جيسكار ديستان.. الرئيس التاريخي لفرنسا
أعلنت وسائل إعلام فرنسية وفاة الرئيس الأسبق فاليري جيسكار ديستان عن عمر ناهز 94 عاما، بعد تعرضه لوعكة صحية نقل بسببها في منتصف شهر نوفمبر إلى مستشفى في مدينة تور بغرب فرنسا.
وديستان هو رئيس فرنسي سابق، تولى وظائف تراوحت بين النيابة في البرلمان والوزارة في الحكومة ومنصب رئاسة الدولة، وقاد خلال رئاسته تحديثا واسعا بفرنسا، وساهم بفعالية في وضع الركائز المؤسسية للاتحاد الأوروبي.
ولد فاليري جيسكار ديستان يوم 2 فبراير 1926 في مدينة كوبلنز بألمانيا -حيث كان والده مديرا للمالية في منطقة رينانيا التي كانت آنذاك تحتلها فرنسا إثر الحرب العالمية الأولى– لأسرة فرنسية برجوازية.
تابع ديستان دراسته الابتدائية بين كلير مون فيران بمنطقة أوفرن -في جبال الألب- التي هي موطن العائلة الأصلي، وبين العاصمة باريس التي حُول إليها والده بعد أشهر من ولادة ديستان. وقد استطاع الحصول على شهادتيْ باكالوريا في شعبتين مختلفتين هما الرياضيات والفلسفة في دورة يونيو 1942 ولم يتجاوز عمره السادسة عشرة.
التحق عام 1943 بالأقسام التحضيرية لدخول البوليتكنيك بثانوية لوي لجراند الشهيرة في باريس، لكنه قطع دراسته بسبب انخراطه في الجيش الفرنسي لمقاومة الاحتلال النازي اعتبارا من أغسطس 1944 وإلى نهاية الحرب.
تولى ديستان وظائف تراوحت بين النيابة في البرلمان والوزارة في الحكومة ومنصب رئاسة الدولة، كما تولى عدة مسؤوليات حزبية ودستورية. كما أنه عضو بالأكاديمية الفرنسية التي يلقب أعضاؤها بـ"الخالدون".
دخل ديستان السياسة من بوابة الجمعية الوطنية حين انتخب نائبا في الجمعية الوطنية عن منطقة (بي دي دوم) عام 1954. وفي 1958 التحق -ومعه عدد من ناشطي الوسط واليمين غير الديجولي- بالجنرال شارل ديجول مع عودته الكبرى إلى العمل السياسي، فعُين كاتبا للدولة في المالية في حكومة ميشيل دوبري عام 1959.
وفي 1962 صار وزيرا للمالية في حكومة جورج بومبيدو لكنّ فشلَ خطةٍ وضعها لمواجهة البطالة والتضخم دفعه إلى الاستقالة عام 1966. صوت بـ"لا" في استفتاء أبريل 1969 الذي أنهى المسار السياسي لرئيس البلاد حينها ديجول.
دعم جيسكار ترشح بومبيدو لخلافة ديجول فكافأه إثر نجاحه بتعيينه مجددا وزيرا للمالية وهو المنصب الذي شغله إلى حين وفاة بومبيدو في أبريل 1974.
تمكن جيسكار من الفوز بالانتخابات 1974 بفارقٍ طفيف جدا على مرشح اليسار فرانسوا ميتران، مستفيدا من دعم كل تشكيلات اليمين خاصة الديجوليين بزعامة جاك شيراك الذي عينه فورا وزيرا أول (رئيس الوزراء).
ومع تفاقم الوضع الاقتصادي إثر الصدمة النفطية عام 1973، قرر ديستان التخلي عن شيراك عام 1976 والاستعانة بالاقتصادي ريموند بار، مما مهد لانقسام في اليمين حين أعلن شيراك ترشحه للانتخابات 1981.
لم ينجح ديستان في ثني غريمه شيراك عن الترشح لأن العداء بينهما كان قد بلغ حدودا قصوى، كما لم تنجح تحذيرات أركان اليمين التاريخيين من خطر استفادة تيار اليسار من هذا الانقسام، وهو ما وقع فعلا بهزيمة ديستان في الرئاسيات.
قاد ديستان خلال فترة رئاسته الوحيدة عملية تحديث واسعة في فرنسا كان من إنجازاتها إقامة محطات نووية لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، وتطوير قطاع الاتصالات.
وعلى مستوى السياسة الخارجية، تركز اهتمام ديستان على بناء الاتحاد الأوروبي وكان له الفضل الكبير في التأسيس لوجوده، فهو صاحب فكرة العملة الموحدة والبرلمان الأوروبي اللذين يشكلان الدعامة المؤسسية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي.
ومع اقتراب انتخابات 1981، نشرت صحف باريسية وثيقة تفيد بتسلم ديستان حين كان وزيرا للمالية في 1973 قِطَعاً من الألماس هدية من دكتاتور جمهورية أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا الذي كانت تربطه به علاقات وطيدة. فكانت من أسباب هزيمته عام 1981 أمام ميتران الذي انتخب أول رئيس جمهورية اشتراكي في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة .
وقبل ذلك كانت أول زيارة رسمية لديستان بعد انتخابه رئيسا إلى بانجي (عاصمة أفريقيا الوسطى)، كما أن الدولة الفرنسية تكفلت بمصاريف تتويج بوكاسا إمبراطورا ببلد يعد من أفقر بلدان العالم في نوفمبر 1977.
تدهورت علاقات الرجلين اعتبارا من 1979 بسبب تقارب بوكاسا مع نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، ثم انتهى الأمر بتدخل القوات الخاصة الفرنسية لعزل بوكاسا في 20 سبتمبر 1979.
واصل ديستان جولاته في معترك السياسة بعد خروجه من الإليزيه، فاستعاد مقعده في البرلمان ورأس لجنة العلاقات الخارجية فيه (1987-1989)، وأصبح عضوا في البرلمان الأوروبي (1989-1993).
انسحب من الحياة السياسية بعد هزيمة حزبه "الاتحاد من أجل الديمقراطية في فرنسا" في الانتخابات الجهوية عام 2004، لكنه ظل يشغل العضوية الاستحقاقية للمجلس الدستوري بصفته رئيسا سابقا للجمهورية.
وديستان هو رئيس فرنسي سابق، تولى وظائف تراوحت بين النيابة في البرلمان والوزارة في الحكومة ومنصب رئاسة الدولة، وقاد خلال رئاسته تحديثا واسعا بفرنسا، وساهم بفعالية في وضع الركائز المؤسسية للاتحاد الأوروبي.
ولد فاليري جيسكار ديستان يوم 2 فبراير 1926 في مدينة كوبلنز بألمانيا -حيث كان والده مديرا للمالية في منطقة رينانيا التي كانت آنذاك تحتلها فرنسا إثر الحرب العالمية الأولى– لأسرة فرنسية برجوازية.
تابع ديستان دراسته الابتدائية بين كلير مون فيران بمنطقة أوفرن -في جبال الألب- التي هي موطن العائلة الأصلي، وبين العاصمة باريس التي حُول إليها والده بعد أشهر من ولادة ديستان. وقد استطاع الحصول على شهادتيْ باكالوريا في شعبتين مختلفتين هما الرياضيات والفلسفة في دورة يونيو 1942 ولم يتجاوز عمره السادسة عشرة.
التحق عام 1943 بالأقسام التحضيرية لدخول البوليتكنيك بثانوية لوي لجراند الشهيرة في باريس، لكنه قطع دراسته بسبب انخراطه في الجيش الفرنسي لمقاومة الاحتلال النازي اعتبارا من أغسطس 1944 وإلى نهاية الحرب.
تولى ديستان وظائف تراوحت بين النيابة في البرلمان والوزارة في الحكومة ومنصب رئاسة الدولة، كما تولى عدة مسؤوليات حزبية ودستورية. كما أنه عضو بالأكاديمية الفرنسية التي يلقب أعضاؤها بـ"الخالدون".
دخل ديستان السياسة من بوابة الجمعية الوطنية حين انتخب نائبا في الجمعية الوطنية عن منطقة (بي دي دوم) عام 1954. وفي 1958 التحق -ومعه عدد من ناشطي الوسط واليمين غير الديجولي- بالجنرال شارل ديجول مع عودته الكبرى إلى العمل السياسي، فعُين كاتبا للدولة في المالية في حكومة ميشيل دوبري عام 1959.
وفي 1962 صار وزيرا للمالية في حكومة جورج بومبيدو لكنّ فشلَ خطةٍ وضعها لمواجهة البطالة والتضخم دفعه إلى الاستقالة عام 1966. صوت بـ"لا" في استفتاء أبريل 1969 الذي أنهى المسار السياسي لرئيس البلاد حينها ديجول.
دعم جيسكار ترشح بومبيدو لخلافة ديجول فكافأه إثر نجاحه بتعيينه مجددا وزيرا للمالية وهو المنصب الذي شغله إلى حين وفاة بومبيدو في أبريل 1974.
تمكن جيسكار من الفوز بالانتخابات 1974 بفارقٍ طفيف جدا على مرشح اليسار فرانسوا ميتران، مستفيدا من دعم كل تشكيلات اليمين خاصة الديجوليين بزعامة جاك شيراك الذي عينه فورا وزيرا أول (رئيس الوزراء).
ومع تفاقم الوضع الاقتصادي إثر الصدمة النفطية عام 1973، قرر ديستان التخلي عن شيراك عام 1976 والاستعانة بالاقتصادي ريموند بار، مما مهد لانقسام في اليمين حين أعلن شيراك ترشحه للانتخابات 1981.
لم ينجح ديستان في ثني غريمه شيراك عن الترشح لأن العداء بينهما كان قد بلغ حدودا قصوى، كما لم تنجح تحذيرات أركان اليمين التاريخيين من خطر استفادة تيار اليسار من هذا الانقسام، وهو ما وقع فعلا بهزيمة ديستان في الرئاسيات.
قاد ديستان خلال فترة رئاسته الوحيدة عملية تحديث واسعة في فرنسا كان من إنجازاتها إقامة محطات نووية لتحقيق الاستقلال في مجال الطاقة، وتطوير قطاع الاتصالات.
وعلى مستوى السياسة الخارجية، تركز اهتمام ديستان على بناء الاتحاد الأوروبي وكان له الفضل الكبير في التأسيس لوجوده، فهو صاحب فكرة العملة الموحدة والبرلمان الأوروبي اللذين يشكلان الدعامة المؤسسية والاقتصادية للاتحاد الأوروبي.
ومع اقتراب انتخابات 1981، نشرت صحف باريسية وثيقة تفيد بتسلم ديستان حين كان وزيرا للمالية في 1973 قِطَعاً من الألماس هدية من دكتاتور جمهورية أفريقيا الوسطى جان بيدل بوكاسا الذي كانت تربطه به علاقات وطيدة. فكانت من أسباب هزيمته عام 1981 أمام ميتران الذي انتخب أول رئيس جمهورية اشتراكي في تاريخ الجمهورية الفرنسية الخامسة .
وقبل ذلك كانت أول زيارة رسمية لديستان بعد انتخابه رئيسا إلى بانجي (عاصمة أفريقيا الوسطى)، كما أن الدولة الفرنسية تكفلت بمصاريف تتويج بوكاسا إمبراطورا ببلد يعد من أفقر بلدان العالم في نوفمبر 1977.
تدهورت علاقات الرجلين اعتبارا من 1979 بسبب تقارب بوكاسا مع نظام العقيد معمر القذافي في ليبيا، ثم انتهى الأمر بتدخل القوات الخاصة الفرنسية لعزل بوكاسا في 20 سبتمبر 1979.
واصل ديستان جولاته في معترك السياسة بعد خروجه من الإليزيه، فاستعاد مقعده في البرلمان ورأس لجنة العلاقات الخارجية فيه (1987-1989)، وأصبح عضوا في البرلمان الأوروبي (1989-1993).
انسحب من الحياة السياسية بعد هزيمة حزبه "الاتحاد من أجل الديمقراطية في فرنسا" في الانتخابات الجهوية عام 2004، لكنه ظل يشغل العضوية الاستحقاقية للمجلس الدستوري بصفته رئيسا سابقا للجمهورية.