رئيس التحرير
عصام كامل

فنكوش الوزراء.. التجارة والصناعة: «تعميق التصنيع المحلى» و«زيادة الصادرات» و«خفض فاتورة الاستيراد».. كلام فى الهواء

وزيرة التجارة والصناعة
وزيرة التجارة والصناعة الدكتورة نيفين جامع
"نسمع جعجعة ولا نرى طحينًا".. مَثلٌ جاهليٌّ يُضرب لكثير الصخب بلا فائدة، ويصف الشخص الذي تنحصر قوته كلها في لسانه، فيتحدث من دون أن يُنجز شيئًا، وهو ما يواكب "سمة وزارية"، يتسم بها عدد من الوزراء الذين يُطلقون التصريحات الوردية فور أداء اليمين الدستورية، أو كلما صادفوا الكاميرات التليفزيونية.


ويبدو أن بعضهم تنتابه حالة من النشوة فور استوزاره، فيعيش حالة من الرومانسية والانفصال عن الواقع، ويطلق لخياله العنان، ويتحدث عن تحقيق وعود وأحلام سرعان ما تكشف الأيام أنهم كانوا مندفعين أو متسرعين، وربما تظل هذه الأحلام مجرد حبر على ورق، حتى يغادروا مناصبهم، ويطويهم ويطويها النسيان. والأمانة تقتضى التأكيد على أن الواقع الصعب هو الذي يحول دون أن تبصر هذه الأحلام والوعود النور، كما أن بعض السياسات والقرارات تحول دون تنفيذ البعض الآخر.

ولا شك أن كثيرًا من التصريحات الناعمة ارتبطت بحكومة الدكتور مصطف مدبولى، بدءًا من تحسين مستوى معيشة المواطنين، وتقليص البطالة، ورفع سعر الجنيه، والقضاء على الغلاء والعشوائيات والتلوث وغيرها من التصريحات الهلامية التي بقيت مجرد أوهام، أو صرحًا من خيال فهوى.

"فيتو".. ترصد في هذا الملف جانبًا من هذه الوعود والأحلام الزائفة التي انخدعت بهم قطاعات كبيرة من المواطنين، وترقبت تحقيقها، تطلعًا إلى حياة أكثر دعة وهدوءًا، فإذا بهذه الأحلام تغدو كوابيس ثقيلة تؤرق حياتهم وتعكر صفو حياتهم..


منذ ما يقرب من العام تقريبًا، وتحديدًا في 22 ديسمبر الماضي، وافق مجلس النواب على تولي نيفين جامع، منصب وزيرة التجارة والصناعة ضمن تعديل وزاري أجراه البرلمان، لتصبح ثاني سيدة تتولى منصب وزيرة الصناعة والتجارة، في تاريخ مصر، بعد سميحة فوزي التي جاءت لفترة قصيرة بعد المهندس رشيد محمد رشيد، في أعقاب ثورة يناير.

وعود عدة قطعتها الوزيرة الجديدة على نفسها فور توليها مسئولية الوزارة، في مقدمتها العمل على التصدى لعدد من الملفات الشائكة والمهمة التي تواجه القطاع الصناعى، مشددة أنها ستعمل بكل ما تمتلك من صلاحيات على حلها والتعامل معها، غير أن هذه الوعود لم تنفذها الوزيرة الجديدة، لا سيما وأنه لا تزال مشكلات عدة تواجه القطاع الصناعى لم تجد «نيفين» حلًا لها حتى وقتنا الحالى، وفى مقدمتها ملفات مثل «زيادة الصادرات»، «تعميق التصنيع المحلى» و«خفض فاتورة الاستيراد».

مستحقات المصدرين

في المقابل يعتبر ملف «مستحقات المصدرين المصريين» واحدا من أهم الملفات الشائكة التي تصدت لها وزيرة الصناعة عقب توليها الوزارة، حيث أعلنت في أول لقاء صحفى لها أن هذا الملف تضعه الوزارة على رأس اهتماماتها، من خلال برنامج المساندة التصديرية وصرف المتأخرات الخاصة بالشركات المصدرة، وإعداد البرنامج الجديد.

كما أعلنت الوزيرة عن رؤية الوزارة في عدد من الملفات مثل إعداد رؤية حول عمل المجالس التصديرية لتحديد المهام والاختصاصات، فضلًا عن إعداد رؤية شاملة بالتعاون مع مجتمع المصدرين حول منظومة عمل المجالس التصديرية لتحديد اختصاصات ومستهدفات كل مجلس، هذا إلى جانب الإعلان عن أن صرف المستحقات التصديرية سيتم وفق الآليات التي تم وضعها سواء بالمقاصة مع الضرائب أو الجمارك.

وفى الإطار ذاته أوضحت وزير الصناعة أنه ستكون هناك خطة لصرف المستحقات التصديرية وفق ما تم الاتفاق عليه بين وزارة الصناعة والمالية، وبمتابعة من مجلس الوزراء، وذلك حتى يتسنى للشركات صرفها بما ينعكس في فتح أسواق جديدة، ورفع القدرة التنافسية للمنتج المصري.

المنتج المحلي

لم تتوقف تعاهدات «نيفين» عند هذا الحد فقط، حيث أنها امتدت إلى خطة الوزارة في الحد من الواردات وتشجيع المنتج المحلى، وذلك من خلال تقليل معدلات الاستيراد وزيادة إنتاجية المصانع المحلية، والعمل على رفع معدلات التصدير.

إلى جانب خطوات وزير الصناعة، نفذت حكومة الدكتور مصطفى مدبولى، مجموعة من الإصلاحات والخطوات في كافة القطاعات، ومن ضمنها القطاع الصناعى تدراكا للتداعيات السلبية التي فرضتها أزمة تفشي وانتشار فيروس كورونا المستجد (كوفيد - 19).

ومن ناحية أخرى أعلنت الوزيرة في أيامها الأولى داخل «التجارة والصناعة» عن هدفها نحو تحسين منظومة الخدمات المقدمة لمجتمع المصدرين والمستوردين، من خلال الالتزام بتنفيذ أحدث النظم والقواعد المتبعة دوليًّا في إجراءات الفحص والإفراج عن الشحنات المصدرة والمستوردة، وبما يسهم في تيسير حركة التجارة بين مصر وشركائها التجاريين، وأطلقت الهيئة العامة للرقابة على الصادرات والورادات، وهى إحدى الجهات التابعة للوزارة، خدمة تتبع السلع المستوردة داخل الأسواق لمتابعه جودة السلع المستوردة.

ووضع المزيد من الضوابط اللازمة لمتابعتها داخل الأسواق لضمان جودتها، حيث تستهدف الصناعة من هذه الخطوة إلى الحفاظ على حقوق المستهلكين واتخاذ التدابير اللازمة للحد من السلع الرديئة، كما توفر الهيئة نموذجا لبيانات السلع المستوردة محل الشكوى حتى يمكن تتبع مصدرها وتلافي تكرار مثل هذه المشكلات مرة أخرى.

المكاتب التجارية

وفى السياق ذاته تعهدت الوزيرة، بتفعيل دور المكاتب التجارية المصرية بالخارج للمساهمة في توفير الفرص التصديرية للشركات المصرية والترويج للمنتج المصري في مختلف الأسواق الخارجية، هذا إلى جانب تعهدها بالتوسع في الأسواق التي يتواجد فيها المنتج المصري حاليًا وبصفة خاصة في السوق الأفريقي، ومما لا شك فيه أن أزمة فيروس كورونا، أثرت بشكل واضح على أداء الصادرات في كافة بلدان العالم ومنها الصادرات المصرية.

حيث تراجعت صادرات مصر من السلع غير البترولية بنسبة 2.5% خلال أول 9 أشهر من العام الجاري لتصل إلى 18.76 مليار دولار مقابل 19.23 مليار دولار خلال نفس الفترة في 2019، وفقا لاحدث البيانات الصادرة عن الجهاز المركزى للتعبئة العامة والإحصاء. وإلى جانب التصريحات السابقة، تحدثت عقب توليها مسئولية «الصناعة» عن وضع آلية لتطبيق القرار الوزاري رقم 43 الخاص بتسجيل الشركات المصدرة للسوق المصرية.

وذلك لتحديد إجراءات تطبيق القرار وبما يسهم في التيسير على مجتمع الأعمال، ولعل هذا الملف الشائك لا يزال محل مطالبات بأهمية إعادة النظر في هذا القرار، وفيما يتعلق بالأراضي للأنشطة الصناعية، أعلنت الوزيرة أنه سيجري العمل على فك أي تشابك في اختصاصات العمل بين هيئتي التنمية الصناعية والمجتمعات العمراني، وهو ما تحقق بالفعل على أرض الواقع. 

وفى هذا السياق قال محمد المهندس، رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات: ملف تشجيع المنتج المحلى لا بد وأن يحظى باهتمام بشكل أكبر مما هو عليه الآن خلال المرحلة المقبلة، حيث فرضت أزمة كورونا ضرورة الاعتماد على الصناعات الوطنية مما يستدعى أهمية تشجيعها.

كما يجب العمل على تخفيض فاتورة الاستيراد مما يعطى فرصة لتعميق التصنيع المحلي بشكل أكبر، مع الأخذ في الاعتبار أن الشركات الصناعية المحلية مازالت تعانى من تطبيق قرار تفعيل المنتج المحلى، وشدد «المهندس» على أن «تعميق المنتج الصناعي المحلي يساهم في تشجيع وتنمية الصناعة المصرية بمختلف قطاعتها، فضلا عن خفض تكلفة استيراد مكونات التصنيع من الخارج».

مشيرًا إلى أن «تقليل فاتورة الواردات هو نهج حكومى جيد، ولا بد من المزيد من الخطوات الفاعلة في هذا الشأن، وتعميق التصنيع المحلي ينعكس إيجابيا في إحلال المنتج المصري بديلا عن المتسورد»

التحول الرقمي

بدوره.. أوضح خالد الميقاتي، رئيس مجلس إدارة جمعية المصدرين المصريين-إكسبولينك،أن «مصر تخطو خطوات جيدة نحو التحول الرقمى وتعزيز آليات التكنولوجيا، وهذا النهج سوف ينعكس على أداء العمل خلال المرحلة المقبلة»، مضيفًا أن «منظومة المعارض تغيرت ملامحها بالكامل نتيجة التداعيات السلبية لأزمة فيروس كورونا»، وتابع: إستراتيجية الجمعية خلال المرحلة المقبلة تستهدف تنفيذ بعض الآليات الجديدة لرفع معدل تنمية الصادرات المصرية.

وذلك في ظل التداعيات السلبية لأزمة كورونا، كما أن المشاركة في المنصات التفاعلية والمعارض الافتراضية أصبحت الآلية المتاحة للتنفيذ حاليا، وذلك في ظل الإجراءات الاحترازية التي تتخذها الدول لمواجهة فيروس كورونا.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية