رئيس التحرير
عصام كامل

عام من الفوضى والاستبداد والشرعية المفقودة


ما هى الديمقراطية؟ هل هى التعريف البسيط "حكم الشعب للشعب لصالح الشعب"؟ هل هى الديمقراطية المباشرة التى تبنتها ديمقراطية أثينا؟ والتى حرمت قطاعات كثيرة من حق الانتخاب، حيث لم تعترف هذه الديمقراطية للرقيق وجميع النساء وجميع العمال بالحق فى الانتخاب. 

فى محاولة للاجتهاد يشير الدكتور عصمت سيف الدولة فى كتابه عن الاستبداد الديمقراطى، تعريف الأستاذ جورج بوردو، فى موسوعته عن العلوم السياسية تقسيما جديدا وطريقا للديمقراطية، فبالإضافة إلى تقسيمها التقليدى إلى ديمقراطية مباشرة وديمقراطية شبه مباشرة وديمقراطية نيابية، يقول إنها نوعان: ديمقراطية محكومة وديمقراطية حاكمة، ويقصد بالديمقراطية المحكومة نظاما تتوفر فيه كل الأشكال الدستورية التى تسمح بإسناد قرارات الحاكمين إلى الشعب المحكوم: الحرية الفردية والاقتراع السرى العام، والانتخابات الدورية، والمجالس النيابية إلى آخره، ومع ذلك لا تكون قرارات الحاكمين، المستندة دستوريا إلى الشعب معبرة عن الإرادة الشعبية الحقيقية، ويقصد بالديمقراطية الحاكمة نظاما تتوفر فيه كل الأشكال الدستورية أيضا ولكنه يتميز بأن القرارات التى يصدرها الحاكمون فيه معبرة عن إرادة " الشعب الحقيقى". 

إذن تعبير النظام عن إرادة الشعب الحقيقى هو المضمون الذى يجب أن يستند إليه أى نظام يدعى أنه ديمقراطى، فلا يكفى توفر بعض الأشكال السياسية مثل مجلس النواب أو انتخابات.. كما سبق القول. 

وإذا طبقنا هذين المفهومين للديمقراطية على نظام الإخوان المسلمين وممثله فى المقعد الرئاسى نجد أنه يستند إلى مستوى أقل حتى من الديمقراطية المحكومة، حيث لا تستند قرارات النظام منذ تولى الرئيس مرسى فى 30 يونيو 2012 إلى أية إرادة شعبية حقيقية. 

بل أنها تنتصر لجماعات العنف والإرهاب والميليشيات التى تنتمى لجماعات سياسية مختلفة والخارجة عن القانون والتى تقوم بالتحريض على العنف وارتكابه جرائم ضد مخالفيها فى الرأى، بل الاستعانة بهذه الميليشيات لحصار مؤسسات الدولة "المحاكم، والفضائيات، والصحف المستقلة".

ويدعى الإخوان كثيرا حين يتحدثون أنهم يدافعون عن الشرعية وصندوق الانتخابات، فى البداية هناك مطاعن فى الانتخابات الرئاسية التى تمت فى يونو 2012، ومن جانب آخر فالرئيس مرسى إذا افترضنا أنه جاء بأغلبية الواحد والنصف فى المائة، فمعنى ذلك أنه يجب أن يعرف أنه قطاع كبير من المصريين الذين ذهبوا لصندوق الانتخابات فى المرحلة الثانية لم ينتخبوه، ولذلك كان عليه أن يكون رئيسيا حقيقيا للمصريين، وليس مجرد ترديد لهذه العبارة دون الإيمان بها. 

ثانيا : الشرعية تنتهى فور قيام الرئيس بمخالفة قسمه أمام المحكمة الدستورية العليا، حين أصدر إعلانا دستوريا مكملا أطاح فيه بسلطة المجلس العسكرى، واحتفظ بنفسه بسلطة التشريع، وحين أصدر إعلانا ديكتاتوريا سعى فيه لتحصين قراراته من الطعن أمام القضاء، وحصن فيه الجمعية التأسيسية ومجلس الشورى الباطلين بحكم المحكمة الدستورية العليا. 

ومخالفة وعوده وتعهداته سواء التى قدمها فى برنامجه الرئاسى، أو فى وعوده للقوى السياسية المختلفة فى لقاء فندق فيرمونت الشهير قبيل الجولة الثانية للانتخابات الرئاسية. 

للأسف لم يخرج الرئيس من عباءة جماعته واستمر فى منهج أخونة المؤسسات المختلفة، وسعى لإضعاف كل المؤسسات التى يمكن أن تمثل تحديا لسلطته ولتصور جماعته، ضربا لمبدأ الفصل بين السلطات من أول المحكمة الدستورية العليا للمعركة الأخيرة ضد استقلال السلطة القضائية، واستهداف الإعلام الحر، وإضعاف دور الأمن ومحاولة أخونة الجيش. 

والسيطرة على اتحاد العمال الرسمى، والنقابات المهنية المختلفة، واستخدام الآليات التشريعية التى كان يعتمد عليها الحزب الوطنى المنحل فى سيطرته على مفاصل الدولة، سواء باستخدام مجلس الشورى فى تعيين أعضاء المجلس الأعلى للصحافة، وتعيينات المجلس القومى لحقوق الإنسان. 

وإصدار دستور تفصيلى لصالح الجماعة أعطى فيه لمجلس الشورى سلطة التشريع رغم أنه جاء بنسبة لا تتجاوز 7% والذى لا يحظى بأى خبرات تشريعية. 

بالإضافة إلى الوضع الاقتصادى الذى يعيش فيه الشعب المصرى والاعتماد على سياسة القروض، وضياع الاحتياطى النقدى تقريبا. 

فى النهاية شرعية الصندوق لا تعنى أن أى شخص أو حزب سياسى يمكن أن يأتى فى انتخابات حرة أو شبه حرة، لا تعنى إعطاءه تفويضا على بياض بأن يقوم بما يريده حتى لو انقلب على الديمقراطية وأسسها وسيادة القانون وضرب الأحكام القضائية عرض الحائط. 
Shhelalt21@yahoo.com
الجريدة الرسمية