أمل مسعود تكتب: أحلام مشروعة
من حق كل منا أن يحلم.. وأن يستغرق في حلمه.. وأن يخطط لتحقيق ذلك الحلم، أو تلك الأحلام، ما دامت مشروعة.
كل حلم يبدأ بحالم.. هو أنت وأنا.. تذكر دائما أنك تمتلك داخلك القوة والجلد، والشغف للوصول إلى عنان السماء وتغيير أي واقع مهما كانت مرارته.
تذكرتُ هذه الكلمات، واسترجعتُ نلك المعاني، ونحن نستقبل وفد اتحاد القبائل الليبية بدعوة كريمة من منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية؛ لبحث آخر المستجدات على الساحة الليبية بشأن إحلال السلام وإنهاء الصراع الذي أسقط آلاف الضحايا من إخواننا الليبيين ودمر البنية التحتية والاقتصادية، وعرَّض ثروات ليبيا للسرقة، ومقدراتها للنهب والاستنزاف.
تسع سنوات وأكثر، إثر التدخل العسكري الغربي الذي استهدف نظام العقيد الراحل معمر القذافي، ولا تزال ليبيا تترنح تحت وطأة حرب أهلية تؤججها قوى دولية وإقليمية، دمرت الحياة الاجتماعية، وأمسى الشعب الليبي يعيش في أزمات ومشاكل وتعذيب وسجون، في غياب تام لمنظمات حقوق الإنسان.
في اللحظة التي بدأ فيها اللقاء المهم، كدتُ أسمع صوتًا قويًّا يدوي في أرجاء المنظمة الشعبوية العريقة، وكأني بالرئيس عبد الفتاح السيسي يقول: "إن مصر لن تقف مكتوفة الأيدي في مواجهة أي تحركات تشكل تهديدًا مباشرًا للأمن القومي العربي والإقليمي والدولي".
ويرجُّ صدى الصوت المهيب الجدران، التي نيَّف عمرها على الستين عامًا: "إن مصر لن تسمح بأن تتحول ليبيا إلى بؤرة للإرهابيين والخارجين على القانون، وإن تطلب ذلك تدخلًا مباشرًا من مصر".
قالها الرئيس السيسي، في لقائه بقادة القبائل الليبية في القاهرة، يوم الخميس، 16 يوليو 2020.. وسجل التاريخ هذا الموقف الشجاع له، والذي كان له ردود أفعال بالغة الروعة في كل أنحاء العالم.
انتبهنا لكلمة الدكتور حلمي الحديدي، رئيس منظمة تضامن الشعوب الأفريقية الآسيوية، حيث أوضح أنه بالرغم من الظروف شديدة الصعوبة في ليبيا، وغياب الأرضية الممهدة لأي تحرك إيجابي، فإنه تمكن من تأسيس فرع للمنظمة في بني غازي، محذرًا من خطورة محاولات إفشال جهود تثبيت الدولة الليبية.
أما الأشقاء الليبيون، ومنهم شخصيات كانت نافذة وتشغل مناسب مهمة في عهد العقيد الراحل، فقد استهلوا كلماتهم بالشكر والامتنان لفخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي؛ لدوره ودعمه لليبيا، ومايقدمه من جهد لحل الأزمة المستحكمة، ولولا جهود الرئيس السيسي لكان الإخوان يسيطرون ويتحكمون في المنطقة العربية، من البحر حتى المحيط..
أما ما يثير الأسى حقيقة، ويبعث على الحزن، فهي الأوضاع المأساوية التي باتت تحياها المرأة الليبية، التي كانت تعيش من قبل معززة مكرَّمة، فصارت تعاني أسوأ ألوان التعذيب في غياهب السجون ، وظلمات المعتقلات، بلا ذنب ولا جريرة.. في غياب وسكوت تام، إن لم نقل "تواطؤ"، من منظمات حقوق الإنسان العالمية.
الإخوة ممثلو اتحاد القبائل الليبية، ناشدوني، بوصفي الأمين العام للاتحاد الأفروآسيوي للمرأة، بزيارة ليبيا، فليس من رأى كمن قد سمعا"؛ لمعاينة الوضع على الطبيعة، ومشاهدة العنف الذي ترزح تحت نيره "صاحبات العزة والعفاف"، والشعب كله، من استلاب لثروات الشعب الليبي؛ فهناك أزمات واختفاء للسلع.. لقد صار المواطن الليبي يقف في طابور لا آخر له، ليتقاضى 200 دينار فقط كل شهر، رغم التضخم الشديد.
كما طرحوا قضية التعليم الذي تدهور بشدة، وكيف أغلقت الجامعات الأربعون التي أنشأها الرئيس الراحل، فضلًا عن المدارس بكافة مستوياتها؛ ذلك بسبب حرص الأطراف العميلة على تغييب وعي الشعب الشقيق، والحيلولة بينه وبين التقدم والثقافة والتكنولوجيا.
هذا غيض من فيض، يشي بحال الليبيين صناع الأمجاد، والذي أفضى إليه التفكك وتدخل الميليشيات الإرهابية.
وعلى الشعب الليبي أن يبدأ رحلته مع الكفاح والعمل والتخلص من الميليشيات التي اختطفت الدولة الليبية، وفتتت الوطن الموحد، وأن يحققوا أحلامهم المشروعة، وفي مصر وجيشها وقيادتها السياسية خير معين، وأقوى ظهير؛ من أجل تحطيم القيود والأغلال، وتغيير العالم من حولنا، واستعادة ليبيا.. الدولة صاحبة السيادة.. عاشت مصر قوية ناهضة، وعاشت ليبيا حرة مستقلة.
------------------------------------------------------
( * ) أمين عام الاتحاد الأفريقي الآسيوي للمرأة