رئيس التحرير
عصام كامل

مصر «تحت رحمة» الوقود.. شوارع القاهرة تصاب بشلل مروري.. مسئول بـ«البترول»: 500 مليون دولار عجز في مخصصات الوزارة.. «هدارة»: الكروت الذكية السبب.. «كمال»: المظاه

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

خيمت أزمة نقص الوقود، على أغلب المناطق في مصر، على مدى الأيام الماضية لتصل إلى ذروتها أمس الثلاثاء، قبيل أيام من تظاهرات دعت لها المعارضة في 30 يونيو الجاري، لإسقاط نظام الرئيس محمد مرسي الذي تولى الحكم قبل نحو عام.


وأدى نقص الوقود إلى تكدس السيارات بكثافة أمام محطات التموين، وإصابة الشوارع بالشلل المروي، لاسيما في العاصمة القاهرة.

وبينما تضاربت التصريحات الحكومية حول أسباب الأزمة الحالية، قال مسئولون في قطاع البترول، إن فترة الاضطرابات السياسية والأمنية خلال الأشهر الماضي شهدت أزمات متعمدة عبر تهريب الوقود وتخزينه خوفا من نقصه في الأسواق.

وقال مصدر مسئول في الهيئة العامة للبترول، إن الأزمة ترجع إلى تأخر صرف المخصصات التي طلبتها وزارة البترول من وزارة المالية والمقدرة بنحو 500 مليون دولار، لسد احتياجات السوق من السولار والبنزين.

وأضاف المصدر: "وزارة المالية حولت 100 مليون دولار فقط هذا الشهر وهي لا تكفي لسد احتياجات السوق من المواد البترولية، بينما تحتاج الهيئة شهريا لنحو 600 مليون دولار، لتمويل استيراد المنتجات البترولية المدعومة مثل السولار والبنزين والبوتاجاز".

لكن فياض عبد المنعم وزير المالية قال: "الوزارة لا تؤخر تحويل المخصصات الشهرية لوزارة البترول تحت أي ظرف"، وأضاف أن:" تفاقم أزمة نقص البنزين خلال الفترة الأخيرة يرجع إلى اتجاه بعض أصحاب محطات الوقود إلى بيع البنزين في السوق السوداء".

ووجهت وزارة البترول الاتهامات إلى رافضي تطبيق منظومة توزيع الوقود بنظام الكروت الذكية، التي بدأتها مطلع يونيو الجاري، لمنع تهريبه للسوق السوداء، بالتسبب في أزمة نقص البنزين والسولار بمحطات الوقود.

وقال شريف هدارة وزير البترول، إن الأزمة الحالية ترجع إلى بدء الحكومة في تطبيق الكروت الذكية في توزيع المنتجات البترولية، وهو ما قوبل بعدم ارتياح من جانب بعض القائمين على نشاط التوزيع ومحطات التموين.

وأشارت الرئاسة المصرية في تقرير لها مساء أمس إلى أن أسباب أزمة الوقود الحالية ترجع إلى زيادة احتياجات السوق من الاستهلاك الطبيعي وعمليات التهريب التي وصلت إلى 380.5 مليون لتر سولار، و52.1 مليون لتر من البنزين في الفترة من يونيو 2012 وحتى مايو 2013 وهى الفترة التي تولى فيها الرئيس محمد مرسى الحكم.

وحسب وزارة البترول، فإن الحكومة تستهدف توفير نحو 15 مليار جنيه من تطبيق نظام الكروت الذكية في توزيع السولار والبنزين خلال العام المالي الجديد 2013/2014، الذي يبدأ مطلع يوليو المقبل.

وقال وزير البترول في مؤتمر صحفي مساء الثلاثاء في الرئاسة المصرية، إن تكدس السيارات أمام محطات التموين، بسب المخاوف من تأثير تظاهرات 30 يونيو على الإمدادات تسبب أيضا في الأزمة.

وأضاف:" الحكومة ستزيد من ضخ المواد البترولية خلال الفترة المقبلة وستنتهي هذه الظاهرة خلال الأيام القليلة المقبلة".

وقال ناصر الفراش المتحدث باسم وزارة التموين يوم الأحد الماضي، إن كميات استهلاك الوقود التي يتم ضخها يوميا للمحطات تبلغ نحو 35 مليون لتر سولار، بزيادة 3% عن الاستهلاك المعتاد، ونحو 7.2 ملايين طن من بنزين 80، و7.2 ملايين طن من بنزين 90 و92، بزيادة تصل إلى نحو 10%.

وقال مسئولون في قطاع البترول، إن فترة الاضطرابات السياسية، غالبا ما تقترن في الفترة الأخيرة بأزمات في الوقود بالبلاد، مما تسبب في ازدياد حدة الانتقادات الشعبية لحكومة هشام قنديل في الأشهر الأخيرة.

في حين، أشار أسامة كمال وزير البترول والثروة المعدنية السابق: "لو نظرنا إلى الخريطة الزمنية للاضطرابات الجوهرية التي شهدتها البلاد سنجد أن أغلبها مقرون بنقص ملحوظ في توافر الوقود مثل السولار والبنزين، حيث يقل بسبب قطع الطرق أو لعمليات تخزين واسعة من جانب بعض الأفراد".

وأضاف كمال: "في الذكرى الثانية لثورة 25 يناير من العام الجاري على سبيل المثال ومع تنظيم بعض القوى السياسة لمظاهرات ضد النظام، فوجئنا بنقص متعمد في السولار رغم أن المطروح كان أكبر من المطلوب، لكن البعض استغل الموقف وقاموا بعمليات تخزين واسعة للمنتج".

وقال إن 20% من دعم المنتجات البترولية التي يتم طرحها يوميا تذهب لغير المستحقين خاصة التجار والمنتفعين.

وقال تامر هيكل مدير المكتب الفني لوزير البترول، إن الاضطرابات السياسية والانفلات الأمني الذي شهدته مناطق مختلفة في مصر خلال العام الجاري رفعت من حجم مخصصات دعم المنتجات البترولية في العام المالي الحالي الذي ينتهي في 30 يونيو الجاري، بنسبة تزيد عن 72% عن المحدد في موازنة الدولة.

وأضاف هيكل، إن موازنة دعم المنتجات البترولية كانت محددة بـ70 مليار جنيه في العام الجاري، لكنها ستقفز لنحو 122 مليار جنيه، بسبب الاضطرابات السياسية وحالات الانفلات التي شهدتها مصر.

وتقوم هيئة البترول باستيراد 40% من كمية السولار المطروحة يوميا والذي يبلغ 35 ألف طن في المتوسط حيث لا تتيح المعامل المحلية سوى 23 ألف طن يوميا من الاستهلاك المحلى.

وتعانى مصر من أزمات مزمنة في السولار منذ عامين مع نقص المخصصات المالية وزيادة عمليات التهريب والإتجار فيه من جانب بعض أصحاب المحطات والتجار.

لكن حسام عرفات رئيس شعبة الوقود باتحاد الغرف التجارية قال:" نعلم أن الاضطرابات السياسية والأمنية تتحمل جزءا من مشكلة نقص الوقود، لكن السبب الحقيقي الذي يجب أن يدركه الجميع هو تناقص قدرة البلاد على استيراد المنتجات البترولية مع تآكل الاحتياطي الأجنبي لدى البنك المركزي".

وحسب تقرير الرئاسة المصرية أمس عن أزمة الوقود، فإن مديونيات الهيئة العامة للبترول بلغت 6.5 مليارات دولار في 30 يونيو 2012، مما أضعف من موقفها الائتماني.

وتراجع الاحتياطي النقدي من العملة الأجنبية من 36 مليار دولار، إلى 14 مليار دولار في الفترة من فبراير 2011 إلى يونيو 2012، بالإضافة إلى تراجع مصادر الدخل الأجنبي الأخرى خاصة السياحة والصادرات المصرية بسبب مناخ عدم الاستقرار.

لكن احتياطي النقد الأجنبي سجل أعلى معدل ارتفاع شهري بلغ نحو 1.6 مليار دولار بنهاية شهر مايو الماضي، الذي سجل فيه نحو 16 مليار دولار، مقارنة بشهر إبريل الماضي.

وأضاف عرفات:" هناك بالفعل تخزين للوقود من جانب الأفراد العاديين بسبب ضبابية الموقف السياسي ومراهنة الكثير من القوى على الإطاحة بالنظام الحاكم في مظاهرات 30 يونيو".

وأثار تكدس السيارات أمام محطات التموين لساعات طويلة حالة من الاستياء بين أصحاب السيارات، حيث يقول أحمد حسن، الذي يعمل موزعا لسلع كهربائية: "عملي يعتمد بشكل أساسي على السيارة وأقف منذ أكثر من ساعتين للحصول على البنزين وأخشى عند اقتراب دوري من أن يقول لنا عامل المحطة في اليوم السابق إن البنزين قد نفذ".

وأضاف حسن: "لا نعرف ما هو السبب الحقيقي وراء هذه الأزمات، سخطنا على نظام مبارك لفساده لسنوات، لكن إن كان مرسي غير قادر على حل أبسط المشاكل التي يعانيها المصريون فليرحل، كم سننتظر من السنوات للحصول على أبسط الحقوق في العيش والكسب، إن كان هناك من يعيق حكومته عن العمل فليتخذ قرارات حاسمة، لن نقبل أي مبررات جديدة بعد اليوم".
الجريدة الرسمية