تفسير قولة تعالى "اقتربت الساعة وانشق القمر" وسبب نزولها
نتوقف اليوم مع قول الحق سبحانه وتعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر: 1 - 3].
أولًا: سبب النزول: بعد وقوع تلك المعجزة الباهرة للنبي صلى الله عليه وسلم ألا وهي: انشقاق القمر نصفين، وكان ذلك بمكة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين، وقد رأى هذا الانشقاق كثير من الناس، وقد ذكر المفسرون كثيرًا من الأحاديث في هذا الشأن، حتى بلغت الأحاديث الواردة فيه مبلغ التواتر المعنوي؛ منها: ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية، فانشق القمر بمكة مرتين، فقال: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1].
فبعد وقوع تلك المعجزة العظيمة قال مشركو مكة: سحرنا محمد، فقالوا: إن كان سحرنا، فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فأنزل الله تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر: 1 - 3].
وروى الشيخان أيضًا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، حتى نظروا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشهدوا).
ثانيًا: جاء دفاع الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وفنَّد تهمة من قال إن انشقاق القمر نوع من السحر، وذلك بما يأتي:
1- بيَّن سبحانه أن انشقاق القمر علامة على قرب الساعة، فقال: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ﴾، فكان من المتوقع أن يفزع هؤلاء المشركون إلى الإيمان بالله ورسوله طلبًا للفوز، فإذا بهم لا يأبهون لهذا الحدث الضخم، ولا إلى تلك المعجزة الباهرة الدالة على قدرة الله تعالى ووحدانيَّته، وفي هذا دلالة على خِزيهم وانطماس بصائرهم، بل دليل على خذلان الله إياهم.
2- إن موقف المشركين من تلك المعجزة لم يتوقف عند الكفر بها، بل تعدى إلى اتهام سيد العالمين صلى الله عليه وسلم بما هو منه براء، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ [القمر: 2]، والمعنى: وإن يرَ هؤلاء المشركون آيةً ومعجزة تدل على صدقك - أيها الرسول الكريم - يُعرضوا عنها جحودًا وعنادًا، ويقولوا - على سبيل التكذيب لك -: ما هذا الذي أتيتنا به يا محمد إلا سحر مستمر؛ أي: سحر دائم نعرفه عنك، وليس جديدًا علينا منك.
ومُسْتَمِرٌّ؛ أي: دائم مطرد، وكل شيء قد انقادت طريقته، ودامت حاله، قيل فيه قد استمر؛ لأنهم لما رأوا تتابع المعجزات، وترادف الآيات، قالوا: (هذا سحر مستمر).
3- جاء الرد الحاسم على ادعاء أن تلك المعجزة سحر، فقال تعالى: ﴿ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر: 3]، قال ابن عاشور: والمعنى أن إعراضهم عن الآيات وافتراءهم عليها بأنها سحر ونحوه، وتكذيبهم الصادق وتمالُؤهم على ذلك، لا يوهن وقعها في النفوس ولا يعوق إنتاجها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم صائر إلى مصير أمثاله الحق.
وقال بعضهم: وفي هذه الآية: تسلية وتبشير للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه بحسن العاقبة وتيئيس وإقناط لأولئك المشركين من زوال أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما كانوا يتمنون ويتوهمون، وشبيه بهذه الآية قوله تعالى: ﴿ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 67].
أولًا: سبب النزول: بعد وقوع تلك المعجزة الباهرة للنبي صلى الله عليه وسلم ألا وهي: انشقاق القمر نصفين، وكان ذلك بمكة قبل هجرته صلى الله عليه وسلم بنحو خمس سنين، وقد رأى هذا الانشقاق كثير من الناس، وقد ذكر المفسرون كثيرًا من الأحاديث في هذا الشأن، حتى بلغت الأحاديث الواردة فيه مبلغ التواتر المعنوي؛ منها: ما رواه الشيخان عن أنس بن مالك قال: سأل أهل مكة النبي صلى الله عليه وسلم آية، فانشق القمر بمكة مرتين، فقال: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ ﴾ [القمر: 1].
فبعد وقوع تلك المعجزة العظيمة قال مشركو مكة: سحرنا محمد، فقالوا: إن كان سحرنا، فإنه لا يستطيع أن يسحر الناس كلهم، فأنزل الله تعالى: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانْشَقَّ الْقَمَرُ * وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ * وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر: 1 - 3].
وروى الشيخان أيضًا عن ابن مسعود رضي الله عنه قال: انشق القمر على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم شقتين، حتى نظروا إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: (اشهدوا).
ثانيًا: جاء دفاع الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم، وفنَّد تهمة من قال إن انشقاق القمر نوع من السحر، وذلك بما يأتي:
1- بيَّن سبحانه أن انشقاق القمر علامة على قرب الساعة، فقال: ﴿ اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَانشَقَّ الْقَمَرُ ﴾، فكان من المتوقع أن يفزع هؤلاء المشركون إلى الإيمان بالله ورسوله طلبًا للفوز، فإذا بهم لا يأبهون لهذا الحدث الضخم، ولا إلى تلك المعجزة الباهرة الدالة على قدرة الله تعالى ووحدانيَّته، وفي هذا دلالة على خِزيهم وانطماس بصائرهم، بل دليل على خذلان الله إياهم.
2- إن موقف المشركين من تلك المعجزة لم يتوقف عند الكفر بها، بل تعدى إلى اتهام سيد العالمين صلى الله عليه وسلم بما هو منه براء، فقال تعالى: ﴿ وَإِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَيَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ ﴾ [القمر: 2]، والمعنى: وإن يرَ هؤلاء المشركون آيةً ومعجزة تدل على صدقك - أيها الرسول الكريم - يُعرضوا عنها جحودًا وعنادًا، ويقولوا - على سبيل التكذيب لك -: ما هذا الذي أتيتنا به يا محمد إلا سحر مستمر؛ أي: سحر دائم نعرفه عنك، وليس جديدًا علينا منك.
ومُسْتَمِرٌّ؛ أي: دائم مطرد، وكل شيء قد انقادت طريقته، ودامت حاله، قيل فيه قد استمر؛ لأنهم لما رأوا تتابع المعجزات، وترادف الآيات، قالوا: (هذا سحر مستمر).
3- جاء الرد الحاسم على ادعاء أن تلك المعجزة سحر، فقال تعالى: ﴿ وَكَذَّبُوا وَاتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ وَكُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ ﴾ [القمر: 3]، قال ابن عاشور: والمعنى أن إعراضهم عن الآيات وافتراءهم عليها بأنها سحر ونحوه، وتكذيبهم الصادق وتمالُؤهم على ذلك، لا يوهن وقعها في النفوس ولا يعوق إنتاجها، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم صائر إلى مصير أمثاله الحق.
وقال بعضهم: وفي هذه الآية: تسلية وتبشير للنبي صلى الله عليه وسلم ولأصحابه بحسن العاقبة وتيئيس وإقناط لأولئك المشركين من زوال أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- كما كانوا يتمنون ويتوهمون، وشبيه بهذه الآية قوله تعالى: ﴿ لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَسَوْفَ تَعْلَمُونَ ﴾ [الأنعام: 67].