رئيس التحرير
عصام كامل

محاسبة من أفسدوا الحياة السياسية من 2011 إلى 2013


إن كان للثوار، بل الدولة ككل، الحق فى أن تُحاسب من أفسد الحياة السياسية فيما سبق 25 يناير 2011، ألا يجدر بنا الآن أن نُحاسب أيضاً، من أحالوا حياتنا إلى تلك الفوضى والكُره الدفين بين مختلف المصريين، فيما بعد 25 يناير 2011، وقد أثبتوا فشلهم الذريع وانعدام رؤيتهم للغد، على أساس معرفة الواقع المُعاش؟!! لدي الثوار كل الحق، فى أن يحلموا بغد أفضل لمصر، ولكن ليس على حساب غيرهم وتكدير الأمن العام والسلام المجتمعى وإحالة مصر والحياة فيها إلى جحيم!!



ألا يجب مُحاسبة كل من حول مصر، فى العامين الأخيرين، من تحقيق للحلم إلى إعمال للكابوس؟! ألا يجب اتهام من تلون يميناً، ثم انقلب يساراً، أو العكس، أو من يوصفون فى العامية المصرية "ببتوع اللمون"، وذلك فى خداع واضح لمن مضى وراءهم من البُسطاء والجُهلاء والعامة أو حتى أنصاف المُتعلمين؟! ألا يجب مُساءلة، من قال للناس إن مصر مُقدمة على جنات وردية، ثم وجدوا أنفسهم فى وسط أشواك بلا ورود؟! ألا يجب أن يُحقق مع من رسم الصور بألوان زاهية، ثم ألفينا أنفسنا فى ألوان قاتمة؟! أم أن هؤلاء أبرياء، براءة الذئب من دم ابن يعقوب؟! أم أن عودتهم بألوان جديدة، تتناسب والتغيير الحادث، كالسحالى فوق صخور الصحراء أو اختبائهم عن الأنظار فى جحور الخوف من تلقى اللوم، يحميهم، بينما يظل غيرهم، بل وهم أيضاً، يدفعون ثمن أخطائهم، بل قُل خطاياهم؟!

لماذا يستوجب على الشعب المصرى أن يدفع ثمن أخطاء هؤلاء؟؟! هل هؤلاء مكتوبون علينا، وعلينا أن نُذاكر ما يقولونه، وأن نُسمّعهُ لأنفُسنا كل ليلة قبل نومنا، ربما نُختبر فيه؟! لقد أثبتوا فشلهم ولقد قال الرسول عليه الصلاة والسلام، حكمته الخالدة: "المؤمن لا يُلدغ من جحرٍ مرتين"!! فكم عدد المرات التي لُدغنا فيها من هؤلاء، حتى أحالونا إلى "كُفار"، وليس مؤمنين، أم أن "منطق" التبرير، هو ما يجب وأن نتبناه جميعاً لنُصبح مُجتمعاً، كله من "الخرفان"؟! ألا يعرف الكثيرون ممن تابعوا إسقاط هؤلاء، من نظر عموم المصريين، المثل الأصيل: "إن كان فيه خير ما كان رماه الطير"، أم أننا نُصر على أن العيب فى الشعب، وليس فى الفكر ذاته، الذى يتقول به هؤلاء الفشلة من نُخبة وساسة؟!

ولقد سألت نفسى كثيراً، حول سبب استمرار هؤلاء فى الحديث إلينا عبر الإعلام بالأساس، ولم أجد إجابة، إلا أن يكون المُراد من وجودهم وانتشارهم، أن يؤكدوا ما سبق وأن قاله النظام السابق، من أنه لا يوجد بديل له، أم أن النظام السابق كان يقول الحقيقة، وأنه لا يوجد بالفعل إلا من نراهم من مُدمنى الفشل السياسى والفكري بشتى أنواعه ومن يستجلبون حلولاً مستوردة من الشرق والغرب، على حدٍ سواء، وهى التي أثبتت فشلها فى المنطقة مرات من قبل؟! لماذا الإصرار على تلك النُخبة تحديداً في الإعلام والسياسة؟! أليست مصر "ولادة"؟!

عموماً، لا أرى أنه قد كُتب عليَّ كمواطن مصري، أن أختار بين شرين، فليس الاختيار بالنسبة لى بين إما الإخوان أو هؤلاء المدنيون من مُدمنى الخطايا في حق الوطن، ولكن من أرى عقلانية فى رؤيته دون مُبالغات فجة، لأن تلك المُبالغات تُشعرُنى بأنهم يقفون بين يدى خليفة أموى أو عباسي، يُلقون أشعار المديح، التى لا تُعبر فى نهاية الأمر إلا عن أكاذيب!! إلا أننى سأظل أتساءل إلى أن تأتينى الإجابة المُقنعة دون ممالأة أو مُماحكة أو تدليس: ألا يجب محاسبة من أفسدوا الحياة السياسية فى مصر ما بين 2011 و2013؟!

وفى النهاية فإننى لا أشُك للحظة، أن كل مصري، أمين على مصريته، يحترم اختلاف رؤى المصريين، يهدف برؤيته لغدٍ أفضل لمصرنا، ولكن إن ثبُت خطأ رؤيتك، أرجوك أن تُعيد قراءتك للأحداث ولواقع مصر بعيداً عن شخصنة فجة للأمور أو العصور أو حفظاً لرؤية أُحادية فقط، حتى يمكن أن تقول ما يمكن أن يُبنى عليه لمستقبل أفضل لمصر، وليس إعادة إنتاج الفشل، وإن كان بصور أسوأ بكثير مما كان فى أى زمان من تاريخ مصر!!

وتبقى مصر أولاً دولة مدنية

 

الجريدة الرسمية