رئيس التحرير
عصام كامل

قصة الشيخ الشعراوى والريال الفضة وسيدي أحمد البدوى

الشيخ الشعراوى
الشيخ الشعراوى
"الريال الفضة" هذه حكاية للشيخ الشعراوى أوردها فى كتاب " أنا من سلالة أهل البيت " الكتاب الذى أثار ضجة كبيرة فى مصر أثناء نشره .

ويقول الشعراوى : "حدثت هذه الحكاية سنة 1948 حينما كنت فى بلدتنا دقادوس وكان والدى قد أعطانى ريال فضة أخذته وأنا فى طريقى للسفر إلى القاهرة ونزلت فى محطة بنها لآخذ القطار إلى القاهرة وفى المحطة وضعت يدى فى جيبى فلم أجد الريال الفضة وأحسست بالضيق ..فلم يكن معى غيره" .


ويضيف الشيخ الشعراوي: "كانت معى "قفة " بها "زوادة " الطعام ووضعتها إلى جانبى ووقفت أتلفت حولى فى ضيق وقلق بحثاً عن منقذ ولمحت رجلاً "بعمامة حمراء " وهو قادم من بعيد فقلت لنفسى لعل هذا الرجل الأحمدى ينقذنى ".

وتابع :"العمامة الحمراء يرتديها عادة شيوخ وأتباع الطريقة الأحمدية "طريقة سيدى أحمد البدوى" وأنا من المحبين لسيدى احمد البدوى وتاريخ سيدى أحمد البدوى تاريخ طويل ومجيد" .

وقال:"كنت أتصور أن الرجل سوف يبطئ من خطواته عندما يتطلع إلىّ ويرى حالى لكنه مر من أمامى ولم يلتفت لى، وازداد ضيقى وقلقى وحزني ووجدتنى أقول لنفسى :  إيه يا سيدى أحمد ! أنا كنت باحسب انك باعت لى نجدة ، وقبل أن أتمها لمحت على الأرض فى وسط الطريق " ريال فضة " فأسرعت وأخذته وفرحت كثيراً واتجهت إلى القطار وركبته إلى القاهرة ".

واضاف :"نسيت هذه المسألة بعد ذلك ومرت الأيام وبعد سنتين من هذه الحكاية سافرت للعمل فى مكة المكرمة أستاذاً بكلية الشريعة ".

وتابع :"سافرت سنة 1950 وفى نهاية السنة الدراسية جئت لأقضى الإجازة فى مصر كانت معى أمى فى السعودية وجاءت معى فى الإجازة ووصلنا مصر وركبنا كما هى العادة إلى بنها على أن نأخذ مواصلة من بنها إلى بلدنا دقادوس" .

وقال الشيخ الشعراوي:"فى محطة بنها وقفت مع أمى نستريح قليلاً وفجأة لمحت الرجل الأحمدى صاحب العمامة الحمراء وتذكرت حكاية " الريال الفضة " كان الرجل يقف بعيداً واستأذنت من أمى وأسرعت إليه وكان قد بدأ يبتعد وأخذت يده لأقبّلها وهو مشغول عنى ووضعت يدى فى جيبى أخرجت عشرة جنيهات وهى مبلغ كبير فى ذلك الوقت وقدمتها له وفوجئت به يبعد يدى عنه دون أن ينظر إلىّ ويقول : أنا عايز " الريال الفضة " بتاعى وانصرف واندهشت".

ويضحك الشيخ الشعراوى من قلبه وهو يقول معلقاً بطريقته وكأن الرجل لا يزال أمامه: يخرب عقلك .. هو انت بتاع " الريال الفضة " ويضيف فى دهشة: حاجات عجيبة !

وقال الشيخ الشعراوى: هناك أمور يقف العقل العادى منها موقف الإنكار لكن حين ينتقل صاحب هذا العقل إلى شئ أعلى من العقل وهو " المواجيد " فهو يقرها .

وأكد الشيخ : إن الإنسان العادى إذا ما نشأ فى طاعة الله وعاش فى منهج الله ، واستجاب لندائه كلما قيل " الله أكبر " ووقف خاشعاً بين يديه حينما ينوى الصلاة خاضعاً لعزته فى الركوع وفى السجود وعاش فترة من زمنه فى صفاء لا تشغله فيه أمور الدنيا إذا ما فعل ذلك فلابد أن يجد فى مواجيده الدينية ما يجعله يقر هذه المسائل ويبصم عليها بالعشرة .

وأضاف الشيخ الشعراوي: "لكن إنساناً لم يرتض هذه الرياضة ولم يعش هذه المعيشة فهو أن تحدثت عنها ينكرها وياليته يقف عند حد الإنكار بل يتمادى إلى أن يتهم من يقول بها بأنه أبله ومجنون ودرويش ومجذوب وغير ذلك من هذا الكلام ومثل هذا الإنسان معذور لأنه لم يذق ، والذى لم ير لا حجة له عند نقد من يرى ".
الجريدة الرسمية