رئيس التحرير
عصام كامل

الشيعة والمسيحيون وإرهاب الدولة


باتت انعكاسات ودلالات أرقام الأمية على حالة "الأمن المجتمعي" الملعوب به عبر خطابات تكفيرية، بالغة الخطورة مع تنامي هواية سياسية لتيارات العنف الديني الصاعدة إلى السلطة فى مصر، في تحويل نشاطها الإرهابى السري إلى رسمي منظم، وحضرت واقعة قتل 5 مصريين مسلمين شيعة وبطريقة وحشية معبرة عن فداحة المشهد المصري في عام الحكم الإخوانجي.


وتتحدث الأرقام الحكومية عن نسبة لأمية القراءة والكتابة تصل إلى 26.1 % في 2013 مقابل نسبة 45 % حسب إحصائية صادرة عن موسوعة الدول عام 2000. تقف محافظة الجيزة "محل الحادث" باستحواذها على 8.6 % من سكان مصر، بين محافظات خمس بلغت نسبة الأمية بها 28 % كأعلى نسبة بالجمهورية، مقابل 15.2 % فقط حظوا بتعليم عال، مع العاصمة التى تصلها موجات الهجرة بفعل تمركز الاستثمارات داخلها، وما تحمله معها من تناقض ثقافي مجتمعي يعانق الأمية الثقافية المتفشية بين المتعلمين.

الأسبوع الماضي شهدنا خطابات أحباء الرئيس في جمعة مناصرته وليلة دعم سوريا بالخلاص من سفارتها، والتي انتهت إلى استنهاض الضالين من على مقاهي ونواصي المناطق المحرومة من حقوقها، ليس بغرض "نصرة الرسول" على قوم آمنوا به باتوا فجأة متهمين بسبه وصحابته، بل لتكرار سب دينه ورسالته مع مشاهد القتل والسحل لأبرياء، راجعوا كل تسجيلاتها ودققوا جيدا فى الألفاظ والعبارات التى وجهها القتلة الجهلة إلى ضحاياهم.

ولأن القيامة في مجتمعات البغاء السياسي تقوم بين يوم وليلة، فلم تفصل جريمتا التكفير والتحريض عن جريمة استباحة دماء الأبرياء إلا ساعات، وكأن حجة القتلة ومحرضيهم أن ضحاياهم لم ينطقوا بسب الرسول والصحابة- إن فعلوا- إلا بعد خطاب الرئيس الذي أصبح على حيرة من أمره وأتباعه وحواريوه، إن كانوا سنة أو شيعة أو عربا أو مسلمين، لكنني أصبحت متأكدا أنهم يمارسون إرهاب دولة منظما تماما ضد شعب مغلوب على أمره، اضطر بعضه لاختيارهم بحثا عن تطبيق لمنهج خالقه على أيديهم.

مشهد "أبو النمرس" الذى تابعته إلكترونيا تكاد تطابقه مشاهد حية عشتها لست ساعات فى 21 نوفمبر 2008 بحق مسيحيين اشتروا مصنعا وسعوا إلى تحويله لدور عبادة ومجمع خدمات بشارع التوفيقية بمنطقة عين شمس الغربية، ولأن القصة تعود إلى ما قبل هذا التاريخ بسنوات حينما رد "متأسلمون" على نوايا المسيحيين، ببناء مسجد أمام مجمعهم المبتغى، لم تكن أشهُر المناوشات إلا "تكتيكا" سلفنجيا- أمنجيا، لإنتاج المشهد الدموي فى الوقت المناسب.

حضرت قوات الأمن وسط هتافات أنصاف العرايا المقطعة بطونهم جراء "التوهان" الناتج من الإدمان "مش عاوزين كنيسة"، بينما اختفى السلفنجية المحرضون قبل أن تتحول المنطقة كلها إلى ساحة للاقتتال، بينما المسيحيون محاصرون داخل مبناهم، وانتهت الأحداث بإيقاف بناء دار لعبادة الله مقابل انتشار 10 مقاه جديدة حول الشارع.

ولأنك لا تفهم كيف قرر شيعة فجأة الاجتماع فى دار شيخهم لسب النبي والصحابة، وكأنها حركة دناءة ملعوبة ومقصودة ضد الرئيس ومحبيه، فلا تستطيع إيجاد سبب واحد للتشابه والتطابق بين العنف الموجه نحوهم والمسيحيين فى الحالتين وبنفس الأسلوب، فالسباب المشترك يبدو موجها إلى الله الخالق ودينه ورسالاته لا أكثر، وكأن إصرارا أو اتفاقا جنائيا على جعل سيرته جل جلاله الضحية الأولى.

المنطق الذى تدير به جماعات العنف الديني والبغاء السياسي علاقاتها بشعب مصر ينطوي على إعادة استخدام حاصل ضرب رصيد مبارك وجرائمه بحق المصريين "أمية، بطالة، مرض، وفقر" أو قل إرهاب دولة اقتصادي اجتماعي، في رصيد خلفه السادات المستقوي على منافسيه السياسيين بالفاشية الدينية التي تستطيع قلب الطاولة على الجميع بين يوم وليلة، أو إرهاب دولة بمعناه السياسي- العقائدي الفكري- الأمني.

السادات كان ضحية رفقاء النوايا السيئة والضمائر المتحجرة المغيبة، ولا أستبعد أن يلحق به مرسي وأتباع جماعته آجلا أو عاجلا، فالنتائج السيئة للأفعال الرديئة لا تمنعها تقلبات آنية لصالح أصحابها، والنار لا تحرق إلا من يلعب بها، ولن ينتظر المصريون طويلا حتى تطالهم مجددا.
الجريدة الرسمية