«السراج» يشعل «غرب ليبيا» بـ«ورقة الاستقالة».. توقعات بـ«صراع على المناصب» بين خلفاء رئيس الوفاق.. وزيارة غامضة لتركيا تثير التساؤل
«غرب ليبيا على صفيح ساخن».. أزمة صنعها الإعلان المفاجئ لرئيس المجلس الرئاسي لحكومة الوفاق فائز السراج، عن رغبته في تقديم الاستقالة من رئاسة الحكومة، وتسليم مهامه إلى السلطة القادمة، خلال موعد أقصاه أكتوبر المقبل، داعيًا إلى ضرورة الإسراع في تشكيل السلطة التنفيذية من أجل ضمان انتقال سلمي للسلطة، وأن الانتخابات الشاملة هي الخيار الأفضل للوصول إلى حل شامل ودعم أي تفاهمات أخرى يتم التوافق عليها.
مفاجأة «السراج» أثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل المشهد السياسي في ليبيا مع غياب السراج، في ظل المحاولات المستمرة لفتح قنوات للحوار بين المعسكر الشرقي والغربي في ليبيا، ومحاولة التمهيد للحوار الوطني وتشكيل السلطة الجديدة، مع تواصل جهود تشكيل مجلس رئاسي جديد، في وقت اشتعلت فيه تظاهرات واسعة النطاق في طرابلس، للتنديد بسوء الأوضاع المعيشية وفساد حكومة السراج.
زيارة غامضة
حديث «السراج» فتح أيضًا المجال للاعتقاد بأن الخلافات التي نشبت مؤخرًا مع فتحي باشاغا، وزير داخلية الوفاق، المؤيد من قبل ميليشيات مصراتة، وراء الإسراع في خطوة إعلان الرغبة في الاستقالة، بعد التعرض لضغوط داخلية شديدة أدت إلى اتخاذ ذلك القرار، لا سيما وأن «السراج» تراجع في قرار إيقاف «باشاغا» عن العمل بعد عودة الأخير من زيارة غامضة إلى تركيا.
ومحاولاته المتكررة للظهور كلاعب أساسي في إدارة شئون البلاد، ونسب التقدم المحدود الذي حققته مليشيات الوفاق إلى نفسه، وجاء إعلان الاستقالة بالتزامن مع ما وصفه محللون بـ«انفراجة سياسية» للأزمة الليبية، في أعقاب إعلان الجيش الوطني الليبي وميليشيات الوفاق وقف إطلاق النار منذ 22 أغسطس الماضي، والتأكيد على ضرورة الشروع في محادثات حقيقية، جرى جزء منها في المغرب، وبعض اللقاءات التي جرت من الجانبين مع مسئولين مصريين.
ويتخوف الليبيون من تصاعد الخلافات بين ميليشيات مصراتة وميليشيات طرابلس في صراعهما على المناصب والسلطة، بما يمكن أن يؤدي إلى تعميق الأزمات التي يعاني منها المواطنون بسبب ذلك الصراع، بالإضافة إلى إمكانية تصعيد أحد أفراد الميليشيات أو جماعة الإخوان الإرهابية؛ بما يعقد الخلافات مع الجيش الوطني الليبي، الذي يتمسك بموقفه من رفض التفاوض مع من رفعوا السلاح في وجه شعبهم وقواتهم المسلحة.
حفتر
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الموافقة على إعادة فتح حقول النفط واستئناف التصدير شرط توفير ضمانات بتوزيع عائداته المالية توزيعًا عادلًا، وعدم توظيفها لدعم وتمويل الإرهاب أو تعرضها لعمليات السطو والنهب، وتأكيد الجيش الليبي على دعم أحمد معيتيق في تمثيل المنطقة الغربية من البلاد، وتشكيل لجنة فنية مشتركة لتوزيع إيرادات النفط بشكل عادل.
من جانبه، قال عبد الستار حتيتة، الباحث في الشأن الليبي: التظاهرات الغاضبة في طرابلس والتي عبَّرت عن الغضب الشعبي من حكومة الوفاق، إضافة إلى الغضب الدولي ودول الجوار من سياسات فائز السراج، كلها أسباب أدت إلى اضطرار رئيس الحكومة إلى إعلان رغبته في تقديم استقالته.
إعادة هيكلة
وأكد الباحث في الشأن الليبي، أن خروج السراج من المشهد الليبي سيؤدي إلى إعادة هيكلة المجلس الرئاسي بشكل سريع؛ بما يسهل المفاوضات واللقاءات التي تعقد في عدد من العواصم من بينها القاهرة والرباط وجنيف بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، وكذلك يدفع بالإيجاب في مسألة ترتيبات ومشاورات الدول الكبرى حول الملف الليبي.
وتابع: العوامل اجتمعت من أجل توحد الليبيين والضغط على الميليشيات من أجل الإصلاح وتصحيح المسار، وهناك أطراف تعول على فتحي باشاغا، وأطراف تعول على ابن مدينة مصراتة والمنافس القوى لباشاغا، أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي، والذي يبدو أنه أكثر قبولا لدى الجيش الوطني الليبي، ولدى القيادات في ليبيا، لذلك بعد خروج السراج من المشهد وتشكيل حكومة وحدة وطنية ستكون هناك منافسة ومشكلات بين المليشيات المصراتية وبعضها بعضا؛ لأن بعضها يوالي أحمد معيتيق وبعضها يوالي فتحي باشاغا.
كما أوضح «حتيتة» أن «السراج» مشكلته أنه ليس سياسيًا وطوال فترة وجوده في مجلس النواب الليبي كان من النواب الخاملين ولم يكن مؤثرًا، كما أنه لم يكن يتبع تكتلا يستند لشعبية بين الليبيين، وليس الشخص السياسي ذا الكاريزما، وإنما تم فرضه على الليبيين.
كما أنه خلال الحوار والمشاورات التي جرت قبل اتفاق الصخيرات، لم يكن اسمه مطروحا لتولي منصب قيادي، لذلك فإنه من المرجح أن يرحل السراج خارج ليبيا خلال الفترة المقبلة، وأكمل: من الصعب أن يستمر السراج في العمل السياسي داخل ليبيا في ظل الأوضاع القائمة، فإنه متهما من قبل البرلمان بالخيانة، وغير مرغوب فيه من جانب الكثيرين من المليشيات خاصة في مصراتة، وغير مرغوب فيه من جانب فتحي باشاغا وزير داخليته.
وتم تقديم العديد من المذكرات ضده من نائبيه أحمد معيتيق وعبدالسلام كجمان، لافتًا إلى أن كل المعطيات تقول إن السراج لا يمكن أن يستمر في ليبيا خلال الفترة المقبلة أو يلعب دورًا في المستقبل الليبي، كما أكد أن تركيا أدركت منذ وقت مبكر أن هناك ضغوطًا كبيرة سواء من الداخل أو الخارج ترفض وجود السراج، وأن هذه الضغوط يمكن أن تسفر عن خروج رئيس الحكومة من المشهد؛ لذلك بدأت في توثيق العلاقة مع أحمد معيتيق وفتحي باشاغا.
رغم أن الاثنين سيكون مصيرهما التنافس على المواقع القيادية في أي حكومة مقبلة، مشيرًا إلى أن تركيا تعول على المفاصل التي زرعتها شمال غرب ليبيا، وأهمها المفاصل المالية، لاحتياجها إلى الأموال خاصة بعد استئناف تصدير النفط، من أجل المساهمة في حل الانهيار الذي تواجهه الليرة التركية، كما أنه لدى نظام أردوغان مشكلات في الداخل، ويحتاج بشكل سريع إلى الأموال، لذلك ضحت تركيا بالسراج مقابل استئناف تصدير النفط بصورة أو بأخرى من أجل الحصول على الأموال من المصرف المركزي.
نقلًا عن العدد الورقي...
مفاجأة «السراج» أثارت العديد من التساؤلات حول مستقبل المشهد السياسي في ليبيا مع غياب السراج، في ظل المحاولات المستمرة لفتح قنوات للحوار بين المعسكر الشرقي والغربي في ليبيا، ومحاولة التمهيد للحوار الوطني وتشكيل السلطة الجديدة، مع تواصل جهود تشكيل مجلس رئاسي جديد، في وقت اشتعلت فيه تظاهرات واسعة النطاق في طرابلس، للتنديد بسوء الأوضاع المعيشية وفساد حكومة السراج.
زيارة غامضة
حديث «السراج» فتح أيضًا المجال للاعتقاد بأن الخلافات التي نشبت مؤخرًا مع فتحي باشاغا، وزير داخلية الوفاق، المؤيد من قبل ميليشيات مصراتة، وراء الإسراع في خطوة إعلان الرغبة في الاستقالة، بعد التعرض لضغوط داخلية شديدة أدت إلى اتخاذ ذلك القرار، لا سيما وأن «السراج» تراجع في قرار إيقاف «باشاغا» عن العمل بعد عودة الأخير من زيارة غامضة إلى تركيا.
ومحاولاته المتكررة للظهور كلاعب أساسي في إدارة شئون البلاد، ونسب التقدم المحدود الذي حققته مليشيات الوفاق إلى نفسه، وجاء إعلان الاستقالة بالتزامن مع ما وصفه محللون بـ«انفراجة سياسية» للأزمة الليبية، في أعقاب إعلان الجيش الوطني الليبي وميليشيات الوفاق وقف إطلاق النار منذ 22 أغسطس الماضي، والتأكيد على ضرورة الشروع في محادثات حقيقية، جرى جزء منها في المغرب، وبعض اللقاءات التي جرت من الجانبين مع مسئولين مصريين.
ويتخوف الليبيون من تصاعد الخلافات بين ميليشيات مصراتة وميليشيات طرابلس في صراعهما على المناصب والسلطة، بما يمكن أن يؤدي إلى تعميق الأزمات التي يعاني منها المواطنون بسبب ذلك الصراع، بالإضافة إلى إمكانية تصعيد أحد أفراد الميليشيات أو جماعة الإخوان الإرهابية؛ بما يعقد الخلافات مع الجيش الوطني الليبي، الذي يتمسك بموقفه من رفض التفاوض مع من رفعوا السلاح في وجه شعبهم وقواتهم المسلحة.
حفتر
يأتي ذلك في الوقت الذي أعلن فيه قائد الجيش الوطني الليبي، المشير خليفة حفتر، الموافقة على إعادة فتح حقول النفط واستئناف التصدير شرط توفير ضمانات بتوزيع عائداته المالية توزيعًا عادلًا، وعدم توظيفها لدعم وتمويل الإرهاب أو تعرضها لعمليات السطو والنهب، وتأكيد الجيش الليبي على دعم أحمد معيتيق في تمثيل المنطقة الغربية من البلاد، وتشكيل لجنة فنية مشتركة لتوزيع إيرادات النفط بشكل عادل.
من جانبه، قال عبد الستار حتيتة، الباحث في الشأن الليبي: التظاهرات الغاضبة في طرابلس والتي عبَّرت عن الغضب الشعبي من حكومة الوفاق، إضافة إلى الغضب الدولي ودول الجوار من سياسات فائز السراج، كلها أسباب أدت إلى اضطرار رئيس الحكومة إلى إعلان رغبته في تقديم استقالته.
إعادة هيكلة
وأكد الباحث في الشأن الليبي، أن خروج السراج من المشهد الليبي سيؤدي إلى إعادة هيكلة المجلس الرئاسي بشكل سريع؛ بما يسهل المفاوضات واللقاءات التي تعقد في عدد من العواصم من بينها القاهرة والرباط وجنيف بين المجلس الرئاسي ومجلس النواب، وكذلك يدفع بالإيجاب في مسألة ترتيبات ومشاورات الدول الكبرى حول الملف الليبي.
وتابع: العوامل اجتمعت من أجل توحد الليبيين والضغط على الميليشيات من أجل الإصلاح وتصحيح المسار، وهناك أطراف تعول على فتحي باشاغا، وأطراف تعول على ابن مدينة مصراتة والمنافس القوى لباشاغا، أحمد معيتيق نائب رئيس المجلس الرئاسي، والذي يبدو أنه أكثر قبولا لدى الجيش الوطني الليبي، ولدى القيادات في ليبيا، لذلك بعد خروج السراج من المشهد وتشكيل حكومة وحدة وطنية ستكون هناك منافسة ومشكلات بين المليشيات المصراتية وبعضها بعضا؛ لأن بعضها يوالي أحمد معيتيق وبعضها يوالي فتحي باشاغا.
كما أوضح «حتيتة» أن «السراج» مشكلته أنه ليس سياسيًا وطوال فترة وجوده في مجلس النواب الليبي كان من النواب الخاملين ولم يكن مؤثرًا، كما أنه لم يكن يتبع تكتلا يستند لشعبية بين الليبيين، وليس الشخص السياسي ذا الكاريزما، وإنما تم فرضه على الليبيين.
كما أنه خلال الحوار والمشاورات التي جرت قبل اتفاق الصخيرات، لم يكن اسمه مطروحا لتولي منصب قيادي، لذلك فإنه من المرجح أن يرحل السراج خارج ليبيا خلال الفترة المقبلة، وأكمل: من الصعب أن يستمر السراج في العمل السياسي داخل ليبيا في ظل الأوضاع القائمة، فإنه متهما من قبل البرلمان بالخيانة، وغير مرغوب فيه من جانب الكثيرين من المليشيات خاصة في مصراتة، وغير مرغوب فيه من جانب فتحي باشاغا وزير داخليته.
وتم تقديم العديد من المذكرات ضده من نائبيه أحمد معيتيق وعبدالسلام كجمان، لافتًا إلى أن كل المعطيات تقول إن السراج لا يمكن أن يستمر في ليبيا خلال الفترة المقبلة أو يلعب دورًا في المستقبل الليبي، كما أكد أن تركيا أدركت منذ وقت مبكر أن هناك ضغوطًا كبيرة سواء من الداخل أو الخارج ترفض وجود السراج، وأن هذه الضغوط يمكن أن تسفر عن خروج رئيس الحكومة من المشهد؛ لذلك بدأت في توثيق العلاقة مع أحمد معيتيق وفتحي باشاغا.
رغم أن الاثنين سيكون مصيرهما التنافس على المواقع القيادية في أي حكومة مقبلة، مشيرًا إلى أن تركيا تعول على المفاصل التي زرعتها شمال غرب ليبيا، وأهمها المفاصل المالية، لاحتياجها إلى الأموال خاصة بعد استئناف تصدير النفط، من أجل المساهمة في حل الانهيار الذي تواجهه الليرة التركية، كما أنه لدى نظام أردوغان مشكلات في الداخل، ويحتاج بشكل سريع إلى الأموال، لذلك ضحت تركيا بالسراج مقابل استئناف تصدير النفط بصورة أو بأخرى من أجل الحصول على الأموال من المصرف المركزي.
نقلًا عن العدد الورقي...