اتفاقيات السلام المزعومة.. وأوهام التطبيع!
يخلط كثير من أنصار
التطبيع مع العدو الصهيوني بين الاتفاقيات المزعومة التي وقعها بعض المسؤولين السياسيين
في لحظة تاريخية ما، وبين التطبيع في العلاقات مع العدو، وهناك من يتطرف في تصوره ويعتبر
معارضي عملية التطبيع خارجين عن الثوابت الوطنية، بل طالب الأكثر تطرفا منهم السلطة
السياسية بضرورة محاكمة معارضي التطبيع, باعتبارهم مرتكبي جرائم وخارجين على القانون، في تصور خاطئ منهم بأن الاتفاقيات المبرمة مع العدو قد أصبحت ملزمة للشعب بحكم التصديق
عليها من قبل المجلس النيابي.
والذين يخلطون الأوراق لا يستطيعون التفرقة بين الاتفاقيات السياسية التي يعقدها المسؤولون السياسيون وبين عملية تطبيع العلاقات التي هى بالأساس ذات طابع شعبي بعيدة كل البعد عن الاتفاقيات السياسية وهذه العلاقات الإنسانية التطبيعية لا يمكن لمخلوق أن يلزم الشعوب في علاقاتها وممارساتها اليومية بتطبيقها.
أمريكا والديمقراطية المزعومة!
فملابسات توقيع الاتفاقيات السياسية تؤكد دائما أنها وجهات نظر المسؤولين السياسيين الذين يوقعونها والتي يصرون عليها بغض النظر عن موقف شعوبهم منها، وعلى الرغم من أن الدساتير قد تنص على ضرورة الاستفتاء على مثل هذه الاتفاقيات أو موافقة المجلس النيابي عليها باعتباره ممثلا ووكيلا عن الشعب فإن إرادة من في السلطة غالبا ما تفرض في هذه الحالة، لكن تظل الاتفاقية ملزمة فقط لمؤسسات الدولة السياسية.
أما عملية التطبيع والتي تشكل أحد بنود اتفاقيات السلام المزعومة مع العدو فترتبط بقرار الشعب نفسه، لذلك فهي ليست ملزمة للشعوب، فالعقل الجمعي الشعبي المصري والعربي قد استقر على أن العدو الصهيوني هو العدو الأول لأمتنا العربية ولا يمكن أن نقبل التطبيع معه رغم عقد اتفاقيات رسمية من قبل السلطة السياسية.
وتعد اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس السادات عام 1979 مع العدو الصهيوني خير شاهد وخير دليل، ففي أعقاب نصر أكتوبر 1973 ويمكن قبله بدأ الرئيس السادات في التفكير والتشاور والتفاوض مع الأمريكان والصهاينة للترتيب لإنهاء حالة العداء مع العدو الصهيوني على المستوى الرسمي، وجاءت أولى الخطوات العملية بالإعلان المذهل للرئيس السادات أمام البرلمان المصري في عام 1977 بعزمه على الذهاب إلى القدس والتحدث أمام الكنيست، وبعد خطابه بأيام قليلة تلقى الدعوة من حكومة العدو الصهيوني مرحبة بحرارة بالزيارة التي تمت في 9 نوفمبر 1977 .
وفي أعقابها بدأت محادثات السلام المزعومة التي انتهت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الرئيس السادات ورئيس وزراء العدو الصهيوني مناحيم بيجن في 17 سبتمبر 1978 بعد مفاوضات سرية استمرت 12 يوما برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وفي 26 مارس 1979 تم التوقيع على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأثارت اتفاقية السلام المزعومة ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، ففي مصر استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية وأطلق عليها "مذبحة التنازلات" وكتب في كتابه "السلام الضائع في اتفاقيات كامب ديفيد" الذي نشر في مطلع الثمانينيات أن "ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل", وعلى الصعيد العربي عقد مؤتمر قمة رفضت فيها الاتفاقية واتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الاتفاقية المزعومة..
ماذا فعل الجنرال إعلام في العقل الجمعي العربي؟!
وعلى المستوى الشعبي خرجت التظاهرات الرافضة في كل العواصم العربية بما فيها العاصمة المصرية، ورغم حالة الرفض الرسمي والشعبي استمر الرئيس السادات في طريق استكمال إجراءات الاتفاقية بما يتوافق مع الدستور المصري، حيث عرض الاتفاقية على البرلمان بعد 15 يوماً من توقيعها، وتصدى للمعاهدة 16 نائباً فقط وعلى الرغم من موافقة الأغلبية إلا أن صوت المعارضة كان مدوياً ومدعوماً شعبياً فاضطر في اليوم التالي لجلسة البرلمان 11 أبريل 1979 إعلان حل مجلس الشعب، وطرح المعاهدة للاستفتاء الشعبي طبقاً لنصوص الدستور، كما طرح حل المجلس للاستفتاء أيضاً، وجاءت النتيجة موافقة بالإجماع، وتمت دعوة الناخبين لانتخابات جديدة في يونيو 1979.
وعلى الرغم من تمرير الرئيس السادات للاتفاقية السياسية على المستوى الرسمي إلا أنه لم يتمكن من تمرير بند التطبيع لأنه يتعلق بالعقل والضمير الشعبي، لذلك لم تحاول السلطة السياسية في مصر على مدار ما يزيد على الأربعة عقود كاملة فرض بند التطبيع على الشعب المصري، لإدراكها أن التطبيع ليس قراراً سياسياً كالاتفاقية المزعومة فالاتفاق السياسي لا يمكن أن يغير كراهية الشعب للعدو الصهيوني الملوثة أياديه بدماء شهداء الوطن، والمغتصب للأرض العربية والتي تقر الاتفاقيات المزعومة باستمراره في احتلالها، فالشعب يؤمن بأن معركته مع العدو معركة وجود وليس حدود كما يفهمها القادة السياسيين الذين يوقعون الاتفاقيات، وما عرضناه بالنسبة لاتفاقية كامب ديفيد هو نفسه ما يمكن عرضه وقوله بالنسبة لاتفاقية أوسلو ووادي عربة.
وعندما حاول العدو الصهيوني قبل أيام اختبار التطبيع مجددا مع الشعب المصري عبر ممثل شهير يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة بين الشباب المصري معتقدين أن هؤلاء الشباب الذين ولدوا بعد كامب ديفيد قد يسهل اصطيادهم لفخ التطبيع, وجدوا أنفسهم في مآزق شديد ولمسوا بأنفسهم حجم الكراهية والرفض الشعبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي اخترعوها كوسيلة للتجسس وقياس الرأي العام داخل مجتمعاتنا، ولعل العبارة التي أطلقها الممثل يلوم فيها جمهوره على خذلانه خير رسالة للعدو الصهيوني أن محاولاتهم لن تؤتي بثمارها.
وهنا نعود لأنصار التطبيع محدودي العدد والقدرات العقلية داخل المجتمع المصري والعربي ونقول لهم كفى تزييفاً للوعي وخلطاً للأوراق فالاتفاقيات المزعومة ملزمة لمؤسسات الدولة السياسية، أما التطبيع فهو قرار شعبي بامتياز، وأي مسؤول سياسي حتى ولو كان رئيس الدولة قد يلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع العدو مادام في موقعه السياسي، لكن حين يتحدث بوصفه مواطناً عادياً فسوف يرفض أي لقاء ولن يقبل بالتقاط صورة واحدة مع أحد أبناء العدو الصهيوني، اللهم بلغت اللهم فاشهد.
والذين يخلطون الأوراق لا يستطيعون التفرقة بين الاتفاقيات السياسية التي يعقدها المسؤولون السياسيون وبين عملية تطبيع العلاقات التي هى بالأساس ذات طابع شعبي بعيدة كل البعد عن الاتفاقيات السياسية وهذه العلاقات الإنسانية التطبيعية لا يمكن لمخلوق أن يلزم الشعوب في علاقاتها وممارساتها اليومية بتطبيقها.
أمريكا والديمقراطية المزعومة!
فملابسات توقيع الاتفاقيات السياسية تؤكد دائما أنها وجهات نظر المسؤولين السياسيين الذين يوقعونها والتي يصرون عليها بغض النظر عن موقف شعوبهم منها، وعلى الرغم من أن الدساتير قد تنص على ضرورة الاستفتاء على مثل هذه الاتفاقيات أو موافقة المجلس النيابي عليها باعتباره ممثلا ووكيلا عن الشعب فإن إرادة من في السلطة غالبا ما تفرض في هذه الحالة، لكن تظل الاتفاقية ملزمة فقط لمؤسسات الدولة السياسية.
أما عملية التطبيع والتي تشكل أحد بنود اتفاقيات السلام المزعومة مع العدو فترتبط بقرار الشعب نفسه، لذلك فهي ليست ملزمة للشعوب، فالعقل الجمعي الشعبي المصري والعربي قد استقر على أن العدو الصهيوني هو العدو الأول لأمتنا العربية ولا يمكن أن نقبل التطبيع معه رغم عقد اتفاقيات رسمية من قبل السلطة السياسية.
وتعد اتفاقية كامب ديفيد التي وقعها الرئيس السادات عام 1979 مع العدو الصهيوني خير شاهد وخير دليل، ففي أعقاب نصر أكتوبر 1973 ويمكن قبله بدأ الرئيس السادات في التفكير والتشاور والتفاوض مع الأمريكان والصهاينة للترتيب لإنهاء حالة العداء مع العدو الصهيوني على المستوى الرسمي، وجاءت أولى الخطوات العملية بالإعلان المذهل للرئيس السادات أمام البرلمان المصري في عام 1977 بعزمه على الذهاب إلى القدس والتحدث أمام الكنيست، وبعد خطابه بأيام قليلة تلقى الدعوة من حكومة العدو الصهيوني مرحبة بحرارة بالزيارة التي تمت في 9 نوفمبر 1977 .
وفي أعقابها بدأت محادثات السلام المزعومة التي انتهت بتوقيع اتفاقية كامب ديفيد بين الرئيس السادات ورئيس وزراء العدو الصهيوني مناحيم بيجن في 17 سبتمبر 1978 بعد مفاوضات سرية استمرت 12 يوما برعاية الرئيس الأمريكي جيمي كارتر، وفي 26 مارس 1979 تم التوقيع على معاهدة السلام المصرية الإسرائيلية في واشنطن عاصمة الولايات المتحدة الأمريكية.
وأثارت اتفاقية السلام المزعومة ردود فعل معارضة في مصر ومعظم الدول العربية سواء على المستوى الرسمي أو الشعبي، ففي مصر استقال وزير الخارجية محمد إبراهيم كامل لمعارضته الاتفاقية وأطلق عليها "مذبحة التنازلات" وكتب في كتابه "السلام الضائع في اتفاقيات كامب ديفيد" الذي نشر في مطلع الثمانينيات أن "ما قبل به السادات بعيد جداً عن السلام العادل", وعلى الصعيد العربي عقد مؤتمر قمة رفضت فيها الاتفاقية واتخذت جامعة الدول العربية قراراً بنقل مقرها من القاهرة إلى تونس احتجاجاً على الاتفاقية المزعومة..
ماذا فعل الجنرال إعلام في العقل الجمعي العربي؟!
وعلى المستوى الشعبي خرجت التظاهرات الرافضة في كل العواصم العربية بما فيها العاصمة المصرية، ورغم حالة الرفض الرسمي والشعبي استمر الرئيس السادات في طريق استكمال إجراءات الاتفاقية بما يتوافق مع الدستور المصري، حيث عرض الاتفاقية على البرلمان بعد 15 يوماً من توقيعها، وتصدى للمعاهدة 16 نائباً فقط وعلى الرغم من موافقة الأغلبية إلا أن صوت المعارضة كان مدوياً ومدعوماً شعبياً فاضطر في اليوم التالي لجلسة البرلمان 11 أبريل 1979 إعلان حل مجلس الشعب، وطرح المعاهدة للاستفتاء الشعبي طبقاً لنصوص الدستور، كما طرح حل المجلس للاستفتاء أيضاً، وجاءت النتيجة موافقة بالإجماع، وتمت دعوة الناخبين لانتخابات جديدة في يونيو 1979.
وعلى الرغم من تمرير الرئيس السادات للاتفاقية السياسية على المستوى الرسمي إلا أنه لم يتمكن من تمرير بند التطبيع لأنه يتعلق بالعقل والضمير الشعبي، لذلك لم تحاول السلطة السياسية في مصر على مدار ما يزيد على الأربعة عقود كاملة فرض بند التطبيع على الشعب المصري، لإدراكها أن التطبيع ليس قراراً سياسياً كالاتفاقية المزعومة فالاتفاق السياسي لا يمكن أن يغير كراهية الشعب للعدو الصهيوني الملوثة أياديه بدماء شهداء الوطن، والمغتصب للأرض العربية والتي تقر الاتفاقيات المزعومة باستمراره في احتلالها، فالشعب يؤمن بأن معركته مع العدو معركة وجود وليس حدود كما يفهمها القادة السياسيين الذين يوقعون الاتفاقيات، وما عرضناه بالنسبة لاتفاقية كامب ديفيد هو نفسه ما يمكن عرضه وقوله بالنسبة لاتفاقية أوسلو ووادي عربة.
وعندما حاول العدو الصهيوني قبل أيام اختبار التطبيع مجددا مع الشعب المصري عبر ممثل شهير يمتلك قاعدة جماهيرية عريضة بين الشباب المصري معتقدين أن هؤلاء الشباب الذين ولدوا بعد كامب ديفيد قد يسهل اصطيادهم لفخ التطبيع, وجدوا أنفسهم في مآزق شديد ولمسوا بأنفسهم حجم الكراهية والرفض الشعبي عبر مواقع التواصل الاجتماعي التي اخترعوها كوسيلة للتجسس وقياس الرأي العام داخل مجتمعاتنا، ولعل العبارة التي أطلقها الممثل يلوم فيها جمهوره على خذلانه خير رسالة للعدو الصهيوني أن محاولاتهم لن تؤتي بثمارها.
وهنا نعود لأنصار التطبيع محدودي العدد والقدرات العقلية داخل المجتمع المصري والعربي ونقول لهم كفى تزييفاً للوعي وخلطاً للأوراق فالاتفاقيات المزعومة ملزمة لمؤسسات الدولة السياسية، أما التطبيع فهو قرار شعبي بامتياز، وأي مسؤول سياسي حتى ولو كان رئيس الدولة قد يلتزم بالاتفاقيات الموقعة مع العدو مادام في موقعه السياسي، لكن حين يتحدث بوصفه مواطناً عادياً فسوف يرفض أي لقاء ولن يقبل بالتقاط صورة واحدة مع أحد أبناء العدو الصهيوني، اللهم بلغت اللهم فاشهد.