قانون "ابن هرمة"
للأسف، إن
"الأحزاب السياسية" فى مصر تعاملت مع أغلب الأسماء المجهولة، ومن لا علاقة
لهم بالسياسة أو العمل العام، وأبناء المسئولين والنواب السابقين، الذين اتخمت بهم
قوائم المرشحين لانتخابات مجلس النواب القادمة، بذات قانون "ابن هرمة"
الذى سنه الخليفة "أبو جعفر المنصور" نزولا على رغبه جليسه وشاعره المفضل.
فيروى التاريخ، أن الخليفة "أبو جعفر المنصور" كان مغرما بالشاعر "إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي" نظرا لما عرفه عنه من خفه الظل، وبراعة فى الشعر، مما جعل الأصمعى يقول عنه: "ختم الشعر بابن هرمة".
حيث كان "ابن هرمة" يتسلل بعد حلول الظلام وخلود المدينة فى النوم، ويذهب لتسلية الخليفة "المنصور" فى قصره، وظلت علاقة الشاعر الفذ بالقصر لسنوات سرا لا يعلمه سوى حاشية الخليفة. إلا أن الكارثة التى كان يعانى منها "ابن الهرمة" أنه كان سكيرا عربيدا، يظل يشرب فى مجلس الخليفة، إلى أن يخرج من القصر وهو يترنح، فيتم القبض عليه.
حصانة للبيع
ولأنه كان حريصا على ألا يكشف سره، فقد كان يضطر إلى الذهاب مع العسس حين ضبطه، ويظل قيد الحبس حتى الصباح، ويعرض على القاضى، الذى كان دائما ما يأمر بإقامة الحد عليه، إلى أن يتدخل الخليفة فى اللحظات الأخيرة، ويقوم بالافراج عنه.
إلا أن كثرة القبض على "ابن هرمة" وتدخل الخليفة لإطلاق سراحه، وضعتهما معا فى حرج أمام العسس والقاضى والشعب، ولاسيما وأن الخليفة كان لا يريد أن يظهر أمام الرعية، أنه يتدخل لحجب إقامة الشرع على شارب خمر، مما اضطر الشاعر الداهية إلى الانقطاع عن الذهاب للقصر.
وبعد أيام أرسل الخليفة فى طلب "ابن هرمة" الذى رفض الذهاب إلى القصر، وأرسل مع رسول الخليفة مشترطًا أن يعطيه المنصور "صكًا" يمنع العسس من القبض عليه إذا وجدوه سكرانًا، إلا أن الخليفة استشعر الحرج في أن يكتب صكًا يعتبره الرعية خروجا عن الشرع، وأرسل إلى "ابن هرمة" طالبا منه التفكير فى حل آخر، يقيه شر العسس، ولا يضع الخليفة في حرج.
وبعد أيام قليلة ذهب "ابن هرمة" إلى المنصور، واقترح عليه أن يصدر مرسومًا يقول فيه: "نحن أمير المؤمنين، وقد تلاحظ لنا، أن هناك من بين الرعية رجلاً يدعي ابن الهرمة، كثر القبض عليه ليلاً وهو شارب الخمر، وقد عفونا عنه مرات ومرات دون أن يرتدع، لذا نأمر بأنه إذا ضبط سكرانًا في أي وقت من أوقات الليل أو النهار، يجلد ثمانين جلدة، ويجلد من شارك في القبض عليه مائة جلدة".
وبالفعل فعل الخليفة وأصدر المرسوم، فصارت العسس يمرون على "ابن هرمة" وهو يترنح سكرا، فيناديهم ساخرا: "من يشتري الثمانين بالمائة" وصار الشاعر العربيد مضربًا للمثل في التحايل على القانون، وصار اسمه بعد وفاته "سبه" من شدة فجوره.
سحقا لمتطلبات المرحلة
للأسف، لقد تجاهلت "الأحزاب السياسية" آلاف الكفاءات من العلماء، والخبراء، والمثقفين، والمؤهلين سياسيا ممن كانت حساسية المرحلة تتطلب وجودهم فى مجلس النواب القادم، وتعاملت مع الأمر بمبدأ "من يدفع أكثر" وقانون "ابن هرمة" واتخمت القوائم بكثير من الأسماء المجهولة، وعديمي الخبرة، وأبناء المسئولين والنواب السابقين، ودفعت بهم ليكونوا "نوابا" عن الشعب، و"مشرعين" لقوانين تمس صميم الأمة، و "رقباء" على أداء الحكومة.
الواقع يؤكد أن الاختيارات غير الموفقة تركت أثرا غير طيب وشعورا بعدم الرضا لدى كل المشهود لهم بالكفاءة من علماء، وخبراء، وسياسيين ولاسيما وأن الجميع كان ينتظر من "الأحزاب" الانحياز لحساسية المرحلة، واستدعاء الكفاءات، وجعل ترشيحهم بمثابة تكليف وطني، لا تشريفا واستعراضا، بدلا من أن تصل حد المجاملات إلى حد الزج بمرشحة "تم الطعن عليها" لسابق حبسها 6 أشهر فى قضية تزوير، وزوجها سبق اتهامه فى قضية قتل مواطنة وإجهاض أخرى.
ورحم الله زمنا، كانت فيه الأحزاب تتبارى فى ترشيح أسماء يهتز لمناقشاتهم واستجواباتهم البرلمان، على شاكلة "علوي حافظ، وممتاز نصار، والبدري فرغلي، وإبراهيم عبادة، وكمال أحمد" وغيرهم من النواب الأفذاذ الذين نحتوا أسماءهم بحروف من ذهب فى تاريخ مجلس النواب.. وكفى.
فيروى التاريخ، أن الخليفة "أبو جعفر المنصور" كان مغرما بالشاعر "إبراهيم بن علي بن سلمة بن عامر بن هرمة الكناني القرشي" نظرا لما عرفه عنه من خفه الظل، وبراعة فى الشعر، مما جعل الأصمعى يقول عنه: "ختم الشعر بابن هرمة".
حيث كان "ابن هرمة" يتسلل بعد حلول الظلام وخلود المدينة فى النوم، ويذهب لتسلية الخليفة "المنصور" فى قصره، وظلت علاقة الشاعر الفذ بالقصر لسنوات سرا لا يعلمه سوى حاشية الخليفة. إلا أن الكارثة التى كان يعانى منها "ابن الهرمة" أنه كان سكيرا عربيدا، يظل يشرب فى مجلس الخليفة، إلى أن يخرج من القصر وهو يترنح، فيتم القبض عليه.
حصانة للبيع
ولأنه كان حريصا على ألا يكشف سره، فقد كان يضطر إلى الذهاب مع العسس حين ضبطه، ويظل قيد الحبس حتى الصباح، ويعرض على القاضى، الذى كان دائما ما يأمر بإقامة الحد عليه، إلى أن يتدخل الخليفة فى اللحظات الأخيرة، ويقوم بالافراج عنه.
إلا أن كثرة القبض على "ابن هرمة" وتدخل الخليفة لإطلاق سراحه، وضعتهما معا فى حرج أمام العسس والقاضى والشعب، ولاسيما وأن الخليفة كان لا يريد أن يظهر أمام الرعية، أنه يتدخل لحجب إقامة الشرع على شارب خمر، مما اضطر الشاعر الداهية إلى الانقطاع عن الذهاب للقصر.
وبعد أيام أرسل الخليفة فى طلب "ابن هرمة" الذى رفض الذهاب إلى القصر، وأرسل مع رسول الخليفة مشترطًا أن يعطيه المنصور "صكًا" يمنع العسس من القبض عليه إذا وجدوه سكرانًا، إلا أن الخليفة استشعر الحرج في أن يكتب صكًا يعتبره الرعية خروجا عن الشرع، وأرسل إلى "ابن هرمة" طالبا منه التفكير فى حل آخر، يقيه شر العسس، ولا يضع الخليفة في حرج.
وبعد أيام قليلة ذهب "ابن هرمة" إلى المنصور، واقترح عليه أن يصدر مرسومًا يقول فيه: "نحن أمير المؤمنين، وقد تلاحظ لنا، أن هناك من بين الرعية رجلاً يدعي ابن الهرمة، كثر القبض عليه ليلاً وهو شارب الخمر، وقد عفونا عنه مرات ومرات دون أن يرتدع، لذا نأمر بأنه إذا ضبط سكرانًا في أي وقت من أوقات الليل أو النهار، يجلد ثمانين جلدة، ويجلد من شارك في القبض عليه مائة جلدة".
وبالفعل فعل الخليفة وأصدر المرسوم، فصارت العسس يمرون على "ابن هرمة" وهو يترنح سكرا، فيناديهم ساخرا: "من يشتري الثمانين بالمائة" وصار الشاعر العربيد مضربًا للمثل في التحايل على القانون، وصار اسمه بعد وفاته "سبه" من شدة فجوره.
سحقا لمتطلبات المرحلة
للأسف، لقد تجاهلت "الأحزاب السياسية" آلاف الكفاءات من العلماء، والخبراء، والمثقفين، والمؤهلين سياسيا ممن كانت حساسية المرحلة تتطلب وجودهم فى مجلس النواب القادم، وتعاملت مع الأمر بمبدأ "من يدفع أكثر" وقانون "ابن هرمة" واتخمت القوائم بكثير من الأسماء المجهولة، وعديمي الخبرة، وأبناء المسئولين والنواب السابقين، ودفعت بهم ليكونوا "نوابا" عن الشعب، و"مشرعين" لقوانين تمس صميم الأمة، و "رقباء" على أداء الحكومة.
الواقع يؤكد أن الاختيارات غير الموفقة تركت أثرا غير طيب وشعورا بعدم الرضا لدى كل المشهود لهم بالكفاءة من علماء، وخبراء، وسياسيين ولاسيما وأن الجميع كان ينتظر من "الأحزاب" الانحياز لحساسية المرحلة، واستدعاء الكفاءات، وجعل ترشيحهم بمثابة تكليف وطني، لا تشريفا واستعراضا، بدلا من أن تصل حد المجاملات إلى حد الزج بمرشحة "تم الطعن عليها" لسابق حبسها 6 أشهر فى قضية تزوير، وزوجها سبق اتهامه فى قضية قتل مواطنة وإجهاض أخرى.
ورحم الله زمنا، كانت فيه الأحزاب تتبارى فى ترشيح أسماء يهتز لمناقشاتهم واستجواباتهم البرلمان، على شاكلة "علوي حافظ، وممتاز نصار، والبدري فرغلي، وإبراهيم عبادة، وكمال أحمد" وغيرهم من النواب الأفذاذ الذين نحتوا أسماءهم بحروف من ذهب فى تاريخ مجلس النواب.. وكفى.