رئيس التحرير
عصام كامل

كواليس 6 قرارات تراجعت عنها الحكومة... بدأتها بكارت البنزين الذكي .. تصدير الكلاب ضمن القائمة.. ومخالفات البناء لن تكون الأخيرة

مصطفى مدبولي
مصطفى مدبولي
لا يختلف اثنان على الجهد المبذول من حكومة الدكتور مصطفى مدبولى ولا على نواياها الصادقة المخلصة. ولكن الجهد المبذول مهما كان متدفقًا، عندما يكون في الاتجاه المعاكس لا يثمر خيرًا، والنوايا الصادقة المخلصة وحدها لا تصنع النجاح.


في مواقف عدة.. بدت الحكومة منفعلة بقراراتها ومشروعاتها التي تعتقد أنها لمصلحة الشعب، قبل أن تكتشف الحكومة نفسها أن الشعب الذي تعمل من أجله غاضب وغير راضٍ، ما يدفعها إلى التراجع خطوة أو اثنتين أو أكثر إلى الخلف؛ لتعيد حساباتها وترتب أولوياتها.

تخبط واندفاع

يمكن أن يكون هذا الاندفاع في اتخاذ قرارات غير محسوبة العواقب مفهومًا عندما كانت الحكومة حديثة العهد بإدارة الأمور، ولكن عندما تبقى هذا سمة ملاصقة ومصاحبة لجميع تصرفاتها فإنه يجب أن تكون هناك وقفة، لا سيما بعدما بلغت سن الرشد والحصافة والعقل.

القرارات المتصلة بالتصالح في مخالفات البناء لم تكن اللبنة الأولى في سلسلة الأزمات الشعبية التي افتعلتها الحكومة بحُسن نية قبل أن تسعى للبحث عن حلول وترميم لها، بل سبقتها أزمات كثيرة متصلة بملفات التموين والصحة والكهرباء وتقديم الخدمات.المتابع لأداء الحكومة يخلص إلى أنها تدير مقاليد الأمور بتصدير الأزمات وافتعالها، ما يجعلها مادة دسمة لأهل الشر ومحور الشيطان الذين لا يريدون الخير ولا الاستقرار لمصر، رغم أنه يجب أن يكون في صدارة أولوياتها أن تدرس أبعاد القرار قبل إصداره، وليس تصدير الأزمة وإثارة الغضب، ثم البحث عن حلول، فهذه طريقة ولى عليها الزمان.

على الحكومة ألا تحضر العفريب ثم تفكر كيف تتخلص منه.. "فيتو" تتناول هذه القضية بجميع جوانبها  وأبعادها في هذا الملف

مخالفات البناء

ومؤخرًا تراجعت الحكومة عن بعض القرارات المتسرعة بعد غضب شعبي ضدها، ومنها قرار التصالح في مخالفات البناء، الذي اتخذت فيه الحكومة قرارًا بهدم المخالفات، لكن مع زيادة الغضب الشعبي، تراجعت عن الهدم، وبدأت التخفيض في أسعار المباني للتصالح في كثيرًا من المحافظات المصرية، وخفضت بعض المحافظات 70% من سعر التصالح في مخالفات البناء. 

الكارت الذكي

كانت أبرز القرارات التي تراجعت عنها حكومة مصطفى مدبولي، ومع بداية تشكيل حكومته 2018، إلغاء الكارت الذكي لصرف البنزين والسولار للمواطنين بالسعر المدعم؛ وكانت مصر بدأت تطبيق القرار في 2013، وبالرغم من طباعة 8 ملايين بطاقة ذكية بنسبة 80% من المستهدف بتكلفة تصل إلى أكثر من 100 مليون جنيه، لكن مع بداية تشكيل حكومة مدبولي تراجعت عن تطبيق منظومة الكارت وأعلن عن تحرير سعر الوقود عام 2019، وإلغاء بنزين 80.

تصدير الكلاب

وفي شهر نوفمبر عام 2018، وتحت ضغط شعبي وبرلماني تراجعت الحكومة عن قرار تصدير الكلاب والقطط الضالة إلى الدول الآسيوية التي تستخدمها في الطعام، لحل أزمة انتشار الكلاب والقطط الضالة في البلاد، حيث أثار القرار عاصفة من الغضب بين المصريين الذين أعلنوا رفضهم للقرار، ما أدى إلى تراجع الحكومة عن تنفيذه.

وكانت وزارة الزراعة أعلنت أنها وافقت على تصدير 2100 قطة و1700 كلب من سلالات متنوعة خلال شهر سبتمبر وأكتوبر 2018، وأمام الغضب الشعبي، أعلنت الحكومة تراجعها عن القرار. 

رؤساء المدن الجديدة

لم تتوقف الحكومة عن قراراتها المتسرعة، ففي سبتمبر 2018 تراجع الدكتور مصطفى مدبولى، رئيس الوزراء ووزير الإسكان آنذاك، عن قرار تجميد حركة تغييرات لبعض رؤساء أجهزة المدن الجديدة، الذي وقّعه من قبل، ولم يوزع على الجهات المختصة بأجهزة المدن، لما أعقب القرار من رفض في هيئة المجتمعات والأجهزة لأسماء رؤساء أجهزة تضمنها القرار.

وبعد عمل التعديلات، أصدر الدكتور مصطفى مدبولى، قرارًا وزاريًا آخر بتغيير بعض رؤساء المدن الجديدة مرة أخرى، صدور القرار وتراجع الوزير عنه وتجميده ثم العودة إلى تحريره، حمل في طياته تساؤلات عديدة في هيئة المجتمعات العمرانية وأجهزة المدن، حول مدي جدية تلك القرارات، حيث صدرت القرارات قبل التكليف بدراستها ثم التراجع عنها أو تعديلها.

تخفيض مساحة الأرز

وفي مارس 2019 تراجعت الحكومة عن قرار تخفيض مساحة الأرز، الذي جاء بعد سنوات من محاربة زراعته، وتجريم مزارعيه، وجاء تراجع الحكومة عن القرار وزيادة مساحة الأرز بعد قرار تقليص زراعته وحظره في أماكن أخرى عام 2018، ما يدل على فشل سياسة الحكومة الزراعية، وعشوائية قراراتها.

وأعلنت وزارة الزراعة زيادة مساحة زراعة الأرز إلى 1.1 مليون فدان في موسم 2019، في حين كانت مساحة الأرض المزروعة بالأرز 800 ألف فدان عام 2018، الأمر الذي أدي للتقليل من فاتورة استيراد الأرز من الخارج، وثبات أسعاره وكان البرلمان أقر عام 2018 تعديلًا على قانون الزراعة، ويقضي بتوقيع عقوبتي الحبس مدة لا تزيد على 6 أشهر، وغرامة لا تزيد على 20 ألف جنيه عن الفدان الواحد، على من خالف قرار الوزير بزراعة محاصيل شرهة للمياه كالأرز.

وقامت الحكومة بإتلاف وحرق آلاف الأفدنة المخالفة، وتغريم عدد كبير من الفلاحين، واحتجاز بعضهم في مراكز الشرطة، ما أدى إلى ارتفاع أسعار الأرز من 5 جنيهات إلى 12 جنيها للكيلو وسمحت الحكومة باستيراد الأرز في 2018، للمرة الأولى، بعد أن كانت تملك فائضا منه، عجزت عن توفير حصة المواطنين من الأرز في بطاقات التموين، في أكثر من مرة، واضطرت إلى طرح المكرونة بديلا عن الأرز، إلا أنها لم تلق قبولا لدى المواطنين.

ومن القرارات التي لم يتم التشاور مع أصحابها كان قرار تحويل السيارات من العمل بالوقود العادي سواء بنزين أو سولار إلى الغاز الطبيعي، باعتبار أنه أرخص في التكلفة على أصحاب السيارات، وأقل تلويثا للبيئة وأربك القرار سوق السيارات، ولم تحدد الشريحة التي يتم البدء بها خاصة أن عملية التحويل تحتاج لسنوات.

وكانت تصريحات غير رسمية أشارت إلى أن البدء سيكون بأصحاب سيارات الأجرة، لكن الأمر يحتاج إلى توفير محطات تموين السيارات بالغاز الطبيعي، والعدد الإجمالى لتلك المحطات أقل من عدد المدن المصرية، ما يصنع زحاما أمام المحطات، وتراجعت الحكومة عن القرار ضمنيًا، حيث كشف الخبراء أن استخدام الغاز الطبيعى يحتاج لتصميم خاص، وبعض أنواع السيارات لا تصلح للعمل بالغاز الطبيعى، كما أن هناك صعوبة في تدبير المبالغ المطلوبة للمشروع. 

مخالفات البناء

ومن القرارات الحكومية التي أثارت غضب المصريين ولم تجد قبولًا لديهم قرار التصالح في مخالفات البناء، وحالة التخبط التي كانت عليها الحكومة والمحليات، فقد شرعت بعض المحافظات والمحليات في تنفيذ قرارات الإزالة لبعض الأبراج السكنية، الأمر الذي أثار غضب المصريين الذين أعلنوا رفضهم للإزالات والتخبط في قرارات الحكومة، وعدم تحديد المسئول عن دفع مخالفات البناء.

بالإضافة لغضبهم من تحديد رسوم جدية التصالح في مخالفات البناء كشرط للنظر في طلبات التصالح، وهى مبالغ مختلفة حسب نوع المخالفة، وتختلف قيمتها بالمدن عن القرى. 

الغضب الشعبي العارم دفع الحكومة لمد فترة التصالح، وتخفيض سعر متر التصالح في مخالفات البناء في محافظات مصر، فأعلن رئيس الوزراء مصطفى مدبولي، أنه تم تحديد قيمة التصالح في الريف المصري، والذي تم تقديره بـ 50 جنيها، أي الحد الأدنى المُقرر لقيم التصالح، بغض النظر عن مكان البناء. كما أعلن مدبولي عن خصم 25% من قيمة التصالح بمخالفات البناء حال السداد الفوري لقيمة المخالفة.

يأتي القرار فيما يبدو بمثابة محاولة من الحكومة المصرية لامتصاص حدة الغضب الشعبي، بشأن العقارات والوحدات السكنية المخالفة، وبعد أن أثارت مقاطع مصورة هدم المنازل، مشاعر وغضب المصريين.

نقلًا عن العدد الورقي..،
الجريدة الرسمية