د. ياسمينا شاهين تكتب: النهاية خير
لا ينضب الخير.. لا ينضب ما دامت أمطار الصدق تزيده ولا تنقصه، ما دامت أحلام الورد الصافي تنعكس عليه فتجمله.. مادام تغريد الوفاء يحاوطه ويعانقه.. مادامت سماء العطف تعلوه وتشمله.
لم يخلق قانون بعدُ على وجه الأرض يمنع حق الإنسان من العيش في خير.. من وجود قلوب خيِّرة.. من خلق مستقبل مليء بالأمن والأمان الداخلي والشعور الوجداني بقوة الأماني.. الأماني الصادقة التي تبني ولا تهدم.
كم يحزنني فقدان الإنسان الثقة في روحه الطاهرة.. فقدانه الثقة في فطرة الله الصادقة.. شعوره بالخوف والتردد عند اتخاذ قراره.. إعطاء الأمان لأي إنسان مهما كان!
نعم.. قد يكون الكثير منا محقًّا لما تعرض له من غدر الزمان وفراق البيان.. ولكن إذا نظرنا في حال الإنسان وتمعنا بداخل هذا الكيان، سندرك ان النفس كما يغلبها الشر في كثير من الاحيان.. لابد وأن يصارعها الخير ولابد أن ينتصر.. ولكن الخير أصعب.. يحتاج لمجهود لإبرازه.. يحتاج لساقية ترويه.
الخير أرض خصبة.. ولكنها تحتاج لرعاية واهتمام كي تطرح ثمارا.. تحتاج لتثقيف وتعليم و ترسيخ لمبادئ الدين والدنيا.
الخير فطرة، كفطرة العبادة والطعام ولكنها إن تركت دون روية، لابد أن تجف.. لابد وأن تزول.. وهذه سنة الله في كل شيء، شئنا أم أبينا.
إذن ينقصنا البحث عن الأمل، فكما يوجد غروب يوجد شروق.. كما يوجد موت توجد ولادة.. لابد وأن ندفع بالتي هي أحسن.. أن نكظم الغيظ.. أن نكف عن الأذى.. أن نرد الاساءة بالإحسان.. أن نعمل صالحا يرضاه الله.. أن نبتغي وجه الله.. أن نصادق من أجل الله.. ونحب الناس في الله.. وأن نعمل صالحا راجين فقط عفو الله.
للأسف، قد تحكم المصلحة في كثير من الأحيان بحكم الحياة.. ولكن لماذا يجعلها الناس الحاكم الاعظم الذي يرسم التعاملات ويملي الشروط ؟!
لماذا تخلق المادة سورًا صعب تحطيمه بين أرواح البشر، وقيودًا يعجز الزمن عن إحلالها ؟!
لماذا تحطم العلاقات الرحمية ؟!
أيمكن أن يحكم الزوال على الأبد ؟!
أيمكن أن يحكم الشيطان على الملاك ؟!
الحق بيِّن والباطل بين.. ولكلٍّ عقلٌ يميز به الخبيث من الطيب ولكن لكي ينمو الطيب يلزمه تنشئة كما قلنا.. تنشئة متكاملة كي يغلب على قوى الشر العنيفة الصارمة المحطمة لنقاء الإنسانية ورقي الروح..
أما إذا فقدنا الأمل، فلنبارك لحياتنا التي ستصبح رغمًا عنا حلبة صراع أو غابة البقاء فيها للشيطان وأعوانه.. البقاء فيها للأقوى.
الأقوى ظلما وبهتانا.. الأقوى زيفا وإجحافا..
ولن يصبح هناك مجال بعد ذلك للوم؛ فنحن سبب البداية ونتيجة النهاية..