اغتيالات «علماء الملالي».. قنبلة «ترامب» في البيت الأبيض.. الرئيس الأمريكي الخاسر يحاول توريط «بايدن» في الملف النووي الإيراني
«سكب مزيد من البنزين على النيران المشتعلة في الشرق الأوسط».. إستراتيجية دموية يحاول الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، فرضها على المنطقة خلال الأيام القليلة الماضية، مهددة بمزيد من الاحتقان في منطقة محتقنة من الأساس وعلى شفا حفرة من الانفجار.
اغتيال زاده
أما البنزين الذي أشعل النار فتمثل في عملية اغتيال العالم الإيراني النووي محسن فخري زاده، التي تحولت إلى بركان غضب داخل طهران، وسط اتهامات لأمريكا وإسرائيل بالوقوف وراء العملية، فلم يكن من المتوقع داخل الأوساط الإيرانية أن تتمكن أجهزة المخابرات الدولية من الوصول إلى «رجل الظل» في الملف النووي الإيراني، والذي يوصف بأنه «رأس البرنامج النووي الإيراني» والعقل المدبر للجهود الإيرانية السرية لتطوير الأسلحة النووية، والذي تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقفه.
وكان «زاده» نادر الظهور ويعيش في ظل تشديدات أمنية وحراسة لصيقة، ولم يصدف من قبل أن تقابل مع المحققين النوويين التابعين للأمم المتحدة في أي من الزيارات التي تمت في طهران على مدار السنوات الأخيرة، ليكون اغتياله بمثابة الصاعقة التي أصابت النظام الإيراني.
فخري زاده، من مواليد مدينة قم عام 1958، حاصل على دكتوراة في الهندسة النووية، ودرس في جامعة الإمام الحسين الإيرانية، وتدرج في المناصب حتى عمل نائبًا لوزير الدفاع، وعميدا في الحرس الثوري، وتعتبره إيران «ثروة قومية» نظرًا لإسهاماته في تطوير التكنولوجيا النووية الإيرانية، هذا فضلا عن تمتعه طوال حياته بالدعم الكامل من المرشد الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي.
وكان يحمل ثلاثة جوازات سفر، حرص على استخدامها في جمع المعلومات في نطاق اختصاصه من الخارج، ضمن ما يسمى بـ«السوق السوداء» الدولية لتبادل المواد النووية والخبرات الفنية، كما أنه –بحسب هيئة الرقابة الذرية- ظل على رأس برنامج خاصة بالأسلحة النووية تحت مسمى «أماد»، وهي كلمة بمعنى الأمل في اللغة العربية.
نتنياهو
المثير في أزمة «اغتيال زاده» وجود تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال عام 2018، ذكر خلالها اسم العالم الإيراني، وقال :«تذكروا هذا الاسم»، وعرض صورته أثناء عرض تقديمي كان يتحدث خلاله عن القوة النووية الإيرانية وسباق التسلح النووي، وتضعه المخابرات الإسرائيلية على قوائم الاغتيالات.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، في وقت سابق، إلى أنه قد تم رسم خطة لاغتياله منذ سنوات لكنها فشلت، لذلك تستند طهران إلى العديد من المعطيات التي تدفعها إلى توجيه اتهامات صريحة إلى إسرائيل وأمريكا التي ترى أنها قد تكون راعية لعملية الاغتيال، على اعتبار أن تل أبيب ليست في وضع يسمح لها باحتمال ردود الفعل الإيرانية دون وجود دعم أمريكي.
ترامب
ويرى مراقبون، أن عملية اغتيال العالم الإيراني، يمكن ربطها بالعملية النوعية التي كان قد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التراجع عنها في نوفمبر الماضي، والتي كان من المخطط لها استهداف منشآت نووية إيرانية هامة بطهران، وكذلك وجود خطة منسقة بين ترامب ونتنياهو، من أجل تفخيخ ملف العلاقات الأمريكية الإيرانية فيما يخص المسائل النووية على وجه خاص، في ظل التوقعات بفتح الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن ذلك الملف.
وإعلان الرغبة الجادة في تحقيق تقدم فيه، بما يدفع الإدارة الإيرانية في النهاية إلى تكرار سيناريو تعاملها مع تلك الصدمات، والتي تقرر بعدها أخذ الوقت المناسب لبحث الرد الانتقامي عليها، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، دعا إلى ضرورة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوتر في المنطقة.
وسواء اعترفت إسرائيل بعملية الاغتيال عبر الموساد أم لا، فلا شك في أن هذا اغتيال دراماتيكي لعالم نووي كبير، وهو الرجل الذي كان من المفترض أن يقود إيران إلى القنبلة النووية، ويعد اغتياله امتدادا لحرب الموساد السرية داخل إيران والمستمرة منذ سنوات ضد علماء الذرة والتخصيب الإيرانيين، إضافة إلى استهداف المراكز النووية والمختبرات وأجهزة الطرد فضلا عن تصفية القيادات التنفيذية في الحرس الثوري والجيش الإيراني.
رد طهران
وفى هذا السياق قال وليد منصور، الباحث في الشأن الإيراني: إسرائيل بالتأكيد عندما استهدفت عالم الذرة الإيراني كانت على يقين بأن إيران لن تقوم بأى رد فعل تجاهها، لأنها تدرك جيدًا أن إيران تعيش حالة من الضعف الشديد اقتصاديا وأمنيًا وسياسيًا، وبالتالي فإسرائيل متأكدة أن إيران غير جاهزة للرد، خاصة في ظل وجود إدارتين أمريكيتين في الوقت الراهن، وهما إدارة «بايدن» الجديدة التي تحدثت عن إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي 5+ 1 وإدارة «ترامب» التي من الممكن أن تقدم على أي فعل متهور قبل رحيلها.
وأضاف: في ظل كل هذه المعطيات إسرائيل، أدركت أنه يمكنها استهداف عالم كبير مثل محسن زاده، وهو شخصية لها تأثير كبير جدا في إيران، لا تقل عن تأثير قاسم سليماني خلال توليه فيلق القدس، علما أن اختيار عالم مثل زاده يعني أن حجم الاختراق للأجهزة الاستخباراتية الإيرانية كبير جدًا، وعلى مدار الـ 6 سنوات الأخيرة استهدفت إسرائيل مليشيات تابعة لـ إيران في العراق وسوريا دون ردة فعل إيراني، فبالتالي كل المعطيات تشير وتؤكد أن إسرائيل على يقين من أن إيران لن ترد عليها مهما حاولت إسرائيل استفزاز إيران.
الاستخبارات الإيرانية
«منصور» أوضح أيضا أنه هناك ضعف كبير جدًا على المستوى الأمن والاستخبارات الإيرانية مستمر منذ فترة كبيرة جدا، حتى مهمة حماية العلماء كانت تابعة للمخابرات العامة الإيرانية لكن تم توجيها للحرس الثوري الإيراني الذي يعيش أيضًا حالة ضعف كبيرة.
ويرجع ذلك إلى أن تلك الأجهزة ليست على قلب رجل واحد هناك؛ فضلا عن أن الشعب الإيراني يعيش حالة من الضعف والقهر تحدث منذ 40 سنة من أيام الثورة الإيرانية فبالتالي إسرائيل تستغل حالات الضعف الشديدة، نضيف إلى ذلك أن إيران كانت تعيش على بروباجندا محاربة إسرائيل وأمريكا وأن هي التي تتصدى إلى الشيطان الأكبر لكن هذه البروباجندا انتهت تماما بمقتل قاسم سليماني وبعدم وجود أي رد فعل إيراني قوي على اغتياله.
ونوه إلى أن «الجميع في إيران سواء الأجهزة أو قيادات كبيرة تعول على انهيار النظام الإيراني في أقرب وقت ممكن وبالتالي هذه ما يسهل حرب الموساد داخل إيران»، لافتا إلى أن ما يمكن لإيران فعله هو فقط القيام بشن صواريخ بسيطة جدا على إسرائيل عبر أذرعها في العراق أو لبنان أو سوريا وهو رد فعل لحفظ ماء الوجه فقط ليس إلا، لكن غير وارد نشوب حرب بينهما بالتأكيد.
تنسيق أمريكي إسرائيلي
وحول تداعيات العملية، قال الدكتور سامح راشد، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: كل العمليات الاستخباراتية التي تتم ضد إيران سواء في الداخل أو في الخارج تتم بتنسيق (أمريكي - إسرائيلي) بالدرجة الأولى، وأحيانا بمشاركة أطراف أخرى.
كما أن العملية تعد محاولة من واشنطن وتل أبيب لتحقيق إنجاز ضد طهران قبل نهاية ولاية دونالد ترامب، وذلك كان واضحًا من خلال محاولته أو تفكيره في توجيه ضربة عسكرية من وقت قريب، لولا موقف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي رفضت توجيه الضربة، وسبب ذلك أن الملف الوحيد الذي لم يحقق فيه «ترامب» إنجاز هو الملف الإيراني، لأن كل الوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية 2016 جميعها أوفى بها ماعدا الملف الإيراني مثل نقل السفارة للقدس والتطبيع والاختراق في ملف كوريا الشمالية.
وأضاف «راشد»: ترامب يتمنى إنهاء ولايته بإكمال الوفاء بوعوده، وفي ضوء ذلك إيران متفهمة تماما التربص ومحاولة الاستفزاز الأمريكية في أكثر من وقت وبأكثر من شكل، كما أن إيران فوتت الفرصة أكثر من مرة على واشنطن، بما في ذلك عملية اغتيال قاسم سليماني وردها كان محدودًا عن طريق عمليات منتقاة بعناية ومحدودة الأضرار.
سيناريو متوقع
وبالتالي السيناريو المتوقع أو الأرجح من جانب طهران أنها ستتجنب الاستفزاز ولن تبلع الطُعم (الأمريكي - الإسرائيلي) لتفجير الموقف معها قبل خروج ترامب من البيت الأبيض، لأنها إذا وقعت في الفخ فسيكون الملف شديد التعقيد على كلا الجانبين بعد دخول بايدن البيت الأبيض.
وأكمل: إيران ستحرص بشدة على توجيه رد معنوي، أو رد تضخمه إعلاميا، بدون المساس بمستقبل علاقاتها مع إدارة بايدن، وستحاول الرد في الأسابيع المتبقية قبل خروج «ترامب» من البيت الأبيض، لكن في حدود لا تنعكس سلبا أو تزيد تعقيد العلاقة مع بايدن بعد توليه السلطة، وربما نرى عمليات محدودة في العراق أو اليمن ضد السعودية، أي في ملفات غير مباشرة كما جرى مع قاسم سليماني.
وأوضح «راشد» أن عملية اغتيال «زاده» لا تعتبر العملية الأولى التي تتم داخل الأراضي الإيرانية، وبالمقاييس السياسية كانت هناك عمليات أخرى أكثر خطورة وأهمية وآخرها ما جرى منذ أشهر، عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق من «الموساد» حصل على عشرات الآلاف من الوثائق المهمة على أسطوانات مدمجة، من قلب المؤسسات النووية الإيرانية، وتلك الوثائق هي التي رسمت خريطة الشخصيات الكبيرة وتحركاتها وأماكنها.
ومن الواضح أن إيران مخترقة من الداخل، وأن هناك أهدافا محددة ومعروفة مسبقا سواء عند إسرائيل أو الولايات المتحدة والقرار السياسي هو الذي يحدد اختيار تلك الأهداف وتوقيتها، لافتا إلى أنه ستجري إعادة مراجعة وتجديد في السياسات الأمنية وإعادة فحص لكل الأفراد العاملين في القطاع النووي والأمني والعسكري.
في سياق ذي صلة قال الدكتور مصطفى صلاح، الباحث في العلاقات الدولية: هناك اختلاف كبير بين اغتيال محسن زاده وبين قاسم سليماني من حيث التوقيت والظروف المحيطة، وهو الأمر الذي يمتد للتأثير على رد الفعل الإيراني، خاصة بعدما أعلنت إدانتها لإسرائيل بصورة مباشرة عن هذه العملية.
كما أن هذه العملية النوعية تسببت في إحراج السلطات الإيرانية، كونها داخل إيران واستهدفت أحد كبار العلماء الإيرانيين والمسئول بصورة مباشرة عن البرنامج الصاروخي، وهو ما قد يفرض على إيران التصعيد خاصة في ظل الضغوط الداخلية التي تواجهها، وما لهذا الحدث من فرصة لاستثماره في تجاوز هذه الضغوط، ومن ثم قد يكون هناك استهداف مباشر لإسرائيل من جانب جماعة حزب الله اللبنانية، أو من خلال استهداف المصالح الإسرائيلية والأمريكية الاقتصادية والعسكرية في منطقة الخليج العربي.
وهو الأمر المغاير لرد فعل إيران بعد مقتل قاسم سليماني، حيث كان رد الفعل محدودا، وذلك لاعتبارين أولهما أن الحادثة قد وقعت في العاصمة الإيرانية طهران، وثانيهما هي الصفة الوظيفية التي عليها محسن زاده.
الحكومة الإيرانية
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية: يمكن الإشارة إلى أن هذه الأحداث بجانب الأحداث الداخلية التي تشهدها إيران سوف تساهم في إضعاف الثقة في الحكومة، خاصة في ظل فشلها تجاه الاستجابة للمطالب الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وضمن السياق ذاته فإن تحركات النظام الإيراني ستظل محكومة بتأثيرات الضغوط الداخلية والخارجية، خاصة أنه في حال اتجاهه نحو التصعيد الكبير في المنطقة، فإن ذلك من شأنه أن يضعف إمكانية الوصول إلى اتفاق حول الملف النووي في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.
ومن جانب آخر سوف يؤدي إلى ضغوط كبيرة من جانب الدول الأوروبية التي تهدف إلى عدم تصعيد التوتر والخلاف، لكن في كل الأحوال سوف تكون هناك ردة فعل للنظام الإيراني على هذه الأحداث وإن كانت محدودة ونوعية في أهدافها، لأن هذا الأمر سوف يسمح للحكومة بإعادة توحيد الجبهة الداخلية التي تعرضت لانقسامات حادة.
بدوره.. قال عدنان الدورقي، الباحث في الشأن الإيراني: كل ما يدور داخل إيران من انفجارات في الأشهر الماضية، تم الإعلان عن تبنيها بطريقة غير مباشرة من طرف الحكومة الإسرائيلية، بما يشير إلى إمكانية تورطها في عملية الاغتيال، وعملية اغتيال قاسم سليماني تم الإعلان عنها مباشرة من قبل القوات الأمريكية وتم استهداف بعض مخازن الأسلحة الخاصة به في العراق.
وأوضح «الدورقي» أنه «بخصوص اغتيال محسن زاده والذي تمت تصفيته داخل إيران، فإنه من المتوقع أن إسرائيل هي الذي نفذت العملية ولكن على أيدي إيرانيين مدربين على أعلى مستوى، ويعملون لصالح إسرائيل، وفي ذلك السياق يمكن ربط التفجيرات التي وقعت على مدار الفترة الماضية في طهران.
وادعت إيران أنها انفجارات عرضية، وادعت إسرائيل مسئوليتها عنها، مع اغتيال محسن زاده»، لافتًا إلى أنه لا يتوقع أن توجه إيران صواريخها نحو أهداف أمريكية أو إسرائيلية، على اعتبار أن إسرائيل في سوريا تضرب مقرات الحرس الثوري الإيراني بشكل متتالي، ولم تحدث أي ردة فعل إيرانية على ذلك.
من جهته قال أحمد أمير محمد، الباحث في الشأن الإيراني: اغتیال محسن فخری زاده کان ضربة موجعة للنظام الإيراني بكل المقاييس، لأنه كان ركيزة هامة بالنسبة للقطاع العسكري ، وكان موضع آمال النظام في إحداث طفرة عسكرية والوصول إلى سلاح نووي أو سلاح تعادل قدرته التدميرية سلاح نووي، وهذا واضح في تصريحات المسئولين العسكريين الذين توعدوا بالانتقام لمدير قطاع الدفاع النووي، على حد توصيف وزير الدفاع أمير حاتمي.
وأضاف: ذلك نفس السبب الذي يدفعنا إلى الاعتقاد بإبداء إيران رد فعل إزاء فقدانها أبرز أدواتها العلمية والبحثية في مسار تطويرها الأسلحة والصواريخ، كما أن حجم المشكلات الذي تواجهه إيران خلال هذه الفترة سواء الاقتصادية أو الأمنية يبرز مدى اضطراب أوضاع النظام الإيراني، وبناءً على ذلك هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدفع إيران إلى إبداء رد فعل إزاء اغتيال عالمها النووي.
أولها: ظهرت انتقادات من بعض نواب البرلمان تجاه أداء وزارة الاستخبارات في التصدي لمثل هذه العمليات وعدم توقعها وبالتالي ربما يقدم النظام على عملية نوعية استخباراتية لحفظ ماء الوجه أولا لمنظومته الاستخباراتية، وثانيها: اغتيال قاسم سليماني وغيبابه على ساحة النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن وما تسبب فيه اغتياله من عرقلة عناصر إيران وارتباطهم بعملائهم في المنطقة، ما زال واضح الأثر وعلى الرغم من تظاهر النظام الإيراني بالانتقام له من خلال قصف قاعدة عين الأسد.
إلا أن هذه العملية لم تحقق خسائر تثلج قلوب المنتقدين، مما سيدفعهم لتوقع رد أكثر حسمًا هذه المرة انتقامًا لدماء العالم النووي فخري زاده، وثالثها: شعور إيران بأنها محاطة بتهديدات خطيرة وتربصها للأحداث السياسية وتشكيل تحالفات ضدها وهمسات عن توجيه ضربة عسكرية لها، يدفعها للتظاهر بأنها على أرض صلبة ومستعدة لصد أي تهديد.
الأهداف الأمريكية
وأشار إلى أنه «بالنسبة للأهداف الأمريكية أو الإسرائيلية، يرى أن هناك احتمالين، إذا ارادت إيران توجيه ضربة مباشرة سوف تتبع نفس أسلوبها حينما قصفت قاعدة عين الاسد وسوف تتعمد عدم وقوع خسائر بشرية لكن إذا أرادت الانتقام عن طريق عناصرها بالوكالة سوف تستهدف مصالح تجارية أو ناقلات نفط على سبيل المثال.
وأتوقع أنها ستتوجه إلى ضربة بحرية نظرًا لاتساع إمكانيات قواتها البحرية عن بقية فصائل قواتها المسلحة، ووصول الاغتيالات إلى الداخل الإيراني يبرز كما ذكرتُ سلفًا، ضعف أداء المنظومة الاستخباراتية الإيرانية وإذا نظرنا لهذا البعد على ضوء إسقاط الطائرة الأوكرانية سوف نشاهد حالة اضطراب وانعدام كفاءة لدى العنصر البشري في المنظومة العسكرية والأمنية الإيرانية».
نقلًا عن العدد الورقي...
اغتيال زاده
أما البنزين الذي أشعل النار فتمثل في عملية اغتيال العالم الإيراني النووي محسن فخري زاده، التي تحولت إلى بركان غضب داخل طهران، وسط اتهامات لأمريكا وإسرائيل بالوقوف وراء العملية، فلم يكن من المتوقع داخل الأوساط الإيرانية أن تتمكن أجهزة المخابرات الدولية من الوصول إلى «رجل الظل» في الملف النووي الإيراني، والذي يوصف بأنه «رأس البرنامج النووي الإيراني» والعقل المدبر للجهود الإيرانية السرية لتطوير الأسلحة النووية، والذي تسعى الولايات المتحدة وإسرائيل إلى وقفه.
وكان «زاده» نادر الظهور ويعيش في ظل تشديدات أمنية وحراسة لصيقة، ولم يصدف من قبل أن تقابل مع المحققين النوويين التابعين للأمم المتحدة في أي من الزيارات التي تمت في طهران على مدار السنوات الأخيرة، ليكون اغتياله بمثابة الصاعقة التي أصابت النظام الإيراني.
فخري زاده، من مواليد مدينة قم عام 1958، حاصل على دكتوراة في الهندسة النووية، ودرس في جامعة الإمام الحسين الإيرانية، وتدرج في المناصب حتى عمل نائبًا لوزير الدفاع، وعميدا في الحرس الثوري، وتعتبره إيران «ثروة قومية» نظرًا لإسهاماته في تطوير التكنولوجيا النووية الإيرانية، هذا فضلا عن تمتعه طوال حياته بالدعم الكامل من المرشد الأعلى الإيراني آية الله على خامنئي.
وكان يحمل ثلاثة جوازات سفر، حرص على استخدامها في جمع المعلومات في نطاق اختصاصه من الخارج، ضمن ما يسمى بـ«السوق السوداء» الدولية لتبادل المواد النووية والخبرات الفنية، كما أنه –بحسب هيئة الرقابة الذرية- ظل على رأس برنامج خاصة بالأسلحة النووية تحت مسمى «أماد»، وهي كلمة بمعنى الأمل في اللغة العربية.
نتنياهو
المثير في أزمة «اغتيال زاده» وجود تصريحات سابقة لرئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، خلال عام 2018، ذكر خلالها اسم العالم الإيراني، وقال :«تذكروا هذا الاسم»، وعرض صورته أثناء عرض تقديمي كان يتحدث خلاله عن القوة النووية الإيرانية وسباق التسلح النووي، وتضعه المخابرات الإسرائيلية على قوائم الاغتيالات.
وأشارت وسائل إعلام إسرائيلية، في وقت سابق، إلى أنه قد تم رسم خطة لاغتياله منذ سنوات لكنها فشلت، لذلك تستند طهران إلى العديد من المعطيات التي تدفعها إلى توجيه اتهامات صريحة إلى إسرائيل وأمريكا التي ترى أنها قد تكون راعية لعملية الاغتيال، على اعتبار أن تل أبيب ليست في وضع يسمح لها باحتمال ردود الفعل الإيرانية دون وجود دعم أمريكي.
ترامب
ويرى مراقبون، أن عملية اغتيال العالم الإيراني، يمكن ربطها بالعملية النوعية التي كان قد أعلن الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، التراجع عنها في نوفمبر الماضي، والتي كان من المخطط لها استهداف منشآت نووية إيرانية هامة بطهران، وكذلك وجود خطة منسقة بين ترامب ونتنياهو، من أجل تفخيخ ملف العلاقات الأمريكية الإيرانية فيما يخص المسائل النووية على وجه خاص، في ظل التوقعات بفتح الإدارة الأمريكية الجديدة برئاسة جو بايدن ذلك الملف.
وإعلان الرغبة الجادة في تحقيق تقدم فيه، بما يدفع الإدارة الإيرانية في النهاية إلى تكرار سيناريو تعاملها مع تلك الصدمات، والتي تقرر بعدها أخذ الوقت المناسب لبحث الرد الانتقامي عليها، إلا أن الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو جوتيرش، دعا إلى ضرورة ضبط النفس وتجنب تصعيد التوتر في المنطقة.
وسواء اعترفت إسرائيل بعملية الاغتيال عبر الموساد أم لا، فلا شك في أن هذا اغتيال دراماتيكي لعالم نووي كبير، وهو الرجل الذي كان من المفترض أن يقود إيران إلى القنبلة النووية، ويعد اغتياله امتدادا لحرب الموساد السرية داخل إيران والمستمرة منذ سنوات ضد علماء الذرة والتخصيب الإيرانيين، إضافة إلى استهداف المراكز النووية والمختبرات وأجهزة الطرد فضلا عن تصفية القيادات التنفيذية في الحرس الثوري والجيش الإيراني.
رد طهران
وفى هذا السياق قال وليد منصور، الباحث في الشأن الإيراني: إسرائيل بالتأكيد عندما استهدفت عالم الذرة الإيراني كانت على يقين بأن إيران لن تقوم بأى رد فعل تجاهها، لأنها تدرك جيدًا أن إيران تعيش حالة من الضعف الشديد اقتصاديا وأمنيًا وسياسيًا، وبالتالي فإسرائيل متأكدة أن إيران غير جاهزة للرد، خاصة في ظل وجود إدارتين أمريكيتين في الوقت الراهن، وهما إدارة «بايدن» الجديدة التي تحدثت عن إمكانية العودة إلى الاتفاق النووي 5+ 1 وإدارة «ترامب» التي من الممكن أن تقدم على أي فعل متهور قبل رحيلها.
وأضاف: في ظل كل هذه المعطيات إسرائيل، أدركت أنه يمكنها استهداف عالم كبير مثل محسن زاده، وهو شخصية لها تأثير كبير جدا في إيران، لا تقل عن تأثير قاسم سليماني خلال توليه فيلق القدس، علما أن اختيار عالم مثل زاده يعني أن حجم الاختراق للأجهزة الاستخباراتية الإيرانية كبير جدًا، وعلى مدار الـ 6 سنوات الأخيرة استهدفت إسرائيل مليشيات تابعة لـ إيران في العراق وسوريا دون ردة فعل إيراني، فبالتالي كل المعطيات تشير وتؤكد أن إسرائيل على يقين من أن إيران لن ترد عليها مهما حاولت إسرائيل استفزاز إيران.
الاستخبارات الإيرانية
«منصور» أوضح أيضا أنه هناك ضعف كبير جدًا على المستوى الأمن والاستخبارات الإيرانية مستمر منذ فترة كبيرة جدا، حتى مهمة حماية العلماء كانت تابعة للمخابرات العامة الإيرانية لكن تم توجيها للحرس الثوري الإيراني الذي يعيش أيضًا حالة ضعف كبيرة.
ويرجع ذلك إلى أن تلك الأجهزة ليست على قلب رجل واحد هناك؛ فضلا عن أن الشعب الإيراني يعيش حالة من الضعف والقهر تحدث منذ 40 سنة من أيام الثورة الإيرانية فبالتالي إسرائيل تستغل حالات الضعف الشديدة، نضيف إلى ذلك أن إيران كانت تعيش على بروباجندا محاربة إسرائيل وأمريكا وأن هي التي تتصدى إلى الشيطان الأكبر لكن هذه البروباجندا انتهت تماما بمقتل قاسم سليماني وبعدم وجود أي رد فعل إيراني قوي على اغتياله.
ونوه إلى أن «الجميع في إيران سواء الأجهزة أو قيادات كبيرة تعول على انهيار النظام الإيراني في أقرب وقت ممكن وبالتالي هذه ما يسهل حرب الموساد داخل إيران»، لافتا إلى أن ما يمكن لإيران فعله هو فقط القيام بشن صواريخ بسيطة جدا على إسرائيل عبر أذرعها في العراق أو لبنان أو سوريا وهو رد فعل لحفظ ماء الوجه فقط ليس إلا، لكن غير وارد نشوب حرب بينهما بالتأكيد.
تنسيق أمريكي إسرائيلي
وحول تداعيات العملية، قال الدكتور سامح راشد، الباحث في مركز الأهرام للدراسات السياسية والإستراتيجية: كل العمليات الاستخباراتية التي تتم ضد إيران سواء في الداخل أو في الخارج تتم بتنسيق (أمريكي - إسرائيلي) بالدرجة الأولى، وأحيانا بمشاركة أطراف أخرى.
كما أن العملية تعد محاولة من واشنطن وتل أبيب لتحقيق إنجاز ضد طهران قبل نهاية ولاية دونالد ترامب، وذلك كان واضحًا من خلال محاولته أو تفكيره في توجيه ضربة عسكرية من وقت قريب، لولا موقف وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) التي رفضت توجيه الضربة، وسبب ذلك أن الملف الوحيد الذي لم يحقق فيه «ترامب» إنجاز هو الملف الإيراني، لأن كل الوعود التي أطلقها في حملته الانتخابية 2016 جميعها أوفى بها ماعدا الملف الإيراني مثل نقل السفارة للقدس والتطبيع والاختراق في ملف كوريا الشمالية.
وأضاف «راشد»: ترامب يتمنى إنهاء ولايته بإكمال الوفاء بوعوده، وفي ضوء ذلك إيران متفهمة تماما التربص ومحاولة الاستفزاز الأمريكية في أكثر من وقت وبأكثر من شكل، كما أن إيران فوتت الفرصة أكثر من مرة على واشنطن، بما في ذلك عملية اغتيال قاسم سليماني وردها كان محدودًا عن طريق عمليات منتقاة بعناية ومحدودة الأضرار.
سيناريو متوقع
وبالتالي السيناريو المتوقع أو الأرجح من جانب طهران أنها ستتجنب الاستفزاز ولن تبلع الطُعم (الأمريكي - الإسرائيلي) لتفجير الموقف معها قبل خروج ترامب من البيت الأبيض، لأنها إذا وقعت في الفخ فسيكون الملف شديد التعقيد على كلا الجانبين بعد دخول بايدن البيت الأبيض.
وأكمل: إيران ستحرص بشدة على توجيه رد معنوي، أو رد تضخمه إعلاميا، بدون المساس بمستقبل علاقاتها مع إدارة بايدن، وستحاول الرد في الأسابيع المتبقية قبل خروج «ترامب» من البيت الأبيض، لكن في حدود لا تنعكس سلبا أو تزيد تعقيد العلاقة مع بايدن بعد توليه السلطة، وربما نرى عمليات محدودة في العراق أو اليمن ضد السعودية، أي في ملفات غير مباشرة كما جرى مع قاسم سليماني.
وأوضح «راشد» أن عملية اغتيال «زاده» لا تعتبر العملية الأولى التي تتم داخل الأراضي الإيرانية، وبالمقاييس السياسية كانت هناك عمليات أخرى أكثر خطورة وأهمية وآخرها ما جرى منذ أشهر، عندما أعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو أن فريق من «الموساد» حصل على عشرات الآلاف من الوثائق المهمة على أسطوانات مدمجة، من قلب المؤسسات النووية الإيرانية، وتلك الوثائق هي التي رسمت خريطة الشخصيات الكبيرة وتحركاتها وأماكنها.
ومن الواضح أن إيران مخترقة من الداخل، وأن هناك أهدافا محددة ومعروفة مسبقا سواء عند إسرائيل أو الولايات المتحدة والقرار السياسي هو الذي يحدد اختيار تلك الأهداف وتوقيتها، لافتا إلى أنه ستجري إعادة مراجعة وتجديد في السياسات الأمنية وإعادة فحص لكل الأفراد العاملين في القطاع النووي والأمني والعسكري.
في سياق ذي صلة قال الدكتور مصطفى صلاح، الباحث في العلاقات الدولية: هناك اختلاف كبير بين اغتيال محسن زاده وبين قاسم سليماني من حيث التوقيت والظروف المحيطة، وهو الأمر الذي يمتد للتأثير على رد الفعل الإيراني، خاصة بعدما أعلنت إدانتها لإسرائيل بصورة مباشرة عن هذه العملية.
كما أن هذه العملية النوعية تسببت في إحراج السلطات الإيرانية، كونها داخل إيران واستهدفت أحد كبار العلماء الإيرانيين والمسئول بصورة مباشرة عن البرنامج الصاروخي، وهو ما قد يفرض على إيران التصعيد خاصة في ظل الضغوط الداخلية التي تواجهها، وما لهذا الحدث من فرصة لاستثماره في تجاوز هذه الضغوط، ومن ثم قد يكون هناك استهداف مباشر لإسرائيل من جانب جماعة حزب الله اللبنانية، أو من خلال استهداف المصالح الإسرائيلية والأمريكية الاقتصادية والعسكرية في منطقة الخليج العربي.
وهو الأمر المغاير لرد فعل إيران بعد مقتل قاسم سليماني، حيث كان رد الفعل محدودا، وذلك لاعتبارين أولهما أن الحادثة قد وقعت في العاصمة الإيرانية طهران، وثانيهما هي الصفة الوظيفية التي عليها محسن زاده.
الحكومة الإيرانية
وأضاف الباحث في العلاقات الدولية: يمكن الإشارة إلى أن هذه الأحداث بجانب الأحداث الداخلية التي تشهدها إيران سوف تساهم في إضعاف الثقة في الحكومة، خاصة في ظل فشلها تجاه الاستجابة للمطالب الخاصة بالإصلاحات الاقتصادية والاجتماعية، وضمن السياق ذاته فإن تحركات النظام الإيراني ستظل محكومة بتأثيرات الضغوط الداخلية والخارجية، خاصة أنه في حال اتجاهه نحو التصعيد الكبير في المنطقة، فإن ذلك من شأنه أن يضعف إمكانية الوصول إلى اتفاق حول الملف النووي في ظل الإدارة الأمريكية الجديدة.
ومن جانب آخر سوف يؤدي إلى ضغوط كبيرة من جانب الدول الأوروبية التي تهدف إلى عدم تصعيد التوتر والخلاف، لكن في كل الأحوال سوف تكون هناك ردة فعل للنظام الإيراني على هذه الأحداث وإن كانت محدودة ونوعية في أهدافها، لأن هذا الأمر سوف يسمح للحكومة بإعادة توحيد الجبهة الداخلية التي تعرضت لانقسامات حادة.
بدوره.. قال عدنان الدورقي، الباحث في الشأن الإيراني: كل ما يدور داخل إيران من انفجارات في الأشهر الماضية، تم الإعلان عن تبنيها بطريقة غير مباشرة من طرف الحكومة الإسرائيلية، بما يشير إلى إمكانية تورطها في عملية الاغتيال، وعملية اغتيال قاسم سليماني تم الإعلان عنها مباشرة من قبل القوات الأمريكية وتم استهداف بعض مخازن الأسلحة الخاصة به في العراق.
وأوضح «الدورقي» أنه «بخصوص اغتيال محسن زاده والذي تمت تصفيته داخل إيران، فإنه من المتوقع أن إسرائيل هي الذي نفذت العملية ولكن على أيدي إيرانيين مدربين على أعلى مستوى، ويعملون لصالح إسرائيل، وفي ذلك السياق يمكن ربط التفجيرات التي وقعت على مدار الفترة الماضية في طهران.
وادعت إيران أنها انفجارات عرضية، وادعت إسرائيل مسئوليتها عنها، مع اغتيال محسن زاده»، لافتًا إلى أنه لا يتوقع أن توجه إيران صواريخها نحو أهداف أمريكية أو إسرائيلية، على اعتبار أن إسرائيل في سوريا تضرب مقرات الحرس الثوري الإيراني بشكل متتالي، ولم تحدث أي ردة فعل إيرانية على ذلك.
من جهته قال أحمد أمير محمد، الباحث في الشأن الإيراني: اغتیال محسن فخری زاده کان ضربة موجعة للنظام الإيراني بكل المقاييس، لأنه كان ركيزة هامة بالنسبة للقطاع العسكري ، وكان موضع آمال النظام في إحداث طفرة عسكرية والوصول إلى سلاح نووي أو سلاح تعادل قدرته التدميرية سلاح نووي، وهذا واضح في تصريحات المسئولين العسكريين الذين توعدوا بالانتقام لمدير قطاع الدفاع النووي، على حد توصيف وزير الدفاع أمير حاتمي.
وأضاف: ذلك نفس السبب الذي يدفعنا إلى الاعتقاد بإبداء إيران رد فعل إزاء فقدانها أبرز أدواتها العلمية والبحثية في مسار تطويرها الأسلحة والصواريخ، كما أن حجم المشكلات الذي تواجهه إيران خلال هذه الفترة سواء الاقتصادية أو الأمنية يبرز مدى اضطراب أوضاع النظام الإيراني، وبناءً على ذلك هناك ثلاثة أسباب رئيسية تدفع إيران إلى إبداء رد فعل إزاء اغتيال عالمها النووي.
أولها: ظهرت انتقادات من بعض نواب البرلمان تجاه أداء وزارة الاستخبارات في التصدي لمثل هذه العمليات وعدم توقعها وبالتالي ربما يقدم النظام على عملية نوعية استخباراتية لحفظ ماء الوجه أولا لمنظومته الاستخباراتية، وثانيها: اغتيال قاسم سليماني وغيبابه على ساحة النفوذ الإيراني في سوريا والعراق ولبنان واليمن وما تسبب فيه اغتياله من عرقلة عناصر إيران وارتباطهم بعملائهم في المنطقة، ما زال واضح الأثر وعلى الرغم من تظاهر النظام الإيراني بالانتقام له من خلال قصف قاعدة عين الأسد.
إلا أن هذه العملية لم تحقق خسائر تثلج قلوب المنتقدين، مما سيدفعهم لتوقع رد أكثر حسمًا هذه المرة انتقامًا لدماء العالم النووي فخري زاده، وثالثها: شعور إيران بأنها محاطة بتهديدات خطيرة وتربصها للأحداث السياسية وتشكيل تحالفات ضدها وهمسات عن توجيه ضربة عسكرية لها، يدفعها للتظاهر بأنها على أرض صلبة ومستعدة لصد أي تهديد.
الأهداف الأمريكية
وأشار إلى أنه «بالنسبة للأهداف الأمريكية أو الإسرائيلية، يرى أن هناك احتمالين، إذا ارادت إيران توجيه ضربة مباشرة سوف تتبع نفس أسلوبها حينما قصفت قاعدة عين الاسد وسوف تتعمد عدم وقوع خسائر بشرية لكن إذا أرادت الانتقام عن طريق عناصرها بالوكالة سوف تستهدف مصالح تجارية أو ناقلات نفط على سبيل المثال.
وأتوقع أنها ستتوجه إلى ضربة بحرية نظرًا لاتساع إمكانيات قواتها البحرية عن بقية فصائل قواتها المسلحة، ووصول الاغتيالات إلى الداخل الإيراني يبرز كما ذكرتُ سلفًا، ضعف أداء المنظومة الاستخباراتية الإيرانية وإذا نظرنا لهذا البعد على ضوء إسقاط الطائرة الأوكرانية سوف نشاهد حالة اضطراب وانعدام كفاءة لدى العنصر البشري في المنظومة العسكرية والأمنية الإيرانية».
نقلًا عن العدد الورقي...