رئيس التحرير
عصام كامل

خطاب النصر

كتبه محمد حسنين هيكل، أو كتبه موسى صبري، أو كتبه السادات، أو اجتمع على كتابته نخبة من الكتاب.. يظل خطاب النصر أو (الدرع والسيف) الذي ألقاه الرئيس السادات أمام مجلس الشعب المصري هو الأهم والأبرز في تاريخ مصر الحديث، ربما لأهمية توقيته في ١٦ أكتوبر ١٩٧٣، وربما لما تضمنه من مفردات ومعاني ورسائل، أو للقوة التي حملها بين طياته والتي استندت إلى نصر ظنه العالم بعيد المنال، أو للهجة التي خاطب بها إسرائيل وأمريكا وحملت ندية غير مسبوقة.


٤٧ عاماً مضت على خطاب النصر، لكن عبارات العزة والكرامة والفخر بالجيش المصري والتهديد بمواصلة القتال والدعوة إلى السلام من منطلق القوة ظلت راسخة في وجدان المصريين، تستدعيها الذاكرة إذا حلت ذكرى الانتصار، وتمحو طعم الهزيمة إذا حلت ذكرى الانكسار التي سبقتها بست سنوات..
أنفاق سيناء
وفي ذكرى الإنتصار لم نجد أروع من الإشارة إلى الخطاب الأهم، فربما تعيد تلك الإشارة الأمور إلى نصابها، وربما يدرك كل من يهرول إلى إسرائيل ويعطيها أكبر من حجمها أن مصر ومعها الأشقاء العرب استطاعت أن تلقن إسرائيل درساً لن تنساه، وأن تجبر العالم كله على احترامها، وفي المقدمة منه أمريكا. لقد حاربنا وانتصرنا وكسرنا شوكة إسرائيل في وقت لم يكن لدى العرب تلك الإمكانيات الكبيرة الموجودة اليوم.

أبرز ما جاء في خطاب النصر أن نكسة ١٩٦٧ كانت استثناءً في تاريخنا وليست قاعدة، وأنها كانت كبوة عارضة وليس سقوطاً، وأن التاريخ العسكري سوف يتوقف طويلاً بالفحص والدرس أمام عملية يوم ٦ أكتوبر ٧٣ حيث تمكنت قواتنا المسلحة من اقتحام مانع قناة السويس الصعب، واجتياز خط بارليف المنيع، وعبور الضفة الشرقية من القناة بعد أن أفقدت العدو توازنه.

وقال السادات.. حاربنا من أجل السلام القائم على العدل، وعدونا يتحدث كثيراً عن السلام، لكن شتان ما بين العدوان وسلام العدل. ونسأل قادة إسرائيل اليوم: أين ذهبت نظرية الأمن الإسرائيلي التي حاولوا إقامتها بالعنف تارة وبالجبروت تارة أخرى طوال خمس وعشرين سنة؟ لقد انكسرت وتحطمت. صواريخنا المصرية العربية عابرة سيناء من طراز ظافر موجودة الآن على قواعدها، ومستعدة للانطلاق بإشارة واحدة إلى الأعماق في إسرائيل.
انتبهوا.. الأسلحة فاسدة
وقال السادات: أفضل احترام العالم ولو بغير عطف على عطف العالم إذا كان بغير احترام. وخاطب السادات أمريكا فقال: الولايات المتحدة تقيم جسراً بحرياً وجوياً تتدفق منه على إسرائيل دبابات وطائرات ومدافع وصواريخ جديدة، ونقول لهم: إن هذا لن يخيفنا.

استحضار روح أكتوبر ضرورة في الوقت الراهن، فالأجيال المتأخرة ميولها والمعرضة للإحباط أو اليأس تحتاج إلى الشعور بالثقة في قدرات أمتها وفي درعها وسيفها، وخطاب النصر يحمل شحنة كبيرة من الثقة والعزة والكرامة، لذلك أتمنى على الأصدقاء في (فيتو) عرض الفيديو الخاص بخطاب الرئيس السادات على واجهة البوابة طوال الأيام المقبلة، فربما لم تجد قنواتنا المصرية والعربية مساحة تمكنها من عرض الخطاب كاملاً !!
besheerhassan7@gmail.com
الجريدة الرسمية