الشقيق الأصغر للزعيم عبد الناصر : شاركت في عمليات انتحارية خلف خطوط العدو.. ورصدنا «بيت شيفع وبات يم» قبل تفجيرهما ( حوار )
هذه تفاصيل أهم عملية بحرية أوجعت إسرائيل أثناء حرب الاستنزاف في عقر دارها
الرئيس الراحل أرسل خطابًا لمدير الكلية الحربية طالبه فيه بمعاملتى معاملة عادية كبقية زملائي
اللواء طارق عبد الناصر، أحد أبطال حرب السادس من أكتوبر ومن قبلها حرب «الاستنزاف» ، سجله العسكري حافل بالعديد من الإنجازات والبطولات ، وتاريخه العائلي يشير إلى أنه منذ لحظة ميلاده كان «عشق الوطن» أساس تربيته، لا سيما وأنه الشقيق الأصغر للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وإن كانت هذه العلاقة لم يستفد منها اللواء «طارق» مثلما يتوقع البعض.
بل على العكس تمامًا، فمنذ البداية قرر أن يكون ضابطًا في الجيش المصري، وبعد سنوات طويلة من تخطيه الاختبارات اللازمة للانضمام إلى الكلية الحربية، وانضمامه إلى مدرسة الصاعقة ومن بعدها فرقة «39 قتال»، عرف قصة الخطاب الذي أرسله شقيقه «ناصر» إلى مدير الكلية الحربية والطلب الذي حمله هذا الخطاب..
"فيتو" حاورت الشقيق الأصغر للزعيم الراجل جمال عبد الناصر فى الذكرى السابعة والأربعين لنصر أكتوبر .. فإلى التفاصيل:
*بداية.. حدثنا عن تفاصيل التحاقك بالكلية الحربية.. وما دور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في قرارك هذا؟
دعيني في البداية أشير إلى أن شخصية شقيقي الأكبر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان لها تأثير في جميع أبناء جيلى، وكنا جميعا نطمح إلى أن نصبح ضباطًا في مصنع الرجل، أما عن التحاقي بالكلية الحربية، فقد جرى الأمر في أكتوبر من العام 1967 بعد «نكسة يونيو».
وأذكر أننى بعد انتهائى من الثانوية العامة ذهبت إلى والدى وأخبرته برغبتى في الالتحاق بالكلية الحربية، فأجرى بدوره مشاورات مع شقيقي الأكبر جمال، انتهت إلى التحاقي كبقية أشقائي بالجيش المصري، فشقيقي «حسين» كان ضابطا طيارا، و«رفيق» ضابطا في القوات البحرية، وأذكر هنا أننى ذهبت لاختبارات القبول مثل أي طالب عادى، ولم يتدخل أحد من أشقائي في الأمر حتى مرحلة «كشف الهيئة».
وبعد قبولي في الكلية أرسل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خطابًا لمدير الكلية الحربية طالبه فيه بمعاملتى معاملة عادية كبقية زملائي، وعلمت بقصة هذه الرسالة منذ سنوات قليلة، وبالفعل لم أحصل على أية امتيازات دون زملائي، بل أذكر أنه وقعت عليّ العديد من الجزاءات بسب تأخري عن ميعاد الوصول إلى الكلية، ففي إحدى المرات تأخرت عن الموعد الرسمي نصف ساعة بسبب مرض والدي، ومرة ثانية تأخرت بسبب حضوري حفل زفاف شقيقتى.
*من الكلية الحربية إلى «الصاعقة» والمجموعة 39 قتال.. كيف جرى هذا الأمر؟
عقب تخرجي في الكلية الدفعة 55 مشاة كنت حصلت على فرقة في الكلية بسيطة في الصاعقة، وأحببتها لأنها مبنية على الذكاء والبناء الجسدي للاشتباك مع العدو، فالتحقت بمدرسة الصاعقة والحمد لله تفوقت فيها، وعينت مدرسا للطلبة في فنون القتال خلف خطوط العدو والاستطلاع.
وكانت هذه فترة الإعداد لكتائب الصاعقة التي تشارك في حرب أكتوبر من خلال تأهيل الضباط والأفراد بها، ومكثت فيها من 1969 حتى أوائل عام 1971 مع التدريب ليل نهار على الجبال الوعرة والبحر والمستنقعات، والإغارة على كمين وأعمال نسف وتدمير الأهداف الهيكلية.
أما عن اشتراكي في المجموعة 39 بقيادة العميد إبراهيم الرفاعي، فجرى الأمر عن طريق الرائد وسام حافظ، حيث كان شقيقه في مدرسة الصاعقة، وعقب انتهاء فرقته تحدث مع شقيقه «وسام» حول رغبتي في الانضمام أنا وزميلي فؤاد مراد، وكنا برتبة ملازم أول، إلى المجموعة 39 قتال، وكنا في سعادة غامرة لنا عندما وافق وسام والرفاعي على انضمامنا للمجموعة وبدأنا في التدريب الشرس.
*ما أبرز العمليات التي شاركت فيها مع المجموعة؟
أول عمل شاركت به كان مهمة استطلاع مع البطل وسام حافظ لمدينة الطور عن طريق رأس غارب للمراكب الإسرائيلية بيت شيفع وبات يم التي كانت تحمل الجنود والمؤن من ميناء تل أبيب الإسرائيلي ونقلها إلى مدينة الطور بسيناء، ونقلتنا المخابرات الحربية بطائرة هليكوبتر تابعة لشركة بترول جابكو التي كانت شركة (مصرية - أمريكية) تقوم بأعمال الحفر والتنقيب واستخراج البترول على أننا عمال في الشركة.
وبعد استطلاعنا وأثناء العودة قابلت أحد مهندسي الشركة، وكان زميلا لي في الدراسة ونظر لي باستغراب فـ«كشرت له» حتى لا يكشف عن شخصيتي الحقيقية ففهم ولم يتكلم، لكن طيار الهليكوبتر التابع للشركة لاحظ أننا لسنا عمالا من ثقل الحقائب التي نحملها، والتي تحتوي على كاميرات للتصوير وأجهزة، لكننا الحمد لله عدنا دون أن يتم اكتشافنا، بعدها تم رصد هذه المراكب وضربها في ميناء إيلات، وشارك في العملية وسام حافظ بنفسه، وكانت من أهم العمليات البحرية التي أوجعت إسرائيل أثناء حرب الاستنزاف في عقر دارها.
*ماذا عن مشاركتك في حرب السادس من أكتوبر.. وما طبيعة المهام التي قمت بها؟
كانت مهامنا الرئيسية قبل الحرب ولم نكن نعلم ميعاد الحرب، وكانت كلها انتحارية و«لا تفرق معنا أي مهمة نكلف بها»، وأذكر هنا أنه في الخامس من أكتوبر 1973 جاءت الأوامر بأن نعاون الأسلحة المشتركة، ومهما حاولت لن أستطيع وصف شعورى وزملائي لحظة متابعتنا الطائرات المصرية تعبر إلى الضفة الشرقية.
وصوت الانفجارات وألسنة اللهب ترتفع في عنان السماء لتعلن نجاح قواتنا في عبور القناة وضرب الأهداف الإسرائيلية الحيوية والإستراتيجية، وشاركت في 14 أكتوبر مع زملائي في ضرب مستودعات البترول برأس شراتيب لحرمان العدو الإسرائيلي من الوقود وتعطيل احتياطاته المدرعة بعد عبور قواتنا بالكامل، فتحركت المجموعة مع آخر ضوء بـ 4 قوارب على متنها كل من (إبراهيم الرفاعي، محمد نصر، حسني يسري، وسام عباس حافظ، رفعت الزعفراني، عبد العزيز عثمان وسمير نوح) من رأس غارب في نحو الساعة الثامنة والربع مساءً.
وعند دخولنا المنطقة الهدف شاهدنا لانشين للعدو متجهين للجنوب فتوقفنا لعدم لفت الانتباه حتى يبتعدا عنا دون الاشتباك طبقًا للخطة، وبعدها واصلنا التحرك للوصول إلى الهدف ووصلنا البر في الساعة الثانية صباحًا وكانت منطقة صعبة مليئة بالشعب المرجانية وضحلة وبدأنا نهجم على الحراسة التابعة للعدو بالأسلحة الخفيفة والبنادق الآلية والرشاشات، وقذائف الـ (أر. بي. جي) بكثافة عالية على مستودعات البترول وفوجئنا بعدم انفجارها.
وعرفنا بعدها أن العدو كان يضع الخزانات الأمامية الموازية للبحر فارغة وعندما ضربنا الخزانات الموجودة في الداخل انفجرت واشتعلت النيران فيها وتحولت إلى كتلة من اللهب، وكشفت قوات العدو وجودنا من برج المراقبة الذي كان على قمة مرتفعة من الموقع.
وبدأ في توجيه ضربات مكثفة وهو ما دفعنا لإجراء تعديل في خطة خروجنا من الموقع، حيث قررنا أن يتم الأمر على مراحل قبل نفاد الذخيرة وتعطل القارب الذي يحمل الرائد وسام وبدأ طيران العدو يضيء البحر، لكن تسببت الأمواج العالية في عدم استهدافنا وبعد وصولنا بدقائق وصل لنش مجموعة وسام.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"
الرئيس الراحل أرسل خطابًا لمدير الكلية الحربية طالبه فيه بمعاملتى معاملة عادية كبقية زملائي
اللواء طارق عبد الناصر، أحد أبطال حرب السادس من أكتوبر ومن قبلها حرب «الاستنزاف» ، سجله العسكري حافل بالعديد من الإنجازات والبطولات ، وتاريخه العائلي يشير إلى أنه منذ لحظة ميلاده كان «عشق الوطن» أساس تربيته، لا سيما وأنه الشقيق الأصغر للزعيم الراحل جمال عبد الناصر، وإن كانت هذه العلاقة لم يستفد منها اللواء «طارق» مثلما يتوقع البعض.
بل على العكس تمامًا، فمنذ البداية قرر أن يكون ضابطًا في الجيش المصري، وبعد سنوات طويلة من تخطيه الاختبارات اللازمة للانضمام إلى الكلية الحربية، وانضمامه إلى مدرسة الصاعقة ومن بعدها فرقة «39 قتال»، عرف قصة الخطاب الذي أرسله شقيقه «ناصر» إلى مدير الكلية الحربية والطلب الذي حمله هذا الخطاب..
"فيتو" حاورت الشقيق الأصغر للزعيم الراجل جمال عبد الناصر فى الذكرى السابعة والأربعين لنصر أكتوبر .. فإلى التفاصيل:
*بداية.. حدثنا عن تفاصيل التحاقك بالكلية الحربية.. وما دور الرئيس الراحل جمال عبد الناصر في قرارك هذا؟
دعيني في البداية أشير إلى أن شخصية شقيقي الأكبر الرئيس الراحل جمال عبد الناصر كان لها تأثير في جميع أبناء جيلى، وكنا جميعا نطمح إلى أن نصبح ضباطًا في مصنع الرجل، أما عن التحاقي بالكلية الحربية، فقد جرى الأمر في أكتوبر من العام 1967 بعد «نكسة يونيو».
وأذكر أننى بعد انتهائى من الثانوية العامة ذهبت إلى والدى وأخبرته برغبتى في الالتحاق بالكلية الحربية، فأجرى بدوره مشاورات مع شقيقي الأكبر جمال، انتهت إلى التحاقي كبقية أشقائي بالجيش المصري، فشقيقي «حسين» كان ضابطا طيارا، و«رفيق» ضابطا في القوات البحرية، وأذكر هنا أننى ذهبت لاختبارات القبول مثل أي طالب عادى، ولم يتدخل أحد من أشقائي في الأمر حتى مرحلة «كشف الهيئة».
وبعد قبولي في الكلية أرسل الرئيس الراحل جمال عبد الناصر خطابًا لمدير الكلية الحربية طالبه فيه بمعاملتى معاملة عادية كبقية زملائي، وعلمت بقصة هذه الرسالة منذ سنوات قليلة، وبالفعل لم أحصل على أية امتيازات دون زملائي، بل أذكر أنه وقعت عليّ العديد من الجزاءات بسب تأخري عن ميعاد الوصول إلى الكلية، ففي إحدى المرات تأخرت عن الموعد الرسمي نصف ساعة بسبب مرض والدي، ومرة ثانية تأخرت بسبب حضوري حفل زفاف شقيقتى.
*من الكلية الحربية إلى «الصاعقة» والمجموعة 39 قتال.. كيف جرى هذا الأمر؟
عقب تخرجي في الكلية الدفعة 55 مشاة كنت حصلت على فرقة في الكلية بسيطة في الصاعقة، وأحببتها لأنها مبنية على الذكاء والبناء الجسدي للاشتباك مع العدو، فالتحقت بمدرسة الصاعقة والحمد لله تفوقت فيها، وعينت مدرسا للطلبة في فنون القتال خلف خطوط العدو والاستطلاع.
وكانت هذه فترة الإعداد لكتائب الصاعقة التي تشارك في حرب أكتوبر من خلال تأهيل الضباط والأفراد بها، ومكثت فيها من 1969 حتى أوائل عام 1971 مع التدريب ليل نهار على الجبال الوعرة والبحر والمستنقعات، والإغارة على كمين وأعمال نسف وتدمير الأهداف الهيكلية.
أما عن اشتراكي في المجموعة 39 بقيادة العميد إبراهيم الرفاعي، فجرى الأمر عن طريق الرائد وسام حافظ، حيث كان شقيقه في مدرسة الصاعقة، وعقب انتهاء فرقته تحدث مع شقيقه «وسام» حول رغبتي في الانضمام أنا وزميلي فؤاد مراد، وكنا برتبة ملازم أول، إلى المجموعة 39 قتال، وكنا في سعادة غامرة لنا عندما وافق وسام والرفاعي على انضمامنا للمجموعة وبدأنا في التدريب الشرس.
*ما أبرز العمليات التي شاركت فيها مع المجموعة؟
أول عمل شاركت به كان مهمة استطلاع مع البطل وسام حافظ لمدينة الطور عن طريق رأس غارب للمراكب الإسرائيلية بيت شيفع وبات يم التي كانت تحمل الجنود والمؤن من ميناء تل أبيب الإسرائيلي ونقلها إلى مدينة الطور بسيناء، ونقلتنا المخابرات الحربية بطائرة هليكوبتر تابعة لشركة بترول جابكو التي كانت شركة (مصرية - أمريكية) تقوم بأعمال الحفر والتنقيب واستخراج البترول على أننا عمال في الشركة.
وبعد استطلاعنا وأثناء العودة قابلت أحد مهندسي الشركة، وكان زميلا لي في الدراسة ونظر لي باستغراب فـ«كشرت له» حتى لا يكشف عن شخصيتي الحقيقية ففهم ولم يتكلم، لكن طيار الهليكوبتر التابع للشركة لاحظ أننا لسنا عمالا من ثقل الحقائب التي نحملها، والتي تحتوي على كاميرات للتصوير وأجهزة، لكننا الحمد لله عدنا دون أن يتم اكتشافنا، بعدها تم رصد هذه المراكب وضربها في ميناء إيلات، وشارك في العملية وسام حافظ بنفسه، وكانت من أهم العمليات البحرية التي أوجعت إسرائيل أثناء حرب الاستنزاف في عقر دارها.
*ماذا عن مشاركتك في حرب السادس من أكتوبر.. وما طبيعة المهام التي قمت بها؟
كانت مهامنا الرئيسية قبل الحرب ولم نكن نعلم ميعاد الحرب، وكانت كلها انتحارية و«لا تفرق معنا أي مهمة نكلف بها»، وأذكر هنا أنه في الخامس من أكتوبر 1973 جاءت الأوامر بأن نعاون الأسلحة المشتركة، ومهما حاولت لن أستطيع وصف شعورى وزملائي لحظة متابعتنا الطائرات المصرية تعبر إلى الضفة الشرقية.
وصوت الانفجارات وألسنة اللهب ترتفع في عنان السماء لتعلن نجاح قواتنا في عبور القناة وضرب الأهداف الإسرائيلية الحيوية والإستراتيجية، وشاركت في 14 أكتوبر مع زملائي في ضرب مستودعات البترول برأس شراتيب لحرمان العدو الإسرائيلي من الوقود وتعطيل احتياطاته المدرعة بعد عبور قواتنا بالكامل، فتحركت المجموعة مع آخر ضوء بـ 4 قوارب على متنها كل من (إبراهيم الرفاعي، محمد نصر، حسني يسري، وسام عباس حافظ، رفعت الزعفراني، عبد العزيز عثمان وسمير نوح) من رأس غارب في نحو الساعة الثامنة والربع مساءً.
وعند دخولنا المنطقة الهدف شاهدنا لانشين للعدو متجهين للجنوب فتوقفنا لعدم لفت الانتباه حتى يبتعدا عنا دون الاشتباك طبقًا للخطة، وبعدها واصلنا التحرك للوصول إلى الهدف ووصلنا البر في الساعة الثانية صباحًا وكانت منطقة صعبة مليئة بالشعب المرجانية وضحلة وبدأنا نهجم على الحراسة التابعة للعدو بالأسلحة الخفيفة والبنادق الآلية والرشاشات، وقذائف الـ (أر. بي. جي) بكثافة عالية على مستودعات البترول وفوجئنا بعدم انفجارها.
وعرفنا بعدها أن العدو كان يضع الخزانات الأمامية الموازية للبحر فارغة وعندما ضربنا الخزانات الموجودة في الداخل انفجرت واشتعلت النيران فيها وتحولت إلى كتلة من اللهب، وكشفت قوات العدو وجودنا من برج المراقبة الذي كان على قمة مرتفعة من الموقع.
وبدأ في توجيه ضربات مكثفة وهو ما دفعنا لإجراء تعديل في خطة خروجنا من الموقع، حيث قررنا أن يتم الأمر على مراحل قبل نفاد الذخيرة وتعطل القارب الذي يحمل الرائد وسام وبدأ طيران العدو يضيء البحر، لكن تسببت الأمواج العالية في عدم استهدافنا وبعد وصولنا بدقائق وصل لنش مجموعة وسام.
الحوار منقول بتصرف عن النسخة الورقية لـ "فيتو"