دعوة لنتنياهو..انزل من على الشجرة
في عام 1947 ألقى الرئيس الأمريكي خطابا أمام الكونجرس الأمريكي معروفا اليوم باسم "عقيدة ترومان"، وكان هذا الخطاب بعد الحرب العالمية الثانية بوقت قصير، حين زرعت بذور الحرب الباردة بين القوتين العظميين العالميتين، الولايات المتحدة، التي قادت الكتلة الغربية، والاتحاد السوفييتي، الذي قاد الكتلة الشرقية.
ترومان؛ الذي خشي من انتشار الشيوعية في العالم، قرر أن تصد الولايات المتحدة نية الاتحاد السوفيتي الذي يقود الاحتلال الفكري لدول عديدة، أو بمعنى آخر، قرر أن تساعد الولايات المتحدة في تثبيت الأنظمة الليبرالية الحرة، وكانت إحدى أبرز مظاهر الحرب الباردة هي حول أزمة الصواريخ في كوبا، التي نشأ بعدها مصطلح جديد هو "ميزان الرعب".
و بفضل هذا المصطلح منع الكثير من الاشتعال الذي كان يمكن أن يجر العالم إلى حرب عالمية ثالثة.
فقد فهمت القوتان –الولايات المتحدة والاتحاد السوفييتي- حينها أن من الأفضل للطرفين المساومة وتهدئة التوتر، منعا لنشوب حرب نووية شاملة قد تؤدي إلى نتائج شديدة تفوق الكوارث الكبرى للحربين العالميتين الأولي والثانية.
لقد تربى رئيس الوزراء الإسرائيلي "بنيامين نتنياهو" في بيت كان فيه للتاريخ الإنساني وزن كبير، كونه ابن المؤرخ والبروفيسور الإسرائيلي "بن تسيون نتنياهو"، حيث يعرف نتنياهو الشاب كم من أشياء مهمة تعلمها في الماضي لتساعده على اتخاذ المسار الصحيح في الحاضر، وأنا أكتب ذلك كطلب عاطفي لرئيس الوزراء.
لعل هذا هو الزمن المناسب لتغيير الفكر في كل ما يتعلق بمسألة البرنامج النووي الإيراني، من الأفضل لنا أن نحتويه ونفهم بأن ما يفعله آية الله في طهران لا يمكن إعادته إلى الخلف، وأن التاريخ البشري أثبت أن تنفيذ البرنامج الإيراني سيبني ميزان رعب بين إسرائيل وإيران وهو الميزان الذي يمنع الطرفين من استخدام السلاح الأكثر تدميرا.
انتخاب الرئيس الإيراني الجديد "حسن روحاني" يمكن أن يشكل بالنسبة لإسرائيل سلما للنزول من الشجرة ووضع خطط الهجوم الإسرائيلية في أحد أدراج ديوان رئيس الوزراء، فالطاقة التي تستثمرها إسرائيل في محاولة منع استكمال البرنامج الإيراني، يمكن توجيهها إلى توجهات أخرى.
ونقطة أخرى للتفكير في هذه القضة؛ إذا فكرنا بعمق، فإن الصورة العالمية تبدو على النحو التالي؛ توجد دولة واحدة في الشرق الأوسط من القوى النووية العظمى في العالم، وتزايد على عدو مرير لها من مغبة التجرؤ على الوصول إلى تنفيذ قدرتها النووية في ذلك الميدان.
والآن اسألوا كل زعيم دولة أو حتى المواطن العادي أين يقيم الإحساس بالعدل لديه في كل ما يتعلق بالتعاظم النووي، وستفهمون أنه ليس في يد إسرائيل أوراق قوية تسمح لها بأن تعظ العالم كله بإغلاق العيون عن النووي الإيراني. لابد على إسرائيل أن تستوعب أن البرنامج النووي هو حقيقة مؤكدة، ولهذا السبب لابد وأن تسترخي وتهدأ.
نقلا عن معاريف