رئيس التحرير
عصام كامل

نهاية زمن الـ«لاءات الثلاث».. كواليس انضمام السودان لنادي «التطبيع» مع إسرائيل.. والشطب من قائمة الإرهاب «عربون»

السودان وإسرائيل
السودان وإسرائيل
«خلافات مستمرة واتفاق نهائي».. عنوان يمكن أن يستخدم لتلخيص ما يحدث داخل الغرف المغلقة فيما يتعلق بمحادثات التطبيع الجارية بين السودان وإسرائيل، فرغم الحديث في الآونة الأخيرة عن خلافات داخل «الخرطوم» بسبب فكرة التطبيع مع «تل أبيب».


التطبيع

إلا أن الاتفاق أبصر النور كما كان متوقعا خاصة أن العاصمة الأخيرة لم تضيع الوقت، وعملت بكامل قوتها من أجل تحقيق هذا الحلم الذي تم التخطيط له منذ عقود، والذي يتمثل في دخول كافة الدول العربية في حلقة التطبيع، وبعد أن أعلنت دول عربية مؤخرًا واحدة تلو الأخرى عن التطبيع مع إسرائيل يأتي السودان ليصبح الدولة الثالثة بعد الإمارات والبحرين.

عربون

إسرائيل ضغطت على السودان بكل السبل من أجل تحقيق هدف التطبيع، وهو ما تؤكده وسائل الإعلام العبرية، بقولها إن «هناك علاقة قوية بين شطب السودان من قائمة المنظمات الإرهابية من قبل الإدارة الأمريكية وقرار الخرطوم الاعتراف بإسرائيل»، أي إن إسرائيل مارست الضغط على السودان في قضية رفع اسمها في قائمة الإرهاب لإقناعها بفكرة التطبيع.

وحول كواليس الاتفاق كشفت صحيفة «إسرائيل اليوم» العبرية أن «وفدًا إسرائيليًا زار السودان قبل يوم من إعلان اتفاق التطبيع وتم الاتفاق على 99% من التفاصيل،

ومن المنتظر توقيع الاتفاقية خلال الأيام المقبلة وسيكون حفل التوقيع على الأرجح من خلال تطبيق Zoom بمشاركة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ورئيس المجلس العسكري السوداني عبد الفتاح البرهان ورئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو.

الوفد الإسرائيلي الذي زار السودان مكث هناك لمدة 7 ساعات فقط وضم نائب رئيس الوزراء رونين بيريتس، ومبعوث نتنياهو إلى العالم العربي المعروف باسم «ماعوز»، ورئيس قسم الخليج وشمال أفريقيا في مجلس الأمن القومي في البيت الأبيض، الجنرال ميجيل كوريا، وكبير مستشاري السفير الأمريكي لدى إسرائيل أرييه لايتستون.

الانتخابات الأمريكية

الإعلام العبري كشف أيضا أن «سبب توقيع الاتفاق المنتظر عبر الإنترنت وليس في واشنطن يرجع إلى ضيق الجدول الزمني بعد الانتخابات الرئاسية الأمريكية»، فيما قال مسئول سوداني كبير لإحدى الصحف العبرية -لم يكشف عن اسمه- إن «إحراز تقدم كبير نحو الاتفاق جاء بعد التوصل إلى تسوية بين رئيس المجلس العسكري، البرهان، الذي يدعم ورجاله اتفاق تطبيع العلاقات مع إسرائيل، ورئيس الوزراء حمدوك، الذي يقف على رأس مجموعة من كبار الشخصيات المعارضة للاتفاق.

وهو ما دفع ترامب لتقديم الشكر لحمدوك على استعداده لتقديم تنازلات وتمهيد الطريق لاتفاق ثلاثي بين السودان والولايات المتحدة وإسرائيل».

المسئول السوداني أضاف للصحيفة العبرية: «الشرق الأوسط يتغير والسودان يريد أن يكون جزءا من هذه العملية. لدينا فرصة فريدة لإعادة بناء اقتصادنا ومجتمعنا. هل الفلسطينيون غاضبون؟ كل مخيم للاجئين الفلسطينيين في لبنان في وضع أفضل من مخيمات السودان فلماذا غاضبون منا؟ لقد ولت الأيام التي كان السودان فيها سلة قمامة القضية الفلسطينية. نحن نعمل من أجل مستقبل السودان وأبنائنا وأحفادنا».

قطر

من جهة أخرى كشف الإعلام العبري عن الدولة القادمة، والتي من المتوقع أن توقع اتفاق تطبيع مع إسرائيل بعد السودان وهى قطر، مؤكدًا أن هذا سيؤدي بالفعل إلى تغيير كبير في الشرق الأوسط بشكل عام وفي العلاقات مع غزة بشكل خاص.

وأضاف الإعلام العبري أن «الجهود المبذولة لإقامة علاقات بين إسرائيل وقطر آخذة في النضج بشكل لا يقل أهمية عن اتفاق التطبيع مع السودان».

مشيرًا إلى أنه في تسعينيات القرن الماضى حافظت قطر على علاقات تجارية مفتوحة مع إسرائيل، وكانت شبكة الجزيرة واحدة من أولى الشبكات في العالم العربي التي توفر منبرًا للمتحدثين الإسرائيليين والآن بعد ست سنوات من مقاطعة جيرانها تريد العودة إلى العالم السني وتعتقد أن إسرائيل يمكن أن تمهد الطريق لها.

وأشار بعض المحللين لـ «فيتو» أن إسرائيل كانت ولا تزال العدو الإستراتيجي لمصر ومهتمة بحصار مصر سواء بجهودها في إثيوبيا وتشجيعها على بناء سد النهضة بما يشكله من إضرار لمصر أو محاولة حصار مصر من جميع الجهات وبالطبع دخول إسرائيل إلى السودان وإقامة علاقات مع الخرطوم من الصعب جدًا أن نتصور أنه يصب في مصلحة مصر.

وأوضحوا أن إسرائيل لم تذهب إلى السودان لتعزز مكانة مصر، علمًا أن ترامب قال أمر لافت للنظر يجب أخذه في الاعتبار وهو أن التركيز في المرحلة الأولى من التعاون ستكون في مجال الزراعة وهذا كلام خطير ويعني أن التركيز سيكون على الأرض والمياه وهذا سوف يشكل خطرًا إضافيًا على إمدادات المياه إلى مصر وخصوصًا أن موقف السودان من سد النهضة ليس جيدًا.

وتابعوا أن إسرائيل لم تذهب السودان من فراغ وتعتزم التركيز على الزراعة ما يعني أنها سوف تستغل مياه النيل الوفيرة وتقوم باستثمارات هناك بتوصية خاصة من ترامب الذي يعتبر الوحيد الذي تحدث عن هذه النقطة بوضوح بأن التركيز في المرحلة الأولى سيكون على الزراعة!.

قضية شائكة

في السياق ذاته قال السفير رخا حسن، مساعد وزير الخارجية الأسبق: هذه قضية شائكة بالنسبة للأوضاع في السودان، والولايات المتحدة تستغل الظروف الصعبة السياسية والاقتصادية التي يمر بها السودان لتضغط عليه لأن رئيس الوزراء أوضح في وقت سابق أنه ليس مفوضا لاتخاذ قرارات إستراتيجية.

من ناحية أخرى فهناك أحزاب من المشاركة في الائتلاف من ضمنها «الأمة القومي» برئاسة الصادق المهدي أعربت عن رفضها تماما للتطبيع، ورغم صدور تصريحات من السودان أنهم اتفقوا لكن التطبيع يحتاج موافقة السلطة التشريعية ولا يوجد في السودان برلمان؛ هنا العملية بها شئ من التعجل الشديد جدًا.

«رخا» أضاف: من ناحية أخرى كل عمليات التطبيع في رأيي تخدم إسرائيل بالدرجة الأولى وهى عبارة عن هدية للرئيس الأمريكي دونالد ترامب في الانتخابات، رغم أن الانتخابات بالنسبة اللوبي اليهودي واليمين الأمريكي المتطرف المؤيد لهم، لأنه عادة السياسية الخارجية الأمريكية غير مؤثرة في الانتخابا.

فالمواطن الأمريكي يهتم بالاقتصاد البطالة والتأمينات الاجتماعية والمساهمات في التعليم والنظام الصحي ولا يهمه القضايا الخارجية إلا إذا كانت أمريكا في حرب يموت فيها جنود أمريكيين.

وشدد مساعد وزير الخارجية الأسبق على أن اتفاق التطبيع مع السودان سيسبب مزيدًأ من الانقسام السياسي في السودان ويعتبر انتصار سياسي لإسرائيل على أساس أن الخرطوم هي التي خرج منها اللاءات الثلاثة: «لا تفاوض ولا تصالح ولا اعتراف بإسرائيل».

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية