رئيس التحرير
عصام كامل

«العشرينات» شفرة «الإخوان» السرية لتجنيد «أطفال العشوائيات».. الجماعة الإرهابية تستعين بالخطط القديمة للسيطرة على القرى

شعار جماعة الإخوان
شعار جماعة الإخوان
«تدوير الأفكار والإستراتيجيات».. هكذا تعمل جماعة الإخوان الإرهابية، منذ بداية نشأتها في عشرينيات القرن الماضي وحتى وقتنا الحالى، ورغم اختلاف الظروف والإمكانيات والمعطيات السياسية على أرض الواقع.


إلا أن الذاكرة الإخوانية لا تزال تصر على اتباع الأسلوب القديم ذاته، دون إجراء أية تعديلات، وتحديدًا فيما يتعلق بالعمل داخل المناطق الفقيرة والعشوائيات والابتعاد عن المدن الرئيسية، لتكوين قاعدة شعبية، كما أن المتابع الجيد لتاريخ الجماعة الإرهابية يدرك جيدًا أن أساس الفكرة الإخوانية يبدأ من القرى والنجوع والكفور، الأمر الذي يفسر تركيز القنوات الإخوانية، على هذه الشريحة دون غيرها خلال الأسابيع الماضية. 

الاستغلال 

تعتبر الجماعة أن تأليب الشارع واستغلال غضب بعض الفئات من قانون التصالح في مخالفات البناء، الأمل الأخير الباقي لها لاسترداد الأمل في العودة إلى المشهد الاجتماعي والسياسي المصري، فبدونه قد تنتهي فكرتها إلى الأبد، بعدما تفككت في المنطقة بشكل كامل، ولهذا أصبح كل تركيزها على إشعال حماس الأطفال والمراهقين عبر مواقع التواصل الاجتماعي ومن خلال وسائل إعلامهم.

شفرة سرية

وتعيد «الإخوان» في وقتنا الحالى استنساخ إستراتيجية سرية، تلعب بها منذ تأسيس التنظيم في عشرينيات القرن الماضي، هدفها السيطرة على القواعد الشعبية بكل أشكالها وأنواعها، من أحياء ومدارس ومراكز شباب وأندية، وجميعها بؤر جاهزة لامتلاك أدمغة الأطفال وتنشئتهم على الفكر الإخواني.

وفي كل مرة تتعرض فيها لشبح الحظر من السلطة، تظل كامنة وتتخفى عن الأنظار، لكن تظل المنظومة تتربص بكل طفل، لإشعال جذوة الحماس الديني فيه، ومن ثم يكون جاهزًا للانطلاق معهم. 

كانت الدولة قطعت الحبل السري للتنظيم في نهاية عام 2013، بعد أن سيطرت على تركة الإخوان الضخمة من المدارس وخاصة مرحلة الابتدائية، ووضعتها تحت إشراف وزارة التربية والتعليم لتجفيف منابع الفكر المتطرف الذي زرعه التنظيم على مدار عقود لإحكام سيطرته على النشء ونجحت الجماعة على مدار عقود في تدشين أكثر من 400 مدرسة في محافظات مصر بحسب تقرير سابق لـ«فيتو» من مصادر رسمية.

ومع أنها أصبحت تحت مظلة الحكومة منذ عزل الجماعة عن الحكم، إلا أن أفكار وتوجهات العاملين والإداريين والموظفين بها الذين تم انتقاؤهم بعناية مازالت كما هي، ما يؤكد أن لهم تأثيرا ما حتى الآن، على مراحل عمرية لا تستطيع الفرز بنفسها، ومعرفة من يوجههم.. لماذا وكيف!

الأطفال

وبحسب مصادر تحدثت إليها «فيتو» فإن استغلال الإخوان للأطفال ظهر بشكل مكثف من خلال نوعية القضايا التي أدين فيها أطفال حاولوا بشتى الطرق الانتصار للجماعة ولو بالعنف، وهو ما يمكن رصده في كثافة القضايا التي التي نُظرت أمام المحاكم، وعلى رأسها قضية اغتيال النائب العام هشام بركات عام 2015، والتي أدين فيها مراهقين وشباب في عمر الزهور وتم إعدامهم العام الماضي.
 
كان يتراوح عمر المتهمين بين 21 و26 عامًا، ومنهم متهم شارك في وضع خطة الاغتيال كان عمره أقل من 18 عامًا، بمعنى أنه جند وتم تدريبه على أساليب شتى من العنف وهو لايزال طفلا، وهناك غيره الكثير الذين تم استقطابهم من النوادي ومراكز الشباب ومراكز تلاوة القرآن، وخاصة الذين لا يميلون للاختلاط منهم، أو أبناء الطبقات الفقيرة.

لجنة الأسود الشابة

كما تكشف أدبيات الجماعة عن وجود تنظيم داخلي يسمى بـ«لجنة الأسود الشابة»، وهي مجموعة تعمل على تنفيذ برنامج تعليمي كامل موازٍ للتعليم الحكومي، ويستهدف الأطفال والمراهقين في المدارس والنوادي ومراكز الشباب من أجل تسويق أفكار الجماعة، وتشكيل جيل جديد يمنح التنظيم الحيوية والقوة، ولغة تواصل الأجيال، وكل ذلك في السر ودون أي إطار رسمي يُمكّن الدولة من معرفة ما الذي يدس في عقول الصغار. 

وأكدت المصادر أن القيادي محمد وهدان - مسجون حاليا على ذمة عدة قضايا - كان آخر المسئولين عن هذا التنظيم الذي خُصص للأطفال، لا سيما أن «وهدان» كان مسئولا عن التربية وهذا الملف كان جزءًا من أنشطة الجماعة للتحكم في مفاصل المجتمع المصري. 

المثير أن الإخوان أورثت الجماعات الإسلامية المتشددة، خططا لاستخدام الأطفال وبدورهم طوروها واستخدمتهم طالبان وداعش وغيرها على سبيل المثال، ما خلق إستراتيجية كاملة للحركات الإسلامية للاهتمام بزرع ثمرتهم في الطفل منذ صغره.

القوانين الدولية

وكأي تنظيم سري، وكجماعة لا تعترف بأي قانون، تتجاهل الإخوان القانون الإنساني الدولي، الذي يحظر استخدام الأطفال من قبل أطراف النزاع، ويعتبر تجنيدهم واستخدامهم ولو لمجرد المشاركة بنشاط في الأعمال العدائية جريمة حرب تستوجب الاستدعاء أمام المحكمة الجنائية الدولية.

كما ينص البروتوكول الاختياري لاتفاقية حقوق الطفل على عدم جواز استهداف الجماعات الدينية تحت أي ظرف من الظروف، تجنيد أشخاص أقل من 18 عامًا أو استخدامهم في الأعمال العدائية، ويمنح البروتوكول الحكومات الحق في اتخاذ جميع التدابير الممكنة عمليًا لمنع هذا التجنيد والاستخدام، بما في ذلك اعتماد الإجراءات القانونية اللازمة لحظر وتجريم مثل هذه الممارسات. 

وفي هذا السياق قال مختار نوح، الباحث في شئون الجماعات الإسلامية: جماعة الإخوان الإرهابية، ما زالت تستغل حب الانتماء الفطري للدين عند الشباب، لتسويق أفكارها، كما أنها لا تظهر حقائق التنظيم وأهدافه، إلا حسب مستوى تطور المتلقي لهذه الأفكار.

وأوضح «نوح» أن «مناهج التربية عند الإخوان، تختلف فيها المفاهيم عن معنى العدو الذي يزرعونه لدى الأفراد، من المرحلة الأولى للاستقطاب، عن آخر مراحل التجنيد، ومسئول التربية عند الإخوان، قوى في اعتقاده الإخواني، والمنهج الذي يدرسه، يجب أن يتحلى بالميكافيلية الكاملة، بما يحقق غاية الإخوان، وليس الإسلام».

بدوره أكد إبراهيم ربيع، القيادي السابق بالجماعة، أن التعامل الرخو مع التنظيم وعدم إجباره على انتهاج سياسة شرعية علنية وفقا للقانون من سوءات عصر مبار ك، مشيرًا إلى أن التنظيم انتشر في العشوائيات، وانطلق يملأ الفراغات التي تركتها الدولة، في التعليم والصحة والخدمات والعمل الأهلي، وكل ذلك كان يحدث بتواطؤ من النخب والمفكرين والمثقفين.

وأنهى «ربيع» حديثه محذرا: الأجيال السابقة للإخوان «غلابة» أمام الجيل الحالي، الكاره للجيش والشرطة كعقيدة، وليس لديهم مواءمات سياسية، بعكس الكبار الذي يتحكمون في العصا بقدرتهم على التخفي، لكن الجيل الجديد، تربى على عقيدة بداخله، تجعله يرغب بشدة في هدم الجيش والشرطة، وكل مؤسسات الدولة.

نقلًا عن العدد الورقي...
الجريدة الرسمية