كيف ينتج العرب خطابًا إسلاميًا لايتصادم مع القيم الأوروبية؟.. أستاذة فلسفة: تخفيف الاحتقان وإسكات الأصوات المتطرفة .. باحث: إيجاد شراكة مناسبة وعدم نفي وتبرير العنف
تتعقد أزمة الرسوم المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم ففرنسا تصر على موقفها في تشجيع حرية الرأي والتعبير حتى لو كانت في أقصى صورها تطرفا بالإساءة للمقدسات والأديان جميعا.
بينما تتصاعد المواقف العربية والإسلامية، بين رفض عقلاني واع ومدرك للخفية الأزمة وإشكالياتها، وبين خطاب تحريضي يهدف لتخليص الحسابات مع الغرب، الذي فاق مؤخرا من نوم عميق، وبعد أن تسللت التيارات الدينية المتطرفة تحت حماية "العلمانية" للعمل ضد دول الشرق والغرب على حد سواء.
لكن ما يبدو لافتا للانتباه هو غياب الخطاب الإسلامي الذي يؤسس لأفكار يستطيع الغرب أن يتفهمها ولاتتصادم مع أفكاره التي تشكل الوعاء الأساسي للقيم العالمية، خطاب يرفض أيضا ما يسميه الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون "النزعة الانفصالية" التي تسعى إلى تكوين مجتمع مضاد منعزل على مقاس التيارات الدينية، بما يعادي كل القيم الوطنية، وهو ما دمر البلدان العربية على مدار السنوات الماضية، على وجه التحديد.
ثقافة الغضب
يرى مراقبون أن الغضب فقط هو اللغة الوحيدة التي مررها العرب والمسلمين إلى الغرب على مدار الأيام الماضية، من حرق العلم الفرنسي إلى تدمير وإهانة دمىّ للرئيس ماكرون في جميع البلدان الإسلامية، مرورا بحملات مقاطعة للمنتجات الفرنسية.
وهو حق أصيل للشعوب التي ترفض الإساءة لمقداساتها بغض النظر عن عدم وضوح الفكرة الفرنسية عند المتلقى العربي، فهناك الهدف مساندة حرية الرأي والتعبير للجميع بما فيهم المسلمين، لو أرادوا فعل الشيء نفسه، وهنا حرب شرسة ضد المسلمين وعقديتهم وهم وحدهم دون غيرهم.
تقول الدكتورة لميس فايد، أستاذ الفلسفة والعقيدة، إن الحوار الديني اليوم يجب أن يسعى إلى تفهم الاختلاف في الأديان وحولها، وخلق تعايش سلمي يقوم على التعددية .
وأوضحت فايد أهمية تعاون دور العبادة لترسيخ مبادئ الاحترام المتبادل والعيش المشترك، مؤكدة ضرورة تخفيف الاحتقان الديني، وإسكات الأصوات المتطرفة.
وأضافت: هذه العلاقات بين ممثلي الأديان، تترك آثاراً طيبة على الطرفين، وتزيل غموض وشيطنة الآخر، على حد قولها.
صراخ القيم
أما خالد عمر، الكاتب والباحث، فيرى إن الصراخ الذي يرد به البعض على التجاوزات الغربية في حق الدين الإسلامي، يجب أن يكون صراخًا للشراكة في عالم القيم وليس لتبرير التحريض على الآخر وقتله.
وأوضح عمر أن هناك ضرورة للتعايش مع الآخر والحوار معه، مردفا: التعارف مع البشر مطلوب، بل إنه أمر إلهي، مختتما: الشراكة تعني الحاضر بكل ما فيه، وما سيترتب عليه في المستقبل القريب.
من ناحية أخرى ترى منى المالكي، الكاتبة والباحثة، أن ما يحدث الآن يحكي قصة صراع عميق وأليم بين الغرب والشرق؛ صراع قديم يتجدد في كل مرة بنفس الآليات والأدوات وبذات الفكر الذي يتزعمه ولاينتهي.
وأكدت الباحثة أن العلمانية تبدو لنا على مقاس الغرب فقط، فهي من إنتاجهم وهذا صحيح، لكن في المقابل يجب تدشين خطاب إسلامي يفهمه الغرب ويدرسه جيداً، على حد قولها.