رئيس التحرير
عصام كامل

على المرصد أقف وعلى الحصن أنتصب


فلنقف على المرصد ونرقب ما يحدث وما يدور حولنا وما المصير الذى ينتظرنا وينتظر مصرنا وأنتصب على الحصن لننظر الآتي علينا من بعيد والذي قد صار قريبا منا ويدق أبوابنا بعنف ألا وهو الفتنة والحرب الأهلية التى كنا نخشاها..


لكن لم يعد هناك مفر منها وتلك هى الحقيقة التى يجب أن نواجهها بشجاعة حتى وإن لم تفد الشجاعة في شيء عندما تنهار أمة وتضيع حضارة عمرها ما يزيد على سبعة آلاف عام .. كنا قد شاهدنا وراقبنا بأعيننا عبر شاشات التلفاز عمليات الحشد للحرب الأهلية المرتقبة والتي سوف تكون حرب عرقية ودينية وسوف نرى كيف نجح الغرب بالاستعانة بمن استعان بهم ونحن نعلمهم بأن يوظف مفهوم الطائفية Sectarian ليس فيما بين الأقباط بعضهم البعض كما هو ظاهر أو هكذا اعتدنا على أن وجه الطائفية لا يظهر إلا فيما بين الأقباط والمسلمين..

لكن علينا أن ندرك أن مفهوم الطائفية قد توسع الآن وصار أوسع من ذلك بكثير إذ إنه من الملاحظ لتلك التصريحات التي تصدر عن الجماعة الإسلامية أو التيارات الإسلامية وذلك أثناء اجتماع الرئيس مرسي فى الصالة المغطاة كانت هناك كلمات وتصريحات خرجت عن الحدود وعبرت عن حالة التناقض الذي تعيشه مصر بكل أطيافها والتي تعني أن هناك بذار الفتنة ما بين المذاهب الإسلامية فتنة قد لا تقوى على الخروج منها وسوف تحمي أتون الحرب .. ما أحوجنا فى هذه الأيام أن نتحفظ لكلماتنا أو كل ما يصدر عنا من تصريحات!!

فهذه الكلمات ما هي إلا سهام نارية سرعان ما تنشب فى الأهداف وتشعلها أتون محمى سبعة أضعاف.. لذلك علينا أن نقف المرصد لنرقب ما الذى يحدث وماذا نحن فاعلون، إننا مقدمون على كارثة بكل المقاييس لقد حشد كل طرف للآخر لعل أن يخشاه.. ولكن هناك نوعا من الإصرار ونوعا من التجمد فى المواقف والكل قد عقد العزم على أن يفنى الآخر بعد أن كفره وأخرجه من دينه ولا يبقى إلا أن ينتزعه من الأرض انتزاعا لم يكن ذلك هو وجه مصر في يوم من الأيام ولم يكن ذلك هو وجه الإسلام الذى يعرفه الأقباط وكل ملة أخرى على نحو جيد الإسلام الذي عاش وتعايشت معه جميع الشعوب..

الإسلام الذي كان أول دين يرسخ لقبول الآخر ولا يجعل من الاختلاف فى الدين معضلة أو عثرة كي ما يتعامل مع الآخرين ذلك هو صحيح الإسلام وذلك هو سلوك الإسلام الذى لابد من الاقتداء به وبسنته.. لقد تيقنت الآن كيف يساء (إلى الإسلام ومن الذين يغذون أصحاب هذه العقول الموتورة بالخارج فيزدرون بالإسلام بطريقة خارجة وغير لائقة؟.. كان علينا أن نتحفظ لسلوكياتنا وأن نضع حارسا على أفواهنا لكن ما أكثر الكلام وما أكثر الإيذاء والضرر) 

بالكلمات مصر أصبحت على طريق الضياع وأنها ستسلك نفس الطريق الذى سلكته العديد من الدول الأخرى ..فمن يستطيع أن ينقذ مصر من ذلك الانفلات وذلك اليوم الذي سيكون أشبه بيوم الحشر؟ لقد سمعت العديد من التعليقات فى مساجد بعينها تحث الناس على الجهاد وأن عليهم ألا يفكروا فى أي شيء سوى الشهادة..

هل نحن فى حرب؟ هذه هي أجواء الحرب الأهلية التي عبرت عنها المليونيات التي خرجت يوم الجمعة والتي حملت عنوان لا للعنف على الرغم أن كل ما فيها كان تفوح منه رائحة العنف ويطالب بالجهاد وما أصعب المشهد ولكنه قد صار واقعا حقيقيا وما كنا نخشى منه قد أتى علينا ولا نملك سوى أن نرفع أعيننا نحو المولى نبتهل له بأن ينجي مصر وشعبها ونقول كما قال أحد ملوك إسرائيل قديما عندما حاصرته الجيوش فرفع عينيه إلى السماء وقال "يا رب نحن لا نعرف ماذا نفعل أمام هذا الجمهور الكثير لكن نحوك أعيننا".
الجريدة الرسمية