حكم نهائى بإلزام التضامن بصرف معاش للمعاق ذهنيٱ
أرست محكمة القضاء الإدارى بمجلس الدولة مبدأ قضائيا جديداً لصالح المعاقين ذهنيا بصرف معاش ضمانى لهم بصفة مستقلة عن معاش أسرهم، وبطلان شرط وقفه لزواج المعاقين ذهنياً أو بلوغه سن الخمسين، وحظر الحجز على أموالهم.
جاء ذلك بحصول محمد محمد مبارك المحامى شقيق المعاقة ذهنيا سناء محمد مبارك البالغة 25 عاما على شهادة من جدول المحكمة الإدارية العليا ، تفيد أن وزارة التضامن الاجتماعى لم تطعن على الحكم الصادر من محكمة القضاء الإدارى بالإسكندرية الدائرة الأولى بالبحيرة برئاسة المستشار الدكتور محمد عبد الوهاب خفاجى نائب رئيس مجلس الدولة بإلغاء قرار وكيل وزارة التضامن الاجتماعى بالبحيرة باشتراط زواج المعاقة ذهنيا أو بلوغها سن الخمسين لاستحقاقها المعاش الضمانى.
وألزمت وزاة التضامن بصرف 19 ألف جنيه متجمد المعاش الضمانى الموقوف لشقيقته وبطلان قرار وكيل الوزارة بالحجز على أموالها بمقدار أربعة اَلاف جنيه , وبالتالى أصبح حكم القضاء الإدارى نهائيا وباتا .
وسطرت المحكمة موقفا نبيلا، ودرسا فى الإنسانية مؤكدة أن الرحمة هى الوجه الآخر للعدل، بعد أن تم حرمان المصابة بتخلف عقلى شديد وآفه عقلية من نوع العته من معاشها الضمانى مدة 5 سنوات متصلة، مؤكدة أن المساعدة الشهرية الضمانية للمعاقين ذهنيا ليست منحة من التضامن الاجتماعى تقبضها أو تبسطها وفق إرادتها بل هى حق وشرف لمن يلتمس الطريق إليه.
قالت المحكمة برئاسة القاضى المصرى الدكتور محمد خفاجى إن المعاقين ذهنيا لهم الحق فى الضمان الاجتماعى بما يضمن لهم حياة كريمة، لتعيد إليهم توازنا اختل من خلال عوارضهم، ومن ثم فإن قيام المجتمع على أساس التضامن الاجتماعي يعني وحدة المجتمع في بنيانه، وتداخل مصالحه لا تصادمها، وإمكان التوفيق بينها عند تزاحمها واتصال أفرادها وترابطهم ليكون بعضهم لبعض ظهيرا.
فلا يتفرقون بدداً أو يتناحرون طمعاً ، أو يتنابذون بغياً ، وهم بذلك شركاء في مسئوليتهم قبلها، لا يملكون التنصل منها أو التخلي عنها ، وليس لفريق منهم بالتالي أن يتقدم على غيره انتهازاً ، ولا أن ينال من الحقوق قدراً منها يكون بها - عدوانا - أكثر علواً ، بل يتعين أن تتضافر جهودهم لتكون لهم الفرص ذاتها ، التي تقيم لمجتمعاتهم بنيانها الحق .
وأضافت المحكمة أنه يجب ألا تخل الحقوق الدستورية المشتركة بين الأسوياء وغيرهم بتلك الحماية التي ينبغي أن يلوذ بها ضعفاؤهم ، ليجدوا في كنفها الأمن والاستقرار، وبهذه المثابة فإن تدابير اقتصادية واجتماعية يتعين ضمانها في شأن المعاقين ذهنيا ، تأخذ واقعهم في اعتبارها ، ولا تنحي مشكلاتهم عن دائرة اهتمامها، بل توليها ما تستحق من الرعاية، لتقدم لهم عوناً يلتئم وأوضاعهم .
وليس ذلك تمييزاً منهيا عنه دستوريا، بل هو نزول على حكم الضرورة وبقدرها ، فلا يغمطون حقاً ولا يحرمون أملاً , ولما كان المعاقون ذهنياً هم على القمة إنسانيا من الحاجة لمعاش ضمانى يكفيهم لمواجهة عجزهم التام ، يعوضهم عن انعدام إرادتهم الذى يحرمهم من فرص يعملون من خلالها , فإن المجتمع مسئول تجاه المعاقين ذهنياً وفقا للقيم الخلقية الأصيلة ، التي ينافيها أن يظل المعاقون ذهنيا مؤاخذين بعاهاتهم لا يملكون لها دفعاً أو تقويماً , فالمساعدة الضمانية بديل عن عجزهم التام والكامل.