حكايات من مصر.. أصل وقصة عبارة "أولاد الناس" الدارجة على لسان المصريين
على مدار العصور والعهود المتعاقبة، حفل التاريخ المصري بالعديد من الأحداث والحكايات التي ظلت تروى جيلا بعد جيل، أو تلك التي لم يعرفها الكثيرون.
وفي محاولة منه لرسم خيوط ما مر به المصريين، وحال حكامه المتواليين منذ العصور الوسطى، وحتى حكم أسرة محمد علي باشا، سخر المؤرخ والكاتب الصحفي صلاح عيسى قلمه على مواقف وأحداث أغلبها غير معروف، تنير لقارئها دلالات عصرها، ودونها في كتابه "هوامش المقريزي.. حكايات من مصر".
وفي صورة ومضات سريعة، وأسلوب سهل يفهمه الدارسين وغير الدارسين، نجح الراحل صلاح عيسى، في تسليط الضوء على فترة هامة من عمر الأمة المصرية.
وفي محاولة لتأريخ أصل وقصة عبارة "أولاد الناس" والتي تجري على ألسنة المصريين منذ عقود بعيدة، يقول صاحب "هوامش المقريزي" إن المصطلح يشير إلى قوم كانوا أعزاء فأذلتهم الأيام، وكانوا أصحاب سلطة وسلطان فأصبحوا بلا جاه ولا نفوذ، يشفق عليهم الناس، ويروون مأساتهم، وغالبا ما ينسون ما ارتكبوه من جرائم أيام كانوا أصحاب جاه وسلطة وسلطان.
وإلى العصر المملوكي تعود تسمية "أولاد الناس" فعندما يعزل السلطان أو يموت كان مماليكه يطردون من مقر الحكم في القلعة، ويفقدون ما كانوا يحصلون عليه من امتيازات، وتنزل نساء السلطان المعزول أو المقتول من القلعة وعلى وجوههن غبرة، بعد أن ذهب زمن السلطة والتحكم، والعزة والكرامة، والتسلط على الناس، وآن لمماليك السلطان الميت أن يعودوا إلى أصولهم، حينئذ كانوا يسمون "أولاد الناس" أو "مماليك السلطان القديم"، ويعيشون على مخصصات يقبضونها من بيت المال، ولا تقاس بما كانوا يحصلون عليه من أموال في عهد سلطانهم القديم، فلم تعد الدولة عزبتهم، يتحكمون فيها ويوزعون أنفسهم على مناصبها.
وكانت مخصصات أولاد الناس هي البند السهل في ميزانية الدولة، فإذا وقعت أزمة مالية منع بيت المال عنهم مخصصاتهم وانكسرت لهم مرتبات، فعانوا شظف العيش، لكنهم كانوا قد تعودوا العبودية لذلك كانوا يسكتون.
وذات مرة قرر أحد السلاطين أن يخرج في تجريدة (حملة عسكرية) فصرف لمماليكه نفقة لكل واحد مائة دينار، ومرتب أربعة أشهر وثمن جمل وثمن مؤونة، ثم أصدر أمرا أن يلحق أولاد الناس بالحملة على أساس أن يصرفوا مرتب أربعة أشهر فقط، فحصل لأولاد الناس كسر خاطر شديد.
وعلى الرغم من تخاذل أولاد الناس "الذين لا تبدوا شجاعتهم أو وقاحتهم إلا وهم في السلطة" فقد وقفت جماعة منهم للسلطان بسبب النفقة، فلما وقفوا له، ساعدهم أحد الأمراء، على عرض شكواهم لكن السلطان لم يهتم بهم، ولم يرق لحالهم وقال: "أنا ما عندي نفقة لهؤلاء فالذي لا قدرة له على السفر يرد الأربعة شهور التي أخذها، وأنا أترك له شهرا ويستريح وتنقطع مرتباته".
وما أن قال السلطان ذلك حتى سكت أولاد الناس، وانتهت لحظة شجاعتهم المؤقتة، وقبلوا وهم صاغرون كل ما جرى في حقهم.
وفي محاولة منه لرسم خيوط ما مر به المصريين، وحال حكامه المتواليين منذ العصور الوسطى، وحتى حكم أسرة محمد علي باشا، سخر المؤرخ والكاتب الصحفي صلاح عيسى قلمه على مواقف وأحداث أغلبها غير معروف، تنير لقارئها دلالات عصرها، ودونها في كتابه "هوامش المقريزي.. حكايات من مصر".
وفي صورة ومضات سريعة، وأسلوب سهل يفهمه الدارسين وغير الدارسين، نجح الراحل صلاح عيسى، في تسليط الضوء على فترة هامة من عمر الأمة المصرية.
وفي محاولة لتأريخ أصل وقصة عبارة "أولاد الناس" والتي تجري على ألسنة المصريين منذ عقود بعيدة، يقول صاحب "هوامش المقريزي" إن المصطلح يشير إلى قوم كانوا أعزاء فأذلتهم الأيام، وكانوا أصحاب سلطة وسلطان فأصبحوا بلا جاه ولا نفوذ، يشفق عليهم الناس، ويروون مأساتهم، وغالبا ما ينسون ما ارتكبوه من جرائم أيام كانوا أصحاب جاه وسلطة وسلطان.
وإلى العصر المملوكي تعود تسمية "أولاد الناس" فعندما يعزل السلطان أو يموت كان مماليكه يطردون من مقر الحكم في القلعة، ويفقدون ما كانوا يحصلون عليه من امتيازات، وتنزل نساء السلطان المعزول أو المقتول من القلعة وعلى وجوههن غبرة، بعد أن ذهب زمن السلطة والتحكم، والعزة والكرامة، والتسلط على الناس، وآن لمماليك السلطان الميت أن يعودوا إلى أصولهم، حينئذ كانوا يسمون "أولاد الناس" أو "مماليك السلطان القديم"، ويعيشون على مخصصات يقبضونها من بيت المال، ولا تقاس بما كانوا يحصلون عليه من أموال في عهد سلطانهم القديم، فلم تعد الدولة عزبتهم، يتحكمون فيها ويوزعون أنفسهم على مناصبها.
وكانت مخصصات أولاد الناس هي البند السهل في ميزانية الدولة، فإذا وقعت أزمة مالية منع بيت المال عنهم مخصصاتهم وانكسرت لهم مرتبات، فعانوا شظف العيش، لكنهم كانوا قد تعودوا العبودية لذلك كانوا يسكتون.
وذات مرة قرر أحد السلاطين أن يخرج في تجريدة (حملة عسكرية) فصرف لمماليكه نفقة لكل واحد مائة دينار، ومرتب أربعة أشهر وثمن جمل وثمن مؤونة، ثم أصدر أمرا أن يلحق أولاد الناس بالحملة على أساس أن يصرفوا مرتب أربعة أشهر فقط، فحصل لأولاد الناس كسر خاطر شديد.
وعلى الرغم من تخاذل أولاد الناس "الذين لا تبدوا شجاعتهم أو وقاحتهم إلا وهم في السلطة" فقد وقفت جماعة منهم للسلطان بسبب النفقة، فلما وقفوا له، ساعدهم أحد الأمراء، على عرض شكواهم لكن السلطان لم يهتم بهم، ولم يرق لحالهم وقال: "أنا ما عندي نفقة لهؤلاء فالذي لا قدرة له على السفر يرد الأربعة شهور التي أخذها، وأنا أترك له شهرا ويستريح وتنقطع مرتباته".
وما أن قال السلطان ذلك حتى سكت أولاد الناس، وانتهت لحظة شجاعتهم المؤقتة، وقبلوا وهم صاغرون كل ما جرى في حقهم.