رئيس التحرير
عصام كامل

د.محمود فوزي يكتب: نبراس الرياضة غير المنير

محمود فوزي
محمود فوزي



لا تمتلك مصر محفلًا أو منبرًا تراثيًا
يمثل توثيقًا تاريخيًا لإنجازاتها الرياضية؛ التي حصدها لاعبوها وأبطالها علي مر الأزمنة؛
بمختلف الأصعدة المحلية والإقليمية والدولية، فصارت هذه الإنجازات التاريخية تعاني

أنين التهميش داخل أروقة مقار الاتحادات الرياضية للألعاب المختلفة، والتي لا يتجاوز
معظمها مساحة المنزل الصغير، خاصة على مستوى الألعاب الفردية، وذلك على الرغم من وصول
مصر لمراتب العالمية في بعض من هذه الألعاب؛ كالإسكواش، والسباحة، والمصارعة الرومانية،
وكمال الأجسام، ورفع الأثقال وغيرها.


ولا أقصد بالإنجاز الرياضي مجرد تحقيق اللاعبين
والفرق والمنتخبات الوطنية للبطولات وحصد الميداليات المتنوعة بدورات الألعاب الأوليمبية
دون الإشارة إلى نيل مصر شرف تنظيم واستضافة العديد من البطولات القارية والعالمية
الكبرى، والتي توجت باستضافة بطولة العالم لكرة اليد في غضون يناير المقبل، ومن قبلها
الريادة المصرية المتواصلة في تنظيم واستضافة العديد من المسابقات بمختلف الألعاب،
التي لا ينقصها سوي استضافة دورة الالعاب الأوليمبية، وكأس العالم لكرة القدم حال
تحسين وتطور بنيتنا التحتية، كي تكون مؤهلةً وقادرة علي استيعاب الجوانب التنظيمية
الضخمة لمثل هذه البطولات العالمية الكبري.

إن استضافة مثل هذه الأحداث العالمية الكبرى إنما يلعب دورًا بارزًا في توجيه رسالة إلى العالم - خاصة المستثمرين والسائحين وصانعي
السياحة - مفادها أن مصر مكان آمن قادر على احترام حقوق الإنسان والالتزام بالقوانين
والاتفاقيات الدولية، و قادر على حماية وتأمين زواره من مختلف الجنسيات، فضلًا عن الترويج
السياحي للمقومات والمعالم السياحية للدولة، بالاستفادة من حجم الحدث والاهتمام العالمي
بموضوعه، أو بالاستفادة من الشخصيات العالمية المروجة لهذه الفعاليات، وهو ما حدث في
زيارة نجم الكرة العالمي ميسي لمصر، حيث اتجهت أنظار محبيه ومتابعيه عبر قنوات التواصل
الاجتماعي نحو مصر، وهو ذات الأمر المصاحب لحضور نجوم عالميين للأحداث الخاصة الكبري،
على اختلاف نمطها ومجالها ونطاق إقامتها.


 ولعل الحاجة إلى توثيق التطور التاريخي للرياضة المصرية،
واستعراض إنجازاتها وبطولاتها وأرقامها القياسية، تفرض علينا طرح مقترح تأسيس صرحًا
عالميًا ضخمًا يعرف بـ "متحف بانوراما الرياضة المصرية" والذي ينبغي إقامته
علي أحدث طرز المعمار العالمي، مزودًا بأحدث تقنيات الإعلام والتطبيقات الرقمية متعددة
الوسائط؛ بما يسمح بتقديم عروض تفاعلية بين الزوار ومقتنيات المتحف ووثائقه من المواد
المطبوعة والمسموعة والمرئية، فضلًا عن تقسيم أرجاء المتحف لقاعات متخصصة وفقا للعبة،
على أن تحوي كل منها عرضًا تفصيليًا  لأبرز
أبطال اللعبة الرياضية وميدالياتها وكؤوسها وأبرز مشاهد تجسيد هذه البطولات.


والفكرة لا تقف عند حدود تأريخ الحضارة
المصرية على المستوى الرياضي، بل تمثل ترويجًا لأنشطة السياحة لاسيما على المستوى البيني
بين الدول العربية، إلي جانب تزويد المتحف بقاعات مؤتمرية لعقد الندوات وورش العمل
،واستضافة المهرجانات والحفلات الرياضية الضخمة، كما يمكن تزويد المتحف بشاشات تليفزيونية
عملاقة لتوحيد جموع الشعب المصري لمشاهدة البطولات الرياضية الكبري التي يشارك فيها
المنتخب القومي، ومن ثم تنمية مبادئ الولاء والانتماء لدي الجماهير ، وغرس معاني الوطنية
والفخر الاجتماعي لديهم ،وتعزيز فرص التبادل الثقافي والثراء المعرفي بين أبناء المحافظات
المختلفة ،بل وبين مواطني الدول العربية والأجنبية، نظرا لما يستقطبه المتحف من سائحين
وأجانب مقيمين بمصر وخارجها.


قد تبدو الفكرة بسيطة لكن ما أكثر الأفكار
البسيطة التي تحمل بين طياتها معان عميقة وآثارًا ماديًة ملموسًة ، كحرص الدولة علي
ترويج صناعة الفعاليات، والارتقاء بمقوماتها، والاهتمام بتفاصيلها، لخلق مناخ تنافسي
يولّد أفكارًا ابتكارية جديدة، ويحفّز القائمين علي هذه الصناعة، ويهيّئ لهم مناخًا
مثاليًا للعمل والابتكار خارج صندوق الأفكار النمطية.


-------------------------------------------------------------------------------------------


( * ) مدرس بكلية الإعلام وتكنولوجيا الاتصال
بجامعة مصر للعلوم والتكنولوجيا
الجريدة الرسمية