«جرارات الأمريكان».. صفقة مشبوهة في «السكك الحديدية».. «فيتو» حذرت «النقل» من «الاتفاق الكارثي».. و«الأعطال» تكشف المستور
«الإغراءات».. كلمة السر التي تزيح الستار عن العديد من كواليس صفقة «جرارات جينرال» الأمريكية، لا سيما وأن الكثير من الشبهات حامت حولها، فمنذ أشهر عدة أعلنت وزارة النقل والمواصلات عن التعاقد مع الشركة الأمريكية لتوريد 100 جرار، بعدما أعلنت الوزارة تقديمها عرض صيانة ما يقرب من 40 جرارا كانوا ضمن صفقة سابقة للشركة ذاتها.
فيتو تحذر
المثير في الأمر هنا أن «النقل» لم تلتفت لتحذيرات عدة بشأن «الصفقة الأمريكية»، ومن ضمنها «تحذير فيتو»، لا سيما وأن هيئة السكك الحديدية كانت تمتلك العديد من الفرص، لاستغلال المبلغ المالى المقدر بما يزيد على المليار جنيه في التحول من الجر الديزل إلى الجر المكهرب، وبداية تغيير شكل منظومة السكك الحديدية إلى الأفضل.
غير إنه ورغم وفرة العروض العالمية التي تقدمت بها شركات كبرى لتوريد الجرارات للسكك الحديدية، تم اختيار عرض شركة جينرال الأمريكية لتوريد 100 جرار، بعدما لوحت بـ«بند الصيانة»، كما أن «السكك الحديدية» وفقًا لهذه الصفقة ستكون ربحت 140 جرارا وليس 100 فقط، غير إن ما حدث بعد ذلك لم يكن في حسابات أحد من قيادات «النقل».
ولأنه دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن، فإن جرارات جينرال الأمريكية الجديدة والتي بدأت الشركة العالمية توريدها لمصر عندما دخلت الخدمة وبدأت في العمل على الخطوط ظهرت بها العديد من المشكلات، ووصلت لأعطال جسيمة في مواتير بعض الجرارات، وهو ما ينذر بخروج بعض الجرارات من الخدمة والتي لم يمر عليها كثيرًا في العمل.
الأعطال
«السكك الحديدية» من جانبها تيقنت أن هناك مشكلة في الصفقة، فخاطبت الشركة الأمريكية، التي أرسلت بدورها فريقًا من المهندسين الأجانب لفحص الجرارات لمعرفة السبب الرئيسى في الأعطال ووضع تقرير مفصل، وبالفعل وصل وفد الخبراء، الذين سرعان ما أعدوا تقريرهم الذي شمل نقاطًا عدة، في مقدمتها، قوة الجرارات بناء على مطالب السكك الحديدية بداية التعاقد.
والحمل على الجرارات أثناء الشد بناءً على عدد الركاب المتوسط والمسافة التي يقطعها القطار، والبنية الأساسية التي تعمل عليها الجرارات وتأثيرها على الجودة، والسرعات التي يعمل عليها الجرارات وتأثيرها على الموتور، وعيوب التشغيل من جانب الجهة المشغلة المتمثلة في هيئة السكك الحديدية.
ومن الواضح من مخطط الخبراء الأجانب التابعين للشركة الأمريكية المصنعة أن هناك اتجاهًا لتحميل السكك الحديدية مسئولية أعطال القطارات بحجة عيوب في التشغيل وليست عيوبًا في الصناعة، على أساس أن البنية الأساسية للسكك الحديدية المصرية هي السبب في الأعطال، إضافة لعدم خبرة السائقين وزيادة أعداد الركاب وهو ما كان سببًا في زيادة الأعطال.
مراجعة العقود
بدورها.. بدأت «السكك الحديدية» مراجعة العقود السابقة مع الشركة الأمريكية، للتأكد من سلامة موقف الهيئة والخاص بعقود الضمان وعقود الصيانة والتي تضمن لها حقها لدى الشركة الأمريكية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تبلغ قيمة الصفقة الخاصة بالجرارات ما يقرب من 226 مليون دولار أمريكي لتوريد 100 جرار، وقبل التعاقد على الصفقة الأمريكية كانت لدى «السكك الحديدية» العديد من العروض من شركات أخرى، وكانت أسعارها أعلى قليلا من عرض الشركة الأمريكية، غير إن «بند الصيانة» رجح كفة الشركة العالمية جينرال.
من ناحية أخرى تخطط السكك الحديدية خلال الفترة المقبلة لاستغلال الوفرة في عدد الجرارات لتحويل أكبر عدد من الجرارات للعمل على قطاع البضائع تمهيدا لفصل القطاع عن السكك الحديدية وتحويله لشركة مستقلة لتنمية إيرادات الهيئة وزيادتها بما يتوافق مع مطالب الفترة القادمة.
يذكر أيضًا أن «فيتو» كانت في مقدمة الجهات التي حذرت من التعاقد مع الشركة الأمريكية بسبب تاريخ تعاملاتها مع السكك الحديدية منذ الصفقة الأولى للجرارات، والتي لم تستفد منها «السكك الحديدية» بشكل كامل وخرجت من الخدمة في وقت قياسى وتهربت الشركة من صيانتها، قبل أن تتعاقد مرة أخرى على صفقة هي الأكبر في تاريخ الهيئة.
وكان رئيس تحرير «فيتو» الزميل عصام كامل، سبق وأن كشف تفاصيل هذه الصفقة المشبوهة، وقال «كامل» في مقال نُشر في ديسمبر الماضي: قدمنا للسيد الفريق وزير النقل كامل الوزير ما لدينا من معلومات حول فساد صفقة الجرارات الأمريكية التي تعاقد عليها سيادته، وقلنا للوزير إن مساعديه أخفوا عنه حقيقة الشركة الأمريكية التي وردت لنا جرارات من قبل في عام ٢٠٠٨م.
وما زال خبراؤنا في وزارة النقل يرفضون توقيع الاستلام الفورى عليها، بسبب عيوب صناعية ترتبط باهتزازات في الموتور، وهو العيب الذي لم يتم إصلاحه منذ عهد الوزير محمد منصور وحتى تاريخه.
وطلبنا من السيد الوزير مراجعة ملف الجرارات المشبوهة قبل الشروع في تنفيذ الصفقة الجديدة، وأخبرنا سيادته على صفحات «فيتو» أن الشركة الأمريكية المتورطة في هذا الأمر فرض عليها الوزير سعد الجيوشي أن تقوم بإصلاح عيوب جراراتها على نفقة الشركة قبل الشروع في أي اتفاق آخر، وهو ما استجابت له الشركة، إلا أنه ومع تغيير «الجيوشى» نام الملف واختفى لصالح شركاء، وظلت جراراتهم تجر أذيال ما فيها من عيوب، فكيف تحظى بصفقة جديدة وهي المتهمة بتوريد جرارات قديمة؟
وتابع: الوزير من جانبه لا يمنح الصحافة بالا، وهذا ليس حقه، فالعمل العام يفرض على المسئول أن يتعاطى مع ما تطرحه وسائل الإعلام من استفسارات، فالقضية ليست شخصية، وإنما هي قضية مال عام يتم إنفاقه دون تمحيص وتحقيق، ولذلك كتبنا أن «صمت الوزير ليس من ذهب»، وما دام سيادته لم يرد ولم يصد، فإننا نوجه حديثنا إلى من بيدهم أمر الرقابة على المال العام.
معالي وزير الرقابة الإدارية.. صفقة الجرارات الأمريكية يصل مقدارها إلى ما فوق المليارات الثمانية بقليل، والشركة التي قمنا بعقد صفقة معها وردت من قبل جرارات معيبة، ولا تزال حتى تاريخه تنتظر التوقيع النهائي باستلامها، ولدينا عروض أخرى من دول بعينها وافقت على إصلاح عشرات الجرارات داخل ورش السكة الحديدية، واتفقت على الإصلاح بمبدأ الاستثمار.
وتأجير عدد منها لدول أفريقية بنسبة تم الاتفاق عليها، واعتقادنا أن الرقابة الإدارية بما تملك من عناصر قوية ونافذة وفاعلة قادرة على الوصول إلى الحقيقة، وإنقاذ المال العام من شبهة الإهدار، ويقينا منا بأن ذلك لا يرتبط بالسيد وزير النقل، وإنما يرتبط بجماعة من الفاسدين في السكك الحديد، وهم أصحاب المصلحة في إخفاء المعلومات عن الفريق «كامل الوزير»، علمًا بأن لدينا من مصادر المعلومات ما يفيد ويضع الأمور في نصابها القانوني.. اللهمَّ قد بلغت، اللهمَّ فاشهد.
المثير أن وزارة النقل أصدرت بيانا والجريدة ماثلة للطبع شنت فيه هجوما على ما وصفته بـ "وسائل الإعلام المغرضة" ، موضحة أنها تعاقدت على الصفقة وفقا للاشتراطات القانونية ، وأكدت الوزارة أن جميع الجرارات مطابقة للمواصفات الفنية.
اللافت أن بيان الوزارة اعترف بوجود أعطال في هذه الجرارات لكنه وصفها بالقليلة وهو ما كانت قد أكدته "فيتو" من قبل ويبقى الأمر في عهدة الجهات الرقابية لتوضيح الحقائق للرأي العام.
نقلًا عن العدد الورقي...
فيتو تحذر
المثير في الأمر هنا أن «النقل» لم تلتفت لتحذيرات عدة بشأن «الصفقة الأمريكية»، ومن ضمنها «تحذير فيتو»، لا سيما وأن هيئة السكك الحديدية كانت تمتلك العديد من الفرص، لاستغلال المبلغ المالى المقدر بما يزيد على المليار جنيه في التحول من الجر الديزل إلى الجر المكهرب، وبداية تغيير شكل منظومة السكك الحديدية إلى الأفضل.
غير إنه ورغم وفرة العروض العالمية التي تقدمت بها شركات كبرى لتوريد الجرارات للسكك الحديدية، تم اختيار عرض شركة جينرال الأمريكية لتوريد 100 جرار، بعدما لوحت بـ«بند الصيانة»، كما أن «السكك الحديدية» وفقًا لهذه الصفقة ستكون ربحت 140 جرارا وليس 100 فقط، غير إن ما حدث بعد ذلك لم يكن في حسابات أحد من قيادات «النقل».
ولأنه دائمًا تأتي الرياح بما لا تشتهى السفن، فإن جرارات جينرال الأمريكية الجديدة والتي بدأت الشركة العالمية توريدها لمصر عندما دخلت الخدمة وبدأت في العمل على الخطوط ظهرت بها العديد من المشكلات، ووصلت لأعطال جسيمة في مواتير بعض الجرارات، وهو ما ينذر بخروج بعض الجرارات من الخدمة والتي لم يمر عليها كثيرًا في العمل.
الأعطال
«السكك الحديدية» من جانبها تيقنت أن هناك مشكلة في الصفقة، فخاطبت الشركة الأمريكية، التي أرسلت بدورها فريقًا من المهندسين الأجانب لفحص الجرارات لمعرفة السبب الرئيسى في الأعطال ووضع تقرير مفصل، وبالفعل وصل وفد الخبراء، الذين سرعان ما أعدوا تقريرهم الذي شمل نقاطًا عدة، في مقدمتها، قوة الجرارات بناء على مطالب السكك الحديدية بداية التعاقد.
والحمل على الجرارات أثناء الشد بناءً على عدد الركاب المتوسط والمسافة التي يقطعها القطار، والبنية الأساسية التي تعمل عليها الجرارات وتأثيرها على الجودة، والسرعات التي يعمل عليها الجرارات وتأثيرها على الموتور، وعيوب التشغيل من جانب الجهة المشغلة المتمثلة في هيئة السكك الحديدية.
ومن الواضح من مخطط الخبراء الأجانب التابعين للشركة الأمريكية المصنعة أن هناك اتجاهًا لتحميل السكك الحديدية مسئولية أعطال القطارات بحجة عيوب في التشغيل وليست عيوبًا في الصناعة، على أساس أن البنية الأساسية للسكك الحديدية المصرية هي السبب في الأعطال، إضافة لعدم خبرة السائقين وزيادة أعداد الركاب وهو ما كان سببًا في زيادة الأعطال.
مراجعة العقود
بدورها.. بدأت «السكك الحديدية» مراجعة العقود السابقة مع الشركة الأمريكية، للتأكد من سلامة موقف الهيئة والخاص بعقود الضمان وعقود الصيانة والتي تضمن لها حقها لدى الشركة الأمريكية.
وتجدر الإشارة هنا إلى أنه تبلغ قيمة الصفقة الخاصة بالجرارات ما يقرب من 226 مليون دولار أمريكي لتوريد 100 جرار، وقبل التعاقد على الصفقة الأمريكية كانت لدى «السكك الحديدية» العديد من العروض من شركات أخرى، وكانت أسعارها أعلى قليلا من عرض الشركة الأمريكية، غير إن «بند الصيانة» رجح كفة الشركة العالمية جينرال.
من ناحية أخرى تخطط السكك الحديدية خلال الفترة المقبلة لاستغلال الوفرة في عدد الجرارات لتحويل أكبر عدد من الجرارات للعمل على قطاع البضائع تمهيدا لفصل القطاع عن السكك الحديدية وتحويله لشركة مستقلة لتنمية إيرادات الهيئة وزيادتها بما يتوافق مع مطالب الفترة القادمة.
يذكر أيضًا أن «فيتو» كانت في مقدمة الجهات التي حذرت من التعاقد مع الشركة الأمريكية بسبب تاريخ تعاملاتها مع السكك الحديدية منذ الصفقة الأولى للجرارات، والتي لم تستفد منها «السكك الحديدية» بشكل كامل وخرجت من الخدمة في وقت قياسى وتهربت الشركة من صيانتها، قبل أن تتعاقد مرة أخرى على صفقة هي الأكبر في تاريخ الهيئة.
وكان رئيس تحرير «فيتو» الزميل عصام كامل، سبق وأن كشف تفاصيل هذه الصفقة المشبوهة، وقال «كامل» في مقال نُشر في ديسمبر الماضي: قدمنا للسيد الفريق وزير النقل كامل الوزير ما لدينا من معلومات حول فساد صفقة الجرارات الأمريكية التي تعاقد عليها سيادته، وقلنا للوزير إن مساعديه أخفوا عنه حقيقة الشركة الأمريكية التي وردت لنا جرارات من قبل في عام ٢٠٠٨م.
وما زال خبراؤنا في وزارة النقل يرفضون توقيع الاستلام الفورى عليها، بسبب عيوب صناعية ترتبط باهتزازات في الموتور، وهو العيب الذي لم يتم إصلاحه منذ عهد الوزير محمد منصور وحتى تاريخه.
وطلبنا من السيد الوزير مراجعة ملف الجرارات المشبوهة قبل الشروع في تنفيذ الصفقة الجديدة، وأخبرنا سيادته على صفحات «فيتو» أن الشركة الأمريكية المتورطة في هذا الأمر فرض عليها الوزير سعد الجيوشي أن تقوم بإصلاح عيوب جراراتها على نفقة الشركة قبل الشروع في أي اتفاق آخر، وهو ما استجابت له الشركة، إلا أنه ومع تغيير «الجيوشى» نام الملف واختفى لصالح شركاء، وظلت جراراتهم تجر أذيال ما فيها من عيوب، فكيف تحظى بصفقة جديدة وهي المتهمة بتوريد جرارات قديمة؟
وتابع: الوزير من جانبه لا يمنح الصحافة بالا، وهذا ليس حقه، فالعمل العام يفرض على المسئول أن يتعاطى مع ما تطرحه وسائل الإعلام من استفسارات، فالقضية ليست شخصية، وإنما هي قضية مال عام يتم إنفاقه دون تمحيص وتحقيق، ولذلك كتبنا أن «صمت الوزير ليس من ذهب»، وما دام سيادته لم يرد ولم يصد، فإننا نوجه حديثنا إلى من بيدهم أمر الرقابة على المال العام.
معالي وزير الرقابة الإدارية.. صفقة الجرارات الأمريكية يصل مقدارها إلى ما فوق المليارات الثمانية بقليل، والشركة التي قمنا بعقد صفقة معها وردت من قبل جرارات معيبة، ولا تزال حتى تاريخه تنتظر التوقيع النهائي باستلامها، ولدينا عروض أخرى من دول بعينها وافقت على إصلاح عشرات الجرارات داخل ورش السكة الحديدية، واتفقت على الإصلاح بمبدأ الاستثمار.
وتأجير عدد منها لدول أفريقية بنسبة تم الاتفاق عليها، واعتقادنا أن الرقابة الإدارية بما تملك من عناصر قوية ونافذة وفاعلة قادرة على الوصول إلى الحقيقة، وإنقاذ المال العام من شبهة الإهدار، ويقينا منا بأن ذلك لا يرتبط بالسيد وزير النقل، وإنما يرتبط بجماعة من الفاسدين في السكك الحديد، وهم أصحاب المصلحة في إخفاء المعلومات عن الفريق «كامل الوزير»، علمًا بأن لدينا من مصادر المعلومات ما يفيد ويضع الأمور في نصابها القانوني.. اللهمَّ قد بلغت، اللهمَّ فاشهد.
المثير أن وزارة النقل أصدرت بيانا والجريدة ماثلة للطبع شنت فيه هجوما على ما وصفته بـ "وسائل الإعلام المغرضة" ، موضحة أنها تعاقدت على الصفقة وفقا للاشتراطات القانونية ، وأكدت الوزارة أن جميع الجرارات مطابقة للمواصفات الفنية.
اللافت أن بيان الوزارة اعترف بوجود أعطال في هذه الجرارات لكنه وصفها بالقليلة وهو ما كانت قد أكدته "فيتو" من قبل ويبقى الأمر في عهدة الجهات الرقابية لتوضيح الحقائق للرأي العام.
نقلًا عن العدد الورقي...