رئيس التحرير
عصام كامل

ليلة فرم أردوغان.. عالم الكبار يدخل النظام التركى معسكر التأديب والإصلاح

الرئيس التركى أردوغان
الرئيس التركى أردوغان
جمعة سوداء فى تاريخ نظام الرئيس التركى، رجب طيب أدوغان، الذي انهالت عليه العقوبات من مغارب الأرض، والتى بدأت بتسريبات حول نية زعماء أوروبا فرض عقوبات على أنقرة، ولحقت بهم الولايات المتحدة الأمريكية حسبما نقلت وكالة "بلومبرج" أن الرئيس دونالد ترامب وقع حزمة عقوبات ضد أنقرة على خلفية صفقة صواريخ روسية.


سلوك الرئيس التركى أردوغان، حول جميع أصدقاء بلاده إلى أعداء بعدما ظن أنه يستطيع مواجهة نظام دولى قادر على إنهاك أي عاصمة تناصبه العداء بسلوك شاذ عن الخطوط الحمراء التى تضعها الدبلوماسية.
قانون CAATSA
ولجأ الرئيس دونالد ترامب إلى ما يعرف بـ "قانون مكافحة أعداء الولايات المتحدة" المعروف اختصاراً بـ CAATSA، لفرض العقوبات على تركيا، هو أحد أكثر القوانين الأمريكية ردعاً للخصوم، نظراً لدور الولايات المتحدة في النظام المالي العالمي، وقوتها العسكرية
هو قانون اتحادي أمريكى، تم إقرار مشروع القانون بمجلس الشيوخ في 2 أغسطس 2017، ووقعه الرئيس دونالد ترمب، ليصبح نافذا منذ بداية 2018.
تم تصميم القانون لتوسيع التدابير العقابية التي فرضتها سابقا الأوامر التنفيذية الأمريكية ضد خصومها، وتحويلها إلى قانون.
تفرض بموجب هذا القانون الولايات المتحدة على أعدائها عقوبات مختلفة، مالية وسياسية وعسكرية، عند قيامهم بخطوات تهدّد أمن الولايات المتحدة الأميركية.
دول التي طبّق عليها القانون
الصين - رغم أن القانون أصدر بسبب روسيا، وكانت حرب القرم إحدى الدوافع الرئيسية لإصداره، إلا أن الصين كانت أولى الضحايا، وفى سبتمبر 2018 فرضت الولايات المتحدة عقوبات على الجيش الصيني لأنه اشترى 10 طائرات مقاتلة من نوع "سو-35" من شركة "سوخوي" في ديسمبر 2017، وفرضت كذلك عقوبات على قسم التدريب والإمداد التابع للمجلس العسكري المركزي الصيني ورئيسه، لي شانفو، بسبب شراء منظومات الصواريخ "إس-400" الروسية.

روسيا - كانت روسيا السبب الأول في إصدار هذا القانون، ولهذا توجّب أن تكون في طليعة من يطبّق عليهم، وفي يناير من العام 2018 أعلنت وزارة الخارجية الأميركية في بيان لها، أن واشنطن بدأت فرض العقوبات على روسيا، في إطار قانون "مواجهة أعداء أميركا".

وأصدرت الولايات المتحدة ما عرف بـ"قائمة الكرملين" والتي ضمت أكثر من 200 وزير وسياسي ورجل أعمال في روسيا من المقربين من الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، من ضمنهم رئيس الوزراء، ووزير الخارجية الروسي، ورئيس هيئة الأركان، والمتحدث الصحفي للرئيس الروسي، ورئيس الديوان الرئاسي الروسي.

كما فرضت في ديسمبر 2018 سلسلة جديدة من العقوبات على 15 "عميلاً" في الاستخبارات العسكرية الروسية.

وبالإضافة إلى ذلك، نشرت الولايات المتحدة قائمة من شركات ومؤسسات الدفاع الروسية التي، من الناحية النظرية، قد تخضع لعقوبات وفقا للقانون.

وأعلن حينها المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية هيذر ناويرت، في فبراير، أن الوزارة أبلغت الكونجرس، أن تأثير هذه العقوبات كان ناجحا وأدّت إلى رفض بعض الدول شراء أسلحة من روسيا بمليارات الدولارات.

وكتب رئيس الوزراء الروسي ديمتري ميدفيديف في الثاني من أغسطس الماضي أن القانون قد أنهى الأمل في تحسين العلاقات بين الولايات المتحدة وروسيا.

تركيا تحت الخطر
ووقعت تركيا تحت طائلة عقوبات هذا القانون بموجب نفس الصفقة، وهي صواريخ S-400الروسية.
وقد هدّدت الولايات المتحدة بإخراج تركيا من برنامج المقاتلة الأمريكية F-35، كما أوقفت تدريب الطيارين الأتراك، وألغت المعاملة التفضيلية التجارية، الذي كانت تتمتع بموجبه بعض المنتجات التركية بالإعفاء من الرسوم الجمركية داخل الولايات المتحدة.

ويعاني الاقتصاد التركي من أخطار وجودية، بعد سنوات من القلاقل الاقتصادية والسياسية في الداخل والجوار، وبعد تهاوي العملة التركية العام الماضي أمام الدولار؛ وقد علّق الأتراك أملا كبيراً على تدخّل الرئيس الأمريكى خلال قمة الـ20 في أوساكا باليابان لإنقاذ اقتصادهم، لكن التقارير تواترت بعد ذلك على أن الولايات المتحدة مازالت عازمة على فرض عقوبات على تركيا بموجب هذا القانون.
غضب أوروبى
مثلت مناقشات فض عقوبات على تركيا فى قم بروكسل ملف حساس للقارة العجوز بسبب الأعمال التي تقوم بها أنقرة للتنقيب عن الغاز في المناطق البحرية المتنازع عليها مع اليونان وقبرص.

وقبل انطلاق القمة قال مسؤول أوروبي لموقع "يورنيوز" أن كل الدول الأعضاء تدين موقف أنقرة لكن "المصالح تختلف ويبدو أن المناقشات ستكون صعبة".

وحسب ما تردد من معلومات رفضت دول عدة بما فيها ألمانيا وإيطاليا وبولندا الذهاب إلى عقوبات اقتصادية أو فرض حظر على دولة عضو في حلف شمال الأطلسي. وقال دبلوماسي إن "سلوك تركيا عزز وحدة الاتحاد الأوروبي.. ستكون الرسالة حازمة".
لكن الخلافات انتهت بالتوافق وقالت المستشارة الألمانية إنجيلا ميركل، كنا نأمل بتحسين العلاقات مع تركيا لكن النتائج جاءت مخيبة للآمال.
فيما أكد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون الذي يقود الحملة ضد النظام التركى، العقوبات الجديدة على تركيا تظهر أن الاتحاد الأوروبي لن يقبل أي أفعال مزعزعة للاستقرار، أعطينا تركيا فرصة في أكتوبر الماضي ولكنها واصلت استفزازاتها.
تركيا لم تلب أيا من الشروط التي أعلن عنها الاتحاد الأوروبي خلال قمة أكتوبر الماضي للدخول في اجندة إيجابية. فأنقرة خرقت من جديد المنطقة الاقتصادية لجمهورية قبرص وتسببت في نقاط خلاف جديدة. كما أن الحكومة التركية تخلت عن الاطار الدولي المعترف به لإيجاد حل لمشكلة قبرص ـ يعني إيجاد دولة مشتركة ـ وتراهن الآن على الاعتراف "بجمهورية شمال قبرص التركية". وبهذا عملت أنقرة على تصعيد الوضع في شرق البحر المتوسط. كما أن تركيا شغلت في المهلة المحددة من قبل الاتحاد الأوروبي نظام الدفاع الصاروخي س 400 الروسي، وهذا ليس بأية حال في مصلحة الاتحاد. واتهمت في الخلاف مع الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون في نهاية الأمر جميع البلدان الأوروبية التي بدسها مهاجرين مسلمين بمعاداة الاسلام والتعامل العنصري ضد المسلمين. إذن إذا ما نظرنا إلى وضع القرارات لدى الاتحاد الأوروبي وننظر كيف تعاملت تركيا، فوجب اللجوء إلى رد فعل حازم ضد أنقرة.
وقال دبلوماسي أوروبى، إن "الإجراءات التي تم إقرارها ستكون عقوبات فردية، ويمكن اتخاذ إجراءات إضافية إذا واصلت تركيا أعمالها".

وستوضَع لائحة بالأسماء في الأسابيع المقبلة وستُعرض على الدول الأعضاء للموافقة عليها، بحسب التوصيات التي تبنتها قمة الدول الـ27 في بروكسل.

وأعطى القادة الأوروبيون تفويضا لوزير خارجية الاتحاد جوزيب بوريل "لكي يقدّم لهم تقريرا في موعد أقصاه مارس 2021 حول تطور الوضع"، وأن يقترح، إذا لزم الأمر، توسيعا للعقوبات لتشمل أسماء شخصيات أو شركات جديدة، حسب ما قال الدبلوماسي الأوروبي. واضاف "الفكرة هي تضييق الخناق تدريجا".
رد تركى
والجمعة، أبدت وزارة الخارجية التركية رفضها لتوجهات القمة الأوروبية، واصفة إياها بـ"المتحيزة وغير القانونية".

وقالت وزارة الخارجية التركية في بيان: "نرفض هذا الموقف المنحاز وغير القانوني الذي تم إدخاله في نتائج قمة الاتحاد الأوروبي بتاريخ 10 ديسمبر".

من جانبه، وفي نفس التوقيت تقريبا، هاجم الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، الولايات المتحدة، التي تتجه هي الأخرى لفرض عقوبات على تركيا.

وقال أردوغان إن "التوجه الأمريكى لفرض عقوبات على تركيا يعبر عن عدم احترام لحليف في (حلف شمال الأطلسي) الناتو".
الخلاصة
قراءة الخطوات الأمريكية والأوروبية، يدلل على ملل الغرب من سلوك النظام التركى والتوجه نحو فرمه اقتصاديا عبر سياسة إنهاك طويلة الأمد تنتهى فى نهاية المطاف لوضع الدولة فى خيار بين مستقبلها وبقاء رئيس حوله من دولة ديمقراطية كانت قبل أعوام أقرب إلى أوروبا وفتحت لها القارة البيضاءأبوابها، إلى دولة قمعية عادت بالتاريخ إلى العصور الوسطى.




الجريدة الرسمية