رئيس التحرير
عصام كامل

بعد 10 سنوات من التفاوض الصعب.. كرواتيا "عضو" في الاتحاد الأوربي.. وخبراء يؤكدون تناقص فرص انتعاشها اقتصاديا بسبب أزمة اليورو.. وانقسام الرأى العام الداخلى حول جدوى عضويتها في المجموعة الأوربية

الاتحاد الأوروبي
الاتحاد الأوروبي - صورة أرشيفية

أيام قليلة تفصل كرواتيا عن الانضمام للاتحاد الأوربي لتصبح العضو الثامن والعشرين من أعضاء الاتحاد، ففي الأول من يوليو المقبل تلتحق كرواتيا بالمجموعة الأوربية بعد سنوات طويلة من التفاوض الصعب لتكون الجمهورية اليوغوسلافية السابقة الثانية التي تحصل على العضوية بعد سلوفينيا.


ويأتي انضمام كرواتيا للاتحاد الأوربي في ظل ظروف اقتصادية صعبة تمر بها البلاد وأجواء شديدة الصعوبة يواجهها الاتحاد بسبب أزمة اليورو، وهو الأمر الذي جعل عملية الانضمام لم تحظ بالترحيب الكافي من مختلف الأوساط سواء داخل كرواتيا أو خارجها.

وانقسم المراقبون ما بين مؤيد ومعارض لعملية الانضمام، ففي حين رأى المؤيدون أن التحاق كرواتيا بالمجموعة الأوربية يعد "حدثا تاريخيا" سوف يعطي لها ثقلا دوليا قد يساعدها في جذب المستثمرين، وإنعاش اقتصادها وإيجاد حلول لمشاكلها الداخلية.

رأى الفريق المعارض أن انضمامها في تلك المرحلة لن ينتشلها من أزمتها بل على العكس فإنها سوف تطرح مشاكل أكبر للاتحاد الأوربي مثلها مثل إسبانيا واليونان.

ويبدو أن هذا الاتجاه الرافض هو الاتجاه الغالب على الساحة، فهناك حالة من الاستياء تسود الرأي العام الكرواتي إزاء هذا الانضمام، فقبل عشر سنوات كان غالبية الكروات يؤيدون الانضمام إلى الاتحاد الأوربي حيث كانوا ينظرون إليه وكأنه وسيلة للتخلص من إرث حروب التسعينات التي أسفرت عن سقوط أكثر من 130 ألف قتيل بينهم عشرون ألفا في كرواتيا. 

غير أن المفاوضات الطويلة والشروط الصعبة التي فرضتها المفوضية الأوربية جعلت كثيرين منهم يتراجعون عن تأييدهم مشككين في جدوى هذا الانضمام.

واليوم وفي ظل الظروف الاقتصادية الصعبة التي تعيشها البلاد ظهر واضحا أن قطاعا كبيرا من المواطنين لا يحبذ هذا الانضمام، فالبلاد تعاني من ارتفاع واضح في معدلات البطالة التي تجاوت 21% معظمها من فئة الشباب، كما بلغت ديونها نسبة 54% من إجمالي الناتج الداخلي. 

وترى المفوضية أن هذه الديون ستتجاوز عتبة 60% خلال 2014 أي فوق حدود الاتحاد الأوربي.

ولم يحقق الاقتصاد الكرواتي نموا منذ عام 2009، وفي الوقت الذي تراهن فيه كرواتيا على تحقيق نمو بنسبة 0.7% هذا العام و2.4% العام المقبل، تتوقع المفوضية انخفاضا في إجمالي الناتج الداخلي بنسبة 0.1% خلال عام 2013 وانطلاقة ضعيفة 0.2% السنة المقبلة على أن يبلغ العجز في الميزانية 4.7% من إجمالي الناتج الداخلي خلال السنة الجارية وقد يصل إلى 5،6\% خلال 2014، أي فوق سقف 3\% المحدد من الاتحاد الأوربي.

وتعتبر عملية انضمام كرواتيا للاتحاد الأوربي ثمارا لجهود مضنية استغرقت سنوات طويلة من التفاوض والإصلاحات. فمنذ إعلان الاستقلال عن يوغوسلافيا السابقة عام 1991، وضعت النخبة السياسية الكرواتية الانضمام إلى الاتحاد الأوربي هدفا تسعى لتحقيقه غير أن السياسة القومية لأول رئيس للبلاد "فرانيو توديمان" أدت إلى فرض عزلة دولية على هذا البلد الواقع في منطقة البلقان لسنوات.

وبعد تولي الرئيس الكرواتي السابق ستيبي ميسيتس، الذي حكم البلاد في الفترة من 2000 حتى 2010، حرص على أن يلعب دورا أساسيا في إحداث تقارب بين بلده والاتحاد الأوربي.

وفي عام 2003 تقدمت كرواتيا بطلب لترشيحها للانضمام إلى الاتحاد الأوربي، وبدأت المفاوضات لانضمامها بعد سنتين من ذلك. وتعثرت المفاوضات طويلا حول الفصل المتعلق بالقضاء، إذ طالب الاتحاد الأوربي بإحراز تقدم على صعيد مكافحة الفساد وحماية الأقليات وملاحقة مجرمي الحرب والتعاون مع محكمة الجزاء الدولية ليوغوسلافيا السابقة في لاهاي وإجراء إصلاح قضائي يؤمن استقلالية القضاة.

وتحت ضغط المفوضية الأوربية بدأت كرواتيا عملية مكافحة للفساد ومعالجة مجموعة من قضايا المحاكم التي لم يبت فيها بعد. وفي هذا السياق حكم على رئيس الوزراء السابق إيفو سانادير (2003-2009) بالسجن عشر سنوات بعد إدانته بالفساد.

وصوت 66 بالمئة من الناخبين الكروات لصالح انضمام بلدهم إلى الاتحاد في استفتاء نظم في 2012 غير أن نسبة المشاركة في هذا الاقتراع لم تتجاوز 43 بالمئة.

وفي ديسمبر من نفس العام تم توقيع اتفاقية انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوربي الذي مهد لأن تصبح كرواتيا العضو الثامن والعشرين في الاتحاد الأوربي في يوليو 2013، وأن تنضم إلى منطقة شنغن للتنقل الحر في أوربا عام 2015 وذلك بعد موافقة الأعضاء الــ 27 للاتحاد.

وشاركت كرواتيا في أول انتخابات أوربية في أبريل 2013 لاختيار نوابها في البرلمان الأوربي، ويجمع عدد كبير من المراقبين على أنه بالرغم من أن الانضمام إلى الاتحاد الأوربي من شأنه أن يحقق مزيدا من الاستقرار السياسي والانتعاش الاقتصادي للدولة المنضمة غير أنهم لا يبدون تفاؤلا كبيرا إزاء انضمام كرواتيا إلى الاتحاد الأوربي في مثل هذه الظروف بسبب الأوضاع الاقتصادية المؤلمة التي يعيشها دول الاتحاد والتي لا تبشر بأنها سوف تكون قادرة على انتشال كرواتيا من أزمتها وإنعاش اقتصادها.
الجريدة الرسمية