رئيس التحرير
عصام كامل

التيار المدنى .. إلى أين؟


على الرغم من تفوق التيار الإسلامى على التيار المدنى فى معظم المواجهات الانتخابية التى أجريت منذ بداية المرحلة الانتقالية وحتى وقتنا هذا، إلا أنه عند المقارنة بين الكتلة التصويتية للتيار المدنى فى جميع هذه المواجهات نجد أنها فى حالة تزايد مستمر، وعلى الرغم من أن معدل التزايد هذا قد يبدو بطيئا إلى حد ما، إلا أنه قد يكون بمثابة مؤشر قوى على تزايد شعبية التيار المدنى فى الشارع المصرى من جهة، وبالتالى وجود احتمالية كبيرة لصعوده وبقوة على الساحة السياسية خلال الفترة المقبلة من خلال المواجهات الانتخابية من جهة أخرى.


وفى هذا السياق نجد أنفسنا أمام سؤال مهم لابد من التوقف عنده، وهو ما أسباب تزايد حجم التيار المدنى بهذا الشكل وتناميه خلال الفترة الأخيرة؟ والحقيقة أننا نجد هناك ثلاثة أسباب رئيسية أدت إلى هذه النتيجة، وهى كالتالى:
أولا: السياسات غير المرضية للتيار الإسلامى:
أدت السياسات الأخيرة التى تمت ممارستها من جانب الرئيس مرسى وإخوانه -بداية من الإخلال بالوعود الانتخابية، مرورا بالهيمنة الإخوانية على معظم مؤسسات الدولة وأخيرا سوء الأوضاع الاقتصادية- إلى انخفاض شعبية التيار الإسلامى بصورة كبيرة فى الشارع المصرى، وبالتالى أيضا انخفاض حجم الكتلة التصويتية له، وبالتالى -وبمقابل ذلك- ارتفاع شعبية التيار المدنى.

ثانيا: توحد التيار المدنى:
أدى توحد القوى المدنية خلال الفترة الحالية -تحت مظلة جبهة الإنقاذ الوطنى- إلى اكتسابها قدرا كبيرا من القوة والتماسك، والتعبير عن الأهداف بصورة واضحة ومحددة، وكان لهذا التوحد انعكاس كبير على الشارع المصرى الذى بدا متفهما لأهداف القوى المدنية، كما أنه أدرك جيدا أنها أصبحت لها رؤية موحدة ولم تعد مشتتة فى شكل أحزاب كما كان الحال من قبل.

ثالثا: دعم الإعلام للتيار المدنى:
تلقى التيار المدنى خلال الفترة الحالية دعما كبيرا من جانب الأجهزة الإعلامية، وخاصة -غير المملوكة للدولة- حيث بدأت تلك الأجهزة منذ فترة بشن حملة ضخمة من أجل تلميع القوى المدنية من جهة، وإبراز عيوب القوى الإسلامية من جهة أخرى، وهو ما كان له أثر بالغ الأهمية فى التأثير على فئة عريضة من المشاهدين.

لكن على الرغم من كل ذلك، إلا أن هناك عددا من التحديات والصعوبات التى تواجه التيار المدنى، وهذه التحديات تتمثل فى التالى:
• انضمام رموز النظام السابق إلى القوى المدنية الثورية، وحديثها باسم الثورة والثوار، وهو ما قد يؤثر على شعبيتها.
• وجود فئة -ليست بقليلة من الشعب- تعانى الفقر والأمية، وهو ما قد يمثل مكسبا مهما للقوى الإسلامية البارعة فى توظيف الدين والمال من أجل اكتساب تلك الفئة.
• غياب واضح للقوى المدنية فى الشارع، مقابل ظهور إعلامى واضح لها، وهو ما قد يؤدى إلى فقدانها تأييد فئة كبيرة من الطبقات البسيطة.

لكن على الرغم من هذه التحديات التى يمكن التغلب عليها بسهولة، إلا أننى أرى أن المشهد بأكمله يصب فى صالح القوى المدنية، ويعطيها فرصة كبيرة للتربع على المشهد السياسى على المدى القريب.
الجريدة الرسمية