رئيس التحرير
عصام كامل

حكايات عن «الهروب الاضطراري» للأبناء.. العلاقات الغرامية مسئولة عن 60 % من حالات الفتيات.. والمشكلات العائلية على قائمة الأسباب

صورة تعبيرية
صورة تعبيرية
«فتاة تهرب مع حبيبها.. فتى يهرب من الصعيد للزقازيق بعد أن أجبره والده على التسول في الطرقات.. وفتاة تهرب من والدها بمساعدة والدتها بعد أن أجبرها على ممارسة الجنس معه».. العناوين السابقة تصدرت مواقع التواصل الاجتماعي، خلال الأسابيع القليلة الماضية.


حوادث مكررة

وبالنظر إلى تفاصيل غالبية هذه النوعية من القضايا يتضح أنها ليست جديدة على المجتمع، بل يمكن القول إنها تكرار لأحداث مشابهة حدثت سابقًا، مع تعديل في أبطال وأماكن كل واقعة.

في مركز الشهداء بالمنوفية، تمكنت وحدة المباحث هناك من كشف غموض تغيب فتاة عن منزلها، وأعادتها إلى أهلها مرة أخرى، عقب هروبها مع حبيبها، وكانت الأجهزة الأمنية تلقت بلاغا من «ج. ع» 44 سنة بغياب ابنته «س» 16 سنة طالبة بالصف الأول الثانوى التجارى، متغيبة عن المنزل ومعها مصوغاتها الذهبية (خاتم– قرط)، وادعى الأب في تفاصيل البلاغ تعرض ابنته للاختطاف.

وتمكنت من ضبط المتغيبة وإعادتها دون أن يمسها أي مكروه، غير أن التحقيقات معها كشفت مفاجأة، حيث اعترفت الفتاة بصحة ما ورد بالتحريات، وأضافت بأنها أقدمت على ذلك لرفض أهلها ارتباطها بحبيبها، وأنها باعت المصوغات الخاصة بها لأحد محال الصاغة بذات الناحية، وتم ضبطها بإرشادها والتحفظ على المصوغات.

فتاة الإسكندرية

فتاة الإسكندرية في السياق ذاته.. لا تزال تفاصيل واقعة هروب الفتاة المعروفة إعلاميا بـ«فتاة الإسكندرية»، عالقة في الأذهان بعد هروبها من عائلتها، وتتلخص قصتها في حدوث خلافات أسرية بين الفتاة وأهلها أكثر من مرة، وأن والد الفتاة عنفها في الواقعة الأخيرة وضربها، لتقرر الفتاة على إثر ذلك ترك المنزل، والذهاب إلى الشاب الذي تعرفت عليه عبر مواقع التواصل الاجتماعى في القاهرة بمنطقة شبرا، وتبين من التحقيقات، أن الطفلة تبلغ من العمر 13 سنة.

حيث تعرفت على شاب عبر تطبيق «تيك توك»، وقام بخداعها تحت اسم مستعار، مستغلا خلافها مع والديها للإيقاع بها، خاصة أنها دائمة الشجار مع أسرتها بسبب طلب والديها اصطحاب شقيقها المصاب بالتوحد أثناء شرائها احتياجات المنزل، وكشفت التحقيقات، أن والد الفتاة فوجئ بهروبها من المنزل.

كما تبين أن الطفلة اتصلت بصديقها لمقابلته، إلا أنه تهرب منها وأخبرها بأنه تعرض لحادث. فتاة المنصورة وشهد مركز المنصورة، التابع لمحافظة الدقهلية، واقعة أكثر فظاعة، بعدما تجرد أب من مشاعر الأبوة ليجبر ابنته على ممارسة الجنس معه مع الحفاظ على عذريتها على مدار سنوات حتى هربت الأخيرة من المنزل.

وبدأت أحداث القضية تتكشف بعدما تلقى مركز شرطة المنصورة بلاغًا من «مظلوم.أ.إ.م»، 40 سنة سائق، باختفاء ابنته «ف»، طالبة 18 سنة، منذ عدة أيام عقب خروجها للدرس وعدم العثور عليها، وعلى الفور تم تحديد مكان الفتاة، وبإعادتها أكدت أنها غادرت المنزل بسبب اعتياد والدها التحرش بها وهتك عرضها منذ سنوات طويلة.

وعندما علمت والدتها بالأمر حاولت إثناءه عن أفعاله، لكنه أصر واستمر في التحرش بها فنصحتها والدتها بمغادرة المنزل حفاظا على نفسها. التسول صعيد مصر، لم يكن هو الآخر بعيدًا عن هذه النوعية من القضايا، حيث حملت بلاغات الجهات الأمنية واقعة هروب الطفل «حسن. ز.ا» 10 سنوات، إلى مدينة الزقازيق بسبب إصرار والده على التسول في الشارع.

الأسباب

وتعقيبًا على هذه النوعية من الحوادث، قال الدكتور محمد السيد أحمد، أستاذ علم الاجتماع، هناك أسباب متعددة وراء هروب الأبناء من بيوت العائلة، فقد يلعب غياب أدوار الوالدين في عملية التنشئة الاجتماعية السليمة وانشغالهم عن أدوارهم في تنشئة الأبناء، فيترك هذا الدور لاآخرين أقل حرصا من الوالدين على أبنائهم، مثل الأقارب أو الجيران.

وقد يتجه الأبناء للاختلاط بأقران السوء دون رقابة من الأسرة فيتم تحريضهم على العيش في الشارع بحرية بعيدا عن قيود العائلة، وقد تكون سوء المعاملة من أحد الوالدين سبب للهروب.

وأضاف: قد تكون المشكلات العائلية بين الزوجين سبب إهمال الأبناء ودافعا للهروب، وقد تكون سوء الأوضاع الاقتصادية والدفع بالأبناء للعمل في سن صغيرة فيكون عرضة لبيئة العمل المشجعة على ترك الأسرة والعيش بعيدا عنها، خاصة إذا كان الوالدان يحصلون على عائد عمل الطفل وعدم الوفاء باحتياجاته، وهذه العوامل قد تتداخل مع بعضها البعض، فقد يجتمع أكثر من سبب ليكون دافعا لهروب الأبناء من بيوتهم.

ظاهرة

في السياق ذاته، قال الدكتور وليد هندي، استشاري الطب النفسي والعلاقات الأسرية: هروب الأطفال من المنزل أصبح ظاهرا جليا في شكل حوادث متكررة، كان موجودا وقاصرا على بعض البيئات التي لديها مستوى اقتصادي منخفض.

وأوضح «د.هندي» أن «خروج الفتاة من قريتها مثلا ورغبتها في التغيير، أو هروبها نتيجة مشكلات في التواصل الإنساني والاجتماعي مع الأم والأب حتى يحدث عامل مفجر يدفعها لذلك، فقرار الهروب تراكمات وليس وليد اللحظة، العامل المفجر يؤخذ به القرار ويكون نتيجة موقف معين أو مرحلة عمرية معينة وهي المراهقة.

كما أرجع استشاري الطب النفسي الأسباب التي تدفع الفتاة للهروب من منزلها، إلى العنف بين الأهل والفتاة وكذلك عدم الرقابة على الأبناء، فـ«الآباء أصبحوا منتجين وليسوا آباء، نحن نترك الأولاد تنمو وليس تكبر».

وكشف «د.هندي» عن أن هناك دراسة قديمة تؤكد أن 60% من الفتيات تهرب بسبب العلاقات الغرامية، مضيفًا أن الفتاة عندما يكون لديها عدم شعور بالأمن العاطفي والأمن النفسي، يتكون لديها علاقة مع الشاب ممزوجة بالإحساس باللذة وتفريغ الطاقات وسد الاحتياجات، و25% من الفتيات تهرب نتيجة القسوة من الوالدين والإهمال العاطفي، و10% يهربون حتى يحققوا الشهرة والبحث عن المال، حيث تأتي الفتاة من القرى ومن النجوع إلى أضواء المدينة، وكذلك من ضمن الأسباب المحاكاة والتقليد لغيرها.

بدوره.. أكد ميشيل إبراهيم المحامي، أن «هروب الأطفال يندرج تحت بند إهمال الأبوين وطبقا لقانون الطفل رقم 12 لسنة 96 والمعدل برقم 126 لسنة 2008، لا توجد عقوبة للإهمال غير في المادة الثامنة منه إذا وجد انتهاكات لحقوق الطفل وليس الإهمال والانتهاكات يقصد بها التعذيب الجسدي حيث يوجد هنا عقاب للأبوين.

وأكد أنه في حالة الإهمال العادي مثل الهروب في قانون الأسرة رقم 12 لسنة 96 والمعدل برقم 126 لسنة 2008 لا يوجد عقاب للأبوين في حالة الإهمال مثل هروب الطفل وحتى لو تسبب ذلك في وفاته حرصًا على مشاعر الأبوين لفقدان طفلهم ولكن العقاب في حالة الانتهاك للطفل تكون الحبس مدة لا تقل عن ستة أشهر أو الغرامة لا تزيد على 2000 جنيه في حالة انتهاك حقوق الطفل ليس هروبه طبقًا للقانون المطبق حاليًا.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية
عاجل