وزير الأوقاف خلال خطبة الجمعة من مسجد "الثورة": مواجهة الفساد أحد أهم دعائم الحكم الرشيد
ألقى الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف خطبة الجمعة بـمسجد “الثورة” بمصر الجديدة محافظة القاهرة اليوم الجمعة 11 / 12 / 2020م ، بعنوان: "الحفاظ على المال وحتمية مواجهة الفساد".
وفي بداية خطبته أكد أن القضاء على الفساد أحد أهم مقومات أي حكم رشيد.. فالحكم الرشيد يبنى على أربع دعائم أساسية، هي: إقامة العدل.. ومواجهة الفساد، وحرية المعتقد، والعمل على تحسين أحوال الناس، مؤكدًا أن الحفاظ على المال أحد الكليات الست التي أحاطها الشرع الحنيف بالعناية والرعاية والصيانة , فشرع للحفاظ على المال حد السرقة , كما شرع الضمان، والحوالة، والكفالة، والوكالة، وندبنا إلى توثيق الديون والمعاملات، وكل ما من شأنه الحفاظ على الحقوق، فقال سبحانه وتعالى: "وَالسَّارِقُ وَالسَّارِقَةُ فَاقْطَعُوا أَيْدِيَهُمَا جَزَاءً بِمَا كَسَبَا نَكَالاً مِّنَ اللَّهِ وَاللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ"، فاليد الأمينة يد عزيزة شريفة مصانة، واليد الممتدة إلى الحرام يد مهينة ذليلة، قال أحد الناس لصاحبه: يد ديتها خمسمائة دينار من الذهب الخالص إن قبل صاحبها بالدية؛ ما بالها تقطع في ربع دينار ؟
وأنشد قائلًا:
يد بخمس مئين عسجد وديت
ما بالهـــا قطعت في ربع دينار
فأجابه صاحبه:
عـــــز الأمــــــانة أغلاهـــا وأرخصها
ذل الخيانة فاحفظ حكمة الباري
أي أنها لما كانت أمينة كانت عزيزة , شريفة، كريمة , غالية , مصانة , فلما امتدت إلى الحرام ؛ صارت مهينة , ذليلة , رخيصة لا قيمة لها ولا لصاحبها الذي مدها إلى الحرام.
كما أكد معاليه أن المفسد أو المختلس أو مستحل الحرام إن أفلت من حساب الخلق فلن يفلت أبدًا من قبضة الخالق , فالمال الحرام سم قاتل مهلك لصاحبه في الدنيا والآخرة , ففي الدنيا :
جمع الحرام على الحلال ليكثره
دخل الحرام على الحلال فبعثره
ويقول الحق سبحانه وتعالى: " يَوْمَئِذٍ تُعْرَضُونَ لا تَخْفَى مِنْكُمْ خَافِيَةٌ"، ويقول سبحانه: "يَوْمَ لا يَنفَعُ مَالٌ وَلا بَنُونَ إِلا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ".. يوم أن يقال لك يابن آدم جاءوا ودفنوك، وفي التراب وضعوك , وعادوا وتركوك ولم يبق لك إلا أنا وأنا الحي الذي لا يموت".. ويقول سبحانه : "وَلَقَدْ جِئْتُمُونَا فُرَادَى كَمَا خَلَقْنَاكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَتَرَكْتُم مَّا خَوَّلْنَاكُمْ وَرَاءَ ظُهُورِكُمْ وَمَا نَرَى مَعَكُمْ شُفَعَاءَكُمُ الَّذِينَ زَعَمْتُمْ أَنَّهُمْ فِيكُمْ شُرَكَاءُ لَقَد تَّقَطَّعَ بَيْنَكُمْ وَضَلَّ عَنكُم مَّا كُنتُمْ تَزْعُمُونَ"، أي جئتمونا حفاة عراة كما ولدتكم أمهاتكم , يقول تعالى : "كَما بَدَأْنا أوَّلَ خَلْقٍ نُعِيدُهُ وعْدًا عَلَيْنا إنّا كُنّا فاعِلِينَ" , ويقول سبحانه: " لِّمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ الْيَوْمَ تُجْزَى كُلُّ نَفْسٍ بِمَا كَسَبَتْ لَا ظُلْمَ الْيَوْمَ إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسَابِ".
وفي ختام خطبته أشار معاليه إلى أن القضاء على الفساد وعمل الحوكمة الكفيلة بالقضاء عليه واجب شرعي ووطني ومجتمعي , يقول الحق سبحانه وتعالى : "فَلَوْلَا كَانَ مِنَ الْقُرُونِ مِن قَبْلِكُمْ أُولُو بَقِيَّةٍ يَنْهَوْنَ عَنِ الْفَسَادِ فِي الْأَرْضِ " , فالفساد نقمة والإصلاح نعمة , يقول تعالى : "وَمَا كَانَ رَبُّكَ لِيُهْلِكَ الْقُرَى بِظُلْمٍ وَأَهْلُهَا مُصْلِحُونَ" , ويقول سبحانه وتعالى: "أَمْ نَجْعَلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ كَالْمُفْسِدِينَ فِي الْأَرْضِ أَمْ نَجْعَلُ الْمُتَّقِينَ كَالْفُجَّارِ" , هذا تقي وهذا فاجر لا يستوون، ويقول سبحانه: " قُل لَّا يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ".