رئيس التحرير
عصام كامل

أبناء الأكابر.. دبلوماسيون وقضاة عن الحصانة: لحماية المنصب وليس الأشخاص.. العرابى: الحصانات لا ترفع أصحابها فوق القانون

السفير محمد العرابي
السفير محمد العرابي
ربما قادك حظك العثر إلى مصلحة حكومية لإنجاز بعض الأوراق، ولم تنجز المهمة التي أتيت من أجلها إلا بعدما ذُقتَ الأمرَّين، وربما لاحظتَ وأنت في ساعات الانتظار الطويلة والمريرة أن شخصًا ما تسلل بين الصفوف في هدوء وأنجز في دقائق ما لا تنجزه أنت في يومين؛ لأنه يملك حصانة أو نفوذًا أو مدعومًا ممن يتمتع بهما.


وربما يكون من بين أقاربك ومعارفك خريج جامعى نابه ولم يجد عملًا أو وظيفة، واضطر أن يعمل بائعًا متجولاً أو عاملاً باليومية، في الوقت الذي لم يجد فيه زميله ذو التقديرات الأدنى صعوبة في القفز ببراشوت الواسطة وسلاح التوريث على منصب رفيع ذى مرتب كبير ومكانة اجتماعية رفيعة.

وربما تجاور في مسكنك واحدًا من أصحاب الوظائف المرموقة، فتكتشف آسفًا أنه لا يتحمل ما تتحمله أنت من أعباء مالية شهرية تسددها للحكومة من فواتير الكهرباء والمياه ودع القوس مفتوحًا.

وربما صادفت أحدهم وهو يتنمر على موظف بسيط أو شرطى بالشارع متفاخرًا: "إنت مش عارف بتكلم مين"؟ مواقف كثيرة متعددة ومركبة ومؤلمة تعكس حالة المجتمع وتركيبته النفسية والاجتماعية، وتؤكد أن ما حلم به عموم المصريين من القضاء على جميع مظاهر التمييز والعنصرية والفئوية لم يكن أكثر من وهم ومحض خيال.

العدالة الاجتماعية

لا ينكر منصف أن الرئيس عبد الفتاح السيسي يوجه باستمرار بتطبيق العدالة بجميع صورها بين الجميع، ولكن المجتمع نفسه لم يتطهر بعد من أمراض الماضى وأدرانه التي سكنت أوصاله وتوطنت جيناته؛ حتى صار استئصالها أحد المستحيلات الأربعة. واقعة "طفل المرور" بكل ما أثارته من وجع وألم واستفزاز تؤكد بقاء هذا الميراث وتفاقمه على نحو يستحيل معه القضاء عليه تمامًا.

"فيتو" ترصد في هذا الملف ظاهرة أولاد الأكابر وأبناء الذوات بما لها وما عليها..

الحصانة

وشرح دبلوماسيون وقضاة سابقون المعنى الحقيقي للحصانة بتنويعاتها المختلفة والأسباب التي تم تشريعها من أجله، وظاهرة االاستغلال السيئ من جانب البعض لها.

قال السفير محمد العرابى وزير الخارجية الأسبق وعضو لجنة العلاقات الخارجية بمجلس النواب إن الحصانة الدبلوماسية تكون طبقا لقوانين دولية وليست قوانين محلية ووفقا لاتفاقية فيينا للحصانات، موضحا أنه في الماضى كان يتم قتل رسل الملوك بقطع رقابهم ومن هنا بدأت فكرة الحصانة الدبلوماسية كمبعوث للدولة الموجود والمبعوث إليها.

وأضاف العرابى: أنه فيما يخص الحصانة القضائية فهى تمنح للشخص وفقا لوظيفته لافتا إلى أنه حكم بين الناس ولابد أن يكون لديه حصانة ضد أي ضغط عليه أو ضد حريته ويجب أن يكون محميا حتى تعطيه حرية العمل وميزان العدالة بثقة وإحساس أنه لن يتعرض له أحد موضحا أن حصانة القاضى في دولته فقط وليس له الحصانة في دولة أخرى مثل الحصانة الدبلوماسية التي تكون في الدول الخارجية.

الحصانة البرلمانية

وتابع وزير الخارجية الأسبق: فيما يخص الحصانة البرلمانية فهى تعنى أن تكون قادرا على التعبير برأيك تحت قبة البرلمان والمجلس يحميك في هذا الأمر ولا يتم التعرض لك موضحا أن الحصانة الدبلوماسية في الخارج بالدولة المبعوث إليها بينما عندما يعود إلى بلده فهنا يصبح موظفا وليس له حصانة والحصانة في الخارج فقط لافتا إلى أن الحصانة تعطى قبل السفر من خلال جواز السفر الدبلوماسى لكى يكون لديك الحصانة في الدولة التي تذهب إليها.

وعلى سبيل المثال موظفو السفارة المصرية في واشنطن يتم اعتمادهم وفقا لهذه البطاقة ويكون لديه الحصانة.

واستطرد العرابى: في حال ارتكاب الدبلوماسى جريمة في الدولة الموجود فيها خارج مصر من حق الدولة أن تطلب رفع الحصانة عنه، ومن حق أيضا دولته أن ترفض وتأتى به للتحقيق في دولته، موضحا أن الحصانات لا تجعل صاحبها فوق القانون وكلها لتسهيل مهمته المكلف بها فقط موضحا أنه فيما يخص عضو البرلمان ففى حال تلقى رشوة على سبيل المثال يتقدم النائب العام بطلب للمجلس برفع الحصانة عنه ويتم رفعها بعد التأكد من إدانته.

موضحا أن الدبلوماسى حال ارتكاب مخالفة مرورية يدفع المخالفة، وخاصة أن الحصانة في إطار العمل فقط، ومن الممكن احتجاز الدبلوماسى لحين أن تسحبه دولته فالحصانة تمنح للعمل فقط.

ارتكاب الجرائم

ومن ناحية أخرى أكد المستشار عدلي حسين محافظ القليوبية الأسبق ورئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق أن هناك مبادئ عامة للحصانة، المبدأ العام في الثلاث حصانات القضائية والدبلوماسية والبرلمانية أنه لا يتخذ ضد أي منهم إجراء جنائي حبس أو غيره إلا بإذن الجهة التي يتبعها وهو العامل المشترك بينهم في هذا الأمر إلا إذا كانت الجريمة التي ارتكبت محل تلبس، ففى هذه الحالة الحصانة ليست موجودة لأن الجريمة المشهودة.

وأضاف رئيس محكمة استئناف القاهرة الأسبق: أن التلبس تكون علنية و جريمة مشهودة على عكس شبهة التلفيق، موضحا أن الحصانة البرلمانية تعطى لصاحبها أنه لا يسأل عن أقواله تحت قبة البرلمان على سبيل المثال يهاجم وزيرا أو ينتقد محافظا لا يسأل عن هذه الأمور، نظرا لأن هذا عمله ولا يسأل عن بياناته داخل المجلس أيضا وخاصة أن عمله رقابة الحكومة، أي يقدم سؤال استجواب وغيره فهنا الحصانة بمناسبة عمله لكنها لا تجوز خارج المجلس.

وتابع محافظ القليوبية الأسبق: في القوانين القضائية هناك أنظمة تضبط عمل القاضى، وحصانة القاضى في إطار العمل أيضا، وممنوع أيضا تفتيش منزله إلا بموافقة مجلس القضاء وهو الذي يرفع الحصانة، أما في البرلمان فالمجلس هو الذي يرفع الحصانة عن العضو أما الدبلوماسى فهو نوعان حال وجوده في ديوان الوزارة داخل الوطن يكون الوزير المسئول عن رفع الحصانة بينما في الخارج يحصل على حصانة دولية ممنوع تفتيش القنصليات والسفارات والحصانة الدولية تعطى وفقا لاتفاقيات الأمم المتحدة وهى قوانين دولية.

وأشار حسين: وفى حال رفع الحصانة عن الدبلوماسى تكون من خلال دولته، وليس الدولة المبعوث فيها للعمل، ما عدا أيضا حالات التلبس، موضحا أن التلبس في كل الحالات سواء دبلوماسية وبرلمانية وقضائية وسوء استخدام الحصانة القاضى لديه مجلس القضاء الأعلى والتفتيش القضائى حال وجود سلوك مريب والبرلمان لجنة القيم والدبلوماسي الدولة الخاصة به هي التي ترى السلوك.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية