من ألبوم ذكرياتى مع مصطفي بهجت بدوي (2)
لم يكد يمر سوي عامين
علي التحاقي بالجمهورية حتي وقعت أكبر كارثة في التاريخ المصري، هزيمة 67 التي
هزت كيان المصريين جميعا وفي مقدمتهم جيل الستينيات الذي ولد مع ثورة يوليو، وعرفوا
معني الإنجازات التي حققها الشعب مع زعيمه المفدي جمال عبد الناصر، ثم صدمتهم الهزيمة
المنكرة .
بدأ جمال عبد الناصر إعادة تصحيح أوضاع الجيش ومحاكمة قياداته الفاسدة، وعين قادة جدد من المحترفين وأصحاب الكفاءة في مقدمتهم اللواء محمد فوزي الذي عين وزيرا للحربية وأصدر قراره التاريخي بضم جميع خريجي الجامعات إلي القوات المسلحة، كل حسب تخصصه وكنت واحدا من الآلاف الذين التحقوا بالتوجيه المعنوي التي تصدر المجلات والصحف، واستمررنا بها 4 سنوات .
وربما تكون المقدمة طالت ولكن كان لابد منها للاقتراب من مصطفي بهجت بدوي..
من ألبوم ذكرياتى مع مصطفي بهجت بدوي
توفر لي من خلال إقامتي في محافظات المواجهة حكايات عديدة لمواطنين رفضوا التهجير وأقاموا تحت قصف المدافع، وكتبت أول حلقة عن صاحب عربة حنطور من السويس سقطت قذيفة علي حصانه رأسماله الوحيد، وكيف استعان بحمار بدلا منه وكان قلبه يتمزق علي فقدان الحصان
تأثر مصطفي بهجت بدوي بهذه الحكاية وأمر بأن تخصص الصفحة الأولي لنشرها وأن يكتب اسمي ببنط كبير بعد أن كان ينشر بأصغر بنط فلا يكاد يقرأ، كما قرر أن تخصص الصفحة الأولي لنشر باقي الحلقات واختار لها عنوان: ناس من مدن المواجهة..
وبعد أن انتهت الحلقات تم جمعها في كتاب، كتب مصطفي بهجت بدوي بنفسه مقدمته التي استغرقت عدة صفحات وكأنه يتحدث عن كاتب كبير رغم أن عمري في الصحافة بضع سنوات، هذا هو مصطفي بهجت بدوي الذى يفرح كالأطفال عندما يلمس مواهب شاب جديد ويفتح أمامه فرص التقدم ..
لم يترك أعداء ثورة يوليو فرصة للإساءة إلي الرجل دون أن يستغلوها وشجعهم علي ذلك تأييد الأجهزة الأمنية التي كانت توصل للرئيس السادات ما يكتبه مصطفي بهجت بدوي لإحداث الوقيعة بينهم..
حاول صحافيو الجمهورية المؤيدين لسياسة الانفتاح أن يطفشوا الرجل ويجبروه علي الاستقالة قبل أن يقتنع السادات بقرار فصله، ولكنه لم يستجب وأصر علي ألا يغادر الجمهورية باختياره حتي يطلع الشعب علي مساوئ السياسات الجديدة .
وصلت المضايقات إلي حد أن يطلب مدير تحرير العدد الأسبوعي ( م ر ) من مصطفي بهجت بدوي الاطلاع علي كل بروفة لمقال يكتبه وكان يوقع عليه ويذيلها بعبارة (هذا مقالي لتقدمه إلي الجهات التي تتعامل معها)
تصدي لها أعداء اليسار ودافع عن الصحفيين اليساريين حتي لو كانوا من مؤسسات صحفية أخري، وعندما أفرج عن الكاتب الصحفي عبد القادر شهيب ولم يكن من العاملين بالجمهورية وصدر الحكم بالبراءة والكفالة مائة جنيه وكان يعد مبلغا كبيرا في ظل رواتب الصحفيين المحدودة تولي الزميل حسين عبد الرازق تجميع هذا المبلغ الكبير من الزملاء، ومر علي مصطفي بهجت بدوي ليشارك فقدم له المائة جنيه ولا يدري خطورة هذه الخطوة إلا من عاش تلك الفترة التي صنف فيها الشيوعيون علي أنهم عملاء وخونة، وكان مجرد التعاطف معهم يعد جريمة لا تغتفر، وها هو رئيس جريدة قومية لا يكتفي بالتصدي لمن يهاجمونهم وإنما يساهم في الإفراج عن أحدهم .
هل انتهت الحكايات عن هذا الإنسان الكبير والوطني الشجاع الذي سدد في تاريخ الصحافة إنه أول من تصدي لسياسات رئيس الجمهورية؟!
مازالت الحكايات التي تقربنا منه كثيرة .
بدأ جمال عبد الناصر إعادة تصحيح أوضاع الجيش ومحاكمة قياداته الفاسدة، وعين قادة جدد من المحترفين وأصحاب الكفاءة في مقدمتهم اللواء محمد فوزي الذي عين وزيرا للحربية وأصدر قراره التاريخي بضم جميع خريجي الجامعات إلي القوات المسلحة، كل حسب تخصصه وكنت واحدا من الآلاف الذين التحقوا بالتوجيه المعنوي التي تصدر المجلات والصحف، واستمررنا بها 4 سنوات .
وربما تكون المقدمة طالت ولكن كان لابد منها للاقتراب من مصطفي بهجت بدوي..
من ألبوم ذكرياتى مع مصطفي بهجت بدوي
توفر لي من خلال إقامتي في محافظات المواجهة حكايات عديدة لمواطنين رفضوا التهجير وأقاموا تحت قصف المدافع، وكتبت أول حلقة عن صاحب عربة حنطور من السويس سقطت قذيفة علي حصانه رأسماله الوحيد، وكيف استعان بحمار بدلا منه وكان قلبه يتمزق علي فقدان الحصان
تأثر مصطفي بهجت بدوي بهذه الحكاية وأمر بأن تخصص الصفحة الأولي لنشرها وأن يكتب اسمي ببنط كبير بعد أن كان ينشر بأصغر بنط فلا يكاد يقرأ، كما قرر أن تخصص الصفحة الأولي لنشر باقي الحلقات واختار لها عنوان: ناس من مدن المواجهة..
وبعد أن انتهت الحلقات تم جمعها في كتاب، كتب مصطفي بهجت بدوي بنفسه مقدمته التي استغرقت عدة صفحات وكأنه يتحدث عن كاتب كبير رغم أن عمري في الصحافة بضع سنوات، هذا هو مصطفي بهجت بدوي الذى يفرح كالأطفال عندما يلمس مواهب شاب جديد ويفتح أمامه فرص التقدم ..
لم يترك أعداء ثورة يوليو فرصة للإساءة إلي الرجل دون أن يستغلوها وشجعهم علي ذلك تأييد الأجهزة الأمنية التي كانت توصل للرئيس السادات ما يكتبه مصطفي بهجت بدوي لإحداث الوقيعة بينهم..
حاول صحافيو الجمهورية المؤيدين لسياسة الانفتاح أن يطفشوا الرجل ويجبروه علي الاستقالة قبل أن يقتنع السادات بقرار فصله، ولكنه لم يستجب وأصر علي ألا يغادر الجمهورية باختياره حتي يطلع الشعب علي مساوئ السياسات الجديدة .
وصلت المضايقات إلي حد أن يطلب مدير تحرير العدد الأسبوعي ( م ر ) من مصطفي بهجت بدوي الاطلاع علي كل بروفة لمقال يكتبه وكان يوقع عليه ويذيلها بعبارة (هذا مقالي لتقدمه إلي الجهات التي تتعامل معها)
تصدي لها أعداء اليسار ودافع عن الصحفيين اليساريين حتي لو كانوا من مؤسسات صحفية أخري، وعندما أفرج عن الكاتب الصحفي عبد القادر شهيب ولم يكن من العاملين بالجمهورية وصدر الحكم بالبراءة والكفالة مائة جنيه وكان يعد مبلغا كبيرا في ظل رواتب الصحفيين المحدودة تولي الزميل حسين عبد الرازق تجميع هذا المبلغ الكبير من الزملاء، ومر علي مصطفي بهجت بدوي ليشارك فقدم له المائة جنيه ولا يدري خطورة هذه الخطوة إلا من عاش تلك الفترة التي صنف فيها الشيوعيون علي أنهم عملاء وخونة، وكان مجرد التعاطف معهم يعد جريمة لا تغتفر، وها هو رئيس جريدة قومية لا يكتفي بالتصدي لمن يهاجمونهم وإنما يساهم في الإفراج عن أحدهم .
هل انتهت الحكايات عن هذا الإنسان الكبير والوطني الشجاع الذي سدد في تاريخ الصحافة إنه أول من تصدي لسياسات رئيس الجمهورية؟!
مازالت الحكايات التي تقربنا منه كثيرة .