«دفن أردوغان».. خطة الإخوان للهروب من فخ «الصحوة الفرنسية».. احترام «قيم الجمهورية الغربية» شرط «باريس» لعدم تهجير «الإسلاميين»
أيام قليلة تفصل الكيانات والجمعيات الدينية الإسلامية في فرنسا، عن نهاية المهلة التي أعلن عنها الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، قبل البدء في إقرار الميثاق الجديد للبلاد، وذلك في إطار الإستراتيجية التي تتبعها باريس لمواجهة شبح «الإسلام السياسي»، ورغبتها في قطع أذرعه الداخلية والخارجية.
شرط باريس
«ماكرون» يشترط في ميثاقه، إعلان الإسلاميين جميعا وبشكل علني احترام قيم الجمهورية الغربية، والتوقيع على ذلك، وقطع أي صلة لهم مع الخارج وخاصة تركيا، وهو إجراء يعني ضرب المشروع التركي في مقتل بعد أن عمل عليه «أردوغان» لأكثر من عقدين من الزمان، وهو ما يدفع الإخوان وحلفائهم للتفكير خارج الصندوق للإفلات من الفخ الفرنسي.
منذ أشهر مضت و«ماكرون» يؤكد كل يوم إصراره على محاربة مشروع الإسلام السياسي وليس الجهادي فقط، ليؤسس ما أسماه بـ «الصحوة الجمهورية» التي تضمن إجراءات قوية ضد مشروع الانفصالية الدينية التي استثمرت فيها التيارات الدينية، وسيعرض هذا الميثاق الجديد في 9 ديسمبر القادم، ويهدف المشروع الفرنسي إلى قطع أيدي الإسلام السياسي وأذرعها الدولية، فضلا عن محاصرة الفكر وأهله والتضييق عليه حتى يتحلل ذاتيا، بداية من منع التعليم الديني بكل صوره وأشكاله، وتعزيز الضوابط على المدارس وإلغاء نظام الأئمة المنتدبين من الخارج.
فرمانات ماكرون
ومن المقرر أن يفرض «ماكرون» على جميع المهاجرين الإلمام باللغة الفرنسية لمعرفة ثقافة البلاد، كما سيفرض على الجميع الحصول على شهادات في «الاحترام الصريح» لفرنسا والمؤسسات الجمهورية ومن دونها لن تستمر تراخيص الإقامة، ويمكن القول أيضا إن الرئيس الفرنسي يسعى لترسيخ ما أصبح يعرف بـ«إسلام فرنسا»، وهو مشروع ليس الهدف منه ضرب الإسلام كما يروج الإسلاميين، ولكن الهدف منه أن يكون المسلم الفرنسي مؤمنا بأهمية عدم تحول الدين إلى حركة سياسية، والاندماج في ثقافة المجتمع الذي ذهب طوعا إليه.
حتى يصبح جزءًا منه، وفى إطار تطبيق هذه الإستراتيجية استدعت الحكومة الفرنسية قادة كل الحركات الدينية، أو المتخفية في رداء إصلاحي، بجانب المجالس الرسمية المعترف بها من الدولة على شاكلة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، والذي سيقر الميثاق الجديد، وسيؤكد في مؤتمر صحفي، أن الإسلام في فرنسا دين وليس تنظيمًا سياسيًا.
الضربة الكبرى لـ«ماكرون» ستتمثل في ترحيل الآئمة الأتراك وغيرهم من أبناء البلدان العربية الذين حملوا أفكار الإسلاميين ومشروعهم إلى فرنسا، واستبدالهم بـ«أئمة فرنسيين»، حتى يتفرغ الرئيس لمحاربة الإخوان المسلمين العرب، والإسلاميين الأردوغانيين الأتراك، والأصوليين المتطرفين.
وبحسب مصادر تحدثت إليها «فيتو»، يبحث الإسلاميون عن كيفية الخروج من هذه الأزمة، وسيعتمدون غالبا على وجوه إصلاحية في التفاوض، بحيث يكون لديهم قدرة على ممارسة التقية بشكل محترف، وأولها الاعتراف بالخطأ، إذ تمتلأ فرنسا بحاملي جنسيتها من الأتراك والإسلاميين الذين جاءوا إليها منذ عقود، واستقروا هناك وتمكنوا بموجب القوانين من الحصول على جنسية تبيح لهم ما لأهل البلاد، ولكنهم لم يلتزموا بما هو عليهم.
مأزق الفرنسيون
ويعرف الإسلامويون أن أنصارهم لن يتحولوا إلى سحرة حتى يوافقوا على قيم الجمهورية الفرنسية التي رفضوها من قبل علنا، وبين ليلة وضحاها سيعترفون بما يرفضونه ويعتبرونه خارج حدود أفكارهم الدينية وبنود مشروعهم السياسي، ولهذا أهم ما يريدونه الآن الحفاظ على الهياكل الإسلامية سالمة من الحل، حتى يجهزوا أنفسهم لمرحلة ما بعد «ماكرون».
تجدر الإشارة هنا إلى أن الإخوان والتيارات الإسلامية تمتلك تركة كبيرة في فرنسا، ممثلة في الاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية في أفريقيا وجزر القمر وجزر الأنتيل، وكل هؤلاء يعملون تحت إمرة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا التابع للإخوان، والذي أعيد تسميته حديثًا في عام 2017 باسم «المسلمين من فرنسا» للهرب من ماضي التنظيم في ظل الملاحقات الدولية للتنظيمات الدينية.
وتزايد رغبة السلطة والمجتمع في حظر الإخوان والتيارات الدينية، ويسابق الإسلاميون الزمن للتنازل عن ممتلكات كبيرة سواء نفوذ معنوي أو مادي للهروب من شبح الحل الذي أصبح على الأبواب، لدرجة أن هناك من يبحث عن تنظيم زيارة لصحيفة شارلي أيبدو الإلحادية التي فجرت ضدهم براكين الغضب، لادعاء دعمهم حرية الرأي والتعبير، بعد أن حرقوا البلاد بسببها خلال الأسابيع الماضية.
كما يسارع الإخوان الزمن للتخلص من كل ما يمكن أن يربطهم بـ«العثمانية الجديدة» التي تدين بالولاء الكامل لرجب طيب أردوغان، واستولت على الربيع العربي، وكادت تتحول إلى حركة عالمية تعيد إحياء الخلافة وتجلس أردوغان على كرسي العرش فيها.
وفى هذا السياق ألغت الجماعة حسابات كبرى على الإنترنت ومجموعات دعوية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، كانت تعمل على قدم وساق لتدريس الإسلام السياسي وغرس العثمانية الجديدة والولاء لتركيا وأردوغان تحديدا في نفوس الأجيال الجديدة، كما اختفت الحسابات التي أنشأها الإسلاميون لمساندة تركيا على حساب البلد الذي يعيشون فيه ويحملون جنسيته لرفض اعتراف باريس بالإبادة الجماعية التركية ضد الأرمن، بما يخالف القانون الفرنسي الذي يعاقب على إنكار الإبادة الجماعية للأرمن.
الميثاق الجديد
وبحسب المصادر، يحاول الإخوان اللعب في اتجاه مضاد تمامًا، وقبول التعددية وفقا للميثاق الجديد والإقرار بأن الإسلام دين وليس سياسة، واللجوء إلى حالة من السكون التام والانحناء للعاصفة، ولكنهم يخططون في الوقت نفسه لتنشيط عمليات الاستقطاب الفردية وإحياء الفكرة «سريًا» من خلال المجموعات والأسر، بجانب الأنشطة الاجتماعية الشخصية داخل المجتمعات الفقيرة، والتركيز على الخلفيات الاجتماعية المهمشة.
التعليم
لكن الفزاعة الكبرى للإخوان والإسلاميين الآن «التعليم»، الأسلوب الجديد الذي سيتم إجبار أبنائهم وأطفالهم على الخضوع له في المدارس الفرنسية، التي ستدرس التاريخ من جوانب أخرى، وخاصة سلسلة مجازر الخلافة التركية في البلدان التي أخضعتها بالقوة، والماضي الاستعماري الحاضر دائما في أذهان الأتراك الإسلاميين وأنصارهم من الإسلاميين العرب.
كما سيدرس الأطفال الميثاق الجمهوري، الذي تم رفضه من قبل المنظمات الإسلامية من قبل، غير أنها ستجبر الآن على احترامه وإعلان الولاء له ـ فلم يعد متاحا التصرف مثل الماضي، عندما كانت تتشدد الجماعات الدينية في كل ما تراه مخالفا للشريعة الإسلامية، وتعتبره دائما غير قابل للتفاوض، وتتخوف «الإخوان» أيضا من التراجع التكتيكي والانكماش، فالحاضر الآن غير الماضي والثورة المعلوماتية والتعليم، سيعرض أبناءهم إلى جرعة عالية من أفكار الحداثة التي تكفي لانعزالهم بعيدًا عنها، ما يجعلهم يؤيدون دمج الإسلام في القانون الفرنسي.
مما يعني أنه لن يكون بإمكان الإسلاميين شيطنة المخالفين لأفكارهم، والدعوة إلى "دحر الكفرة" علنا مثلما كان يحدث في الماضي، وكانت تتهرب الجماعات من الملاحقة، باللعب على أوتار الكلمات وتعريف الدحر على أنه نفسي واجتماعي وليس جسدي.
من جانبه أكد رامي العلي، الكاتب والباحث السياسي، أن فرنسا تتمسك برغبتها في اتخاذ إجراءات تكفل الوقوف في وجه كل الجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية وأخواتها من الجماعات التي تنشط على التراب الفرنسي.
وأوضح «العلي» أن الحكومة الفرنسية تراقب عمل الجمعيات التابعة للجماعة الإرهابية، وسوف تغلق ما لا يحترم القوانين الفرنسية، كما ستراقب التمويل الخارجي وخاصة القادم من الدوحة وأنقرة، وهنا مربط الفرس والكارثة بالنسبة للجماعة ومن يقف وراءها، على حد قوله.
بدوره قال محمد الصوافي الكاتب والباحث: المشروع الفرنسي، سيوفر فرصة كبرى للكشف عن الخلايا الإخوانية النائمة، سواء من أعلن الخروج عن الجماعة وما زال ينشط في المجتمعات بطريقة تبدو بريئة، أو من يعمل في خدمة أجندات سياسية بطريقة غير مباشرة، وأضاف «الصوافي» أن الفخ الذي وقع فيه أنصار أردوغان في فرنسا، هو مهاجمة ماكرون وتأييد المقاطعة، لافتا إلى أنها كانت أجواء مثالية لضبط الخطاب السياسي المتطرف باسم الإسلام ومحاصرته، مؤكدا أنه لن يكون متاحا مرة أخرى تمرير أجندات الإخوان السياسية، على حد قوله.
نقلًا عن العدد الورقي...
شرط باريس
«ماكرون» يشترط في ميثاقه، إعلان الإسلاميين جميعا وبشكل علني احترام قيم الجمهورية الغربية، والتوقيع على ذلك، وقطع أي صلة لهم مع الخارج وخاصة تركيا، وهو إجراء يعني ضرب المشروع التركي في مقتل بعد أن عمل عليه «أردوغان» لأكثر من عقدين من الزمان، وهو ما يدفع الإخوان وحلفائهم للتفكير خارج الصندوق للإفلات من الفخ الفرنسي.
منذ أشهر مضت و«ماكرون» يؤكد كل يوم إصراره على محاربة مشروع الإسلام السياسي وليس الجهادي فقط، ليؤسس ما أسماه بـ «الصحوة الجمهورية» التي تضمن إجراءات قوية ضد مشروع الانفصالية الدينية التي استثمرت فيها التيارات الدينية، وسيعرض هذا الميثاق الجديد في 9 ديسمبر القادم، ويهدف المشروع الفرنسي إلى قطع أيدي الإسلام السياسي وأذرعها الدولية، فضلا عن محاصرة الفكر وأهله والتضييق عليه حتى يتحلل ذاتيا، بداية من منع التعليم الديني بكل صوره وأشكاله، وتعزيز الضوابط على المدارس وإلغاء نظام الأئمة المنتدبين من الخارج.
فرمانات ماكرون
ومن المقرر أن يفرض «ماكرون» على جميع المهاجرين الإلمام باللغة الفرنسية لمعرفة ثقافة البلاد، كما سيفرض على الجميع الحصول على شهادات في «الاحترام الصريح» لفرنسا والمؤسسات الجمهورية ومن دونها لن تستمر تراخيص الإقامة، ويمكن القول أيضا إن الرئيس الفرنسي يسعى لترسيخ ما أصبح يعرف بـ«إسلام فرنسا»، وهو مشروع ليس الهدف منه ضرب الإسلام كما يروج الإسلاميين، ولكن الهدف منه أن يكون المسلم الفرنسي مؤمنا بأهمية عدم تحول الدين إلى حركة سياسية، والاندماج في ثقافة المجتمع الذي ذهب طوعا إليه.
حتى يصبح جزءًا منه، وفى إطار تطبيق هذه الإستراتيجية استدعت الحكومة الفرنسية قادة كل الحركات الدينية، أو المتخفية في رداء إصلاحي، بجانب المجالس الرسمية المعترف بها من الدولة على شاكلة المجلس الفرنسي للديانة الإسلامية، والذي سيقر الميثاق الجديد، وسيؤكد في مؤتمر صحفي، أن الإسلام في فرنسا دين وليس تنظيمًا سياسيًا.
الضربة الكبرى لـ«ماكرون» ستتمثل في ترحيل الآئمة الأتراك وغيرهم من أبناء البلدان العربية الذين حملوا أفكار الإسلاميين ومشروعهم إلى فرنسا، واستبدالهم بـ«أئمة فرنسيين»، حتى يتفرغ الرئيس لمحاربة الإخوان المسلمين العرب، والإسلاميين الأردوغانيين الأتراك، والأصوليين المتطرفين.
وبحسب مصادر تحدثت إليها «فيتو»، يبحث الإسلاميون عن كيفية الخروج من هذه الأزمة، وسيعتمدون غالبا على وجوه إصلاحية في التفاوض، بحيث يكون لديهم قدرة على ممارسة التقية بشكل محترف، وأولها الاعتراف بالخطأ، إذ تمتلأ فرنسا بحاملي جنسيتها من الأتراك والإسلاميين الذين جاءوا إليها منذ عقود، واستقروا هناك وتمكنوا بموجب القوانين من الحصول على جنسية تبيح لهم ما لأهل البلاد، ولكنهم لم يلتزموا بما هو عليهم.
مأزق الفرنسيون
ويعرف الإسلامويون أن أنصارهم لن يتحولوا إلى سحرة حتى يوافقوا على قيم الجمهورية الفرنسية التي رفضوها من قبل علنا، وبين ليلة وضحاها سيعترفون بما يرفضونه ويعتبرونه خارج حدود أفكارهم الدينية وبنود مشروعهم السياسي، ولهذا أهم ما يريدونه الآن الحفاظ على الهياكل الإسلامية سالمة من الحل، حتى يجهزوا أنفسهم لمرحلة ما بعد «ماكرون».
تجدر الإشارة هنا إلى أن الإخوان والتيارات الإسلامية تمتلك تركة كبيرة في فرنسا، ممثلة في الاتحاد الفرنسي للجمعيات الإسلامية في أفريقيا وجزر القمر وجزر الأنتيل، وكل هؤلاء يعملون تحت إمرة اتحاد المنظمات الإسلامية في فرنسا التابع للإخوان، والذي أعيد تسميته حديثًا في عام 2017 باسم «المسلمين من فرنسا» للهرب من ماضي التنظيم في ظل الملاحقات الدولية للتنظيمات الدينية.
وتزايد رغبة السلطة والمجتمع في حظر الإخوان والتيارات الدينية، ويسابق الإسلاميون الزمن للتنازل عن ممتلكات كبيرة سواء نفوذ معنوي أو مادي للهروب من شبح الحل الذي أصبح على الأبواب، لدرجة أن هناك من يبحث عن تنظيم زيارة لصحيفة شارلي أيبدو الإلحادية التي فجرت ضدهم براكين الغضب، لادعاء دعمهم حرية الرأي والتعبير، بعد أن حرقوا البلاد بسببها خلال الأسابيع الماضية.
كما يسارع الإخوان الزمن للتخلص من كل ما يمكن أن يربطهم بـ«العثمانية الجديدة» التي تدين بالولاء الكامل لرجب طيب أردوغان، واستولت على الربيع العربي، وكادت تتحول إلى حركة عالمية تعيد إحياء الخلافة وتجلس أردوغان على كرسي العرش فيها.
وفى هذا السياق ألغت الجماعة حسابات كبرى على الإنترنت ومجموعات دعوية على مختلف مواقع التواصل الاجتماعي، كانت تعمل على قدم وساق لتدريس الإسلام السياسي وغرس العثمانية الجديدة والولاء لتركيا وأردوغان تحديدا في نفوس الأجيال الجديدة، كما اختفت الحسابات التي أنشأها الإسلاميون لمساندة تركيا على حساب البلد الذي يعيشون فيه ويحملون جنسيته لرفض اعتراف باريس بالإبادة الجماعية التركية ضد الأرمن، بما يخالف القانون الفرنسي الذي يعاقب على إنكار الإبادة الجماعية للأرمن.
الميثاق الجديد
وبحسب المصادر، يحاول الإخوان اللعب في اتجاه مضاد تمامًا، وقبول التعددية وفقا للميثاق الجديد والإقرار بأن الإسلام دين وليس سياسة، واللجوء إلى حالة من السكون التام والانحناء للعاصفة، ولكنهم يخططون في الوقت نفسه لتنشيط عمليات الاستقطاب الفردية وإحياء الفكرة «سريًا» من خلال المجموعات والأسر، بجانب الأنشطة الاجتماعية الشخصية داخل المجتمعات الفقيرة، والتركيز على الخلفيات الاجتماعية المهمشة.
التعليم
لكن الفزاعة الكبرى للإخوان والإسلاميين الآن «التعليم»، الأسلوب الجديد الذي سيتم إجبار أبنائهم وأطفالهم على الخضوع له في المدارس الفرنسية، التي ستدرس التاريخ من جوانب أخرى، وخاصة سلسلة مجازر الخلافة التركية في البلدان التي أخضعتها بالقوة، والماضي الاستعماري الحاضر دائما في أذهان الأتراك الإسلاميين وأنصارهم من الإسلاميين العرب.
كما سيدرس الأطفال الميثاق الجمهوري، الذي تم رفضه من قبل المنظمات الإسلامية من قبل، غير أنها ستجبر الآن على احترامه وإعلان الولاء له ـ فلم يعد متاحا التصرف مثل الماضي، عندما كانت تتشدد الجماعات الدينية في كل ما تراه مخالفا للشريعة الإسلامية، وتعتبره دائما غير قابل للتفاوض، وتتخوف «الإخوان» أيضا من التراجع التكتيكي والانكماش، فالحاضر الآن غير الماضي والثورة المعلوماتية والتعليم، سيعرض أبناءهم إلى جرعة عالية من أفكار الحداثة التي تكفي لانعزالهم بعيدًا عنها، ما يجعلهم يؤيدون دمج الإسلام في القانون الفرنسي.
مما يعني أنه لن يكون بإمكان الإسلاميين شيطنة المخالفين لأفكارهم، والدعوة إلى "دحر الكفرة" علنا مثلما كان يحدث في الماضي، وكانت تتهرب الجماعات من الملاحقة، باللعب على أوتار الكلمات وتعريف الدحر على أنه نفسي واجتماعي وليس جسدي.
من جانبه أكد رامي العلي، الكاتب والباحث السياسي، أن فرنسا تتمسك برغبتها في اتخاذ إجراءات تكفل الوقوف في وجه كل الجماعات المتطرفة وعلى رأسها جماعة الإخوان الإرهابية وأخواتها من الجماعات التي تنشط على التراب الفرنسي.
وأوضح «العلي» أن الحكومة الفرنسية تراقب عمل الجمعيات التابعة للجماعة الإرهابية، وسوف تغلق ما لا يحترم القوانين الفرنسية، كما ستراقب التمويل الخارجي وخاصة القادم من الدوحة وأنقرة، وهنا مربط الفرس والكارثة بالنسبة للجماعة ومن يقف وراءها، على حد قوله.
بدوره قال محمد الصوافي الكاتب والباحث: المشروع الفرنسي، سيوفر فرصة كبرى للكشف عن الخلايا الإخوانية النائمة، سواء من أعلن الخروج عن الجماعة وما زال ينشط في المجتمعات بطريقة تبدو بريئة، أو من يعمل في خدمة أجندات سياسية بطريقة غير مباشرة، وأضاف «الصوافي» أن الفخ الذي وقع فيه أنصار أردوغان في فرنسا، هو مهاجمة ماكرون وتأييد المقاطعة، لافتا إلى أنها كانت أجواء مثالية لضبط الخطاب السياسي المتطرف باسم الإسلام ومحاصرته، مؤكدا أنه لن يكون متاحا مرة أخرى تمرير أجندات الإخوان السياسية، على حد قوله.
نقلًا عن العدد الورقي...