا في دمه، قبل أن يستشهد بعد وصوله المستشفى.

الزمالك

حالة أمين شرطة «الزمالك» لا تختلف كثيرا عن حالة إمام مسجد الرحمة بالهرم، سوى في المكان والأشخاص، حيث سدد أستاذ جامعي، 3 طعنات قاتلة لإمام مسجد الرحمة بالهرم، أثناء الركعة الثانية من صلاة الجمعة، وكشفت التحريات والتحقيقات أن القاتل «مهتز نفسيا» ومنقطع عن العمل، وأكدت أسرته أنه انقطع عن تناول العلاج منذ فترة.

ولم تسلم الحيوانات أيضا من يد المتهزين نفسيا، حيث نجحت، منذ أيام، أجهزة الأمن في ضبط المتهم ببث فيديوهات أثناء قتل وتعذيب الحيوانات، وتبين أنه «مهتز نفسيًا»، وذلك بعد تداول إحدى القنوات الفضائية قصة شخص أجرى فيديوهات بث مباشر عبر مواقع التواصل الاجتماعي أثناء قيامه بقتل وتعذيب الحيوانات بهدف التربح.

الرأي القانوني

وفى هذا السياق قال الخبير القانوني، المحامى أحمد الجيزاوي: لا بد وأن نفرق بين مسئولية الجاني المريض النفسي والجاني المجنون، فهناك فرق شاسع بين المرض النفسي وبين المرض العقلي في تكوين فكرة العقوبة لدى الجاني، فالمرض النفسي ليس مانعا من العقوبة في حد ذاته، وإنما الذي يمنع العقوبة هو الجنون بمعنى عدم إدراك الجاني لمدى خطورة أفعاله وخروج تصرفاته عن سيطرته بشكل مطلق.

أما المرض النفسي فيكون هناك اضطراب في سلوك الجاني مما تتحقق معه الإرادة الحرة وعلى ادعاء الجاني الجنون فتعرضه سلطة التحقيق أو محكمة الموضوع لمدة لا تقل عن ٤٥ يوما للتأكد من سلامة قواه العقلية.

وأضاف «الجيزاوي»: ودافع الجريمة لاعلاقة له بالعقوبة مهما كان مسمي المرض النفسي، والخلاصة أن المرض النفسي ليس من شأنه أن يمنح المريض فرصة للإفلات من العقوبة مهما كانت درجة جسامة المرض النفسي، وفي حالة الثبوت بالتقارير الطبية جنون القاتل وعدم مسئوليته عن أفعاله فيكون في تلك الحالة مريضا وتنعدم عليه المسئولية الجنائية.

ولكن يودع بقرار قضائي في أحد المستشفيات العامة لعلاج الجنون الذي يعاني منه الجاني، ولا يخرج إلا إذا أثبتت التقارير الطبية شفاءه تماما ، أو تعهد الأهل برعايته إذا كان مرضه مزمنا وأقام فترة طويلة داخل المأوى العلاجي.

8 ملايين مضطرب نفسيًا

من جهته قال وليد هندي، استشاري الطب النفسي: هناك 14% من البالغين مصابون بااضطرابات نفسية وهذه الإحصائية رسمية للدولة أصدرها المركز القومي للبحوث الاجتماعية والجنائية، والذي أكد أنه يوجد 8 ملايين شخص في مصر مصابون باضطرابات نفسية 60% منهم يفكرون بالانتحار و18% يرتكبون جرائم ضد الآخرين، معني ذلك أنه يوجد مجموعة من الجرائم قد ترتكب تحت وطأة الاضطراب النفس، وأن المريض النفسي غير مسؤول عن أفعاله ولا يحاسب قانونيًّا.

وكشف «هندي» أنه توجد ثغرة خطيرة وهي أن مرتكب الجريمة وهو مجنون يعفي من العقوبة، وذلك يعتبر خطأ تمامًا لأن لفظ مجنون لفظ غير علمي ولا يوجد في أي دستور في العالم إلا في مصر، ولكن متي يعاقب المريض النفسي؟ عندما يكون نوع الجريمة يتناسق مع نوع المرض النفسي أو العقلي الذي ينتابه، ولكن لا يصح لمرتكب الجريمة أن يعفي منها بمجرد أنه يأتي بشهادة تثبت أنه مريض نفسي أو يودع في مستشفى الصحة النفسية لمدة ثلاثة أشهر.

ويقول إنه مريض نفسي وهذا يعتبر تحايلا على القانون وهروبا من تنفيذ العقوبة مثل مرض نفسي وهو الاكتئاب فمريض الاكتئاب يمكن أن يرتكب جريمة ضد نفسه بأن يذهب للانتحار وممكن تكون الجريمة ممتدة مثل حاجة تدعي الانتحار الممتد مثلا يذهب للانتحار بعد قتله لأحد الأشخاص نتيجة ظهور اكتئاب بسبب خسارة ما.

وتابع: أيضًا مريض الاكتئاب يحدث له أمر خطير، مثلا زوجة يأتي لها اكتئاب ما بعد الحمل، ويعتبر ذلك حالة من حالات الاكتئاب وقد تؤدي إلي قتل طفلها نتيجة خوفها عليه، لكن لو قتلت أختها لا تندرج تحت مسمي اكتئاب الحمل وتعاقب على فعل ذلك، وهناك مريض بالوسواس القهري دائما تنتابه هلاوس سمعية وبصرية، فمن الممكن أن يرتكب جريمة قتل بسبب ذلك الوسواس، ويرتكب الجريمة بطريقة لا إرادية اعتقادًا منه أنه سوف يرتاح من ذلك الصوت الذي يطارده لذلك يعفي من الجريمة لكن لو سافر وارتكب جريمة في مكان آخر يعاقب قانونيا لأن نوع الجريمة يكون مخالفا لنوع المرض ويوجد أيضًا جريمة مثل السرقة المرضية لو عنده عدم حرمان مادي يعفي من الجريمة.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية