رئيس التحرير
عصام كامل

الحريات في زمن بايدن.. "مجلس حقوق الإنسان".. بين رئيسين .. و"عقيل" الرئيس بارع في "مخططات الخفاء"

جو بايدن
جو بايدن
كلما اقتربت لحظة تنصيب جو بايدن رئيسًا للولايات المتحدة الأمريكية رسميًا لمدة 4 سنوات مقبلة، يضاعف المراقبون السياسيون والحقوقيون طموحاتهم بشأن أن يُصحح الساكن الجديد للبيت الأبيض ما أفسده سلفه "دونالد ترامب" بشأن ملف الحريات على مستوى العالم بصفة عامة، وبعض دول منطقة الشرق الأوسط بصفة خاصة، والتي تنوعت بين: قتل وتصفيات جسدية واعتقالات وإعدامات جماعية وإخفاء قسرى وتعذيب في السجون ومراكز الاحتجاز وقمع الحريات وإغلاق الصحف والفضائيات وحجب المواقع الإخبارية ووأد الصحافة واعتقال الصحفيين.


المراقبون يرون أن الرئيس المنتهية ولايته وصلاحيته أسهم في تغذية وتحصين انتهاكات حقوقية على نطاق واسع، لا سيما في بعض الدول الخليجية، وهو ما يتصادم مع السياسات المحتمل تطبيقها من جانب الحاكم الجديد للولايات المتحدة، بحسب ما تبنته حملته الدعائية إبَّان العملية الانتخابية.

ورغم أن الواقع أثبت أن "المتغطى بأمريكا عريان"، إلا إن كثيرين لا يزالون يعوِّلون على "بايدن" ونابته السمراء "كاميلا هاريس" وفريقه في فرض واقع جديد في بعض دول الشرق الأوسط من خلال سياسات حاكمة وضوابط صارمة تسمح بهوامش متوسطة من حرية الرأى والتعبير. وفى هذا الملف.

تستشرف "فيتو" من خلال عدد من الخبراء السياسيين والأكاديميين مستقبل الحريات وخريطتها وتفاصيلها في عهد الإدارة الأمريكية الجديدة خلال السنوات الأربعة المقبلة.

الأمم المتحدة

زلزال هز أروقة الأمم المتحدة بآلياتها الدولية، في يوليو 2018 فور إعلان الولايات المتحدة الأمريكية، انسحابها الرسمية من عضوية مجلس حقوق الإنسان بجنيف، وهو المعني بمراقبة حالة حقوق الإنسان في دول العالم. 

يترنج موقف الإدارة الأمريكية من المجلس الوليد الذي أسس عام 2006 ويضم عضوية 47 دولة بالانتخاب كل 3 سنوات وينعقد مرتين في العام فيما يعرف بالاستعراض الدوري الشامل أو المراجعة الدورية الشاملة لتقييم حالة حقوق الإنسان في العالم، فمنذ التأسيس رفضت «واشنطن» في البداية الانضمام إلى المجلس، بحجة أنه، مثل المفوضية القديمة، وأنه يعترف بدول سجلها سيئ السمعة في مجال حقوق الإنسان، ولم تعد الولايات المتحدة للمجلس إلا في عهد الرئيس باراك أوباما، عام 2009.

في عام 2013، في الولاية الثانية للرئيس باراك أوباما، جددت الولايات المتحدة الأمريكية انتقادها للمجلس، بعد أن انضم كل من الصين وروسيا والسعودية والجزائر وفيتنام كأعضاء منتخبين.

ترامب

مع تولي دونالد ترامب، رئاسة الولايات المتحدة الأمريكية، زادت الانتقادات الموجهة لآليات الأمم المتحدة، وفي مقدمها مجلس حقوق الإنسان إلى أن جاء يونيو 2018، أعلنت الولايات المتحدة انسحابها رسميا من مجلس حقوق الإنسان، بسبب ما قالت إنه "انحياز ضد إسرائيل".

ووصفت نيكي هيلي، المندوبة الأمريكية لدى الأمم المتحدة، المجلس بأنه منظمة "منافقة وأنانية وتستهزأ بحقوق الإنسان، وذلك على خلفية اتهام إدارة الرئيس الأمريكي، دونالد ترامب، لمجلس حقوق الإنسان بأنه ينتهج "الانحياز المعادي لإسرائيل وشن حملة ممنهجة ضدها".

اعترضت الولايات المتحدة الأمريكية، من خلال ممثليها على استمرار البند السابع من اللائحة التأسيسية لمجلس حقوق الإنسان، والخاص بحالة حقوق الإنسان في فلسطين، واعتبرته انحيازا ضد إسرائيل، بينما جاء قرار الانسحاب الرسمي، بعد مقاطعة إسرائيل غير المسبوقة لإحدى جلسات الاستعراض الدوري الشامل، بحجة أن الانتقادات الموجهة إلى تل أبيب غير عادلة.

رأى حقوقيون أن انسحاب الولايات المتحدة قد يؤثر على جهود مراقبة ومعالجة قضايا حقوق الإنسان وما تتعرض له من اعتداء في جميع أنحاء العالم.إلا أن نيكي هيلي، ممثلة الولايات المتحدة لدى الأمم المتحدة، أكدت أن ما فعلته بلادها، ليس تراجعا عن التزاماتها بشأن حقوق الإنسان".

وحاول العديد من الحلفاء إقناع الولايات المتحدة بالبقاء في المجلس حتى هؤلاء الذين يؤيدون موقف واشنطن المنتقد للمنظمة الأمامية، كانوا يعتقدون أن عليها العمل بنشاط لإصلاحها من الداخل بدلًا من الانفصال.

بايدن

مع فوز جون بايدن، يتوقع حقوقيون مصريون عودة الولايات المتحدة لعضوية مجلس حقوق الإنسان، والتعامل أكثر مرونة مع الآليات والاتفاقيات الدولية، نظرًا لاهتمام الحزب الديمقراطي بقضايا حقوق الإنسان بشكل أوسع من الجمهوريين. 

قال عبد الغفار شكر، نائب رئيس المجلس القومي لحقوق الإنسان: إنه من المتوقع عودة الولايات المتحدة لعضوية مجلس حقوق الإنسان- إحدى الهئيات الدولية التابعة للأمم المتحدة- بعد رئاسة بايدن للولايات المتحدة الأمريكية، ويرجع هذا إلى أيدلوجية الحزب الديمقراطي الذي يطرح دائما قضايا حقوق الإنسان، ونظل محل اهتمام لدى الديمقراطيين.

وأشار نائب رئيس قومي حقوق الإنسان، إلى أن الرئيس الأمريكي الجديد، كان نائبًا وشريكا لباراك أوباما، الرئيس الأمريكي الأسبق، والذي اتخذ قرر بعودة عضوية الولايات المتحدة الأمريكية، إلى مجلس حقوق الإنسان، بعد قرار انسحاب مماثل لقرار دونالد ترامب من جورج بوش الابن انجيازا لإسرائيل ضد القضية الفلسطينية.

الحبس الاحتياطي

وأوضح «شكر» أن أهم القضايا التي ستتناولها أمريكا حيال دول العالم الثالث ولا سيما الإقليم العربي في ولاية «بايدن» هي قضيتي الحبس الاحتياطي وعمل منظمات المجتمع المدني، مشيرًا إلى أنه ليس أن يكون هناك بالضرورة تواصل أو تعاون بين المنظمات العربية والإدارة الأمريكية كي يطرح الأمريكان قضايا حقوق الإنسان في الوطن العربي، فالحزب الديمقراطي دائما ما تشغله القضايا المتعلقة بالحقوق والحريات.

وقال أيمن عقيل، رئيس مؤسسة ماعت للسلام والتنمية وحقوق الإنسان، وصاحب الصفة الاستشارية في مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة بجنيف، إنه يتوقع عودة الولايات المتحدة الأمريكية برئاسة بايدن إلى مجلس حقوق الإنسان، وذلك لاستكمال الشكل الديمقراطي للحزب الديمقراطي المنتمي إليه وليس أكثر.

وأشار «عقيل» إلى أن «بايدن» و«ترامب» وجهان لعملة واحدة لا يحترمان حقوق الإنسان، إلا أن الأول استطاع أن يتاجر بقضايا الأقليات وعلى رأسهم السود والمسلمين، بدليل استشهاده بأحاديث وآيات قرآنية في خطابه الانتخابي، فهو خبير في عقد الصفقات في الخفاء، مؤكدًا أن الملفات التي ستتبماها الإدارة الأمريكية برئاسة بايدن، سترتبط بمصالحه ومصالح اللوبي الصهيوني.

مخططات الخفاء

وقال: " أين كان بايدن خلال عمله كنائب لباراك أوباما من قضايا الإقليم العربي؟! وحتى الانتهاكات التي شهدتها المنطقة خلال الثلاث عقود الأخيرة، وبالتالي فعودة الولايات المتحدة الأمريكية لمجلس حقوق الإنسان، لن تكن انتصارًا للمهمشين في العالم، بقدر دفاعها عن إسرائيل، وبالتالي نتوقع استمرار أمريكا في الاعتراض على البند السابع الخاص بحالة حقوق الإنسان في فلسطين".

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية