بهجت والسلاموني علاقات الزمن الجميل
تذكرت الكاتب
الصحفي الإنسان أحمد بهجت وواقعة خاصة بالناقد الموهوب سامي السلاموني الذي أدخل
السينما لسنوات طويلة إلي كل بيت في مصر، الواقعة تجسد الأخلاقيات التي كانت سائدة
بين الزملاء الصحفيين في الزمن الجميل.
سأل أحمد بهجت رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون وقتها عن سبب غياب الحلقات التي كان يعدها المحرر السينمائي سامي السلاموني حول سينما الستينيات من العدد الجديد وعرف إن "سامي" يعاني من دور إنفلونزا شديد وطلب أن تشير المجلة عن اعتذاره هذا الأسبوع .
سأل بهجت عن عنوان سامي وحرص علي أن يزوره وأن يطمأن عليه . كان العنوان في عمارة بشارع رمسيس، توجه إليها وسأل الحارس عن شقة سامي . ففوجئ بضحكة الراجل النوبي الطيب وقال له أستاذ سامي استأجر حجرة بأعلي العمارة من الحجرات المخصصة لنا، وكانت تلك هي الصدمة الأولي التي واجهت بهجت. وعندما صعد إلي أعلي السطوح وجد سبع غرف منفصلة ودورة مياه واحدة يستخدمها الجميع من الصعب أن توصف .
وكانت الصدمة الثانية إن الغرفة تحتوي علي سرير وطاولة سفرة من الواضح إنه اشتراها من سوق "الكانتو". جلس "بهجت" للحظات علي الكرسي الوحيد وقال لسامي لن تستمر في هذا المكان سوي هذه الليلة.
ترك "بهجت" العمارة واتجه لمدينة نصر حيث كان أحد أقاربه يقيم عمارة لم تؤجر بعض شققها وطلب منه شقة لسامي ووافق الرجل علي الفور.
لم يترك "بهجت" زاويته اليومية في الأهرام عندما قبل رئاسة تحليل الإذاعة واختار فريق عمله من خريج قسم الصحافة بكلية أداب القاهرة قبل أن تصبح كلية الإعلام، ومنهم حسنين كروم وفاروق أبو زيد ومحمد جابر و جابر رزق و سامي سلاموني .
حققت المجلة بهؤلاء الشباب رواجاً غير مسبوق. التقيت مع السلاموني في أول أيام دراسته ولم نقترق حتي رحيله. طلب مني أن أساهم في الكتابة في مجالات الحائط العديدة التي يعدها بمشاركة الزملاء و كانت المواد التي تنشر في صحف الفجر الحائطية تتلهف عليها الصحافة اليومية. كان السلاموني موهوباً بحق واستطاع أن يكسب احترام الفنانين باستقامته وموهبته. غادر "السلاموني" الحياة مبكراً ولم يترك سوي سريره والطاولة التي اشتراها من سوق "الكانتو". عاش فقيراً ومات فقيراً و شريفاً.
من أسف إن ذكرى "سامى السلامونى" ضاعت وسط الضجيج الذى يثيره عدد من الذين يدعون أنهم أساتذة فى النقد وهى حرفة لا علاقة لهم بها. ولولا برنامج هنا أو هناك يتحدث عن مسيرته لما تعرف القراء الذين عاشوا زمنه عن دوره الرائع في توصيل الثقافة السينمائية للبسطاء.
وقد تحدث الكاتب الصحفى ابراهيم عيسي عن الدور الذى لعبه "السلامونى" فى تنمية ثقافته السينمائية، وكانت الكتب التى أصدرها السلامونى زادا لا ينقطع، بعد أن قرأها أكثر من مرة. وقال إن "السلامونى" نجح أن يصل إلى كل فئات الشعب بإسلوبه المميز الذى يستوعبه كل قادر على القراءة والكتابة.. وأهم ما قاله "عيسي" إن الرواد من أمثال السلامونى يستحقون أن تراجع أعمالهم ونتعلم منهم ونقدم هذه الأعمال للأجيال الجديدة، وهو ما حاوله أخيرا.
إختطف الموت سامي السلامونى فجأة فى 25 يونيو 1991 وكان فى ال55 من العمر، لم يمرض سامى ويضطر إلى البقاء فى شقته وإنما توجه إلى أحد مستشفيات مدينة نصر مشيا.. ولم يفقد سخريته حتى بعد أن بدأت الآم القلب تتسلل إليه.. وقال: يبدو أن صديقنا يستعجل، وكان يقصد الموت بالطبع.
55 عاما فقط هى التى عاشها "السلامونى" استطاعت أن تغير المفاهيم القديمة السائدة عن دور السينما فى حياة الشعوب وإنها أداة للتغيير وليست للترفيه فقط. ويعتبر السلامونى الراعي الأول للفنانين الذين ظهروا من جيل الستينات.. ليس فقط من الممثلين إنما من كل التخصصات فى المجال السينمائي.
لم يكتف سامى بالنقد السينمائي، وإنما أعد فيلمين تسجيليين وحصل بهما على جوائز عديدة..
كتبت الناقدة الكبيرة خيرية البشلاوى: إن أعماله تتميز بالحضور القوى للوعى الاجتماعى والسياسي الذى يميز الكاتب يتعرض لمجال ترفيهي فى الإساس.
وقال عنه توماس جورجيسيان: إن الحديث عن "سامي السلامونى" لا يحتاج إلى مناسبة فهو الناقد السينمائي المميز الذى أمتعنا وعلمنا من خلال مقالاته ومناقشاته وحضوره الجميل فى حياتنا السينمائية.
ويضيف "توماس" إنه بعد 10 سنوات من وفاته بدأت الهيئة العامة لقصور الثقافة فى إصدار الأجزاء الأربعة للأعمال الكاملة لمقالات "السلامونى" من إعداد يعقوب وهبي، وذلك عن سلسلة أفاق السينما برئاسة تحرير أحمد الحضرى، وأنا أذكر أسماء شكلت وعينا السينمائي وفتحت لنا أفاقا جديدة فى عالم الاستمتاع بالسينما وبهجتها..
وبيبقى أن نتذكر مواقف أحمد بهجت وسامى السلامونى لا يعنى فقط أن يتعرف الجيل الحالى عما قدمه اساتذتهم من عطاء يستحق أن نتذكره دائما، وإنما أيضا للتعرف على منظومة القيم التى كانت تساعد أصحاب المواهب على الظهور والتقدم وكيف كان يرعى الكبار الاجيال التى جاءت بعدهم ويقدمون لهم النصائح التى تجنبهم تجارب فاشلة قد يقعون بها.
سأل أحمد بهجت رئيس تحرير مجلة الإذاعة والتليفزيون وقتها عن سبب غياب الحلقات التي كان يعدها المحرر السينمائي سامي السلاموني حول سينما الستينيات من العدد الجديد وعرف إن "سامي" يعاني من دور إنفلونزا شديد وطلب أن تشير المجلة عن اعتذاره هذا الأسبوع .
سأل بهجت عن عنوان سامي وحرص علي أن يزوره وأن يطمأن عليه . كان العنوان في عمارة بشارع رمسيس، توجه إليها وسأل الحارس عن شقة سامي . ففوجئ بضحكة الراجل النوبي الطيب وقال له أستاذ سامي استأجر حجرة بأعلي العمارة من الحجرات المخصصة لنا، وكانت تلك هي الصدمة الأولي التي واجهت بهجت. وعندما صعد إلي أعلي السطوح وجد سبع غرف منفصلة ودورة مياه واحدة يستخدمها الجميع من الصعب أن توصف .
وكانت الصدمة الثانية إن الغرفة تحتوي علي سرير وطاولة سفرة من الواضح إنه اشتراها من سوق "الكانتو". جلس "بهجت" للحظات علي الكرسي الوحيد وقال لسامي لن تستمر في هذا المكان سوي هذه الليلة.
ترك "بهجت" العمارة واتجه لمدينة نصر حيث كان أحد أقاربه يقيم عمارة لم تؤجر بعض شققها وطلب منه شقة لسامي ووافق الرجل علي الفور.
لم يترك "بهجت" زاويته اليومية في الأهرام عندما قبل رئاسة تحليل الإذاعة واختار فريق عمله من خريج قسم الصحافة بكلية أداب القاهرة قبل أن تصبح كلية الإعلام، ومنهم حسنين كروم وفاروق أبو زيد ومحمد جابر و جابر رزق و سامي سلاموني .
حققت المجلة بهؤلاء الشباب رواجاً غير مسبوق. التقيت مع السلاموني في أول أيام دراسته ولم نقترق حتي رحيله. طلب مني أن أساهم في الكتابة في مجالات الحائط العديدة التي يعدها بمشاركة الزملاء و كانت المواد التي تنشر في صحف الفجر الحائطية تتلهف عليها الصحافة اليومية. كان السلاموني موهوباً بحق واستطاع أن يكسب احترام الفنانين باستقامته وموهبته. غادر "السلاموني" الحياة مبكراً ولم يترك سوي سريره والطاولة التي اشتراها من سوق "الكانتو". عاش فقيراً ومات فقيراً و شريفاً.
من أسف إن ذكرى "سامى السلامونى" ضاعت وسط الضجيج الذى يثيره عدد من الذين يدعون أنهم أساتذة فى النقد وهى حرفة لا علاقة لهم بها. ولولا برنامج هنا أو هناك يتحدث عن مسيرته لما تعرف القراء الذين عاشوا زمنه عن دوره الرائع في توصيل الثقافة السينمائية للبسطاء.
وقد تحدث الكاتب الصحفى ابراهيم عيسي عن الدور الذى لعبه "السلامونى" فى تنمية ثقافته السينمائية، وكانت الكتب التى أصدرها السلامونى زادا لا ينقطع، بعد أن قرأها أكثر من مرة. وقال إن "السلامونى" نجح أن يصل إلى كل فئات الشعب بإسلوبه المميز الذى يستوعبه كل قادر على القراءة والكتابة.. وأهم ما قاله "عيسي" إن الرواد من أمثال السلامونى يستحقون أن تراجع أعمالهم ونتعلم منهم ونقدم هذه الأعمال للأجيال الجديدة، وهو ما حاوله أخيرا.
إختطف الموت سامي السلامونى فجأة فى 25 يونيو 1991 وكان فى ال55 من العمر، لم يمرض سامى ويضطر إلى البقاء فى شقته وإنما توجه إلى أحد مستشفيات مدينة نصر مشيا.. ولم يفقد سخريته حتى بعد أن بدأت الآم القلب تتسلل إليه.. وقال: يبدو أن صديقنا يستعجل، وكان يقصد الموت بالطبع.
55 عاما فقط هى التى عاشها "السلامونى" استطاعت أن تغير المفاهيم القديمة السائدة عن دور السينما فى حياة الشعوب وإنها أداة للتغيير وليست للترفيه فقط. ويعتبر السلامونى الراعي الأول للفنانين الذين ظهروا من جيل الستينات.. ليس فقط من الممثلين إنما من كل التخصصات فى المجال السينمائي.
لم يكتف سامى بالنقد السينمائي، وإنما أعد فيلمين تسجيليين وحصل بهما على جوائز عديدة..
كتبت الناقدة الكبيرة خيرية البشلاوى: إن أعماله تتميز بالحضور القوى للوعى الاجتماعى والسياسي الذى يميز الكاتب يتعرض لمجال ترفيهي فى الإساس.
وقال عنه توماس جورجيسيان: إن الحديث عن "سامي السلامونى" لا يحتاج إلى مناسبة فهو الناقد السينمائي المميز الذى أمتعنا وعلمنا من خلال مقالاته ومناقشاته وحضوره الجميل فى حياتنا السينمائية.
ويضيف "توماس" إنه بعد 10 سنوات من وفاته بدأت الهيئة العامة لقصور الثقافة فى إصدار الأجزاء الأربعة للأعمال الكاملة لمقالات "السلامونى" من إعداد يعقوب وهبي، وذلك عن سلسلة أفاق السينما برئاسة تحرير أحمد الحضرى، وأنا أذكر أسماء شكلت وعينا السينمائي وفتحت لنا أفاقا جديدة فى عالم الاستمتاع بالسينما وبهجتها..
وبيبقى أن نتذكر مواقف أحمد بهجت وسامى السلامونى لا يعنى فقط أن يتعرف الجيل الحالى عما قدمه اساتذتهم من عطاء يستحق أن نتذكره دائما، وإنما أيضا للتعرف على منظومة القيم التى كانت تساعد أصحاب المواهب على الظهور والتقدم وكيف كان يرعى الكبار الاجيال التى جاءت بعدهم ويقدمون لهم النصائح التى تجنبهم تجارب فاشلة قد يقعون بها.